ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

الحرب الباردة بين البابا والمرشد

| 2011-07-21 22:49:25

علاقة عداء تاريخية أشبه بالحرب الباردة.. سنوات من الجمود البارد بين المقر البابوي ومكتب الإرشاد، وتاريخ لا يلتقي طرفاه إلا نادراً جداً ، رغم التصريحات الناعمة، والتطمينات التي لا تستطيع تهدئة القلق الراسخ في النفوس.

قبل الثورة.. كانت هناك أحداث وثوابت فرضها نظام الحكم السابق، فلم يكن الطرفان في حاجة إلي التقارب الظاهر، أو الصدام الواضح.

.. لكن بعد الثورة.. تغير الميدان. وأصبح علي الجميع أن يعيد حساباته، وربما يعيد أفكاره نفسها.

أصبحت هناك مساحة للتقارب فرضتها حسابات اللحظة..

لكن سرعان ما تلاشت هذه المساحة تحت أقدام الصقور في الكنيسة الذين رفضوا نسيان الماضي، والقفز إلي المجهول.

فطبقاً للكنيسة أو اعترافاً من خيرت الشاطر نائب المرشد، فإن محمد بديع المرشد العام للجماعة طلب زيارة البابا شنودة الثالث بطريرك الكرازة المرقسية وبابا الإسكندرية..

لكن الكنيسة رفضت بشكل غير مباشر.. وهو ما نفاه المتحدث الرسمي للجماعة محمود غزلان.

وبالتالي.. فسواء كانت هناك زيارة مرفوضة، أو لم يطلب مكتب الإرشاد الزيارة أصلاً، فإن الواقع يقول باستمرار الحرب الباردة بين الجانبين.
 
الكنيسة رفضت استقبال «بديع» تحت ضغط الشباب وأقباط المهجر

«إلي أجل غير مسمي».. عبارة أعادت علاقة الكنيسة بالاخوان الي النقطة صفر، وأذنت بانتهاء فصل الربيع الذي لم يبدأ أصلاً بين القوتين الناعمتين، ليتبخر حلم الجماعة بإذابة الجليد بين المقر البابوي ومكتب الارشاد.

«إلي أجل غير مسمي».. توصيف أطلقته الكنيسة، بعد 4 أشهر من التفكير في طلب المرشد العام محمد بديع لقاء البابا شنودة الثالث، مسبوقاً بـ «التأجيل» غير محدد المدة.

وبعد سحابة من قبول اللقاء لاحت لفترات قليلة داخل سماء الكنيسة القبطية، تبناها جناح من الأساقفة إلا أنها غادرت المقر البابوي سريعاً، بعدرياح عاتية من الرفض، ورسائل تحذير من انعقاد اللقاء التاريخي، من شباب الأقباط وجناح هو الأقوي من الأساقفة داخل المجمع المقدس.

أربعة شهور من الانتظار قضاها مكتب الارشاد والمقر البابوي لقياس الرأي العام القبطي بين الحين والآخر.

وتم استطلاع انطباعات القيادات القبطية «العلمانية» تحديداً، عبر اعلان موافقة البابا علي اللقاء تم تسريب ذلك لوسائل الاعلام، لينتهي الأمر الي تأجيل غير معلوم، يتوسطه تصريح للبابا في احدي عظاته ان الحديث بينه وبين المرشد كان «عاطفيا» إبان مكالمة هاتفية مع الاخير، رداً علي برقية تهنئة بعودة «البطريرك» سالماً من رحلته العلاجية في مارس الماضي.

وهذا التصريح والبرقية التي سبقته كان الهدف منهما وفقا لـ «محللين» كسر الحاجز بين الكنيسة والجماعة.

رحلة البابا شنودة العلاجية في مايو الماضي فتحت الباب علي مصراعيه امام المرشد لارسال طلب رسمي للقاء البابا.. لكن رياح الكنيسة أتت بما لا تشتهيه سفن مكتب الارشاد.

وثمة أسباب غير معلنة رسمياً من المقر البابوي، تقف خلف قرار التأجيل المفاجئ، لكن إخفاءها الرسمي، لم يمنع كبارالمفكرين الاقباط، وثيقي الصلة بالكنيسة من تشريحها، والكشف عن بواطن الرفض القاطع للقاء التاريخي بين المرشد والبطريرك.

فيما أصر فريق آخر من الاساقفة علي التزام الصمت مكتفين بـ «اجابة دبلوماسية» حول اسباب الرفض تتلخص في ان البطريركية وحدها تعلم التفاصيل».

لكن رابطاً ضمنياً جمع بين الفريقين ويتلخص في رفض التواصل مع الجماعة بحجة أنها لم تغير ايديولوجياتها، من ناحية النظرة الي الاقباط وحقوقهم في الترشح للرئاسة من ناحية، ثم خطابهم الذي بدا «سلطويا» في أعقاب ثورة 25 يناير.

أغرب ما في المشهد هو ذهاب بعض السياسيين الأقباط الي أن الكنيسة والجماعة اتخذا موقفا متشابها من الثورة المصرية يكمن في «الصمت» ولكليهما مآرب أخري في هذا الصمت، لكن الكنيسة عند الاقباط فقدت دورها السياسي، بعد رحيل النظام السابق والذي كان بالنسبة لها حليفاً بشكل غير مباشر، الي جانب رغبة شباب الاقباط في قصر دورها علي الجانب الروحي حتي لا يستمر اختزال الأقباط في «شخصية البابا شنودة».

ويبطل العجب من قرار الكنيسة بالرفض المنمق بعبارة «التأجيل لأجل غير مسمي»، عند جمال أسعد المفكر القبطي وعضو مجلس الشعب السابق فالمفكر القبطي يري ان الرأي العام القبطي تأثر ولا يزال بممارسات اقباط المهجر ضد «الاخوان المسلمين» بعد قناعة مستقرة لدي منظمات المهجر عقب الثورة تأتي في «صعود متوقع للجماعة في الشارع المصري» وهو ما يعتبرونه وفقاً لـ «أسعد» قضيتهم الاولي التي تستحق الحشد الاعلامي والشعبي داخل الوسط القبطي ضد الجماعة.

عطفاً علي ما سبق، أراد البابا شنودة الثالث ان يزيح عن كاهله عبء الدخول في مصادمات مع «أقباط المهجر» وأتباعهم في الداخل، فجاء قرار بالغاء اللقاء.

ليس هذا قطعاً السبب الوحيد في «قرار البابا» خاصة وهو معروف بسيطرته علي الوسط القبطي وانما طبقاً لـ «أسعد» يبدو اللقاء بين الجانبين خالياً تماما من مكاسب ملموسة بالنسبة للكنيسة.. هذا الي جانب تصور يسيطر علي تيار واسع من الاقباط والاساقفة، يأتي في أن زيارة المرشد للمقر البابوي، من شأنها إحداث زخم قوي للاخوان في الشارع المصري.

وعند المفكر القبطي، السياسة ليس فيها «إغلاق أبواب» لأجل غير مسمي، لكن هناك متغيراً حقيقياً بعد 25 يناير يؤكد انحسار سلطة البابا، باعتبار ان موقفه من الثورة لم يكن إيجابيا لافتا الي أن اللقاء قد ينعقد عندما تسمح الظروف. لكنه لن ينعقد قبل الانتخابات البرلمانية.

علي النقيض تماما جاء تفسير مايكل منير رئيس منظمة اقباط الولايات المتحدة الأمريكية للقرار، لافتا الي أن «رؤية الاخوان» ومرجعيتهم هي سبب رئيسي لـ «رفض الكنيسة» الي جانب التأثير السياسي للأحداث.

لم يستبعد منير أن يكون الاخوان قاموا بالتسويق للقاء في حال انعقاده، داخل القري والنجوع، باعتبار ان رأسي الكنيسة والمرشد، بينهما كثير من المودة، للتأثير علي الشارع السياسي وحصد الاصوات الانتخابية.

رئيس منظمة اقباط المهجر، قال إنه ليس هناك مشكلة علي الاطلاق اذا كان الطلب مقدماً من رئيس حزب الحرية والعدالة باعتباره فصيلاً سياسيا لكن طلب المرشد لن يتم قبوله إلا بعد مراجعة فكرية.

من جانبه تطرق هاني الجزيري منسق حركة اقباط من أجل مصر الي رؤية «مراجعة فكرية للجماعة» كشرط لانعقاد اللقاء، لافتاً الي أن السبب الرئيسي في رفض الكنيسة هو تأكد قيادتها من ان طلب اللقاء ليس سوي «مناورة سياسية» لتحسين صورة الجماعة لدي الكتلة القبطية، معللاً رؤيته بانقطاع الصلة بين الاخوان والكنيسة علي مدار السنوات الماضية، سواء من ناحية طلب «لقاء البابا» أو وجود مجاملات بين الجانبين.

وبطابع ثوري كشف رامي كامل منسق اتحاد شباب ماسبيرو أن ضغوط الشباب القبطي وحدها كانت سبباً رئيسياً في «تأجيل اللقاء» الي أجل غير مسمي، مشيراً الي أن سكرتارية البابا لا تعبر عن رأي الكنيسة في سياق تسريبات خرجت بـ «اقتراب اللقاء بين المرشد والبطريرك».

ويستطرد قائلا: البابا لا يريد أن يتورط سياسياً، بعد تأكده ان شباب الأقباط ضد الاخوان، حتي لو حكموا مصر.

كلاسيكية الرؤية لـ «قرار البابا» يعكسها كمال زاخر منسق جبهة العلمانيين الأقباط، في قوله «أن المرشد طلب أن يلتقي البابا شنودة علي المستوي الشخصي، وبالتالي للطرفين الحق في تحديد الموعد، والقبول والرفض» نافيا وجود بعد سياسي للقاء ومطالبا بعدم اعطائه أكبر من حجمه.

ثم ارتداداً الي «دبلوماسية» القول يقطع الأنبا بسنتي أسقف حلوان والمعصرة صمت الأساقفة قائلا: «أنا لم أسمع عن موعد اللقاء»، ولم يحدث ان تقدم الاخوان بطلب رسمي.

وحول عبارة «التأجيل الي أجل غير مسمي» قال الاسقف اسألوا فيها من قالها، لافتا الي أن البطريركية هي جهة الاختصاص.

عبد الوهاب شعبان

«الشاطر» يؤكد الزيارة.. و«غزلان» ينفي.. والإخوان في ورطة
حالة من التضارب انتابت قيادات جماعة الإخوان المسلمين بعد قرار الكنيسة تأجيل الزيارة المرتقبة للمرشد العام للجماعة محمد بديع إلي البابا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، فبخلاف رفض عدد كبير من قيادات الجماعة التحدث بدعوي وجود متحدث إعلامي، فقد تضاربت تصريحات المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام مع الدكتور محمود غزلان المتحدث الرسمي باسم الجماعة.

فمن جانبه كشف المهندس خيرت الشاطر أنه كان هناك بالفعل موعد محدد من قبل أحد رجال الكنيسة رافضاً الإفصاح عن اسمه.

وأضاف أنه كان ضمن الوفد الذي سيذهب للكنيسة فور تحديد الموعد، ولم يعلم حتي الآن بإلغاء الموعد.. وأنه لا يستطيع الرد علي ما يثار إعلامياً لأن الكنيسة لم تبلغهم بإلغاء الزيارة رسمياً.

وحول العلاقة بين الإخوان والكنيسة، فقد أكد الشاطر «أنها أكبر من أي حاجة»، وأن هدف الزيارة لم يكن لطمأنة الأقباط.

أما الدكتور محمود غزلان عضو مكتب الإرشاد والمتحدث الرسمي، فقال تعقيباً علي ما تردد بشأن إلغاء الكنيسة اللقاء المنتظر بين المرشد والبابا أنه لم يكن هناك موعد من الأصل حتي تؤجله الكنيسة!

وأوضح غزلان أن ما حدث تحديداً هو أنه عقب انتهاء أحد اللقاءات الجماهيرية في إحدي محافظات الصعيد طلب عدد من الأقباط الموجودين باللقاء من بديع ضرورة ترتيب لقاء يجمعه بالبابا الذي كان متواجدًا وقتها بالولايات المتحدة الأمريكية لإجراء الفحوصات الطبية الدورية.

فطلب منهم المرشد أن يتولوا الإعداد للقاء بعد عودة البابا.. وأنه لن يتأخر عن زيارته إذا ما تم ترتيبها.

ورفض «غزلان» الاتهامات التي دائماً ما توجه للجماعة بالاستغلال السياسي للقاءاتها بقوي المجتمع قائلاً: نحن الآن لا نتطلع لأي مكسب شخصي من أي نوع، ولا شأن لنا بما يرددون. فنحن أكبر من تلك الاتهامات.

وأضاف: أن الجماعة لا تستغل زياراتها للكنيسة للطمأنة، خاصة في ظل رسائل الطمأنة العديدة التي وجهتها الجماعة للجميع بعدم الدفع بمرشح للرئاسة أو دعم أي مرشح يخوض انتخابات الرئاسة.. وكذلك المنافسة علي ثلث مقاعد البرلمان فقط.

وأشار «غزلان» إلي أن الزيارة للبابا تكون في الغالب لعيادته بعد مرضه، أو لتهنئته بعد العودة من الخارج.

ربما الحقيقة التي لم يقلها طبقاً لمصادر أن الكنيسة رضخت لضغوط أقباط المهجر الذين لا يريدون للإخوان أي وجود، ويصرون علي مواصلة إظهار الجماعة علي أنها الفزاعة بمثل ما كان يردده الحزب الوطني المنحل. ورفضت المصادرتسمية تأجيل اللقاء بـ «الضربة القوية» لترتيبات الإخوان قبل الانتخابات المقبلة، قائلة إن الإخوان ليسوا خاسرين من تأجيل اللقاء أو حتي إلغائه نهائياً.

ودللت المصادر علي محاولاتها دمج الأقباط معها بما حدث في الانتخابات الأخيرة بنقابة الصيدلة، حيث جرت محاولات مع عدد من المرشحين الأقباط لخوض الانتخابات علي قوائم الإخوان، إلا أنهم رفضوا.

فما كان إلا إم اكتسحت قائمة الإخوان الانتخابات بنسبة 100٪ علي مستوي الجمهورية ودون الأقباط.
 

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com