بقلم: المحامي نوري إيشوع
إلى أين الانحدار أيها الإنسان؟ إلى متى تغش، تخدع أقرب إنسان، أيها الذي تحمل صورة بشر وتحرك أعوانك في كل مكان، ماذا ينفعك التلاعب بالميزان إذا خسرت نفسك وأصبحت ثروتك بالأطنان، أيها الذي تدعي الإيمان، أصبحتما أنت والانحطاط صنوان، تشوهت صورتك ولم تستطع الانفصال عن عالم الحيوان، أيها الإنسان أصبحت سلفيًا، صلفًا، قلبك قاسٍ كحجر صوان، تقتل الخلان وتنحرهم كالخرفان وتدعي الإيمان وأنت في الحقيقة، لستَ إلا جندًا أمينًا للشيطان، تلعب بالنيران وتتحول إلى ذئبٍ ضارٍ في أغلب الأحيان لتنهش بأجساد أبناء و بنات ابن الإنسان!
في شتاء كندا القارس، و زمهريرها البارد، وثلوجها المتراكمة بالأمتار في الشوارع وعواصفها التي تلفح الوجه بصقيعها وترافق الناس كأنها طير جارح، تلازمنا ولا تبارح، ناهيكم، عن درجات الحرارة الهابطة لأكثر من ثلاثين درجة مئوية تحت الصفر، في كل صباحٍ باكر، وأنا في طريقي من المنزل إلى العمل، وطوال مشواري اليومي، ينتابني شعور غريب، وتسيطر على كياني غيمة ضبابية، وأنا أشاهد مناظر آدمية، درامية تذكرني بالسلفيين والسلفية، أناس ليسوا في الحقيقة أناسًا ولا تهمهم لا من بعيد ولا من قريب مذابح الأبرياء من الأساس: شابة في مقتبل العمر تجر وراءها كلبًا جميلًا، تحكم عليه من خلال لباسه وقصة شعره، ورائحة عطره وجماله بأنه من أفضل الأجناس، أو بالأحرى تراها تتبعه وهي ترتجف من البرد، دون تذمر أينما ذهب وتوجه لأنه في فسحة صباحية لقضاء حاجة يومية، اضطرارية وهي تحمل في إحدى يديها حبل التحكم، و في اليد الأخرى كيس النظافة، وانتظار الانتهاء من المهمة وشعور كلبها الأمين بالراحة، ومن ثم أخذه للاستحمام والسباحة، ليستقر أخيرًا في فراشِ من ريش النعام، لأنه خير نديم وهو بحاجة للنوم و الاستراحة!
من جهة أخرى، ترى شابًا من عمر الورود، يبحث في حاويات القمامة، عسى ولعل يرى علبة ببسي أو كوكا كولا فارغة ليبعها بسنتات (قروش) معدودة يشتري بها سيكارة أو شمة كوكايين للاستنارة لأنه في بلد ليس له فلوس ولا إدارة!!. بينما نرى كندا وأمريكا وأوروبا تسخر كل جيوشها لحماية قتلة الأناس الأبرياء في الشرق، وتفتح أبواب بنوكها و مصارفها وتوزعها على أعداء السلام وعلى الإرهابيين ورعاة الإرهاب، لا فرق بين القذافي والذين يدعون بأنهم ثوار، ولا بين الرئيس المخلوع حسني مبارك، لا فرق بين أردوغان و الأمير الشبعان، أو بين المالكي والحكم بن مروان. فالجميع وجوه لعملة واحدة! وهم أنفسهم قاتلو الإنسان، وإن اختلفت الأسماء والأزمان وحتى المكان!
شريط سينمائي ينقلني كل صباح، إلى ملايين الدولارات الممنوحة للسلفين تحت أسماء حكام مصر الضباط لأسلمة البنات في باكستان وفي إيران، وفي مصر من أخوتنا الأقباط، وقتل الفتية دون وازع من ضمير وشل مصر وإصابة الناس بالإحباط، ملايين الدولارات توضع في خدمة الإصلاح المزيف من أجل شراء السلاح لجنود الأفغان وثوار بنغازي وقصف طرابلس، والدعم اللوجستي لمليشيات العراق، لذبح أشور وآرام وبابل والأقباط وإغلاق محلاتهم و قطع الأرزاق.
بينما تكالبت على سورية، كل أوروبا، أمريكا وكندا وفرضوا عقوبات على القيادة السورية، لأنها الدولة الوحيدة في العالم، يشعر فيها المسيحي بكرامته، ويمارس بحرية تامة معتقداته وطقوسه، ولا يتجرأ أحد على انتهاك حرماته أو حتى الاقتراب من بناته...
إن الذي يحز في النفس، ونحن ننظر من نافذة المستقبل، لنرى الأيام السوداء القادمة نتيجة عبادة هذا المخلوق، الذي يدعي الإنسانية للمال، وكيف يبيع أخوته إلى وحوشٍ بربرية يدعون أنفسهم بالسلفية، ويعتبرون العالم بأجمعه لهم محمية شرعية موهوبة من إله هذا الدهر مجانًا كعطية أبدية، وأعلنوا الحرب على الإنسانية، وهددوا بقطع شرايين العالم كفديةٍ شيطانية!
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com