بقلم: د. فكرى نجيب أسعد
لقد سبق أن أشرت فى مقال سابق تحت عنوان : " ماذا بعد أحدات التاسع من أكتوبر ؟ " وهى أحداث للأسف محزنة، تم فيها أهدار دماء ذكية من أبناء الوطن الواحد. قد قام فيها مسيحيين أقباط بتظاهرات سلمية للمطالبة بمطالب عادلة ومشروعة على أرض الواقع، كعدم الأعتداء على الكنائس، وعدم التمييز بين أبناء الوطن الواحد فى بناء أدوار العبادة للأديان المختلفة .
بعد تلك الأحداث المؤسفة أجتمع " بيت العائلة " بمشيخة الأزهر فى 16 من أكتوبر الحالى لحل المشاكل الخاصة بالكنائس الحالية، وقد أسفر الأجتماع بالمطالبة بالأسراع بفتح الكنائس المغلقة التى صدرت لها تراخيص مسبقة مع العمل على أخراج تراخيص جديدة للكنائس القائمة التى تقام فيها الصلوات. وقد طالب " بيت العائلة " بإعتماد " شروط بناء المساجد " التى تقدمت به وزارة الأوقاف عام 2001 م وأعتماد قرار مواز لبناء الكنائس لم يتم للأسف الأفصاح عنه أو توضيحه لأبداء الرأى فيه. وقال أحد أعضاء " بيت العائلة " بأنه سيتم رفع توصيات " بيت العائلة " لمجلس الوزراء والمجلس الأعلى للقوات المسلحة.
مع عدم صدور القرار الموحد لحرية بناء أدوار العبادة بعد ، أرى أنه الضرورى مراعاه حاجة مصر المستقبلية فى مضاعفة بناء أدوار العبادة بالمدن الجديدة خارج عن الشريط الضيق للوادى والدلتا حتى الخمسينيات من هذا القرن وذلك فى حالة مراعاه النقاط التالية :
( 1 ) زيادة عد سكان مصر الحالى المقدر ب 85 مليون نسمة إلى الضعف فى الخمسينيات من هذا القرن، وقد تضاعف عدد سكان مصر مرتان فى الستين عام السابقة مرة كل ثلاثين عام تقريباَ.
( 2 ) ضيق الشريط الضيق للوادى والدلتا الذى يبلغ مساحته حوالى 6 % من مساحة مصر والذى يسكنه حوالى 95 % من سكان مصر الحالى من إستيعاب الزيادة السكانية حتى الخمسينيات.
( 3 ) حاجة مصر إلى الخروج من الشريط الضيق للوادى والدلتا إلى ربوع مصر المختلفة لتنميتها وتعميرها.
( 4 ) ضرورة مضاعفة إنجازات مصر على أرض الواقع ومن بينها أدوار العبادة لتلبية إحتياجات الزيادة السكانية حتى الخمسينيات والتى تتساوى مع أقل التقديرات مع إحتياجات عدد سكان مصر الحالى، هذا بالإضافة إلى ما يلزم من تطوير ما هو قائم من إنجازات وإعادة بناء الإنجازات التى تم الإنتهاء من عمرها الأفتراضى.
( 5 ) قرب شغل المساحات الفارغة بشريط الوادى والدلتا بأدوار العبادة وبغيرها من الإنجازات الضرورية المستقبلية .
وأقترح هنا البرنامج التالى لبناء أدوار العبادة فى المدن الجديدة لإستطلاع الرأى بشأنه :
- إنشاء وزارة للأديان تعمل على بناء أدوار العبادة كأحد المهام الرئيسية لها خاصة بناء أدوار العبادة فى المدن الجديدة وذلك فى ظل دولة مدنية حديثة تضع أصحاب الأديان المختلفة على مسافات متساوية منها خاصة فى بناء أدوار العبادة.
ومن المناطق الواعدة المقترحة لبناء أدوار العبادة بها والتى تستحق من جانب البحث العلمى بالإنتهاء من الدراسات الخاصة بها فى تنسيق وتعاون مع القطاع الخاص أذكر :
ممرات التنمية والتعمير بالظهير الصحراوى للوادى والدلتا وبسواحل مصر البحرية والظهير الصحراوى لها فى الصحراء الغربية والصحراء الشرقية وسيناء والتى سبق وأن أشرت إليها فى مقال سابق تحت عنوان : " البطالة .. ورؤى لمشروعات مستقبلية " .
- توزيع الأراضى بالمجان الموجودة خارج الوادى والدلتا على أدوار العبادة وللشباب المقبلين على الزواج فيها وكذلك على رجال الأعمال وأعتبارها من ضمن صكوك الملكية العامة التى تستحق توزيعها على أساس تحقيق العدالة الإجتماعية ، لتحقيق حياه كريمة للمواطن المصرى وكتشجيع للخروج من الشريط الضيق للوادى والدلتا .
- وضع برنامج لتحقيق العدالة الإجتماعية فى المدن الجديدة خارج الوادى والدلتا للمواطنين تقوم الدولة بتدعيمه بإعتباره نفطة يجب أن تنحاز إليها الحكومة بقوة ففى تحقيقها يلتقى الغنى والفقير فى مساواه فى مستوى المعيشة. وتعتبر العدالة الإجتماعية مطلب من مطالب ثورة 25 يناير المباركة وللحكومة الإنتقالية الحالية ولكافة الأحزاب بلا إستثناء.
وأقترح هذا البرنامج لتحقيق العدالة الإجتماعية فى المدن الجديدة للزيادة السكانية وكذلك لكل من يرغب الخروج من الشريط الضيق للوادى والدلتا للبناء عليه وذلك على أساس من الحرية :
( أ ) تحقيق مستوى معيشة واحد للخريجين الجدد فى مصر بإعطائهم دخول متساوية تغطى إحتياجاتهم المعيشية وتوفر لهم حياه كريمة بلا تمييز بين إنسان وآخر على أساس المواهب الطبيعية أو الجنس أو النسب أو العقيدة وإعتبار أن جميع الأعمال لها نفس القيمة والكرامة.
( ب ) وضع حد أدنى وحد أقصى للأجور بالنسبة للأعمال الحالية القائمة، والعمل على توفير التمويل اللازم لتقليص الفجوة بينهما مع الوقت من الموازنة العامة للدولة ومن فرض ضرائب تصاعدية على الدخول ومن غيرها لتوفير التمويل اللازم الذى يرفع من الحد الأدنى للأجور وللوصول به إلى الحد الأقصى فى مساواه مع الوقت .
( ج ) العمل على توفير التمويل اللازم لتغطية الإحتياجات الحياتية الضرورية للمدن الجديدة من أدوار عبادة وطرق وشبكات مياه شرب وصرف صحى وكهرباء وغاز وتليفونات وبناء المستشفيات والمدارس والجامعات والمطارات والمراكز الثقافية والرياضية والأمن والشرطة والبريد ... الخ من الموازنة العامة للدولة ومن تحقيق برنامج جديد للخصخصة يتم على أساسه تحقيق العدالة الإجتماعة للمواطنين. وأقترح بخصخصة المستشفيات الحكومية والكليات والمدارس الحكومية وغيرها من الممتلكات العامة للدولة وذلك ببيعها للقطاع الخاص الذى يرغب تحقيق العدالة الإجتماعية للمواطنين بإقامة المشاريع الإستثمارية التى تحقق مستوى معيشة واحد للمواطنيين العاملين بها أو المشاريع الخدمية التى تحقق العدالة الإجتماعية للموطنين بلا تمييز بين مواطن وآخر .
فالتحقيق العدالة الإجتماعية فى المشروعات الخدمية كخدمة التأمين الصحى على سبيل المثال وهو ما نجده مطبقاَ فى دول أخرى بالعمل على تقسيم الراغبين فى الأشتراك فيه على أساس من الحرية إلى شرائح تتحدد على أساس دخل الأسرة. تدفع كل أسرة فيه قيمة تتناسب مع دخلها لتستفاد بنفس الأمتيازات للأسرة الغنية فى عدم تمييز بين مريض وآخر أو شريحة وأخرى فى العلاج وصرف الدواء وغيرها. وأن ما أقترحه بالنسبة للتأمين الصحى أقترحه أيضاَ بالنسبة للتعليم والسكن.
( ء ) العمل على تحقيق تعاون مع شركاء التنمية فى مصر على أساس تحقيق العدالة الإجتماعية للمواطنين العاملين فيها بلا تمييز بين فرد وآخر على أساس اللون أو الدين أو الجنس أو النسب أو نوع العمل .
( و ) إنشاء صندوق لتحقيق العدالة الإجتماعية للمواطنين يعمل منفصلاَ عن سياسة الدولة . يقوم بإستقبال الودائع من المواطنين الذين يرغبون تحقيق التنمية على أساس تحقيق المبادىء السامية للعدالة الإجتماعية، وإعطاء قروض لكل من يرغب فى إقامة مشاريع إستثمارية أوخدمية على أساس تحقيق العدالة الإجتماعية للمواطنين، وهو ما قد سبق أن طالبت به فى مقالة بجريدة وطنى ( 8 / 2 / 2010 م ، ص : 8 ) تحت عنوان : " صكوك الملكية .. والطريق الثالث "
كما أقترح هنا على البنوك الدولية التى تحتفظ بنقود مصرية من المال الخاص أو المال العام بوضعها فى صندوق تحقيق العدالة الإجتماعية المصرى لتحقيق العدالة الإجتماعية على أرض الوطن فى تعاون مشترك معها بإعتبارها مطلب متكرر للنظام السابق حيث لا يخلو خطاب من الخطابات الأخيرة للرئيس مبارك رئيس مصر السابق قبل التنحى فى 11 فبراير 2011م من المطالبة بتحقيق العدالة الإجتماعية، كما أنه مطلب من المطالب فى التظاهرات السلمية لشعب مصر فى ثورته المباركة فى 25 يناير، ومطلب عام من المجتمع الدولى الإنسانى بالسعى بتوزيع الموارد الطبيعية والثروات لتحقيق التنمية والمساواه لكافة شعوب العالم على أساس من الحرية والعدل.
بالنسبة لبناء الكنائس فى المدن الجديدة أقترح بأن تتعاون الكنائس التى تقع فى دائرة نصف قطرها 1000 متر بالوادى والدلتا فى بناء كنيسة فى المدن الجديدة القريبة منها خارج عن الشريط الضيق للوادى والدلتا لإستيعاب نفس العدد من السكان الذين يترددون عليها مع العمل على إعتبار أن الأباء بتلك الكنائس رعاه لرعية واحدة ولكنيسة واحدة،على أن تقوم الكنائس الجديدة بنفس الدور نحو الأجيال القادمة بمشيئة الله .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com