بقلم: مينا ملاك عازر
أذكر أنه ذات مرة كنت ألعب الكرة أنا وأصدقائي في الشارع- وهي المرة الوحيدة التي لعبت فيها الكرة في الشارع- ولعبتها لكي أجرِّب شعور أولئك الذين يلعبونها في الشارع، وكنت كلما مررت كرة لصديق ما وكانت تمريرة رائعة على طبق من ذهب، كان صديقي يطيح بها بعيدًا عن المرمى، ويسدِّدها بشكل مدهش بعيدًا، ولكنها كانت تسديدات والحق يُقال، تسديدات قوية جدًا، وكانت تصطدم بشباك أحد الساكنين بالأدوار السفلى أو بلافتات موجودة بالشارع، فتصدر دويًا هائلًا من هول التسديدة، إلى أن خرج أحد المصابين في شبابيكهم وزعق لنا، فانصرفنا بعد تبادل الكلمات الملطفة، باحثين عن مكان آخر نلعب فيه، ولما لم نجد كففنا عن اللعب في الشارع ولم نعد نفعلها ثانيةً.
لكنني، أظن اليوم بعد ما فعله رجال التأمين- المسئولون عن تأمين مجلس الشعب- ببعض المعتصمين أثناء لعبهم الكرة، أقول: أظن أنني لو فعلت ما فعلته- سابق الذكر- لكان الرجل الذي انتهرنا سيخرج ويخطف منا واحدًا ليقلع عينه أو يقطع قدمه أو يبتر ذراعه جزاءًا لما فعلناه من تعدٍ عليه، فله سابقة فيما فعله أشاوسة وحماة المجلس.
المصيبة صدقوني ليست في الشراسة التي تعامل بها رجال الأمن، ولا الوحشية التي استخدمها رجال اللواء "بادين"، فقد اعتدناها على الثوار وافتقدناها مع البلطجية، لكن المصيبة في بيانات المجلس التي تشعرك بأنه مجلس من المغيبين، وكأنهم يعيشون في وطن آخر، أو منقلب عليهم، ومحطوطين للزينة، ولا يدرون عما يجري أي شيء، فالمتأمل ببيانات المجلس لا يسعه إلا أن يقول: "يا فضيحة المجلس"، فلا يتابعون فضائيات ترصد ما يجري بالميدان، ولا يحكي لهم أحد، مما يوحي لك بأن منْ حولهم كلهم ليسوا أهل ثقة للأسف، ولا أهل خبرة، بل أهل دم. وتستطيع أن تذرف الدمع على المجلس العسكري الذي يتأسف من أيام قليلة على شهداء "محمد محمود" و"ماسبيرو"، ثم يترك العنان لرجال "بادين" ليضيفوا لقائمة الشهداء والمصابين قائمة جديدة، وهي قائمة أحداث "مجلس الوزراء"، وكل ده عشان كرة!!.
صحيح، يا فضيحة المجلس الذي يصدر بيانات تؤكِّد فعلًا أنه لا يعلم أي شيء عن أي شيء، أو بيعمل نفسه مش عارف. واسمحوا لي أيها السادة أن أجيب على الدكتور "الجنزوري"- الرجل الكفء في التخطيط- الذي تساءل عن من له المصلحة في تحطيم الكاميرات التي تُوضع على أسوار مجلس الشعب والوزارت لتأمينهما؟ فسأقول له: هم نفس الأشخاص أو هي نفس الجهة التي لها المصلحة في إخفاء شرائط المتحف المصري التي رصدت أحداث موقعة الجمل 28-1 الماضي، وهي نفس الجهة التي حطَّمت وألقت الكاميرات التي تملكها القنوات الفضائية من فوق أسطح العمارات بميدان "التحرير" لكي تمحو ما سجلته تلك الكاميرات من مذابح ومجازر يجريها الجيش المصري في حق الشعب المصري.. شفتم بقى العجب، إن المجلس الذي وعد أن سلاحه لن يوجَّه لصدر المصريين، صارت جزم وبيادات وعصاوات وهراوات رجاله تدق عظام المصريين، وتسحق كرامتهم!. لكن هيهات؛ فسحقًا لمن يقترب من كرامتنا، ولكم في "مبارك" مثالًا، وإن لم تتعلموا الدرس فهذا خطأكم، وعليكم أن تدفعوا الثمن برحيلكم المذل الذي اقترب بإذن الله.
وإن لم ترحلوا قريبًا مستندين على سلاحكم، فتذكَّروا أن "القذافي" ارتكن على سلاحه فسقط، و"عبد الله صالح" استند على جيشه فسقط، و"بشار" في طريقه للسقوط، وغيرهم..، فما ساند السلاح ديكتاتوريين ماداموا يواجهون شعبًا يريد الحياة ولا يريد الإخوان، فلتذهبوا أنتم والإخوان بدون رجعة، فكفاكم دموية يا رجال "مبارك" وأعوانه.
المختصر المفيد، منكم لله.. سرقتم الثورة وتريدون سرقة الحلم والأمل! ده بعينكم.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com