ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

محللون: اغتيال برهان الدين رباني فشل جديد لعملية السلام في أفغانستان

العربية.نت | 2011-09-21 17:02:38

 يرى محللون أن اغتيال الرئيس الأفغاني السابق برهان الدين رباني يعد رسالة أخرى من حركة طالبان على أنها غير مستعدة لبدء حوار أو مفاوضات مع الحكومة الأفغانية والقوات الأمريكية في أفغانستان.

وبحسب اؤلئك المراقبين فإن طالبان ترجمت رفضها لمبادرات السلام واستراتيجية المصالحة التي أطلقتها الولايات المتحدة منذ عامين في أفغانستان باغتيال رئيس مجلس السلام الأفغاني، والذي كان قد شكل في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي خصيصا لفتح خطوط اتصال وحوار مع حركة طالبان الأفغانية.

وتذكر مصادر لـ"العربية.نت" أن هذه هي الصورة الحقيقية لما يجري في أفغانستان بدون رتوش، فحركة طالبان التي عادت بقوة تتصدر المشهد الأفغاني، دفعت الحلفاء وبعد عشرة أعوام من الحرب الدامية إلى العودة للمربع الأول وإلى القبول بها شريكا في الحكم، لكن طالبان هي التي ترفض هذه الشراكة، وتتحدث بلغة من يرى أنه ينتصر ويتقدم على الأرض وتؤكد أنه "لا حوار قبل انسحاب القوات الأجنبية".
 

وقبل عام تقريبا منيت القوات الدولية بخيبة أمل وإحراج كبيرين حينما اكتشفت وبعد بضعة أشهر من المحادثات مع من اعتقدت أنه الملا منصور القيادي في حركة طالبان بأنها كانت تعيش وهماً، فالشخص الذي كانت تحاوره كان ينتحل شخصية الملا منصور ويعمل بقالا في مدينة كويتا الباكستانية، وأخذ من المال ما يكفي ليعيش حياة جديدة من أموال المجتمع الدولي التي خصصت لأفغانستان.

وقبل ذلك وبعد ذلك أكدت طالبان مرارا أنها ليست في حوار مع الحكومة الأفغانية ولا مع أي جهة أخرى، وآخرها كانت على لسان سراج الدين حقاني القيادي العسكري في حركة طالبان، الذي أكد بأنه ملتزم بما يصدر عن الملا محمد عمر زعيم الحركة، وجاء التصريح ليشكل نكسة أخرى، على الأقل إعلاميا لكل التصريحات التي صدرت عن مسؤولين أفغان، ومن القوات الدولية وحتى من باكستان التي أكدت أنها قادرة على جلب "شبكة حقاني" إلى المفاوضات.
تاريخ من القتال والسياسة

ويعتبر البرفيسور برهان الدين رباني من أكثر الشخصيات الأفغانية حنكة وفهما للسياسة وللمتغيرات في المنطقة، هادئ في طبعه لا يتصدر المشهد الإعلامي وجمع حوله الشخصيات السياسية والعسكرية الأقوى كأحمد شاه مسعود.

ولعب دورا رئيسيا في الانسحاب السوفياتي من أفغانستان ودخل الكرملين بعد 11 عاما من الغزو السوفياتي لأفغانستان، لكنه كان دوما غير مرحب به من اللاعب الرئيسي في أفغانستان آنذاك باكستان كونه طاجيكي العرقية، وكون حكمتيار البشتوني العرقية هو الشخص المفضل للاستخبارات العسكرية الباكستانية، فاندفع حكمتيار الذي لم يرض بحصته السياسية عقب سقوط النظام الشيوعي في كابل العام 1992، فدك كابل بكل ما أوتي من قوة.

ويرى من يزور العاصمة الأفغانية ويسمع من الأهالي بأن ما دمرته صواريخ حكمتيار التي سقطت في المدينة خلال ثلاثة أعوام فقط من الحرب الأهلية أكبر بكثير مما دمرته الحرب مع السوفيات والنظام الشيوعي على مدى 11 عاما.

ومع سيطرة حركة طالبان على العاصمة العام 1997 انتقل رباني إلى الإقامة في مدينة فيض أباد مسقط رأسه وعاصمة إقليم بدخشان شمالي أفغانستان، ومن هناك كان مستمرا في اتصالاته مع كافة دول العام كرئيس لأفغانستان، في الوقت الذي كانت فيه طالبان تسيطر على أكثر من 80% من أفغانستان ومعترف بها من ثلاث دول فقط.

حيّده رفاقه عقب سقوط كابل فصعد نجم عبدالله عبدالله ويونس قانوني وفهيم قاسم وولي شاه مسعود شقيق أحمد شاه مسعود، فاعتزل رباني النشاط السياسي حيث لم يكن مرغوبا به لا من رفاقه ولا من قبل الولايات المتحدة، حتى جاء اليوم الذي التفت إليه فيه كارزاي والقوات الدولية، فتم تعييه رئيسا لمجلس السلام الأفغاني في أكتوبر من العام الماضي، والهدف هو بدء حوار مع طالبان.

رسالة طالبان إلى رئيس مجلس السلام كانت باغتياله، فبعد أن تم اغتياله سياسيا وحُيّد من قبل رفاقه والقوات الدولية قتلته طالبان، ولم يكن لأي متابع للحالة الأفغانية أن يتوقع لرباني أن يحقق أي تقدم في مهمته كرئيس لمجلس السلام، فهو عدو لحركة طالبان وليس من الممكن له أن يقيم اتصالات معها، وبالتالي كان قرارا خاطئا كلفه حياته.
حرب وفساد ومخدرات

وكشف مقتله مرة أخرى عن مدى هشاشة الوضع في أفغانستان وضعف الرؤية لدى كافة الأطراف، فأبواب الحوار مسدودة مع طالبان، والعمليات العسكرية للقوات الدولية لم تُعد الأمن لأفغانستان، بل إن الإقرار بعودة طالبان ومحاولة الاتصال بها لبدء حوار يعني أن كل الجهود العسكرية التي بذلت على مدى عشر سنوات قد فشلت بالقضاء على طالبان مقابل تفش للفساد المالي في أفغانستان وازدهار لتجارة المخدرات وسوء للإدارة وترد للأوضاع الإقتصادية.

وكذلك لا تملك طالبان التي شكلت ما سمّتها حكومة ظل في 30 إقليم أفغاني من أصل 33 إقليماً أي رؤيا حول ماذا بعد الانسحاب الأمريكي في حال حدوثه، فهي غير مستعدة للحوار أو المشاركة في السلطة، ولن يكون بمقدورها أيضا السيطرة على كامل أفغانستان حتى وإن انسحبت القوات الدولية.

وكأن صورة المشهد الأفغاني مستقبلا ستعيدنا إلى الوراء 10 أعوام حين كانت طالبان تسيطر على 80 في المئة من أفغانستان مدعومة من باكستان، مقابل الدعم الدولي لتحالف الشمال الذي كان يرأسه رباني ويضم مختلف الأحزاب الأفغانية المعارضة لطالبان والذي كان محصورا في مساحة لا تزيد على 20% في شمالي وشمال شرقي أفغانستان.

وبالنسبة للكثير فإن انعدام الخيارات وضعف الرؤى حول مستقبل أفغانستان ليست طالبان وحدها هي المسؤولة عنه، بل يشاركها ذلك المجتمع الدولي الذي بدأ حربا شاملة في أفغانستان ثم عاد ليحاور الحركة الأصولية.

ويصعب التنبؤ أو استقراء ما ستكون عليه الأوضاع في أفغانستان، فالاستراتيجية الدولية في أفغانستان لم تحقق إلى الآن في الأمن والاستقرار، بل جلبت حربا طاحنة أزهقت عشرات الآلاف من الأرواح لن يكون الرئيس السابق برهان الدين رباني آخر ضحاياها، وربما كان من الأفضل للمجتمع الدولي أن يعترف بفشل استراتيجياته في أفغانستان، فقد يكون ذلك هو الخطوة الأولى نحو تشخيص أفضل للحالة الأفغانية وللبحث عن حلول أكثر واقعية وتخدم المصلحة الأفغانية قبل غيرها.

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com