بقلم: مينا ملاك عازر
لا لا لا أنا لست من عملاء النظام السابق، ولا من مريدي النظام الحالي، فأنا لا أتملق ولا أتجمل، لكنني لما أقول لمبارك عيد ميلاد سعيد يا ريِّس، فقط أقر حقيقة، فهو رئيس وريِّس لكل من طغى وبغى، وأنا أقر برئاسته عليهم، وهذا لا يعيبني ولا يعيبك إن اعترفنا بتلك الحقيقة، ودعك من هذا كله، فمبارك عيد ميلاده يوم أربعة مايو، وفي هذه السنة عيد الميلاد له مذاق خاص جدًا، فهو يحتفل به بعيدًا عن السلطة، يحتفل به في هدوء شديد، رائع أن تكون مسترخيًا تنتظر قرار أحد في شيء من القلق، وقليل من الخوف، لم يكن الرئيس المخلوع يتوقع أن يأتيه يومًا يحتفل فيه بميلاده وهو خارج السلطة، وحتى إن توقعها كان على يقين أن ولده سيكون فيها، فسيكون هو حينها الرئيس الأب وابنه الرئيس الابن، على غرار "بريطانيا" التي كان فيها الملكة والملكة الأم. و"بوش الأب" و"بوش الابن" في "أمريكا".
وعيد ميلاد الرئيس هذه السنة لن يحضره ابناه "جمال" و"علاء"، لأنهما سيحتفلان به مع أصدقاء الرئيس في "بورتو طرة"، الرئيس سيكون وحيدًا في مستشفى "شرم الشيخ" ومعه الأطباء وزوجته، وقد يكون معه زوجتي ابنيه وأحفاده، وقد لايكون، لكن من المؤكد أن هذا اليوم لم يكن يخطط له الرئيس هكذا، فلم يكن يتوقع أنه سيحتفل به بهذه الشاكلة، قد يكون خطط أن يحتفل به في "شرم"، لكن ليس في المستشفى، قد يكون خطط أن يحتفل به وحيدًا ليتخذ قرار عدم ترشحه وترشح نجله، أو ليعيد تقييم فترة حكمه السالفة، لكن لم يكن يخطط أن يحتفل به وحيدًا بعيدًا، شريدًا، محرومًا من السلطة وجاهها وبريقها.
لم يظن الرئيس "مبارك" أن مستشفى "شرم الشيخ" ستأويه يومًا ليحتفل بيوم مولده، لا لشيء إلا لأنه لم يظن يومًا أن شعب مصر سيقول لا، شأنه في ذلك شأن كل من طغى وبغى، وظننا خاضعين خانعين، تورتة الرئيس لن يكون بها شموع كثيرة، وقد لا تأتي من الأصل، فسيكتفي الرئيس بالنظر للون الأسود الذي اشتحت به أيامه بدلًا من لون الشيكولاتة، وسينظر للوحل التي كلما حاول الخروج منه زاد توحُّلًا به، وسيحسبها كريمة التورتة، لن يرضى الرئيس في هذا اليوم بأن يقولوا له كل عام وأنت طيب، لأنه يشتهي الموت ولا يجده، سيفتح الأهرام ولا يجد مقالات التعييد المعتادة فسيتضايق، ويتذكر أنه رئيس مخلوع وليس سابق، فيتأسف على مُلكٍ لم يصنه، وحبٍ لم يحترمه، وثقة شعبٍ لم يقدره، ولم يهتم بثقته به.
فهل سيراجع الرئيس نفسه في هذا اليوم ويخرج علينا بتسجيل جديد، يعتذر فيه اعتذارًا من القلب، اعتذارًا صادقًا، لينهي تفرقنا، وتقسيمنا وتقليبنا على بعضنا البعض، اعتذارًا دافعه الوحيد وخز الضمير وتطهير الذات، أم أن الرئيس لم يزل يشعر أنه بريء وأنه غُرِر به؟!.
المختصر المفيد: جئت يا يوم مولدي عدت يا أيها الشقي.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com