بقلم : د.فكرى بجيب أسعد
لقد أنتقل القديس العظيم القوى الأنبا موسى الأسود من خلال باب التوبة من أقصى اليسار حيث اللهو والشراسة والقسوة إلى أقصى اليمين حيث البر والتقوى والأبوة الحانية، وبدل أن كان سبب سقوط وهلاك الكثيرين صار مثالاَ حياَ ونموذجاَ صالحاَ ومصدر قوة وبركة لهم. بالتطلع إلى السيرة العطرة للقديس موسى الأسود يجد كل إنسان فى هذا الجيل مهما بلغ من القامة الروحية نقطة بداية له ينطلق منها فى تغيير إلى ما هو أفضل وأقوى.
عاش موسى الأسود فى بداية حياته عبداّ وثنياَ لرجل مصرى غنى، رئيس قبيلة تعبد الشمس، ولما رأى سيده أنه شرير بسلوكه الغير مستقيم ولبطشه بالعبيد رفقائه الشريرعاقبه بقسوة. وعندما لم يجد نفع من العقاب طرده من خدمته.
صار موسى بعد ذلك لصاَ وقاطع طريق وأختاره رفقائه – وكان عددهم سبعين – رئيساَ عليهم لأمتيازه عليهم فى السرقة والشر. ويقال عن موسى الأسود بأنه قتل حوالى مائه شخص، وأنه لا يعطى للقيم الأخلاقية أى أعتبار، وأنه لا يوجد خطية الا وفعلها، وكان مخيفاَ ومرعباَ طويل القامة جداّ وعريض فى جسد قوى، يثير الخوف والرعب لمن يتقابل معه، وكان يعتمد على قوة ذراعه التى كانت أقرب إلى الوحوش الكاسرة عن قوة إنسان فى تحقيق مطالبه الشريرة، وكان يفرط فى الأكل والشرب والسكر، وكان يطلق عليه : " وحش الجبل " أو " الشيطان الأسود " أو " رعب المنطقة ".
ترك لنا التاريخ حادثة من الحوادث التى توضح مقدار قوته الجسدية وقسوته وشراسته التى مر بها فى حياته الأولى. فتشيرالحادثة بأنه : فى أحدى غزواته نبحت كلاب راعى بالمنطقة وراءه، فأغتاظ فى نفسه، وأضمر له الشر، فلما سمع أن الراعى يرعى على الشاطىء الآخر لنهر النيل، أسرع فخلع ملابسه ووضع سيفه بين فكيه وعبر مياه النيل بسرعة خارقة. لما رآه الراعى فى هذه الحالة فزع جداَ، وولى هارباَ وأختفى بين الحقول. وإذ لم يستطع موسى أن يفتك به، قام فاختار أربعة من أجود الخراف وذبحها، ثم ربطها بحبل راجعاَ من حيث أتى إلى الشاطىء الآخر وهو يسبح جاراَ أياها وراءه .ولما بلغ الشاطىء سلخها وأكل ما استطاب له منها، ثم باع البقية وأشترى بثمنها خمراَ وعاد إلى رفقائه فى اليوم التالى بعد أن فاق من سكره.
أن الكنيسة لا تهدف من ذكر خطايا الأنبا موسى الأسود وغيره من الخطاه الذين تغيروا عن شكلهم وصاروا قديسين الإساءة والتشهير بهم وإدانتهم على خطاياهم، بل لإبراز محبة الله القوية فى تغييرهم إلى الأفضل ولتكريمهم على جهادهم فى التحرر من عادات رديئة أستعبدتهم، هذا بالأضافة إلى رغبة الكنيسة فى أن تضعهم نماذج حية أمام من رفضوا التوبة فى يأس. ولا يغيب عن ذكرنا هنا بأن الكتاب المقدس ذكر لنا سقوط داود النبى وشمشون وبطرس الرسول الذى أنكر السيد المسيح، للتشجيعنا على التوبة والنهوض من سقطاتنا للوصول بالتغيير إلى الأفضل الذى يريده الرب لنا .
يتسائل القديس يوحنا ذهبى الفم عن الذين سلكوا فى الطريق الذى سلكه موسى الأسود قبل توبته : " إذا رأيتم رئيس عصابة من اللصوص يقطع الطريق، ويكمن للمسافرين، ويسرق من الحقول، مخبئاَ فى حظيرته قطعاناَ كبيرة من الحيوانات ومقتنياَ العديد من الملابس من قطعه للطرق. أخبرونى : هل تدعون ذلك الرجل محظوظاَ وسعيداَ بسبب ثروته ؟ أم تدعونه سىء الحظ وتعيساَ بسبب العقاب الذى ينتظره ؟ " ثم يقول القديس يوحنا ذهبى الفم : " كثيراَ ما يستطيع اللصوص الهروب من إيدى الناس، أما من يد الله فلا يمكن لأحد أن يفلت من دينونته ".
الأنبا موسى الأسود وخطوات التوبة :
لقد مر الأنبا موسى الأسود بهذه الخطوات التى مر بها الأبن الضال :
1- الأحتياج إلى الله :
لقد كان الأنبا موسى الأسود وثنياَ لا يوجد إله يشبعه، ينظر إلى الشمس يجدها تشرق فى الشرق، وتغيب فى الغرب. والقمر يكمل فى وقت، وينقص فى وقت آخر. والنجوم تظهر فى وقت الليل، وتغيب وتختفى فى النهار. ومطر وسحاب فى الشتاء، وقيظ وحرارة فى الصيف. وتشير أحد المخطوطات أنه كان يناجى الشمس ذات مرة قائلاَ : " أيتها الشمس إذا كنت انت الإله الحقيقى فعرفينى، وأنت أيها الإله الحقيقى الذى لا أعرفه، عرفنى ذاتك " ، فسمعه أحد المزارعين الذين كانوا بالقرب منه فأرشده إلى رهبان برية شيهيت قائلاَ : " أنهم يعرفونك بالإله الحقيقى " لعل هذا المزارع المسيحى الفقير الذى لا يخاف أن يتواجد بالقرب من إنسان وحشى، قد رفع صلاه أمام الله من أجل توبة موسى، فاقتدرت كثيراَ فى فعلها باستجابة الله لها، وباتاحة الفرصة له أن يتقابل مع موسى، موجهاَ أياه إلى الأباء الرهبان الذين يصلون أيضاَ من أجل توبة الخطاه، فكيف يسمع الأباء الرهبان عن خطايا موسى – رعب المنطقة ووحش الجبل – ولا يصلون من أجل توبته ؟ .
حول أهمية الصلاه فى تغيير النفوس يقول القديس يوحنا ذهبى الفم : " الصلاه تحول القلوب اللحمية إلى قلوب روحانية ، والقلوب البشرية إلى قلوب سماوية " .
أن الأحتياج إلى الأب والجوع والعطش إلى البر هما لخطوة الأولى التى يدخل منها جميع التائبون إلى التوبة، فالأبن الضال بعد أن بذر ماله بعيش مسرف مع أصدقاء السوء، والذى كان الأب ينتظر رجوعه بين لحظة وأخرى، " أبتدأ يحتاج " ( لو 15 : 14 ).
2- الرجوع إلى النفس :
ذهب موسى إلى رهبان برية شيهيت متشوقاَ أن يعرف الإله لحقيقى، فتقابل مع القديس إيسيذورس قس الأسقيط، فخاف منه حيث كان شكله مرعباَ فسأله القديس : " ماذا يريد من أناس بسطاء يعيشون على الكفاف ولا يطلبون سوى خلاص نفوسهم ؟ أجاب موسى : " لقد عرفت أنك صالح فأتيت إليك لترشدنى كيف أكون صالحاَ مثلك، وأن تعرفنى الطريق إلى الله ؟ ".
فلما رأى القديس إيسيذورس مدى صدقه فى طلب التوبة، أخذ يكلمه كثيراَ عن الله والدينونة التى لا مفر منها، وجهنم الأبدية وعذاباتها المرعبة. ثم تركه القديس مع نفسه فى هدوء لمحاسبتها فى ضوء كلم الله التى كلمه بها.
ياللقوة العجيبة التى لكلمة الله الحية التى لا ترجع فارغة، والقادرة على تغير وتجديد أذهاننا وحياتنا، ما أشد تأثيرها على قلب موسى " لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذى حدين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، وميزة أفكار القلب ونياته " ( عب 4 : 12 ). كره موسى بعد ذلك حياته الشريرة وندم عن خطاياه، وبكى بدموع غزيرة طالباَ التوبة. فى هذه الخطوة للتوبة يقول الكتاب عن الأبن الضال : " فرجع إلى نفسه وقال : كم من أجير لأبى يفضل عنه الخبز وأنا أهلك جوعاَ " ( لو 15 : 17 ).
أنه لأمر حسن أن نعرف فى هذه الخطوة : ماذا فعلت الخطية من مرارة ؟ وما هى عقابها إذا عاودنا تكرارها فى إستهانة بمراحم الله وطول أناته ؟ وماذا ستفعل التوبة ؟ ... ستكون الأجابة عليها بمثابة عوامل دفع لنا لترك الخطية والحيدان عنها وعوامل جذب للجوء إلى التوبة وصنع الخير. وأن تنقية النفس من الخطايا وإقتناء الفضائل هما وجهان لعملة واحدة لا يمكن أن ينفصلا على الأطلاق، حيث تقود الواحدة إلى الأخرى. وكمال التوبة ليس فقط بالكف عن الخطايا. بل أيضاَ فى جنى ثمارها التى هى أقتناء الفضائل والحصول على البركات السمائية التى فقدناها بالخطية. ومن أقوال القديس العظيم القوى موسى الأسود فى الحيدان عن الشر بالتوبة وصنع الخير فى إستكمال التوبة :
" لنقتن لأنفسنا شوق الله، فأن الشوق إليه يحفظنا من الزنى، ولنحب المسكنة لتخلصنا من حب الفضة، ولنحب السلام لينقذنا من البغضة، ولنقتن الصبر وطول الروح لننجو من صغر النفس، ولنحب الكل محبة خالصة لكى نحفظ من الغيرة والحسد، ولنحب الأتضاع ولنتحمل السب والتعيير لنتخلص من الكبرياء، ولنكرم الجميع من كل الوجوه لكى نحفظ من الدينونة، لنرفض شرف العالم وكراماته لنتخلص من المجد الباطل، ولنستعمل اللسان فى ذكر الله، والحق لنتخلص من الكذب، ولنحب طهارة القلب والجسد لننجو من الدنس " .
3- أتخاذ القرار :
ذهب موسى إلى القديس إيسيذورس مرة ثانية باكياَ بدموع غزيرة طالباَ إرشاده وإنقاذه، ، فأخذه إلى حيث يقيم القديس أبومقار، فأخذ يعلمه ويرشده ثم منحه صبغة المعمودية المقدسة. أبتدأ موسى الأسود فى الأعتراف علناَ فى الكنيسة بجميع خطاياه وقبائحه الماضية، وكان القديس أبو مقار أثناء الاعتراف يرى لوحاَ عليه كتابة سوداء وكلما اعترف موسى بخطية مسحها ملاك الله، حتى إذ أنتهى من الأعتراف وجد اللوح أبيضاَ وهو ما يدل على صدق توبته وانه لا يجب أن يخاف من الدينونة الرهيبة التى تنتظر الخاطىء بل عليه أن ينتظر المكافآت والبركات السمائية. وانه لا يجب التعامل معه بعد توبته الصادقة كإنسان خاطىء مثقل بالخطايا.
فى هذه الخطوة التى تعد الأهم فى خطوات التوبة نجد أن الأبن الشاطرالذى ضل ورجع، لم يكن متهاوناَ مع نفسه فى اتخاذ قرار التوبة، قال " أقوم " ثم " قام " فعلاَ قال : " أقول له : أخطأت " ثم قال له " أخطأت " فعلاَ لم يحتاج الأبن الشاطر إلى إنسان يقوده إلى التوبة بل من صميم احتياجه واستجابته لصوت الله فى داخله، قدم توبة ... والأبطال من التائبين والتائبات، هم الذين صنعوا بانفسهم قرار التوبة.
أن صدق توبة القديس فى التغيير وأمانته فى كل عمل يرضى الرب المحب، وأن عمل الروح القدس النارى فى داخله، وتدريبه تحت رعاية وأرشادات أباء مشهوداَ لهم بالتقوى والقداسة، وجهاده كرجل الجهاد الحسن فى الأعمال الروحية لتعويض مافاته كانت من الأسباب الروحية القوية فى تحويله إلى إنسان قديس قوى له المكانة العظيمة جداَ فى الكنيسة، مذكوراَ على المذبح فى الصلوات، وصانع للمعجزات والعجائب، مشهوداَ له بالفضائل الروحية العظيمة وكذلك التعاليم والأقوال وقد أستحق أن تلقبه الكنيسة ب " القديس العظيم القوى ". ولمكانته العظيمة فى الكنيسة قد تم بناء كنائس باسمه المبارك فى مصر موطنه الأصلى. وأن له المكانة العظيمة أيضاَ فى الكنائس الكاثولوكية واليونانية والحبشية. وقد أقتدى به الكثيرين من خلال باب التوبة فى التحول من الشر إلى صنع الخير طالبين صلواته التى تقتدر كثيراَ فى فعلها.
قد يسمح الله المحب غافر الخطايا والذنوب أن نمر بضيقات كضيقة يونان فى حالة إستغنائنا عنه بطلب التوبة منه، حتى يجعلنا نشعر بإحتياجنا إليه. وأن الله حينما يفعل ذلك فهو يعمل لصالحنا لإعادتنا إلى الطريق الصحيح الذى سار فيه أبائنا القديسين.
أن بعض الكوارث والأزمات الطبيعية التى تحل بالعالم من فيضانات عالية وإمتناع المطر ( الجفاف ) وتقلبات المناخ والزلازل والبراكين قد تكون تأديبات من الرب للبشرية لإصلاحها، وأن التوبة هى الوسيلة الوحيدة التى تحنن قلب الله الطيب وتحرك يده بالعمل على إيقافها وترد إلينا العطايا الإلهية التى حرمنا منها بسبب خطايانا " فلما رأى الله أعمالهم أنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة ندم الله على الشر الذى تكلم أن يصنعه بهم، فلم يصنعه " ( يونان 3 : 10 ) .
عن جمال التوبة يقول أبائنا القديسين :
التوبة هى صلح ورجوع إلى الأحضان الإلهية .. أستبدال شهوة بشهوة ... التحرر من العبودية وكل رباطتها، حباَ فى فى الله واشتياقاَ إلى ملكوته ... بحر يغسل حميع الدنسين ... السقوط بين يدى الله ... شوق حقيقى لإقامة ملكوت السموات فى أعماق النفس ... هبة من الله ومنحة للخطاه تطهرهم من كل دنس وتريح ضمائرهم المثقلة بخطايهم ... ثوب البر الذى يرد الخاطىء إلى رتبته الأولى وتعيد إليه سمة أولاد الله ... إستجابة لصوت الله فى الإنسان لتتغير صورته إلى صورة خالقها ... باب الرحمة المفتوح للذين يريدونه.
ويظهر جمال التوبة أيضاَ فى التعرف على المتاعب التى تسببها الخطية. ومن متاعبها كما يشير الكتاب المقدس وأبائنا القديسين الأبرار إنها تنزع من الإنسان هدوئه " أما الأشرار فكالبحر المضطرب لأنه لا يستطيع أن يهدأ " ( إش 57 : 20 )، كما أنها تنزع منه سلامه الداخلى " ليس سلام قال إلهى للأشرار" ( إش 57 : 21 )، وتشوه صورة القداسة الأولى التى خلق عليها الإنسان ( تك 1 : 27 ) وتفقد الإنسان حياه الشركة مع الله التى تحمل السعادة الغامرة " آثامكم صارت فاصلة بينكم وبين إلهكم. وخطاياكم وجهه عنكم حتى لا يسمع " ( إش 59 : 2 )، وأن الخطية تجلب الحزن والكآبة وتورث صاحبها الخوف والأمراض وتهيج غضب الله عليه حتى يقدم توبة عنها. وإذا أرادت الأمم أن ترفع من شأنها فعليها أن تنزع منها عار فسادها " البر يرفع شأن الأمة وعار الشعوب الخطية " ( أم 14 : 34 ) وإذ لم تريد أمة أن تسلك فى طريق التوبة فليس أمامها سوى أن تنتظر الويلات من غضب الرب " ويل للأمة الخاطئة " ( إش 1 : 4 ) .
ومن نصائح أبائنا القديسين لخطاه سقطوا ثم قاموا أذكر :
+ لقد عرف الله بأن الإنسان شقى، ولذلك وهب له التوبة. فأيها الحبيب، مادمت لك فرصة للتوبة فتقدم إلى المسيح بتوبة خالصة، سارع قبل أن يغلق الباب فتبكى بكاء مراَ، فتبلل خديك بالدموع دون فائدة. أجلس وترقب الباب قبل أن يغلق، أسرع وأعزم على التوبة، فأن المسيح إلهنا يريد خلاص جميع الناس وإتيانهم إلى معرفة الحق، وهو ينتظرك وسوف يقبلك.
+ إذا طرحك الشيطان أرضاَ إلى أبعد حدود الشر فلا تستسلم له بافكار اليأس التى يطرحها لك، فأن الله قادر بالأكثر جداَ لأن يرفعك فى محبة الله ورحمته وقبوله توبتك " يرضى الرب بأتقيائه ، بالراجين رحمته " ( مز 147 : 11 )
+ إن كان الله لم يتخل عن توبة الذين سقطوا دفعات كثيرة، كالقديس الأنبا موسى الأسود، والقديس أغسطينوس والقديسة مريم المصرية، فكم بالأكثر نفسك التى سقطت فى القليل ... وأعلم أن كل خطية مهما كانت فظاعتها وشناعتها لها غفران إذا قدمت عنها توبة، فلا تستسلم لفكر اليأس ولا تستهن برحمة الله الواسعة " الرب عاضد كل الساقطين ومقوم كل منحن " ( مز 145 : 14 )
+ يسلمنا الله إلى التأديب إذا تهاونا واحتقرنا قوته على إقامتنا . والله عندما يفعل ذلك، فهو يعمل لنفعنا لكى يمنع إنحرافنا وحتى لا نمكث فى الظلام بعيداَ عن النور. فالبؤس الذى وقع فيه الأبن الضال الذى كان يشتهى أن يأكل من الخرنوب - طعام الخنازير – هو السبب وراء إعادة كرامته الأولى " لم يرضوا مشورتى رذلوا كل توبيخى ، فلذلك يأكلون من ثمر طريقهم ويشبعون من مؤمراتهم " ( أم 1 : 30، 31 )
+ إن الذى يبقى خارجاَ بعيداَ عن النور، لا يضر النور فى شىء، بل تقع الخسارة العظمى عليه بكونه فى الظلام. هكذا كل من كان بعيداَ عن الله صانع الخيرات.
+ تذكر الدينونة ومصير الذين عاشوا فى ترف وسكر بعيداَ عن الله، حيث الدود الذى لا يموت والنار التى لا تطفأ وصرير الأسنان. أذهب إلى مدافنهم وتأمل التراب الذى تحولت إليه أجسادهم التى أكلها الدود ، وتأمل الحياه الأخرى التى يذهب إليها الأبرار، فلا تستطيع لغة أن تعبر عنها، حيث الفرح والسرور والسلام فى الشركة مع السيد المسيح فى صحبة الملائكة ورؤساء الملائكة والقوات السمائية، وأعلم بأن جهنم لم تعد لنا، فلنرجع إلى الله تائبين متممين مشيئة الله الصالحة.
+ أن الشرور التى أرتكبناها لا تغيظ الله، قدر عدم رغبتنا فى التغيير، لأن من يخطىء يكون قد سقط فى ضعف بشرى، وأما من يستمر فى نفس الخطية فإنه يشوه صورة الله فيه، التى خلقها الله على صورته فى البر والتقوى والقداسة، ويبطل إنسانيته ويصير عبداَ للشيطان.
+ إن الشيطان يعرف أن الذين ارتكبوا شروراَ كثيرة، عندما يبتدئون فى التوبة يسلكون فيها بغيرة أعظم وبنشاط أعظم، ويكونون مضرب المثل لمن يسقط فى حالتهم ولمن عثروا وسقطوا بسببهم ولهذا السبب يصعب لنا الشيطان بداية الطريق وضع أمامنا العراقيل حتى نعمل معه، ونفعل ما يضاد خلاص نفوسنا، مندفعين نحو الرذيلة والسقوط المتكرر ومستعبدين لشهوات رديئة. أما إذا قدمنا توبة وجاهدنا الجهاد الحسن، نحول العار الذى يريد أن يوقعنا فيه إليه.
+ لا تعتمد على ذاتك أو على فهمك أو قوتك الجسدية فى محاربة الشياطين، بل إنسحق أمام الله، وسلم له أمرك وداوم على الاتضاع ، فأن الجهاد الروحى يستلزم أن يكون بمؤازرة روح الله القدوس.
+ الذين يريدون أن يقتنوا الصلاح وفيهم خوف الله، فأنهم إذا عثروا لا ييأسون، بل سرعان ما يقومون من عثرتهم وهم فى نشاط وأهتمام أكثر بالأعمال الصالحة .
أخيراَ إذا أردنا التغيير للأفضل فالنقارن حياتنا بحياه القديس العظيم القوى الأنبا موسى الأسود وغيره من قديسى التوبة، لنكشف عن مواضع القصور والضعف فى حياتنا لنقدم عنها توبة صادقة ولنكشف أيضاَ عن نقاط القوة فى حياتهم لنقتدى بها واثقين فى نعمة الله وإرشاد روح الله القدوس فى تغييرنا إلى الأفضل من خلال باب التوبة تلك الجوهرة الثمينة التى سعى القديس العظيم القوى موسى الأسود فى أقتنائها والتى أهلته إلى الأفضل فى أغتصاب الملكوت تاركاَ ما فى الأرض من ثروات وكنوز أرضية .
بركة صلوات القديس العظيم القوى موسى الأسود فالتكن معنا جميعاَ آمين.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com