قراءة فى ملف »الأمور المسكوت عنها« (359)
بقلم يوسف سيدهم
فى29 يوليو الماضى وفى ميدان التحرير تحولت (جمعة الإرادة الشعبية وتوحيد الصف« إلى »مصادرة الإرادة الشعبية وتمزيق الصف« وكان ذلك مع سبق الإصرار والترصد من جانب تيار الإسلاميين والسلفيين لأنهم باغتوا إجماع الوطنيين المصريين بالانشقاق بعدما كان هناك اتفاق بين 38 فصيلاً سياسياً على توحيد الجهود ولم الشمل... وإذا كنت أقول مع سبق الإصرار والترصد، ذلك لأن تبريرات زعماء الحركات الإسلامية والسلفية التى صرحوا بها فى الإعلام مساء ذلك اليوم بأنهم لا سيطرةلهم على الجموع التى ساقوها وحشدوها كانت تبريرات واهية هزيلة تتناقض مع الواقع والأدلة فكل شئ كان منظماً سلفاً سواء إطلاق الهتافات الدينية أو رفع الأعلام العنصرية أو البيانات المطبوعة التى تم توزيعها فى الميدان!!!
وفى ضوء ما أعلنته الفصائل السياسية ظهر ذلك ذلك اليوم أن 33 فصيلاً من أصل 38 انسحب من الميدان اعتراضاً على نقض الاتفاق من جانب الإسلاميين والسلفيين، أما فى البيان الذى تم توزيعه بواسطة الفصائل الخمسة الباقية وهو يحمل شعارات هذه الفصائل وهى:
- الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح
- الإخوان المسلمون
- الدعوة السلفية
- الجماعة الإسلامية
- جبهة الإرادة الشعبية
من يقرأ البيان الذى جاء عنوانه »لماذا جمعة 29 يوليو؟« يجد أنه يكرر المبادئ التى يقرها الجميع فيما يخص التضامن مع مطالب أهالى الشهداء، والتضامن مع حقوق المصابين فى العلاج والتكريم، والمطالبة بمحاكمات حقيقية للفاسدين، وإعادة روح الثورة وتوحيد المصريين وتفويت الفرصة على من يريد شق الصف الوطنى (وهنا دعونى أتوقف لأسجل أن »شر البلية ما يضحك« فها هو البيان الذى طعن الإجماع الوطنى فى الظهر يتحدث عن توحيد المصريين وعدم شق الصف الوطنى!!!)، ثم يمضى البيان ليسجل رفض الوصاية من أية جهة على الشعب واختياره الحر، وأخيراً رفض وثيقة المبادئ الحاكمة للدستور باعتبارها مصادرة لحق الشعب فى وضع الدستور الجديد.
للأسف الشديد أن هذه الفصائل الخمسة التى أصدرت ووزعت البيان اغتصبت لنفسها حق التعبير عن جموع المصريين وادعت الحرص على مصالحهم دون سائر الفصائل الأخرى الثلاثة والثلاثين، فكأن هذه الفصائل الخمسة بصوتها العالى وبهتافاتها وأعلامها العنصرية تحولت فجأة لتمثيل سائر المصريين واحتكرت وحدها حمايتهم من سلب إرادتهم أو فرض الوصاية عليهم... هكذا اعتقد أصحاب الصوت الزاعق أنهم يستطيعون تزييف الواقع والانفراد بالذور عن الشعب إزاء المؤامرات التى تحاك له!!!
ولكن ما هى المؤمرات التى تدبرها الفصائل الوطنية الثلاثة والثلاثين والتى تحاول بها اختطاف إرادة الشعب المصرى وتضليل وخداع جموعه، والتى استوجبت أن تهب الفصائل الخمسة مرتدية رداء المنقذ المصلح؟!!... إنها مؤامرات الحديث عن المواد الحاكمة للدستور فى شقيها: الأول الذى يخص معايير اختيار الجمعية التأسيسية التى ستتولى صياغة الدستور، والثانى الذى يخص المبادئ الأساسية الواجب تضمينها الدستور لتعبر عن توافق الأمة وصيانة حقوق جميع أبنائها... فهى تلك المبادئ الحاكمة شر يحيق بالمصريين يستوجب إنقاذهم منه؟...
الحقيقة أن من يطلع على الجهود الدؤوبة المخلصة التى بذلتها الجماعة الوطنية بفصائلها المختلفة خلال الأشهر الأربعة الماضية فى مناقشة وصياغة وتشكيل مبادئ الدستور وطرحها للنقاش العام ومراجعتها بناء على ردود الأفعال التى عبرت عنها شتى شرائح المصريين، لا يمكن أن يفوته ذلك العمل الوطنى المخلص ولا يمكن أن يتبادر إلى ذهنه أن هناك نوايا مبيتةلمصادرة إرادة الشعب فى هذا الخصوص... وكذلك من يطلع على تشريح الجماعة الوطنية للعناصر والخبرات الواجب دعوتها لعضوية الجمعية التأسيسية المنوط بها كتابة الدستور لا يمكن أن يفوته حرص هذه الجماعة على أن يكون تمثيل جميع المصريين بسائر تنوعهم واضحاً ومتوازياً فى تلك الجمعية.
إذاً ما هذا الاتهام الجائر الذى تروجه مجموعة الفصائل الخمسة المنشقة عن الإجماع الوطنى فى جمعة 29 يوليو الماضى؟... ولماذا تصر على تشويه ذلك الجهد وتضليل البسطاء لمجرد أنهم لا يعرفون؟... وما المصلحة فى اختطاف الدستور ومن سيكتبه لحساب مجموعات محددة أعلنت عن أجنداتها الخاصة جداً التى تبتعد كثيراً بمصر وطموحات المصريين فى دولة مدنية ديموقراطية حديثة؟... كل هذه الأسئلة لا تكمن إجاباتها فى الانزلاق فى معارك كلامية أو تراشق لفظى مع هؤلاء، إنما فى تسليط الضوء على ما أنجزته الجماعة الوطنية فى إطار الوثيقة التوافقية للمبادئ الدستورية الأساسية، ومعايير اختيار اللجنة التأسيسية، حتى يعرف القاصى والدانى من الذى يبغى لمصر خيراً ومن يضمر لها شراً... فإلى اللقاء حول قراءة فاحصة فى هذا الخصوص.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com