ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومطالب الشعب

أنطونى ولسن | 2011-05-31 00:00:00

بقلـــم : أنطـــوني ولســـن

في يوم الجمعة الماضي 27 مايو هذا العام 2011 خرجت جموع الشعب المصري متوجهة إلى ميدان التحرير في القاهرة لتعلن ثورة التصحيح والتوضيح . لأن واقع الأمر هناك من يحاول طمث الثورة المصرية التي قامت في 25 يناير هذا العام 2011 وإستطاعت أن تجبر النظام المصري على التنحي وعلى رأسه الرئيس المتنحي مبارك وترك السلطة . وتم لها ذلك بالفعل بعد 18 يوما كما نعرف في يوم الجمعة 11 فبراير هذا العام 2011 وتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد بتكليف من الرئيس المتنحي محمد حسني مبارك ، على الرغم أن الدستور يخول السلطة في حالة عدم وجود نائبا للرئيس أو الوفاة المفاجئة أو التنحي أو الطرد أن تتولى المحكمة الدستورية العليا أمر إدارة البلاد إلى أن يتم إنتخاب أو إختيار رئيس جديد . ومع ذلك قبل الشعب الثائر بشبابه هذا الأمر على ثقة كاملة بنزاهة القوات المسلحة بقيادة المشير حسين طنطاوي .
منذ 11 من فبراير هذا العام حتى يوم الجمعة الماضي 27 مايو من نفس العام 2011 ، أي بعد ما يقرب من مئة يوم حدثت أحداث يشيب لها الولدان وتجعل الشعب المصري يفتح فاهه في حالة إندهاش مستغربا لما يحدث على أرض الواقع بمصر .
جماعة الإخوان طفت على سطح الأحداث وأخذت الصورة لها متجاهلة تجاهلا ملحوظا شباب الثورة الذين عرضوا أنفسهم للخطر والذين أستشهد منهم 800 شاب وشابة على أيدي بلطجية النظام السابق الذي إستخدمهم لوأد الثورة في مهدها بعد 3 أيام من قيامها .
رأت الجماعات الإسلامية الأخرى في ظهور جماعة الإخوان التي كانت " محظورة " .. على الرغم أنها لم تكن محظورة بالفعل ، بل كانت علاقتها بالنظام علاقة القط بالفأركل منهما يداعب الأخر وقت المداعبة أو يجري الفأرويختبيء وقت تكشير القط عن أنيابه . وواقع الأمر أن الشارع المصري كان تحت سيطرتهم سيطرة تامة تلك السيطرة التي غيرت من صفات الشارع المصري الحميدة وحولتها إلى صفات غريبة هي خليط من الكُره والحقد واللامبالاة والصراع حول التقرب إليهم ليأتمر بأمرهم وينفذ ما يؤتمر به دون التفكير فيما قد يعود عليه من ضرر أو على الوطن مصر .
كان النظام السابق يرى ويشاهد ، بل ويوافق على عرض الأفلام والمسلسلات التي تظهر حقيقة الإخوان دون تدخل منه بحجة الديمقراطية والحرية ، ويالها من ديمقراطية وحرية طالما لا تطال رأس النظام !!
أعود إلى الجماعات الإسلامية الأخرى التي رأت في ظهور الإخوان بهذه الصورة التي تؤكد أنهم القوة الحقيقية في مصر الأن والتي بدأت تخطط وترسم لتولى الحكم في مصر في أي صورة من صور الحكم والوقوف الظاهر من المجلس الأعلى معهم مما يضع أولى علامات الإستفهام ، مما جعل الجماعات الإسلامية أن تتحرك للمشاركة في الصورة وخاصة بعد أن وافق الأعلى على التصريح بعودة 3000 إرهابي كانوا فارين خارج البلاد إلى مصرفبدأت في الظهور .. وياله من ظهور!!
لم تجد هذه الجماعات الإسلامية وعلى رأسها " السلفيون " سوى أقباط مصر المسيحيين " الحيطة الواطية " في إظهار قوتهم بحرق كنائسهم وقتل شبابهم ورجالهم ونسائهم وأطفالهم وهم واثقون من أن هذا العمل سيقربهم من القوة الجديدة " الإخوان " ، وبالتالي يبدأ الإخوان في إستخدامهم كفزاعة ليظهروا أمام الرأي العام بأنهم أفضل وأرحم منهم. وفي نفس الوقت يقومون بالتفاهم معهم على المشاركة في الإنتخابات القادمة . وطبيعي تتم المصاهرة على حساب مصر والشعب المصري و ... طــــــــوز في مصــــر... ولتحيا جماعة الإخوان وكل الجماعات الأخرى التي ستكون الحاكم القادم لمصر التي ستكون النواة الأساسية للخلافة الإسلامية التي ستتشكل منها الإمارات الإسلامية المتحدة خاصة أن المنطقة العربية على فوهة بركان الغضب الذي إنفجر وبدأت حمائمه الملتهبة تطال عروش حكام كان من الصعب الأقتراب منها مثل ليبيا وسوريا وغيرهما .زد على ذلك بركات سيدنا أوباما رضي الله عنه وأرضاه والذي قد يتولى الخلافة بإذن الله ليكون أول خليفة أسود كما هو أول رئيس أميركي أسود ، وأصبح لعنترة الحق من زواج عبلة بغض النظر الأن عن لونه وشكله . ومن الطبيعي أنا لا أقصد الإقلال من قيمة الأسود الذي فرحت يوم أن تولى سدة الحكم في أميركا أسودا . لأن بتوليه أعطاني أنا المصري المسيحي الأمل في أن يتولى مسيحي يوما سدة الحكم في مصر . ولا يمكنني أن أنسي أنني من صعيد مصر وبشرتي سمراء . ومن الطبيعي الأن لا يمكن أن أفكر في أن يتولى يوما في مصر ولا في أي بلد عربي مسلم أو مسلم غير عربي مسيحي سدة الحكم خاصة بعد أن بدأ الإخوان والجماعات الإسلامية في مصر من إظهار حقيقة نواياهم في وضع المسيحيين في مصر ، تارة هم " المسيحيون " من أهل الذمة على المسلمين حمايتهم طالما يدفعون الجزية ، وأخرى لا يحق لهم تولى المناصب الهامة في إدارة شئون البلاد .. وعندما سؤل الداعية الإسلامي الدكتور صفوت حجازي في برنامج " القاهرة اليوم " في إحدى حلقات هذا الشهر مايو عن تولى مسيحي سدة الحكم كان رده جازما حازما بـ لا إلا إذا سمح لمسلم بتولي سدة الحكم في دولة الفاتيكان ناسيا أو متناسيا أن دولة الفاتيكان لا يتعدى عدد سكانها الـ 1000 مواطن ورئيسها إن كان لنا مجازا إستخدام هذا اللفظ رجل دين يتولى المسئولية بإختيار سماوي عن طريق القرعة المقدسة وليس للدولة جيش ولا شرطة بل بعضا من الشعب يتولون الوقوف حول المقر البابوي غير مسلحين .وكنت أنوي كتابة مقال عن هذا الموضوع وأسأل فيه سماحته " د. صفوت حجازي " عن السعودية ولن يكون سؤالي عن إمكانية تولي مسيحي سدة الحكم ، لكن سؤالي بعيد كل البعد عن ذلك وهو هل يمكن لأي مواطن سعودي ليس من العائلة المالكة أن يتولى سدة الحكم في المملكة العربية السعودية ؟! وأترك لسماحتك الإجابة إن كان عندكم إجابة ..
ما يهمنا الأن هو الوضع في مصر فقد بدأت الشبهات تحوم حول المجلس الأعلى للقوات المسلحة المسئول عن إدارة شئون البلاد . الشبهات لا سمح الله ليست شبهات فساد ، لكنها شبهات تراخي في إتخاذ القرارات الحاسمة في الوقت المناسب لدرء حدوث مضاعفات نتيجة ذلك التراخي . وهو نفس أسلوب الرئيس المتنحي مبارك الذي كان يدير به شئون البلاد والذي أدى بمصر إلى حافة هاوية المجاعة والحرب الأهلية .
يقول العالمون ببواطن الأمور أن طبيعة الرجل العسكري التريس وعدم التهور أو الإسراع في إصدار القرارات التي قد تسبب ضررا للمصلحة العامة .
والحقيقة أن سبب إنتصار الجيوش في المعارك الحربية هو سرعة إتخاذ القرار وتنفيذه بناء على المعلومات التي لدي القائد حتى لا يعطي للعدو فرصة الإنقضاض عليه وهزيمته . بمعنى أن العسكري يجب أن تكون لديه الحنكة وبعد النظر في إتخاذ القرارات في أسرع وقت وبشدة ، أما التراخي والتباطء فلم يكن يوما سببا في أي إنتصار لأي قوى عسكرية في وقت الحرب فما بالنا في بلد يوشك على الإفلاس والمجتمع تتنازعه قوى مختلفة بعضها ديني والأخر مدني مع إصرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة على المضي قدما في تنفيذ الأنتخابات في شهر سبتمبر المقبل من هذا العام 2011 واضعا بذلك نفسه محل الشبهات على أنه مواليا للتيارات الدينية مفضلا لها على التيارات المدنية . التيارات الدينية والتي على رأسها جماعة الأخوان هي أكثر تنظيما من التيارات المدنية لأن الرئيس المتنحي مبارك أعطاها فرصة العمر لتلتحم مع الشعب وتحاول سد النقص الذي حرم منه من حكومة فاسدة ولم يكن هذا العطف لله تعالى بل كان مشروطا بالإنضمام إليهم ونشر التشدد الديني بالمظهر والعنف في كثير من الأحيان وهذا قاد مصر إلى ما هي عليه الأن . فماذا سيحدث لمصر لو أنهم بالفعل تولو حكم البلاد ؟
الشعبية التي للأخوان لا تعني أنهم قادرون على إدارة البلاد لأنهم ليست لديهم خارطة للحكم تشمل جميع مناحي الحياة السياسية والإقتصادية و الإجتماعية في مصر. لم نسمع منهم ما يجعل أي ناخب واع بالتقدم لإنتخابهم مفضلا لهم عن غيرهم من المرشحين إلا ما ينادون به من دولة إسلامية يكون المسيحيون فيها ذميون ولا مكان لأحد غير مسلم سني في البلاد . وهذا بطبيعة الحال يتماشي مع هوى البسطاء من الناس وغير المتعلمين من عامة الشعب وهذا يكفي الأخوان والتيارات الإسلامية الأخرى لتولى حكم مصر . وهذه مصيبة المصائب التي تضع الأعلى في موضع الشبهات .
أيضا قضايا الفساد المتهم بها النظام السابق وعلى رأسه الرئيس المتنحي مبارك يسودها ضباب كثيف لا أحد يعرف مصدره وسببه وعدم شفافية الأعلى في توضيح الأمور بالنسبة لتلك القضايا والتي تركزت على إستغلال المال العام للشعب ناسين أو متناسين ما هو أهم من ذلك وهو ما آل إليه حال المصريين بسبب عدم إهتمام الحاكم وسلطاته بأمور الشعب وتركهم له لقمة سائغة للإخوان والوهابيين وغيرهم من التيارات الإسلامية الحالمة برجوع الخلافة الإسلامية التي كانت تشمل 56 دولة عربية كما كان يتشدق بها البعض الأن ناسين أن تلك الدول ومن بينهم مصر كانت ولايات تخضع للخليفة ولم تكن دولا حرة مستقلة .. ولم تكن تحكم بمصريين .
الأخوان ليست لديهم مصداقية في القول ففي كل يوم لهم فكر جديد ورأي أخر وليست لديهم أجندة محددة يقنعون بها أحد بأفضليتهم عن غيرهم في تولي الحكم .
المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإصراره على الإنتخابات البرلمانية قبل وضع الدستور الجديد يكون متهما بالتحيز التام للتيار الديني على التيار المدني وربما يكون بإيعاز من الرئيس السابق حتى يترحم الشعب على أيام حكمه مقارنة بحكم الإخوان القادم .لذا جاءت مطالب الشباب في ثورته الثانية بسيطة تتلخص في تأجيل الإنتخابات ـ وضع الدستور أولا ـ أن تكون اللجنة المشكلة لوضع الدستور من جميع أطياف الشعب ومنهم شباب الثورة ـ إعطاء فرصة للأحزاب الجديدة لعرض أجندة كل حزب أمام الشعب في ما سيفعله لمصر والشعب المصري مما سيساعد على عودة الحياة الحرة النظيفة والقضاء على الفتنة الطائفية .
المصريون أمام القانون متساوون في الواجبات والحقوق فيجب تفعيل القانون لتتم العدالة والمساواة لكل المصريين دون تميز.
فهل سيستمع المجلس الأعلى للقوات المسلحة لمطالب الشعب ؟؟!!
هذا سؤال لن يجيب عليه أحد غير المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأعماله المستقبلية وتفاعله أو عدم تفاعله مع مطالب الشعب .

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com