اتهم ناشطون أقباط فلول النظام السابق والحزب الوطني المنحل بتدبير أحداث كنيسة ماري مينا بإمبابة، مساء أمس، وأكدوا أن العلاقة بين مسلمي مصر وأقباطها أساسها الوحدة والالتحام الوطني، مطالبين القوى والأحزاب السياسية والتنظيمات الشعبية والمؤسسات بالعمل الجاد لإعادة بناء مجتمع جديد قائم على الحرية والعدل.
وقال المثقفون الأقباط إن أيادي النظام السابق وبصماته تلعب دورا كبيرا في تأجيج تلك الأحداث وإشعالها وخلق الفوضى والانفلات الأمني لإجهاض الثورة، داعين إلى تطبيق دولة سيادة القانون على جميع أطياف الشعب المصري، مسلمين ومسيحيين، لحلِّ الأزمات المفتعلة بين الطرفين.
وأكد الدكتور رفيق حبيب، الكاتب والباحث السياسي أن تلك الأحداث كانت في تصاعد مستمر منذ عام 2005 وجذورها ممتدة منذ عدة عقود، مشيرا إلى أن حالة الاحتقان الديني هي حالة مزمنة ومتراكمة لا يمكن حلها في وقت قصير، خاصة مع غياب عنصر ضروري في الحياة المصرية، وهو الأمن.
وأضاف حبيب أن حالة القهر السياسي الذي كنا نعانيه كان يتم التنفيس عنها في الاختلاف الديني، كما أن أجواء الظلم والقهر تزيد وتعمق من تلك الأحداث، موضحا أن هناك دورا على الأحزاب السياسية والتنظيمات الشعبية والمؤسسات الدينية المختلفة تتمثل في إعادة بناء المجتمع مرة أخرى من خلال الوجود المجتمعي.
وشدد حبيب على أن التحرك لإعادة بناء الدولة وتأسيس مفهوم الحرية والعدل سيساعد بشكل كبير على مواجهة محاولات ضرب الاستقرار والأمن، فضلا عن التخلص من القضايا التي لا تزال عالقة والخاصة ببناء الكنائس أو مسألة التحول الديني، مثل قضية كاميليا شحاتة، وغيرها.
وشدد المفكر القبطي الدكتور رفيق حبيب على أن دولة القانون مطلب حقيقي لابد من تطبيقه، إلا أن الظواهر ترتبط بالبعد الاجتماعي قائلا "حيث إن هناك قطاعا من المسلمين يملكون تصورات سلبية عن المسيحيين، كما يوجد قطاع من المسيحيين أيضا يحمل تصورا سلبيا تجاه المسلمين" الأمر الذي نتج معه مناخ من التعصب، الذي يتطلب لمعالجاته تكاتف جميع الجهود القانونية والسياسية والمجتمعية معا، وليس من خلال الحل القانوني فقط.
من ناحيته، أكد يوسف سيدهم، رئيس تحرير جريدة (وطني) أن هناك بعض الأيادي التي تعمل على تأجيج تلك الفتن بين المسلمين والمسيحيين، وتتمثل في فلول الأمن الذي ما زال يمارس دوره كما في السابق، ويحيك المؤامرات ضد أمن مصر والمصريين، وذلك في محاولة تأكيد مقولة أن مصر دون ذلك الجهاز سوف تتحول إلى فوضى، فضلا عن فلول الحزب الوطني التي مازالت تعمل تحت السطح.
واستنكر سيدهم بطء ردود الأفعال الرسمية حيال الأحداث، وأضاف أنه على جهاز الشرطة والجيش أن يقوم بتطبيق القانون على جميع من تورط في إشعال تلك الفتن، واصفا تعامل الأجهزة الأمنية مع تلك الأحداث بـ "الرخاوة".
وقال إنه بدلا من استنفاد الجهود حول الشعارات البراقة حول الوحدة الوطنية، فإنه يتعين على جهاز الأمن القيام بدوره والضرب بيد من حديد على كل من يخل بالنظام العام وأمن المواطن، مشيرا إلى أن ثورة يناير وما قبلها أثناء حادث تفجير الكنيسة بالإسكندرية شهد التحاما وطنيا رائعا بين أقباط ومسلمي مصر" الذين أكدوا كذب الادِّعاءات حول توتر العلاقة بين المسلمين والمسيحيين.
وأوضح سيدهم أن هناك بعض التسرع في الحكم على الأمور أدى إلى زيادة الأزمة، من قبل وسائل الإعلام التي تقوم بنقل المعلومات دون التحقق، داعيا وسائل الإعلام المختلفة إلى التمهل في عرض المعلومات حتى يتم نقل الحقيقة.
أما الدكتورة جورجيت قليني، المحامية وعضو مجلس الشعب السابقة فقد أكدت أن الحل في معالجة تلك الأزمات يكمن في تطبيق القانون على الجميع ومحاسبة من تسول له نفسه التلاعب بأمن البلاد من الطرفين، مشيرة إلى أن البداية الحقيقة لمنع حدوث وتكرار إثارة الفتن الطائفية بين المصريين في سرعة إجراء تحقيقات موسعة بهذا الشأن.
وأضافت أن التكهنات ومحاولات افتراض أمور غير مؤكدة سوف تزيد من اشتعال الأزمة، قائلة "نريد حكما شاملا للبلاد وليس مجرد تسيير للأعمال من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي ينبغي أن يحكم قبضته جيدا على البلاد".
وأشارت جورجيت إلى أنه رغم وجود العديد من المساعي الجيدة من بعض القيادات السلفية والسياسية لحل الأزمات المفتعلة بين أقباط ومسلمي مصر، والتي نجحت في محاولات نزع فتيل الفتنة في العديد من الأحداث السابقة، "إلا أن مثل تلك الأزمات لا يمكن حلها بالترضية أو من خلال الحلول الودية، بل يجب حلها من خلال القانون، وتطبيق دولة سيادة القانون واحترام السلطات".
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com