ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

نقد المسيحِّية

مرثا فرنسيس | 2011-09-20 00:00:00

بقلم: مرثا فرنسيس

لا أظن أن نقد الأديان سيتوقف في يوم ما، وهذا في حد ذاته مثير ومطلوب فإن إثارة الأسئلة والمناقشات تضع الأمر موضوع النقد تحت المجهروقد تدفع بالمهتمين بالأمر الى البحث والقراءة للوقوف على الحقائق التي لم تكن واضحة أو ظاهرة من قبل.
النقد هو تمحيص ودراسة تعتمد على منهج وقواعد متفق عليها، ولا يُقبل من الناقد أن تكون مرجعيته هي ميوله الشخصية الخاصة أو تحيزه لرأي معين ولا بد أن يُدعِم نقده بحجج وبراهين محايدة، فلا يميل لجانب على حساب الآخر، الناقد لابد أن تتوفر لديه الثقافة النقدية والخبرة المتخصصة، حتى يمكن الأخذ بما يقول ليس كرأي قاطع ولكن كرأي قابل للنقاش.
 
تعرضَّت المسيحية للنقد ولا زالت وستظل إلى يوم القيامة، وهذا ليس بغريب فالسيد المسيح نفسه عاش ثلاثة وثلاثين عاما ً ونيف ورغم أنه لم يصدر عنه موقفا ً واحدا ً سلبيا ً أو منافيا ً للأخلاق العامة، ورغم أن أحدا ً لم يُمسك عليه خطأً واحدا ً  إلا أنه لم يَسلم من النقد سواء من القريبين أو من البعيدين  حتى أنه خاطب اليهود قائلا "وَأَمَّا أَنَا فَلأَنِّي أَقُولُ الْحَقَّ لسْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِي." وفي الوقت الذي كان المسيح فيه يجول يصنع خيرا ً ويشفي كل المحتاجين شفاء بدون تحيز لطائفة أو لشعب أو لمستوى إجتماعي معين، وكان يشبع الجموع ويُنصف المظلوم ولم يطلب مجدا ً أو شهرة أو مُلكا ً أرضيا ً، في ذات الوقت كان هناك من يرتب ويتفق ويقبض مالاً للتآمر عليه، وعلت الهتافات ضده طالبين وموافقين على صلبه وقتله وهم نفس الجموع الذين عاش وسطهم وأحبهم ولم يرتكب أو يوجه أي نوع من الإساءة أو الأذى تجاه أي فرد منهم، بل كان متواجدا ً ومتعاطفا ً  معهم بكل وضوح، إنتقده البعض فقالوا أنه محب للعشارين والخطاة وإنتقده البعض عندما كان يُخرج الأرواح الشريرة  من أشخاص معذبين وقالوا أنه ببعلزبول يخرج الشياطين! وسيظل الرافضين للمسيح ولتعاليمه قائمين مقاومين ناقدين رغم أنه الوحيد الذي قال "تعالوا اليَّ ياجميع المتعبين والثقيلي الاحمال وأنا اريحكم"  ورغم سمو الحياة التي يدعو لها.
 
وأيضا تعرض الكتاب المقدس للنقد ومايزال وادعى البعض انه محرَّف، ولم يستطع أي من المدعين ان يحدد لنا أين هي النسخة الأصلية غير المحرَّفة،  وماهي مواضع التحريف وماذا كانت قبل أن تُحَرف؟ وهل حُرِفت في كل النسخ المنتشرة في العالم ؟ وكيف تم ذلك؟ إن ترابط الكتاب المقدس بداية من سفر التكوين وحتى سفر الرؤيا رغم اختلاف شخصيات من استخدمهم الله في كتابته واختلاف وظائفهم ومستواهم الثقافي- ينفي تماما ً تعرضه للتحريف، هو وحدة واحدة يفسر نفسه بنفسه،  فالكتاب المقدس المنتشر في انحاء العالم وترجم الى كل لغات العالم هو نفسه الموجود لدينا وهو المعترف به من قبل المسيحيين في جميع انحاء العالم،  وهناك اسئلة لم يُجب عنها إطلاقا مدعي تحريف الكتاب فمثلا؛ من الذي قام بالتحريف هل هم اليهود؟ وبدون التطرق لدقة وطقوس كتابة اليهود لكلام الله ولكنني اسأل لو كان اليهود هم من فعل ذلك أليس من الأجدر أن يُحِّرفوا  في جوهر النبوات التي تتحدث عن مجئ المسيح -خاصة انها تحققت كاملة وبكل دقة  فهذا
 
 سيؤيد انتظارهم للمسيا حتى يومنا هذا ويثبت إنهم على حق فيثبتون أن المسيح الذي جاء الى الأرض وعاش فيها كل هذه السنوات ليس هو المسيا حسب النبوات؟ اليس من الأجدر أن يحرفوا المواضع التي تدينهم في قضية صلب المسيح وتورطهم فيها، فتورط رؤساء الكهنة واضحا ً جليا ً في القبض على يسوع وصلبه!
عدد مخطوطات أسفار الكتاب المقدس مذهل، حتى قيل إنه لو تم حرق كل نسخ الكتاب المقدس الموجودة في كل انحاء العالم أو ضياعها فإنه من السهل تجميعه مرة ثانية بنفس النصوص من المخطوطات المتواجدة فعلا..  وهناك عدة اسئلة جوهرية وهامة  وهي.. هل يسمح الله بتحريف كلمته؟ هل الله غير قادر على حماية رسالة محبته للانسان؟ ألا يعني تحريف الكتاب المقدس أن الانسان أكثر قدرة من الله وأكثر تحكما ً؟
 
 مايثبت عصمة الكتاب المقدس من التحريف ليس عدد المخطوطات فقط وليس تاريخ كتابتها  وليس وحدة الفكر فيها وعدم تنافضها مع بعضها البعض، وليس إثبات العلم أن تاريخ كتابة المخطوطات يتوافق مع الأحداث المدونة فيها، وليس إثبات أن طرق وأدوات الكتابة كانت معروفة في زمن كتابة المخطوطات ولكن هناك دليل هام جداً وحقيقي جدا ً ولا يمكن لإنسان أن يتجاهله وينكره وهو يؤكد صدق الكتاب المقدس وعدم تعرضه للتحريف؛ وهو سلطان كل ماهو مكتوب فيه على حياة وقلب وفكر كل من يقرأ هذا  الكتاب، سلطان يذيب جبال الجمود والفتور والتشكيك والتشتيت؛ سلطان يجعل السلام ليس مجرد كلمة ومحاولات واجتهادات للحصول عليه، سلطان يجعل حب الغريب والمختلف ليس ضربا ًمن الخيال؛  ولكن يجعل السلام الداخلى والحب الحقيقي لله ولكل انسان- يجعله واقع ملموس معاش بدون أقنعة وبدون تمثيل وبدون السعي لنيل المكافآت من الله كمجازاة على الحب والخير. أنا أرحب بنقد المسيحية شرط الإلتزام بالنقد الموضوعي المعتمد على الاسس الصحيحة المحايدة للنقد وبدون التهكم أو التجريح أو الافتراض أو التخمين أو النقد على أساس الرأي الشخصي للناقد؛ أرحب بالنقد الصحيح لأنه يزيد من الثقة والإيمان بكل ماهو مكتوب في هذا الكتاب الثمين.
 
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com