ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

"إسطاسية".. محاولة الروائي الكبير "خيري شلبي" لوئد الفتنة الطائفية قبل رحيله

ميرفت عياد | 2011-09-18 16:30:58

* نحن شركاء وطن واحد.. افتديناه معًا بأبنائنا شهداء المعارك والحروب.
* العدالة الأرضية قامت بالإفراج عن المتهمين لعدم كفاية الأدلة، فلجأت الأم إلى العدالة السمائية.
* طبيعة المصريين أبعد ما تكون عن التعصب، فالقلب والعاطفة المصرية واحدة.

كتبت: ميرفت عياد
قام الروائي الكبير "خيري شلبي"، قبل رحيله إلى عالم الخلود، بكتابة آخر رواياته التي تحمل اسم "إسطاسية"، وهي امرأة مصرية قبطية تعيش في قرية بـ"كفر الشيخ"، يُقتل ابنها الوحيد "محفوظ". ويطرح من خلال أحداث الرواية رؤيته في ملف الفتنة الطائفية وما تشهده "مصر" من محاولات مقصودة لتأجيج الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، رغم أنهم عاشوا قرونًا منذ الفتح العربي لـ"مصر" في ود وسلام. وقد قامت دار "الشروق" بإصدار الرواية في نهاية العام الماضي في حوالي (260) صفحة من القطع المتوسط.

 

الإجرام وسفك الدماء
وتدور أحداث الرواية حول أرملة المقدس "جرجس غطاس"، التي تدعو فجر كل يوم على منْ قتل ولدها "محفوظ الحلاق"، حيث لم تستطع العدالة الأرضية أن تجلب لها حقها، وتم الإفراج عن المتهمين لعدم كفاية الأدلة، فلجأت الأم المكلومة إلى السماء حيث القضاء الإلهي. أما "حمزة" فهو ابن الشيخ "حامد البراوي"- كبير العائلة، وإمام البلدة ومأذونها- وهو الوجه الصالح الوحيد لعائلة "البراوي" المشهورة بالإجرام وسفك الدماء. إلا أن الشيخ "حامد" يتوفى تاركًا خلفه ابنًا صالحًا يُدعى "حمزة"، وهو شاب متعلم، مثقف، خريج كلية الحقوق، يؤمن بقيمة العدل والحق. ولعل هذا ما دفع "حمزة" عند عودته إلى القرية، إلى التحقيق في قضية مقتل ابن تلك المرأة التي حفظته النيابة ضد مجهول، خاصةً وأن هناك العديد من الأحاديث الهامسة التي تدور بين أهالي القرية توجِّه الإتهام إلى عائلة العمدة؛ لمسئوليتهم عن مقتل "محفوظ"، وإخفاء الحقيقة؛ لهروب الجناة بفعلتهم.

 

شركاء وطن واحد
وتستكمل الرواية أحداثها بإتهام "إسطاسية" للجزار "عبد العظيم عتمان" بقتل ابنها "محفوظ"، مبرِّرة ذلك بكرهه للأقباط، وكلامه إلى ابنها "محفوظ"، متوعدًا إياه، وقائلًا: "طيب يا عضمة زرقا! إن ما وريتك النجوم في عز الضهرما أبقاش أنا! وديني لأدفعك التمن غالي ببركة نبينا المصطفى! حاكسب فيك ثواب إن شاء الله". وبرغم هذا، قام المقدس "عازر صبحي" بنفي التهمة عنه وتبرئته؛ لأنه يعلم أنه مجرد كلام لا يرقى إلى الفعل، وبهذا خسرت "إسطاسية" قضية مقتل ابنها. وخلال الأحداث نجد المقدس يحكي لـ"حمزة" العديد من تفاصيل العلاقة بين المسلمين والمسيحين، فنراه يقول: "نحن شركاء في وطن واحد، افتديناه معًا بأبنائنا شهداء المعارك والحروب، ولسوف نفتديه بأعمارنا. نحن تحت رحمة إله واحد نطلب عفوه وغفرانه، وطريقهما الوحيد هو المحبة... لم يفسد العلاقة بيننا سوى الإنجليز الذين أوهمونا بأن المسلمين يدبرون لإبادتنا، وأوهموا المسلمين بأننا نسعى للتبشير ونستقوى بالأجنبي المحتل أرضنا معًا، وما شابه ذلك من كلام عام انخدع فيه الطرفان، فأكلا منه حتى الشبع، فتسممت النفوس، وشحنت بالتوتر".

 

العدل الإلهي ومعاقبة الجناة
ومع التوغل أكثر في صفحات الرواية، تجد كيف قام العدل الإلهي بمعاقبة الجناة. فعم "عابد البراوي" يفقد جميع أبنائه، حيث ماتوا الواحد تلو الآخر، كما أن كل الثورة التي من أجلها ارتكب جميع الجرائم والموبيقات ضاعت في الهواء. أما عمدة القرية المتستر على تلك الجرائم، فيتم القبض على ولديه في قضية أخرى. وهكذا، ظلت المصائب تتلاحق على تلك العائلة، إلى الدرجة التي جعلت أهل القرية لا يتعاطفون معهم، وإن جاز القول يتشفون في مصائبهم. وبعد هذا، بدأت تتكشف خيوط الجريمة، حيث عرف "حمزة"- من خلال تحرياته- أن من قتل "محفوظ" هما ابنا عم العمدة المسجونين في قضية أخرى لم يكن لهما بها أدنى علاقة، وهذا هو العدل الإلهي، حيث انتهز العمدة الشجار الذي دار بين "عتمان" و"محفوظ" للصق التهمة به. وتنتهي الراوية بفتح "حمزة" مكتبًا للمحاماة في بلدته، لتكون أولى قضايا المكتب من "إسطاسية" ضد عمه "عابد البراوي" بشأن الأرض التي اغتصبها، حيث جاءته "إسطاسية" ومعها كل الأوراق التي تثبت حقها في هذه القضية.

 

سيرته الذاتية
الجدير بالذكر، أن الروائي الراحل الكبير "خيري شلبي" من مواليد عام 1938 بمحافظة "كفر الشيخ"، وخط بأنامله- عبر رحلته الطويلة مع الإبداع- العديد من الأعمال، لعل أشهرها: السنيورة، الأوباش، الشطار، العراوى، زهرة الخشخاش، المنحنى الخطر، سارق الفرح. كما حصل على العديد من الجوائز، منها: جائزة الدولة التشجيعية في الآداب، جائزة أفضل رواية عربية الجائزة الأولى لاتحاد الكتاب، ميدالية "نجيب محفوظ" من الجامعة الأمريكية.

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com