ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

ضغوط الغوغاء لفقد "سيناء"

د. رأفت فهيم جندي | 2011-09-02 00:00:00

بقلم: د. رأفت فهيم جندي
كنت وسط فوج سياحي نزور "سيناء" بعد استعادتها من الاحتلال الإسرائيلي، وفي جزء من الرحلة سار الأتوبيس بنا في طريق ممهَّد كانت قد أقامته القوات الإسرائيلية وقت احتلالها لـ"سيناء"، وقيل لنا إنهم طمسوه بالرمال قبل إرجاع "سيناء" لـ"مصر" بعد معاهدة "كامب ديفيد"، ولكن سلاح المهندسين للجيش المصري استطاع اكتشافه وأعاده مرة ثانية للاستخدام.

زرنا دير "سانت كاثرين"، وشاهدنا شجرة "العليقة" التي لـ"موسى النبي"، وتداخلت مع المرشد السياحي المعيَّن للدير من قبل الحكومة المصرية، والذي هو أمين شرطة مصري مسلم، وتوليت شرح بعض النقاط لفوج أكبر من السياح عندما فشل هذا المرشد في فهم أو إجابة أسئلة السياح عن بعض الأمور العقائدية لطائفة الروم الأرثوذكس التابع لها الدير.

سار الأتوبيس بنا من منتجع "طابا" الساحر جنوبًا وسط الجبال، على الجانب الغربي لـ"سيناء" موازيًا لخليج العقبة، وسط جمال خلاب من صخور ملوَّنة بألوان مختلفة، تتساقط عليها ومنها المياه من علو شاهق، وقيل لنا إنه لا أحد يعرف بالدقة مصدر هذه المياه، وإنه ليس من ذوبان ثلوج أعلى هذه الجبال.

عندما توقفنا في استراحة بسيطة، قيل لنا أن سكانها هم البدو العرب الذين يعيشون على تصدير الأعشاب الطبية التي تنمو في المنطقة. سألت أحد العاملين بالاستراحة عن حقيقة هذه الأعشاب الطبية، مؤكِّدًا له أنني من "كندا" وسأعود إليها بعد هذه الرحلة. فقال وهو يتلفت حوله: "كلهم تجار مخدرات يا بيه"!!

الشئ الوحيد الذي يُذكر لـ"السادات" بالخير هو استرجاع "سيناء" لـ"مصر" بحرب 1973 أولًا وبمعاهدة "كامب ديفيد" ثانيًا. والذين يتشدَّقون ضد معاهدة "كامب ديفيد" لا يقولون ما هو البديل غير التضحية بأراضي "سيناء"؟ ولكن تعديل بعض بنود هذه المعاهدة واجب حتمي أثبتته الأيام لمنع "جرذان الإرهاب" من العشعشة في صحاري وكهوف "سيناء"..

حادث مقتل الجنود المصريين على حدود "إسرائيل" مؤسف للغاية ويستدعي التحقيق فيه وإثبات أنه لم يكن متعمَّدًا. وقد قتل طيار أمريكي أربعة جنود كنديين في "أفغانستان" يوم 18 أبريل 2002 بطريق الخطأ، ويُقال عن هذه الحوادث المؤسفة "القتل الخطأ بنيران صديقة".

وفي الشرق الأوسط، وبعد صعود نجم الصحفي العراقي الذي قذف بجزمته على "جورج بوش"، صعد نجم آخر من "مصر"، وهو الذي تسلَّق عمارة السفارة الإسرائيلية وأنزل العلم الإسرائيلي. وتسابقت وسائل الإعلام المصرية تصوِّر لنا كيف نشأ هذا البطل، وكيف شق طريقه لتلك البطولة الخارقة التي لم يستطع غيره إنجازها!.

من أنزل العلم الإسرائيلى كان مخطئًا في حق القانون المصري؛ لأن هذه السفارة على أرض مصرية ويجب حمايتها بالقانون المصري. السلطة الحاكمة المصرية الآن تتحكم فيها غوغائية الشارع، ولهذا لا يستطيع أحد أن يحاسب هذا المتعدي. بالطبع المخالفة بسيطة وتعكس خفة دم الشعب المصري وليست جريمة كبرى، ولكن الرمز كبير من عدم إدانة هذا العمل بل وتكريمه.

الاهتمام بتعمير "سيناء" ليس واجبًا اقتصاديًا اجتماعيًا فحسب، ولكنه واجب دفاعي حربي أيضًا. ولنحذر الانسياق وراء ضغوط الغوغاء لكي لا نفقد "سيناء" للإسرائيليين مرة ثالثة كما حدث في 56 و67، وكما قيل من قبل "التالتة تابتة".

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com