ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

مثقفون يدينون أحداث ماسبيرو الدامية متوقعين تكرارها في ظل ثقافة التعصب

ميرفت عياد | 2011-10-20 00:00:00

الخشت: استمرار الفتنة الطائفية سيفتك بجميع المصريين
رضوان: الثقافة السائدة في المجتمع المصري تقوم على نفي حق الاختلاف
أبو سعدة: وسائل الإعلام لم تلتزم بالمنهج الحيادي في التعامل مع الموقف

عمار: تصاعد دور الدين في الصراعات الدولية وبروز الحركات الإسلامية المتطرفة

العراقي: تجديد الخطاب الديني لنشر ثقافة التسامح ونبذ الخطاب المتعصب


تحقيق: ميرفت عياد

الأحداث المأساوية التي مرت بها مظاهرة الأقباط السلمية في منطقة ماسبيرو، والتي خرجت من دوران شبرا متجهة إلى دار القضاء العالي يوم الأحد الماضى، يتقدمها لأول مرة حشد من الآباء الكهنة، بعدة مطالب على رأسها: إقالة محافظ أسوان "مصطفى السيد"، إعادة بناء كنيسة المريناب، تقديم الجناة إلى المحاكمة، إلا أن نشبت اشتباكات بين كل من قوات الشرطة العسكرية والأمن المركزي المتواجدة بمنطقة ماسبيرو وبين المتظاهرين الأقباط، وتطورت هذه الاشتبكات لتشهد إطلاق نيران، وحرق عدد من السيارات المتوقفة أمام ماسبيرو وقوع قتلى إلى جانب عدد من المصابين، وعن تداعيات هذا الحادث المؤسف على مستقبل مصر كان لنا هذا التحقيق.


المعالجة العلمية للأحداث الطائفية
و يتوقع الدكتور "محمد عثمان الخشت" -أستاذ الفلسفة الحديثة بجامعة القاهرة- تكرار ما حدث فى ماسبيرو لأن مشكلة المسيحيين في مصر لم تحل جذريًا، بمعالجة علمية وسياسية ودينية وثقافية، منذ أحداث الخانكة في سبعينيات القرن الماضي، مرورًا بالكشح، والكموني والإسكندرية ومريناب، وغيرها، من أحداث لم يتم معالجتها إلا بطريقة "تطييب الخواطر"، وهذا لا يحل المشكلة ولكن يجعل نيرانها تخمد بعض الوقت، وذلك لوجود رغبة صادقة من كلا الطرفين فى تجاوز الازمة، ومن هذا المنطلق لابد من استعادة تفعيل التوصيات التى كانت تصدرها لجان تقصى الحقائق فى كل مرة تمر بها البلاد باحداث فتنة طائفية يزهق على اثرها ارواح الابرياء، معربا عن حزنه لما حدث من احداث دامية فى منطقة ماسبيرو، وفى نفس الوقت يشكر القيادات الكنسية لسماحتها وسعة صدرها وادركها لاهمية تصديع الصف بين المسلمين والمسيحين، مؤكدا على ان هذه الاحداث المؤلمة تجعل القطاع العريض من المصريين يدافعون عن وحدتهم ويهبوا لانقاذ هذا الوطن من بوادر فتنة التى اذا استمرت سوف تفتك بجميع المصريين.
أحداث قابلة للتكرار
ويوافقه الرأي الكاتب والمحلل السياسي "طلعت رضوان" الذي يعبر عن توقعه تكرار ما حدث فى ماسبيرو لأن الثقافة السائدة في المجتمع المصرى تقوم على نفى حق الاختلاف، وهذه الثقافة الشمولية الاحادية هى التى صنعت المغالاه فى منظور الدين وخصوصا من قبل الجماعات الاسلامية شديدة التعصب التى ترى انه لا يجوز للمسيحين الاقامة فى مصر، مشيرا إلى أن الشعوب تحقق تقدمها وتنميتها وتحضرها ببناء المصانع والمستشفيات وليس فقط دور العبادة، كما أن النهضة لن تتحقق لمصر الا عندما يتوافر الاستقرار الاجتماعى، مؤكدًا على أهمية تغير المناخ الثقافى الشامل من خلال الإعلام المحايد الذي لا يحث على التمييز أو الفتنة بين أفراد الشعب الواحد، ومن خلال التعليم وذلك عن طريق دمج مادتي التربية الدينية المسيحية والإسلامية في كتاب واحد ومنهج واحد، تحت اسم مادة الأخلاق على أن يشمل هذا المنهج آيات من الديانتين التي تؤيد التسامح و قبول الآخر، وهذا من شأنه أن يعرف كل طفل بدين الآخر ومن هنا تنشأ عدم فجوة أو غربة أو عداء بين الأطفال، وهذا من شأنه أيضًا أن يعمق الوحدة الوطنية.

الحكومة تتحمل المسئولية
ويرى "حافظ أبو سعدة" -رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان- أن الحكومة تتحمل بشكل أساسي تبعات هذه الأزمة منذ بدايتها، لأنها لم تسع بشكل جدي للتواصل مع المواطنين، وإيجاد حل لمشاكلهم بصفة عامة، وهذا ما حدث في أزمة كنيسة الماريناب بأسوان، حيث أن تفاقم الأزمة سببها الرئيسي هو التباطؤ في اتخاذ القرارت، مما أدى لاتخاذ منحى تصاعديًا عززته بعض وسائل الإعلام والتي لم تلتزم بالمنهج الحيادي في التعامل مع الموقف، مؤكدًا على أن ما حدث في ماسبيرو لا يعبر بأي حال من الأحوال عن الواقع المصري، الذي شهد وحدة للنسيج الاجتماعي بين المسلمين والمسيحيين أيام الثورة، حيث لم يفرق رصاص الغدر في اغتيال الشباب المسلم والمسيحي الذين اتحد للمطالبة بحق المصريين في الكرامة والعدالة والحرية.


ضعف التيار المدني فكريًا وسياسيًا
وحول وصول مصر لدرجة يخشى فيها من أن تنزلق إلى حالة من الفوضى والاضطراب بسبب الفتنة الطائفية، اكد الدكتور "عمار على حسن" -الكاتب والباحث والمحلل السياسي والاجتماعي- على أهمية التشخيص الدقيق لأسباب الاحتقان الطائفي، الذي يحدث من آن لآخر، حتى يمكن علاجه تدريجيًا، وهذه الأسباب تكمن فى الخطاب الديني المتشدد سواء الإسلامي أو المسيحي، حيث وصلت هذه الخطابات لمرحلة التكفير والتحريض، والنيل من عقيدة الآخر وتشويهها، تفشي الأمية الثقافية في المجتمع وإقبال قطاع عريض من المسلمين والمسيحيين على الخطاب الديني السطحي الاستهلاكي والاستعمالي، الذي يحرض في بعض الأحيان على التعصب، هذا لجانب ضعف التيار المدني فكريًا وسياسيًا واقتصاره على نخب بسيطة لم تتمكن طيلة العقود السابقة من إقامة تنظيمات تحمي أفكارها، وتجعلها قادرة على النفاذ إلى القاعدة العريضة من الجماهير، وقيام الإعلام غير المسئول وغير المهني بتوظيف القضية الطائفية في جذب المزيد من القراء، مشيرًا إلى تصاعد دور الدين في الصراعات الدولية خلال السنوات الأخيرة، وبروز الحركات الإسلامية المتطرفة، وإلقاءه بظلال على الاحتقان الطائفي في مصر.

ثقافة التسامح بين الأديان

ويشير الدكتور "عاطف العراقي" -أستاذ الفلسفة العربية بكلية آداب جامعة القاهرة- إلى أنه لابد من البحث عن الجذور، فكم حدثت أحداث يؤسف لها، متعلقة بالوحدة الوطنية وتمس صميم المجتمع، ولم يتحرك ساكنًا، مشيرًا إلى أن المشكلة ليست في فلول النظام السابق، ولكن فيما يطلق عليه "البترو فكر" وهذا الفكر المستورد من الدول البترولية يعمل على مهاجمة أعمال العقل والتنوير، هو الذي قضى على ثقافة التسامح بين الأديان، مؤكدًا على أن ما حدث في ماسبيرو يعد فاجعة بكل المقايس، وتكراره مثل تلك الأحداث سيهدد أمن وسلامة المجتمع، حيث أن الفتنة الطائفية هي أخطر ما يصيب الوطن الذي يجب أن يكون مبنيًا على سيادة القانون والمواطنة، مطالبًا بتجديد الخطاب الديني، بهدف نشر ثقافة التسامح بين صفوف المواطنين كافة ونبذ الخطاب المتعصب، وضرورة أن يحترم كل طرف دين الآخر، وإلغاء قانون ما يسمى بالخط الهمايوني، وإصدار قانون ينظم بناء دور العبادة، تفعيل مواد القانون لتحقيق دولة سيادة القانون، ونشر وتعزيز قيم قبول بالآخر ونبذ العنف بجميع أشكاله، إصدار قانون يعاقب على ممارسة التمييز على أساس ديني أو عرقي أو عقائدي.

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com