وصف المتحدث الإعلامي للكنيسة الكاثوليكية في مصر القس رفيق جريش الفترة ما بين تنحي الرئيس المصري السابق مبارك وإعلان مواعيد الانتخابات البرلمانية بانها «أسوأ فترة» مرت بها البلاد منذ سنوات، مؤكدا فشل رئيس الوزراء عصام شرف والمجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم في إدارتها.
وقال في حواره مع «الراي» إن مصر لها طابع خاص لايمكن فصل الدين عن الدولة فيها، في حين أن المصريين لن يقبلوا أبدا بخيار الدولة الدينية، مشيرا إلى أن الشارع امتلأ بمفاهيم سياسية مختلفة عما تحتويه المفاهيم والقواميس السياسية، كاشفا عن دعم الفاتيكان للكاثوليك في حال تولي الإخوان الحكم. وإلى نص الحوار:
• ما تقييمك للثورة المصرية؟
- أقسمها لثلاث مراحل، الأولى بدأت يوم 24 يناير وانتهت بتنحي الرئيس السابق، وهذه الفترة كانت ثورة شباب النظام السابق الذي نجح في توحيد المصريين على هدف واحد وهو الرغبة في إسقاط مبارك.
والثانية بدأت بعد التنحي وانتهت في 25 سبتمبر بإعلان المجلس العسكري مواعيد الانتخابات، وهي الأسوأ في تاريخ مصر الحديث، فهي المسؤولة عن ظهور الذين ركبوا على الثورة والذين زايدوا للحصول على غنائم. الجيش وحكومة عصام شرف فشلا في إدارة هذه الفترة، كما أن الثوار أنفسهم تحولوا إلى سيقان بلا رؤوس، فالرأس هو المبادئ والديموقراطية والعدالة الاجتماعية، والرأس غائب حتى الآن، والمجلس العسكري غير مؤهل لإدارة مثل هذه الظروف، وهو شيء خارج عن إرادته، والثالثة هي التي نمر بها الآن، لابد أن نترك فيها المحاكمات للقضاء وننتبه للإنتاج. علينا اختيار الطريق إلى مصر جديدة بشكل صحيح من دون بلطجة. والخوف الآن من برلمان أعوج ودستور هو الآخر أعوج في ظل الظروف الجارية.
• هل أنت مع دولة مدنية؟
- لكي نكون صرحاء مع أنفسنا، الدين محوري في حياة المصريين، وأي محاولة لفصل الدين عن الدولة هي ضرب من الخيال. والمصريون لن يقبلوا بدولة خاوية من الدين على نمط بعض الدول الأوروبية. في الوقت نفسه لن يقبلوا بدولة دينية على النمط الإيراني، في الوقت نفسه هناك من يرى أن العلمانية مرادفة للانحلال وأن المدنية تعني الإباحية. المشكلة أن المصريين أصبحت لديهم مفاهيم مخالفة للموجودة في الكتب والقواميس السياسية.
• ما رأيك في تداعيات الأحداث في الشرق الأوسط وتأثيرها على مسيحيي الشرق؟
- المسيحيون في الشرق الأوسط لديهم مشكلتان رئيسيتان، الأولى تصاعد العنف الإسرائيلي، وبالتالي اضطهاد المسيحيين في الأراضي المقدسة من الاحتلال مثل المسلمين، وهو ما ترتب عليه من هجرات للخارج. والمشكلة الثانية هي تصاعد ما سمي بالإسلام السياسي في الدول العربية، وهو ما يشعر المسيحيين بالخوف من المستقبل لأن تيار الإسلام السياسي ليست له رؤية محددة ولابد من برنامج يطمئن له المسلمون والمسيحيون.
ونأمل في الدولة المصرية الجديدة أن يعطي النظام كل صاحب حق حقه، وهو ما لا نشعر به حتى الآن، فبعد أحداث إمبابة قالت الحكومة سيتم إصدار قانون دور العبادة خلال أيام، حتى الآن لم يصدر القانون ولايزال حبيس الأدراج لأنه على ما علمت كان أسوأ من «فرمان الخط الهمايوني» (فرمان عثماني حول شؤون المسيحيين بما في ذلك بناء الكنائس)، وهوجم من المسلمين والأقباط على حد سواء.
وقانون الأحوال الشخصية للأقباط كان من المنتظر صدوره قبل ثورة يناير، وهو أيضا لايزال في مكتب مساعد وزير العدل المصري ولم يصدر حتى الآن.
• هل ترى يدا لإسرائيل في الأوضاع الحالية في البلاد وفي ما يحدث حولنا؟
- أنا ضد الشماعات حتى في حياتنا الروحية، يعني سواء لإسرائيل دور أو لم يكن لها دور فهذا ليس «مربط الفرس»، المهم ماذا فعلنا نحن إزاء هذا الدور. نحن انقسمنا على أنفسنا، فالخطأ إذن عندنا.
• كيف ترى جماعات التيار السلفي في مصر؟
- منذ ظهورها بعد يناير والتيارات السلفية انقسمت على نفسها. وأعتقد أن مصريين كثيرين سعداء بهذا، ظهور السلفيين زاد الطين بلة فهم لم يعملوا بالسياسة من قبل وفجأة دخلوا الساحة بالصوت العالي، والسياسة ضد الصوت العالي، وليس من السياسة أن تقول للمسيحيين المصريين أن يهاجروا الى كندا أو أميركا، المعنى أن الخطاب السياسي للسلفيين رديء، هو «جعجعة» تخيف الجميع وتخيف الأزهر نفسه الذي يحاول الآن الاجتماع بهم والتحاور معهم.
• ماهو موقف الفاتيكان إذا تولى الإخوان حكم مصر؟
- الفاتيكان رعاياه من الكاثوليك وعددهم 300 ألف في مصر، لكن هذا لا يمنع أن يساعد الفاتيكان الكنيسة الأرثوذكسية في حل ما لديها من مشكلات. الفاتيكان ينادي بالديموقراطية سواء في مصر أو في غيرها لكن لن يقوم بترحيل رعاياه من مصر، فأنا مصري مثلا ولست مواطنا فاتيكانيا.
• هل تؤيد فكرة «اللجوء الديني»؟
- سياسة الفاتيكان أن يظل المسيحيون في بلادهم. وقد طالب المسيحيين بالبقاء في بلدانهم بالشرق الأوسط العام الماضي كما طالبهم بالبقاء في الأراضي المقدسة على الرغم من الصعوبات هناك.
• هل تؤيد حزبا دينيا مسيحيا؟
- المسيحية ليس لها توجهات سياسية، ويجب ألا يكون لها حزب، حدث هذا أخيرا في أوروبا، ألمانيا بالتحديد لكن حزب (المستشارة انجيلا) ميركل كان له وضع خاص.
• هل ننتظر دورا للأزهر مع الفاتيكان؟
- ليس هناك حوار الآن، لكن هناك علاقات طيبة، ولكنني أحيي الأزهر والأوقاف لأنهما استعادا دورهما بعد أن كان مقصورا على اختيار وعاظ المنابر.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com