بقلم :شاكر فريد حسن
شاكر فريد حسن ثلاث سنوات مضت على رحيل فارس القلم وامير الكلام ولاعب النرد ، شاعر فلسطين الكبير محمود درويش ، الذي تركت اصالته الوطنية بصماتها وآثارها على اصالته الشعرية والنثرية المتفردة والمتميزة . فكان موته خاتمة لاطول قصيدة واجمل معلقة لم يكتبها في حياته. ومنذ رحيل درويش لم يتوقف البكاء والندب ولم تنقطع كلمات التأبين والمواساة ، التي جعلت منه \"ايقونة\" و\"قديساً\" و\"نبيا\" يقف في مصاف القديسين والانبياء . وتحوّل الحب له الى عشق جنوني قاتل ومدمر ، وهو الذي كان يكره التقديس ويمقت عبادة الشخصية ، ولا تزال صرخته المعروفة \"انقذونا من هذا الحب القاسي\" تجلجل في السماء وتدوي في الآذان .
محمود درويش ليس بحاجة للرثاء ولا البكاء بعد هذه السنوات ، فهو اكبر من الدمع وكلمات التأبين ، وليس بحاجة الى هذا التعظيم والتقديس . فقد غاب جسداً وبقي روحاً وفكراً وشعراً وقصيدة ، وظل تراثه الادبي المكتظ بالرؤيا الناجزة والايقاع العالي. انه يحتاج مجدداً الى الغوص العميق في عالمه الشعري والنثري الواسع ودراسة تجربته الادبية الثرية ، واسلوبه الشاعري وخصائصه الفنية الجمالية ومضامينه المختلفة ، واثاره الشعرية والنثرية تحتاج الى المزيد من الدراسة الواعية والمعالجة النقدية والبحث العلمي والاكاديمي الموضوعي. اخيراً ، وامام هذا السيل الجارف من المراثي والبكائيات فان محمود درويش يصرخ من قبره :كفى للرثاء ، كفى لهذا العشق الهستيري،فقد مللت من كلمات الندب والصراخ ، ومن هذا التقديس والتبجيل ، واصلوا الحياة فان \"على هذه الارض ما يستحق الحياة\".
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com