أكدوا لـ"العربية.نت" أنه سيؤثر على الاقتصاد المحلي
اعتبر خبراء إعلاميون وسياسيون وقانونيون مصريون أن قرار وقف منح تراخيص جديدة لفضائيات خاصة تبث من مصر ردة إلى ما قبل 25 يناير، لما فيه من تقييد لحرية الرأي، فيما تشهد الساحة الإعلامية جدلا في مصر خاصة أن مسؤولي هيئة الاستثمار أكدوا أنهم لم يتوصلوا حتى هذه اللحظة إلى آلية لتنفيذ القرار.
وفي هذا الصدد قالت الإعلامية والناشطة جميلة إسماعيل لـ"العربية. نت" إن قرار وقف منح التراخيص للقنوات الفضائية الخاصة وفرض السرية على جلسات محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك وحبيب العادلي هو ردة إلى الوراء وعودة مصر إلى ما قبل ثورة يناير.
وأضافت: "توقعنا بعد الثورة أن تستفيد الحكومات المصرية من أخطاء قطع الاتصالات والإنترنت ومحاولة حجب الحقيقة عن الشعب المصري وأن تتعلم أن حرية التعبير هو السبيل الوحيد للحفاظ على مكتسبات الثورة".
واستدركت: "لكن يبدو أن الحكومة والمجلس العسكري لا يتعاطيان مع المستجدات في الواقع المصري والمرحلة الجديدة لمصر".
قرار وقف التراخيص
وكان المجلس العسكري الحاكم بمصر ومجلس الوزراء قد قررا في اجتماعهما وقف إصدار تراخيص جديدة لقنوات فضائية خاصة مؤقتا، وتكليف هيئة الاستثمار باتخاذ الإجراءات القانونية ضد الفضائيات المثيرة للفتن، والمحرضة على أعمال العنف والشغب، والتي تتسبب في زعزعة الأمن والاستقرار في هذه المرحلة الحساسة والحرجة من تاريخ مصر.
وأشار أسامة هيكل وزير الإعلام المصري إلى تأكيد المجلس العسكري ومجلس الوزراء على حرية الصحافة والإعلام بشكل كامل دون المساس بالثوابت الأخلاقية والوطنية للمجتمع المصري، الأمر الذي يحتم على القائمين من الصحافة والإعلام تحري الدقة فيما تنشره وتبثه، وعدم الانسياق وراء السبق على حساب الموضوعية والأمانة.
وقالت جميلة إسماعيل في تعقيبها على ذلك: "حتى لو كانت هذه القرارات لفترة مؤقتة فهي تمثل عودة للخلف".
وأكدت جميلة إسماعيل "إنه مهما كانت المبررات الحكومية لإصدار مثل هذه القرارات فهي قيود على حرية الإعلام، وكانت أحد أسباب الثورة المصرية".
الاستثمار إلى الوراء
وقال خالد سعد مستشار قانوني وإعلامي لـ"العربية.نت" "أن هذا القرار سيؤثر على الاستثمار، فإذا علمنا أن منح التردد فقط على القمر الصناعي المصري "نايل سات" يكلف 300 ألف دولار سنويا بالإضافة إلى أن تكلفة تأجير الاستديوهات تصل من مليون إلى 5 ملايين دولار سنويا، وتعمل هذه القنوات على تشغيل عمالة تصل إلى 500 عامل في القناة، إذا قرأنا كل ذلك فإننا أمام خسارة اقتصادية تحدق بمصر بالإضافة إلى فقدانها الريادة الإعلامية".
وأكد خالد سعيد "أن السياسة الإعلامية المصرية حاليا تعود بنا إلى سياسة وزير الإعلام السابق والنظام البائد، فإذا كان النظام الحالي يخشى من النقد فعليه إصلاح نفسه أولا بدلا من إغلاق منافذ حرية التعبير".
وطالب خالد سعد بتوضيح من الحكومة المصرية لمفاهيم التحريض وزعزعة الاستقرار، كما أنه لا يوجد قانون مصري يتيح إغلاق أي قناة فضائية تحت مسمى التحريض على الفتن وزعزعة الإستقرار ".
وتسائل: "ما معنى وقف التراخيص؟ هل سيوقف التقدم بأوراق تأسيس أي قناة جديدة، وما مصير القنوات التي اتخذت كافة إجراءاتها من إشهار الشركة واستخراج سجلها التجاري وتنتظر قرار المزاولة، خاصة أن كل قناة تقدمت بأوراقها دفعت 10 آلاف دولار رسوم خطاب الضمان، فماذا ستفعل الحكومة بهذه القنوات".
وأكد خالد سعد "أنه إذا كان القرار يستهدف القنوات الوليدة فكيف ستوقفها الحكومة وهي لم تعرف بعد محتواها". وختم خالد سعيد حديثه بالقول: "إن هذا القرار هو انتهاج لسياسة وزير الإعلام السابق وهو قرار غير منطقي ويتنافى مع مبادئ الثورة المصرية".
وأوضحت جميلة إسماعيل في تحليلها لهذه القرارات خاصة قرار سرية المحاكمات "أن القوى السياسية وافقت على مضض على الاكتفاء بالبث المباشر للتلفزيون المصري لهذه المحاكمات، ولكن أن يمنع البث نهائيا حتى الصحافة المكتوبة، فهذا قرار ضد حقوق المواطنين في المعرفة، خاصة في مثل قضية قتل الشهداء، خاصة مع سماع أقوال شهود لازموا الرئيس المخلوع أيام الثورة ولديهم الكثير من المعلومات، وهذا المنع سيشكك في المحاكمة ويطرح تساؤلات من قبيل هل سيتم حجب أشياء معينة من أقوال الشهود؟".
وأكدت جميلة إسماعيل أنها ضد التدخل في شؤون الإعلام وضد عدم حصول الشعب المصري على حقه في معرفة ما حدث، فنحن هنا أمام تقويض لتجربة الديمقراطية في مصر بعد الثورة لن نسمح به، كما أن العدالة تتحقق بالشفافية والمعرفة".
هيئة مستقلة لضبط الإنفلات الإعلامي
ومن جانب آخر يرى د. محمود علم الدين أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة أنه بشكل عام هذا قرار مؤقت نظرا لطبيعة المرحلة الانتقالية التي تمر بها مصر، فالإعلام مثله مثل أشياء كثيرة شهدت إنفلاتا في مصر بعد الثورة، كالانفلات الأمني، فنحن لدينا أيضا انفلات إعلامي وسيولة فضائية.
وطالب د. محمود علم الدين بإنشاء هيئة مسؤولة للتعامل مع الفضائيات من حيث تنظيم عملها وليست هيئة رقابية كنموذج إنجلترا، حيث توجد هناك هيئة تسمى "أوف كوم" أي أوفيس كوميونيكشن، ومهمتها التحقيق في أي خروج عن ميثاق الشرف الإعلامي.
وأكد د. محمود علم الدين أن مثل هذه الهيئة موجودة في معظم الديمقراطيات الحديثة التي شهدت انفلاتا إعلاميا بعد ثورات أطاحت بنظم ديكتاتورية كانت تحكمها .
وأضاف: "نحن أيضا بحاجة إلى ميثاق إعلامي يتفق عليه الإعلاميون في عملهم يحافظ على القيم المهنية والإعلامية كالصدق والنزاهة والحيادية وأن دور هذه الهيئة هو معاقبة القناة أو الوسيلة التي تخرج عن هذا الميثاق وأخلاقيات المهنة. فنحن بحاجة ملحة إلى ذلك لضبط إيقاع التجربة الديمقراطية".
أما الإعلامي أحمد رفعت مسؤول بقناة "الحرية" تحت التأسيس فيؤكد لـ"العربية.نت" "أن هذا القرار خاطئ ويعيد مصر إلى الوراء ويعيد أجواء الإعلام المصري إلى ما قبل 25 يناير وهي أجواء بوليسية أسوأ ما كانت عليه أيام مبارك، فمبارك كان يسمع الشتائم ضده في الفضائيات ويصمت".
وأضاف "أن الحكومة بذلك القرار تغلق منفذا من منافذ الاستثمار يجعلها تخسر ملايين الدولارات في حين أنها بحاجة إلى كل دولار".
ويؤكد أحمد رفعت: "سألنا في هيئة الاستثمار عن آلية تنفيذ هذه القرارات خاصة أن هناك 17 قناة تحت التأسيس تقدمت بأوراقها فأجابنا المسؤولون بأن القرار بتفاصيله لم يصل إليهم بعد ولا يعرفون كيفية تنفيذه".
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com