بقلم: القمص أفرايم الأورشليمي
الحاجة الى السلام ...
+ السلام كما انه صفة لله القدوس فهو قيمة روحية واخلاقية هامة فى حياة كل فرد ومجتمع، وما احوجنا الى السلام فى عالم اليوم الذي تسوده الكراهية والخصومات والحروب والنزاعات وتراق فيه الدماء البرئية والتى تصرخ الى الله مطالبة باقامة العدل ونزع البغضة، وبدلا من السعى الى المصالحة مع الله والناس والنفس والتمتع بالسلام نرى الناس يسرعون الى حل المشكلات بالقوة والعنف مما يجعل دائرة العنف والبغضاء والحروب تذداد وتتسع ، ان الأنانية التى نراها اليوم والسعى الى تحقيق المصالح الخاصة وفرض السيطرة والتملك والتمسك بالسلطة والاستمرار فيها بكل وسائل البطش دون وازع اخلاقى او ضمير انسانى او مخافة لله جعلت مستقبل العالم كله فى مهب الرياح . كما ان تطوير اسلحة الدمار الشامل والاستمرار فيه بدون ضابط او حكمة سيودى الى نتائج كارثية فى ظل غياب الضمير الاخلاقى وهذا ما نراه على المستوى الفردى او المحلى او الاقليمي اوالدولي من حولنا وهذا يوجه افكارنا بالبحث عن السلام والسعى اليه كحاجة ملحة حتى نتفادى الطوفان والحروب التى لن تبقى على أحد .
+ يقدم لنا الله سلامه الكامل ويريدنا ان نحيا فى سلام وأطمئنان وهدوء . وفى ظل هذا السلام الروحى والاخلاقى ينمو الفرد والاسرة والمجتمع ويتقدم ولكن علينا ان نعمل ونصلى ان يحل السلام الدائم والعادل والشامل حياتنا ومجتمعاتنا وعالمنا ، علينا ان نسعى الى السلام ونجد فى أثره ، ونريد لغيرنا ان يحيا فى سلام وأمن وعدالة ، بدون ظلم مع مرعاة حقوق ومصالح الغير، ان سيادة قانون المحبة تجعل الحاجة الى الالتجاء الي القوانين الوضعية تقل وتنتفى . كما ان وجود مبادئ العدالة والمساوة وسيادة القانون والثواب والعقاب من الامور التى تبنى مجتمع أمناً مطمئناً . وكلما اقتربنا من الله بالتوبة وحياة الفضيلة والبر والتقوى، ساد السلام والمحبة والرحمة والحكمة فى مواجهة المشكلات وحلها بالطرق السلمية . أن تحقيق هذا السلام في واقع الحياة ليس بالأمر الهين. فهو يتطلب توفر الإرادة الطيبة وبذل كل الجهود وكل المساعي الكبيرة والكثيرة والدائمة ،ان أمر تحقيق السلام منوط بنا جميعاً وذلك بإزالة المعوقات والموانع والتحديات كالحروب والنزاعات والصراعات التي ما زالت قائمة بين بني البشر وكذلك المطامع والمصالح الآنية والشخصية التى تحول دون تحقيقه علينا ان نكفء كافراد ودول وحكومات، عن أطماعنا وجشعنا ومحاولاتنا استغلال الغير الامر الذى يعمل على نشر السلام والتعاون والمحبة بين الافراد والشعوب .
+ ان قبولنا للآخر والاعتراف بحقوقه واحترامه ونشر ثقافة السلام والتعاون والمحبة بدلا من العنف والكراهية ودق طبول الحرب من الامور التى نحتاج اليها للحصول على السلام . اننا نحتاج كافراد ودول الى أعلاء قيمة أحترام الحياة وحق الاخر فى الاختلاف فى الراى او المذهب او الدين دون استخفاف او تهميش او تكفير . نحتاج كافراد ومؤسسات ودول الى العمل الدؤوب من اجل المصالحة واقامة العدل ومكأفاة الساعين الى السلام والمحاسبة القانونية العادلة للمجرمين ودعاة الكراهية والعنصرية والحروب حتى ما نحيا فى سلام وكرامة انسانية وامن وامان.
السيد المسيح رئيس السلام
+ عندما ولد ولد السيد المسيح فى بيت لحم قبل ما يذيد من الفى عام تهللت الملائكة بالتسبيح { ظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين.المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وبالناس المسرة} لو 13:2-14. وكما تنبأ اشعيا جاء الينا رئيس السلام الذى لرئاسته وسلامه لا نهاية { لانه يولد لنا ولد و نعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا الها قديرا ابا ابديا رئيس السلام. لنمو رياسته وللسلام لا نهاية } اش 6:9-7. لقد كان التجسد الإلهي رحمة من الله لكى يهدي اقدامنا فى طريق السلام { باحشاء رحمة الهنا التي بها افتقدنا المشرق من العلاء. ليضيء على الجالسين في الظلمة و ظلال الموت لكي يهدي اقدامنا في طريق السلام} لو 78:1-79. وهكذا جال السيد المسيح يصنع خيرا ويشفى كل المتسلط عليهم ابليس وقال للمؤمنين به {سلاما اترك لكم سلامي اعطيكم ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب (يو 14 : 27). إنه لا يقدم السلام كما يقدمه العالم، تحية كلامية شكلية، بل بركة حقيقية تتمثل في تقديم ذاته لمؤمنيه. هذا السلام لا يمكن للعالم بكل إمكانياته أن يقدمه ولا بكل أحزانه أن يسحبه من المؤمن. لأن ما يعطيه العالم يمس الجسد ويُحد بالزمن والمكان، أما سلام المسيح فيحتضن كيان الإنسان كله، ولا يقدر زمن ما أو مكان ما أن يحده. إن سلام المسيح يسحب أعماق الإنسان لتختبر الأبدية.لأن سلام أبدي، ليس من قوة تقدر أن تنزعه عن الإنسان المتمسك به. سلام العالم قد يدفع الإنسان إلى الخطية، سواء من جهة الملذات أو الكبرياء، أما سلام المسيح فهو عمل النعمة الغنية التي تحفظ الإنسان في القداسة والبر. وتسحب قلوبنا إلى الفرح الأبدي وعيش السلام السماوي.
+ فى المسيح يسوع ظهرت رحمة الله وحقه وبره وعداله {الرحمة و الحق التقيا البر و السلام تلاثما} (مز 85 : 10) وبه ومن خلال صليبه تمت مصالحة البشرية الساقطة مع الله {ولكن الكل من الله الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح واعطانا خدمة المصالحة.اي ان الله كان في المسيح مصالحا العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم وواضعا فينا كلمة المصالحة.اذا نسعى كسفراء عن المسيح كان الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله.لانه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لاجلنا لنصير نحن بر الله فيه}2كو18:5-21.وكما صنع لنا سلاما مع الآب السماوى فقد دعانا لصنع السلام مع الغير والسعى اليه لنكون ابناء لله {طوبى لصانعي السلام لانهم ابناء الله يدعون }(مت 5 : 9). لقد دعانا ان نتبع السلام مع الجميع { اتبعوا سلام مع الجميع و القداسة التي بدونها لن يرى احد الرب} (عب 12 : 14). لقد وعدنا ان يكون لنا فيه سلام { قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام في العالم سيكون لكم ضيق و لكن ثقوا انا قد غلبت العالم} (يو 16 : 33). رغم الضيقات نثق انه سيغلب بنا ومن اجلنا {فنظرت واذا فرس ابيض والجالس عليه معه قوس وقد اعطي اكليلا وخرج غالبا و لكي يغلب (رؤ 6 : 2).
+الى الله نصلى ونطلب كل حين قائلين : يا ملك السلام ، اعطنا سلامك ، قرر لنا سلامك واغفر لنا
ان كل إنسان منا غال وعزيز على قلب الله وهو يريد سلامنا وخيرنا وهذا ما فعله ويفعله باقواله وافعاله . لقد صالحنا السيد المسيح مع الآب السماوى وسعى لمصالحة اليهود مع السامريين والأمم ومدح السامرى الصالح وقائد المئة الاممى وجاء الى مصر الى كانت عاصمة للفكر الهلينى والوثنى لينشر الإيمان ويؤسس كنيسة العهد الجديد ويبارك ارضها وشعبها . انه كأب صالح يريد ان يجمع ابنائة كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها فهل نريد نحن ان نحتمى فى سلامه ونعمل للوصول اليه ؟
طوبى لصانعي السلام
+ السلام مع اللـه..
ان الانسان الذى يحيا فى حياة الخطية والإثم وعدم الايمان ، يبتعد عن الله ويحيا فى خصومة مع الغير ولا يجد السلام الداخلى {لا سلام قال الرب للاشرار} (اش 48 : 22) . اما الانسان التائب المؤمن بالله فيحيا في سلام {فاذ قد تبررنا بالايمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح }(رو 5 : 1). الانسان المؤمن يثق فى حفظ الله ورعايته { حبيب الرب يسكن لديه امنا يستره طول النهار و بين منكبيه يسكن }(تث 33 : 12).المؤمن لو احاطت به الضيقات والتجارب فانه يؤمن بقدرة الله على حفظه ورعايته . لقد القوا بالفتية الثلاثة فى اتون النار ولكن كان الرب معهم وحافظاً لهم واذ به يحلهم من القيود ويسيروا وسط النيران مسبحين الله على عظيم قوته من اجل هذا ترنم النبى قديما واثقاً بحفظ الله ورعايته {الرب نوري وخلاصي ممن اخاف الرب حصن حياتي ممن ارتعب.عندما اقترب الي الاشرار لياكلوا لحمي مضايقي واعدائي عثروا وسقطوا.ان نزل علي جيش لا يخاف قلبي ان قامت علي حرب ففي ذلك انا مطمئن}مز -31:27.
لنصلى ونعمل ليقوى الله ايماننا به ويذيد من رجائنا فيه وتشتد محبتنا له فنحيا معه فى سلام واثقين بوجوده معنا واننا لسنا وحيدين . بل نثق أن الله معنا ويعتنى بنا وان كان الله معنا فمن علينا. ان الله هو القوة القادرة على كل شئ ، التي تساندنا فى الضعف وتنزع عنا كل خوف ، والتي كلها حب وعدل. وهي تعمل الخير الجميع، وتتراءف على كل من هو في ضيقة،وإذ نطمئن إلى هذه القوة الإلهية الحافظة، تمتلئ قلبنا سلاماً، ولا نقلق او نخاف. أما غير المؤمن، فإذ لا يثق بقوة خفية تسنده، نراه يتعب، ويقف وحيداً في ضيقاته فاقداً للسلام.
+ السلام مع الناس..
لقد دعانا السيد المسيح لنكون صناع سلام حتى نكون ابناء الله ملك السلام ، فهل نحن ندرك أهمية هذه الدعوة فى عالم ملئ بالصراعات { كما هو مكتوب ما اجمل اقدام المبشرين بالسلام المبشرين بالخيرات} (رو 10 : 15). يجب ان نكف عن الشر ونقابله بالخير ونحيا المحبة الاخوية للجميع لكى نتمتع بالسلام { والنهاية كونوا جميعا متحدي الراي بحس واحد ذوي محبة اخوية مشفقين لطفاء.غير مجازين عن شر بشر او عن شتيمة بشتيمة بل بالعكس مباركين عالمين انكم لهذا دعيتم لكي ترثوا بركة.لان من اراد ان يحب الحياة ويرى اياما صالحة فليكفف لسانه عن الشر وشفتيه ان تتكلما بالمكر.ليعرض عن الشر ويصنع الخير ليطلب السلام ويجد في اثره.لان عيني الرب على الابرار واذنيه الى طلبتهم و لكن وجه الرب ضد فاعلي الشر. فمن يؤذيكم ان كنتم متمثلين بالخير} 1بط 8:3-13.
لهذا يوصينا الانجيل ان نتبع البر والايمان والسلام والمحبة فى تعاون واحترام للغير ولا نشترك حتى فى المجادلات الغبية مع الاخرين { اما الشهوات الشبابية فاهرب منها و اتبع البر والايمان و المحبة و السلام مع الذين يدعون الرب من قلب نقي.والمباحثات الغبية والسخيفة اجتنبها عالما انها تولد خصومات. وعبد الرب لا يجب ان يخاصم بل يكون مترفقا بالجميع صالحا للتعليم صبورا على المشقات. مؤدبا بالوداعة المقاومين عسى ان يعطيهم الله توبة لمعرفة الحق. فيستفيقوا من فخ ابليس اذ قد اقتنصهم لارادته} 2تيمو 22:2-26.علينا ان نحيا فى تفاهم واحترام مع الغير سواء فى الاسرة او الكنيسة او المجتمع ، ونقدم الخير للكُل، ونحِرص على مشاعر كل مَن نتعامل معه ونعالج كل أمورنا بالحكمة والدعوة الي السلام وعلى قدر طاقتنا نسالم جميع الناس.
دعانا السيد المسيح الى محبة الجميع وبهذا نحيا فى سلام ونصل بالمحبة حتى الى الاعداء { سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك. واما انا فاقول لكم احبوا اعداءكم باركوا لاعنيكم احسنوا الى مبغضيكم وصلوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم.لكي تكونوا ابناء ابيكم الذي في السماوات فانه يشرق شمسه على الاشرار والصالحين ويمطر على الابرار والظالمين.لانه ان احببتم الذين يحبونكم فاي اجر لكم اليس العشارون ايضا يفعلون ذلك. وان سلمتم على اخوتكم فقط فاي فضل تصنعون اليس العشارون ايضا يفعلون هكذا.فكونوا انتم كاملين كما ان اباكم الذي في السماوات هو كامل } مت 43:5-48. كما دعانا الى المغفرة غير المحدودة للمسيئين { حينئذ تقدم اليه بطرس و قال يا رب كم مرة يخطئ الي اخي و انا اغفر له هل الى سبع مرات. قال له يسوع لا اقول لك الى سبع مرات بل الى سبعين مرة سبع مرات} مت 21:18-22. اذا لنحب المحبة ونغفر وهذا يحول الاعداء الى اصدقاء ومن لا نستطيع ان نسالمة من مرضى النفوس والقلوب نتجنبه ونبتعد عنه وان لم يكن هناك مفر من التعامل مع هؤلاء فليكن بالاحترام والقانون وتدخل اهل الغير.
يرى القدّيس يوحنا الذهبي الفم أن السيّد المسيح قد جاء ليرفعنا إلى كمال الحب، الذي في نظره يبلغ الدرجة التاسعة، مقدّمًا لنا هذه الدرجات هكذا- الدرجة الأولى: ألا يبدأ الإنسان بظلم أخيه. الدرجة الثانية: إذا أصيب الإنسان بظلم فلا يثأر لنفسه بظلم أشد، وإنما يكتفي بمقابلة العين بالعين والسن بالسن .
الدرجة الثالثة: ألا يقابل الإنسان من يسيء إليه بشر يماثله، إنّما يقابله بروح هادئ.
الدرجة الرابعة: يتخلّى الإنسان عن ذاته، فيكون مستعدًا لاحتمال الألم الذي أصابه ظلمًا وعدوانًا.
الدرجة الخامسة: في هذه المرحلة ليس فقط يحتمل الألم، وإنما يكون مستعدًا في الداخل أن يقبل الآلام أكثر مما يودّ الظالم أن يفعل به، فإن اغتصب ثوبه يترك له الرداء، وإن سخّره ميلاً يسير معه ميلين. الدرجة السادسة: أنه يحتمل الظلم الأكثر ممّا يودّه الظالم دون أن يحمل في داخله كراهيّة نحو العالم. الدرجة السابعة: لا يقف الأمر عند عدم الكراهيّة وإنما يمتد إلى الحب... "أحبّوا أعداءكم".
الدرجة الثامنة: يتحوّل الحب للأعداء إلى عمل، وذلك بصنع الخير "أحسنوا إلى مبغضيكم"، فنقابل الشرّ بعمل خير. الدرجة التاسعة والأخيرة: يصلّي المؤمن من أجل المسيئين إليه وطارديه.
هكذا إذ يبلغ الإنسان إلى هذه الدرجة، ليس فقط يكون مستعدًا لقبول آلام أكثر وإنما يقدّم عوضها حبًا عمليًا ويقف كأب مترفّق بكل البشريّة، يصلّي عن الجميع طالبًا الصفح عن أعدائه والمسيئين إليه وطارديه، يكون متشبِّهًا بالله نفسه أب البشريّة كلها. غاية مجيء السيّد إلينا إنّما هو الارتفاع بنا إلى هذا السموّ و يجعلنا نافعين لأعدائنا كما لأصدقائنا واحبائنا .
+ السلام الداخلى ..
الانسان الروحى يحيا فى انسجام داخلى وتوافق بين الانقياد لروح الله الساكن فيه وقيادة الروح لعقلة ونفسه وجسده فيضبط ميوله النفسيّة ويخضعها للعقل والروح، ويضبط ذاته ويوجها نحو الله وصنع السلام والخير فيحل ملكوت الله داخله فان كنت تريد السلام.. اعمل برًا ليكون لك السلام، {السلام والبرّ تعانقا}(مز 85: 10).ليكن السلام حبيبًا لك وصديقًا، واجعل قلبك مضجعًا نقيًا لله . ولتكن لك معه راحة مطمئنة وصداقة لا تنفصم عراها{سلامًا أترك لكم. سلامي أعطيكم} (يو 14: 27). لقد أعطانا هذا ميراثًا، فقد وعدنا بكل العطايا والمكافآت التي تحدّث عنها خلال حفظ السلام.
نثق فى الله ونؤمن بعمله معنا ونطمئن من جهة حياتنا الخاصة ومستقبلنا، والاطمئنان أيضاً على احبائنا ومعارفنا. المسيح جاء لهبنا السلام الداخلى ويجعلنا نواجه المشاكل في صمود وثقة. لا نضطرب، بل بفكر هادي مُتزن نبحث عن حلول لمشكلاتنا وإن لم نجدها ، نصبر ونحتمل دون أن نفقد رجائنا ودون أن نفقد سلامنا. إنَّ العاصفة تستطيع أن تهز شجرة الضعيفة ولكنها لا تهز السنديانة أو البلوطة أو أيَّة شجرة لها جذور قوية وعميقة في الأرض. كذلك الأمواج لا تستطيع أن تؤذي باخرة أو سفينة قوية تشق طريقها في البحر وتسير مطمئنة. ولكن هذه الأمواج يمكنها أن تتعب قارباً صغيراً أو سفينة فيها ثُقب يسمح للماء أن يترسَّب إلى داخلها .
يجب ان نكون اقوياء القلب ولا نفقد سلامنا أمام المشاكل والضيقات. ليكن لنا اذا سلام الإيمان الواثق ولا نخاف شئ . ان الضيقة عندما تحل بالمؤمن يلاقيها بكل اطمئنان وبسلام قلبي عجيب واثق فى تدخل الله فيها وحلها وانتهائها لصالح وخير المؤمن وهكذا يقوده الإيمان إلى الاطمئنان. وهكذا أولاد الله يعيشون دائماً في سلام. بل وفي فرح، شاعرين أن الله معهم، هو الذي يتولى كل أمورهم، ويعمل من أجلهم ما لا يستطيعون عمله لأجل أنفسهم.
إن الطريق المؤدي إلى السلام هو الطريق الذي يجعل القلب يتغير ويتبدل ويمتلئ حباً بدلاً من البغض،وعطفاً بدلاً من الانتقام، وحكمةً بدلاً من الجهل، وتواضعاً بدلاً من الشموخ والكبرياء ولكن كيف يتغير القلب؟ بل هل يقدر أحدنا ان يبدل حياته وعاداته واستعداده الفطري والمكتسب؟ الجواب: نعم إذ ان هناكَ من يغير ويبدل كل شي إلى الأفضل حتى لو كان القلب قاسيا . هو ذلكَ الأول والأخير، الألف والياء،كلي القدرة والكامل والسرمدي، انه الهك الممسك بيمينك القائل لا تخف أنا اعينك . فلننزع عنا كل ثقل الخطية ونرجع اليه بقلب صادق وضمير بلا رياء ومحبة كامله طالبين ان يهبنا سلامه الكامل {وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وافكاركم في المسيح يسوع (في 4 : 7).
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com