أول رسالة دكتوراة عن المناظر الطبيعية والدينية والرمزية فى التصوير القبطى
الفنان القبطي متعدد المواهب سابق لعصره رغم بساطة الخطوط
كتبت: ميرفت عياد
الموضوعات التي تناولها الفنان القبطي تتميز بالتنوع، من حيث موضوعاتها ومن حيث المواد المستخدمة، ولجأ الفنان القبطي في بداية الأمر إلى الرمزية لخدمة الديانة الجديدة، كما كان الفنان القبطي متعدد المواهب سابق لعصره، رغم بساطة الخطوط، إلا أنه كانت له بصماته المميزة، وكان فنه الفطري هو أفضل مايميز موضوعاته.
من هذا المنطلق حصل الباحث "جمال هرمينا بطرس" على مرتبة الشرف في أول رسالة دكتوراة عن المناظر الطبيعية والدينية والرمزية في التصوير القبطي، وهي دراسة فنية تحليلية مقارنة بين الفن المصري القديم والفن القبطي والإسلامي، وأشرف على هذه الرسالة الأستاذة الدكتورة "تحفه أحمد حندوسه" -أستاذ الآثار المصرية بجامعة القاهرة- والأستاذ الدكتور "حمود إبراهيم حسين" -أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة، ورئيس قسم الآثار الإسلامية سابقًا.
وانقسمت الدراسة التي تقع في حوالي 950 صفحة إلى قسمين رئيسين؛ القسم الأول هو الدراسة الوصفية التي انقسمت إلى أربعة أبواب؛ هم المناظر المنحوتة على الأحجار، المناظر على الرسوم الجدارية، المناظر داخل المخطوطات، المناظر المرسومة على الفخار والمحفورة والمرسومة على الخشب، أما القسم الثاني فقدم النتائج التي عالجها القسم الأول.
تزاوج الفن المصري القديم باليوناني
وتشير الدراسة الى إمكانية تقسيم مراحل الفن القبطي إلى ست فترات زمنية، حيث تترواح كل فترة ما بين المائتين والخمسمائة عامًا ولكل فترة ما يميزها، وتقع القترة الأولى منذ القرن الثالث قبل الميلاد وحتى القرن الأول الميلادي، حيث تزاوج الفن المصري القديم واليوناني، وتشهد على هذا مقبرة "بادي أوزير" الواقعة في "تونا الجبل" التابعة لمنطقة "ملوي" بمحافظة "المنيا"، كما تشابهت طرز المقابر المعمارية مع المقابر اليونانية كما الحال في مقابر المزوقة بالواحات الداخلة، غير أن الموضوعات غلب عليها طابع الفن المصري القديم، كما أضاف الفنان بعض الرموز الدينية اليونانية، كما في مقابر كوم الشقافة، أما الفترة الثانية فتقع منذ القرن الأول الميلادي وحتى الثالث، ويتميز فن هذه الفترة أن الفنان لم يتخلص نهائيًا من التأثيرات المصرية القديمة فيما يخص العقيدة، وقد ظهر ذلك جليًا في شواهد قبور منطقة أبو بللو.
رسوخ العقيدة المسيحية
وتقع الفترة الثالثة منذ القرن الرابع الميلادي إلى السابع، حيث رسخت العقيدة المسيحية في أرجاء المسكونة، وسرعان ما دب الاختلاف بين الشرق والغرب، مما أدى إلى انشقاق الكنيسة إلى كنيستين شرقية وغربية، وسرعان ما استخدم طرفا النزاع كل أشكال الفنون للتعبير عن المذهب الديني المنتمي له، وكان لهذا انعكاس على الفن المصري المسيحي القبطي الذي سخر لخدمة العقيدة، واعتبر منذ ذلك التاريخ فنًا دينيًا، أما الفترة الرابعة فتمتد منذ القرن السابع الميلادي إلى العاشر، نظرًا للتحول في السياسات من الدولة البيزنطية الحاكمة والمتحكمة في السياسة والدين إلى الدولة الإسلامية الفتية والدين الجديد، وتغيرت الظروف السياسية والاقتصادية وهذا ما انعكس على الفن.
الدولة الإسلامية وملامحها الفنية
وتمتد الفترة الخامسة منذ القرن الميلادي الحادي عشر الميلادي إلى السادس عشر، حيث استقرت الدولة الإسلامية واتضح ملامح خطوطها الفنية، وكانت الدولة الإسلامية تحرم التصوير الآدمي وخاصة الأنبياء، فجنح الفنان القبطي إلى تصوير الموضوعات التي تكثر فيها الأشكال النباتية والحيوانية والهندسية، ورغم ذلك لا نستطيع أن نجزم بأن الحالة العامة كانت إنتاج هذا الفن بهذا النوع من الزخارف، وجاءت المرحلة السادسة والأخيرة، والتي تقع منذ منتصف القرن السادس عشر إلى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، وهي الفترة التي شملت حكم الدولة العثمانية وأسرة "محمد علي"، وكانت الأوضاع السياسية غير مستقرة وانعكس ذلك على الفن، إلا أن الفنان القبطي برع في تحويل قصص الكتاب المقدس إلى لوحات فنية.
الرمزية في الفن القبطي
وتؤكد الدراسة على أن الفنان القبطي جنح إلى الرمزية، وتناولها بأسلوب مغاير تميز بالاعتدال والبعد عن المبالغة، كما أن بداية التحول للفن القبطي كانت منذ القرن الثاني قبل الميلاد، كما شهدت بذلك شواهد قبور منطقة أبو بللو، والتي غلب عليها التأثيرات المصرية القديمة، حيث استخدم الفنان القبطي علامة "العنخ" المصرية القديمة بديلًا للصليب، ووضع بها ضفيرة الشعر الخاصة بالطفل "حورس" وأطلق على هذا الشكل صليب الابن اللاهوتي، وهذا لم يرد في الفنون المسيحية الأخرى.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com