بقلم :مدحت ناجى نجيب
يمر عليك وقت تكاد تكون فيه محبط ويأس من وطأة ظروف الحياة ، ولا يوجد عندك رجاء أو ايمان بعد عمل شاق لا يثمر عن أى نتيجة ، ويبدأ يتسلل إلى نفسك حبوب الفشل والاحباط واليأس ، وتبدأ أن تقول ان الرب تركك ونسيك ، لكن مهما بلغت من التعب والضيق ، فالرب قادر ان يحول حياتك من الظلام إلى النور ، هو إله العمل فى اللحظات الأخيرة ، يأتى فى الأوقات التى تضعف فيها عزيمتك ليقويك ، يريد منك أن تطلبه باستمرار فى أوقات الفرج والضيق ، فهو طبيب جاهزة بسيارة اسعاف مجهزة لخدمتك خلال كل حياتك ، فلا تظن أن اليأس له سلطان عليه ، فهو الذى يمسك لك الفأس التى تقطع اليأس ... وإليك هذه القصة التى وردت فى انجيل معلمنا لوقا (5 :1-11 ) لترى أن المسيح يفعل أكثر مما نطلب او نفتكر ...
" فرأى سفينتين واقفتين عند البحيرة والصيادون قد خرجوا منهما وغسلوا الشباك. فدخل إحدى السفينتين التي كانت لسمعان وسأله أن يبعد قليلا عن البر ثم جلس وصار يعلم الجموع من السفينة. ولما فرغ من الكلام قال لسمعان ابعد إلى العمق والقوا شباككم للصيد. فأجاب سمعان وقال له يا معلم قد تعبنا الليل كله ولم نأخذ شيئا ولكن على كلمتك القي الشبكة " .
انها قصى تروى حكاية صيادين سهروا طوال الليل ولم يصطادوا شيئاً ، دخلهم اليأس والاحباط ، فهذا مصدر رزقهم ، فماذا يفعلون ، وقد فقدوا العزيمة على استكمال الصيد.. وبدأوا فى لم الشباك ، ولكن بدون أن يطلبوا ، شعر الرب يسوع باحتياجهم " فرأى ..." ، ثم يأمر بطرس " أن يبعد قليلا عن البر..." ، وهناك اشارات روحية فى هذه القصة فالسفينتين هنا تشيران الى " اليهود والأمم " قبل مجىء السيد المسيح ، فلا اليهود فهموا مقاصد الله ، ولا الأمم ببحثهم عن الله وجدوه بل غرقوا فى عبادة الأوثان ، اما " البَرَّ " فهو يشير الى حياتك ، فإذا كنت مشغول بالعالم فإنك لا تستطيع ان ترى المسيح إلا إذا دخلت إلى العمق ، فالبر يشير إلى السطحية اما العمق فيشير الى عشق ومذاق الحياة مع الله ، اما " الليل " فيرمز الى ظلمة هذا العالم ، والفشل والاحباط الذى وقع فيه الصيادين ، وربما يشير الى العمر والوقت الضائع من حياة الإنسان فى الشهوات واللذات .
فمع ان الصيادون سهروا الليل كله ولم يصطادوا شيئاً، وقد دخلهم الشك والاحباط واليأس فى أخر ساعات الليل ، وهرب منهم الرجاء ... إلا ان السيد المسيح يفتح لهم أبواب الرجاء والايمان ... يريد أن يعلمهم أن بركة الرب تعنى ولا يكون معها تعباً ...
اسمع ما يقوله السيد المسيح لسمعان بطرس ابعد إلى العمق والقوا" شباككم" للصيد. فأجاب سمعان وقال له يا معلم قد تعبنا الليل كله ولم نأخذ شيئا ولكن على كلمتك القي " الشبكة " .
وعندى عتاب لك يا معلمى بطرس ، يقول لك السيد المسيح : القى شباككم ( جمع ) ، وتقول له انت " على كلمتك القي " الشبكة " ( مفرد ) ، لماذا لا تركز فى كلام السيد المسيح ، فلا تشك فهو إله المعجزات وإله اللحظات الأخيرة ، وإله الساعة الحادية عشر ، فيا معلمى بطرس لو كنت ألقيت كل الشباك لأمتلئت ولم تستطع أن تحملها ، ولكن لما فعلوا ذلك أمسكوا سمكا كثيرا جدا فصارت شبكتهم ( مفرد) تتخرق . فأشاروا إلى شركائهم الذين في السفينة الأخرى أن يأتوا ويساعدوهم فأتوا وملأوا السفينتين حتى أخذتا في الغرق ، " فهكذا نعمة الله وبركته يمكن أن تغرق الأنسان فى بركة العطايا "..
فنحن نتعامل مع إله قوى وليس ضعيف ، إله يعمل بقوة ، كما ان المعروف ان العمق لا يوجد فيه سمك ، لكن من يد الله نتعلم الآتى :
+ ان الله قادر ان يحول الفشل الى نجاح واليأس إلى رجاء والظلمة إلى نور مهما اشتد الليل سواداًُ ... فهو إله الهزيع الرب ...يوجد حلول ، فكما يقول قداسة البابا " حينما لا توجد حلول بشرية نبصر يد الله تعمل " .
+ ان الله يعمل دون ان نطلب ، فهو شعر باحتياجهم انهم لا يصطادون ، فهم لم يطلبوا منه ، لكنه هو تحنن عليهم . إذا كانوا منطرحين ومنزعجين كخراف لا راعى لهم ...
+ ان لا تشك فى كلام الله : قال الله " القى الشباك ...فلا تشك انت وتقول : على كلمتك القى الشبكة ... إلهك منفذ العمليات الصعبة ، ورتل مع أيوب قائلاً " قد علمت انك تستطيع كل شىء ولا يعسر عليك أمر " أى 2:42 .
الهك يا حبيبى قوى ، انتظر الرب ولا تشك فى محبته ، فكل عطاياه مجانية وبلا حدود ، يعمل فى صمت وفى الخفاء ، لا يعسر عليه أمر ، لذلك لا تيأس مهما كانت الظروف ، إذا هزمك اليأس فأمسك الفأس ( وعود الله فى الكتاب المقدس) التى تقطع اليأس ، وإذا أحسست ان الوقت ضاع ولا توجد فرصة فهو إله الفرص الضائغة والوقت الضائع ... لا تخف ... قم الآن أفتح الكتاب المقدس وسجل وعوده ولم تتركه إن لم يباركك ، فنحن لا نعرف معنى لكلمة فشل ، لأننا أولاد الله وهم لا يفشلون أبداًَ ... رجاءنا يقطع كل يأس ، رجاءنا البسيط كقطرات ندى تسقط على صخور اليأس فتفتتها ....الرب معك ... إلى هنا اعاننا الرب
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com