أثار قانون دور العبادة الموحد جدلا دينيا وسياسيا في مصر، حيث اعتبر مسيحيون أن القانون يمنع إقامة الكنائس واصفين بنوده بـ«المجحفة»، كما اعتبروا تفويض المحافظين في بنائها بدلا من رئيس الجمهورية بالأمر المهين. فيما حذر علماء أزهريون من تطبيق مسافة الألف متر عند بناء دور العبادة الجديدة في المناطق التي بها ازدحام سكاني، مؤيدين حظر إقامة دور عبادة أسفل العقارات السكنية.
القانون الذي أقره مجلس الوزراء وأعده المجلس العسكري الذي يتولى إدارة شؤون البلاد عقب تنحي الرئيس المصري السابق فوض في مادته الأولى المحافظين في مباشرة الاختصاص بالترخيص ببناء دور العبادة أو هدمها أو إحلالها أو تجديدها أو توسيعها أو ترميمها، على أن يبت في طلب الترخيص خلال ثلاثة أشهر من تاريخ التقدم بالطلب، ويعتبر انقضاء المدة المذكورة دون البت بمثابة موافقة عليه. ونصت المادة الثانية من القانون على أنه يجب عند إصدار الترخيص بالبناء لدور حديثة للعبادة مراعاة أن يقدم طلب البناء مشفوعا بموافقة وزارة الأوقاف المصرية أو مسؤولي الطائفة الدينية المختصة، وأن يتناسب عدد دور العبادة لكل ديانة من الديانات المعترف بها في مصر في كل قسم أو مركز داخل كل محافظة مع عدد وكثافة السكان المقيمين بالفعل في القسم أو المركز لتلك المحافظة والمنتمين للديانة المطلوب بناء دور العبادة فيها، وألا تقل المسافة بين المكان المطلوب بناء دور العبادة فيه وبين أقرب دور عبادة مماثلة وقائمة بالفعل عن ألف متر، وألا يتم بناء دور العبادة على أرض زراعية، إلا في حالة الضرورة القصوى، وبعد موافقة وزارة الزراعة ومجلس الوزراء على تبوير الأرض الزراعية المخصصة لبناء الدور المطلوبة، وألا يتم بناء دور العبادة على أرض متنازع على ملكيتها، وألا تقل مساحة بناء دور العبادة عن ألف متر مربع، ويشترط كذلك بناء دور أرضي يخصص لمزاولة أنشطة خدمية لدور العبادة ومحل إقامة لمقيمي الشعائر.
كما حظرت المادة الثانية إقامة دور عبادة أسفل العقارات السكنية أو فوقها أو على شواطئ النيل أو الترع أو المناطق الأثرية أو التاريخية أو أي مناطق أخرى محظور البناء فيها. ونصت المادة الخامسة على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه، ولا تتجاوز 300 ألف جنيه، كل من أقام أو هدم دور عبادة أو أجرى تعديلا بها أو جددها أو وسعها أو رممها بالمخالفة لأحكام هذا القانون.
من جهته، قال القس فيلوباتير جميل كاهن كنيسة العذراء ومارمرقس بمحافظة الجيزة، إن «القانون يقلل من عدد المساجد ويمنع وجود الكنائس». ووصف بنود القانون بـ«المجحفة»، لافتا إلى أن بنود القانون تحد من إنشاء المساجد وتمنع إنشاء الكنائس نهائيا خاصة في البند الخاص بألا تقل مساحة دور العبادة عن ألف متر مربع، موضحا أن هناك أماكن كثيرة متعطشة لوجود كنيسة لا تصل مساحتها إلى الألف متر. وأضاف جميل أن «بند عدم البناء على الأراضي الزراعية صعب لأن جميع الأراضي في مصر زراعية».
وقال سامح سعد عضو المكتب السياسي بـ«اتحاد شباب ماسبيرو»: «نرفض إشراف الدولة على الكنائس، لأن المسيحيين هم من يقومون ببناء الكنائس أو تجديدها بجهودهم الذاتية من التبرعات، والدولة لا تقدم أي دعم لبناء الكنائس»، لافتا إلى أن الاتحاد يدرس بنود القانون الآن، مضيفا أن «الحكومة لم تأخذ رأينا في القانون الذي طالبنا به وقت اعتصامنا أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو)، رغم الوعود التي حصلنا عليها منها بمشاركة مسيحيين في وضعه».
ووصف سعد البند الخاص بتفويض المحافظين في إصدار التراخيص بـ«المهين»، قائلا إن تفويض المحافظين يعد استمرارا للقيود التي وضعت في الأنظمة السابقة، لأنه سبق أن أعطى رئيس الجمهورية نفس سلطات المحافظ. وأضاف «طالبنا بتشريع قانون لبناء دور العبارة، لكن الدولة فهمت مطالبنا خطأ وأقرت قانون رقابة موحدا».
وفي السياق نفسه، قال الدكتور طه أبو كريشة نائب رئيس جامعة الأزهر الأسبق، عضو مجمع البحوث الإسلامية إن «أفضل ما تضمنه القانون هو ما نص عليه من التناسب بين عدد دور العبادة وبين السكان التابعين لكل ديانة في المنطقة الواحدة»، لافتا إلى أن هذا من شأنه أن يمنع إقامة دور العبادة لمجرد الحصول على المظهر الشكلي دون أن تكون له أي صلة بمن يتردد عليها.
وأضاف أبو كريشة أن ما خصصه المشروع بشأن المسافات بين أقرب دور عبادة مماثلة وقائمة بالفعل أمر مقبول ومن شأنه إحداث تنظيم ما بين دور العبادة خاصة في الأصوات الصادرة عنها، رافضا أن تطبق هذه المساحة في المناطق التي بها ازدحام سكاني.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com