بقلم: مجدى جورج
لعل اعلان الرئيس الامريكى نبأ قتل اسامة بن لادن زعيم القاعدة لهو حدث جلل وخطير جدا سيؤثر على العالم كله. فبعد حوالى عشر سنوات من اختفاء زعيم القاعدة عن الانظار نجحت وكالة المخابرات الامريكية فى قتل عدو امريكا الاول على مستوى العالم . وفى هذه المسالة دعونا نوضح بعض الامور الهامة :-
1 ان مقتل زعيم القاعدة بعد عشر سنوات كاملة اعتبر فى نظر البعض نصر غير كامل للامريكان لان الامريكان اعتبروه منذ احداث 11 سبتمبر 2001 ومقتل 3000 امريكى اعتبروه العدو رقم واحد لبلادهم وكلفوا وكالة المحابرات الامريكية بالايقاع بالرجل حيا او ميتا ورغم كل المطاردات والانفاق الذى انفقوه والعمليات الاستخباراتية التى قاموا بها لمدة عشر سنوات الا انهم فشلوا طوال هذه المدة فى الايقاع بالرجل.
2 رغم ان ماسبق يحمل بعض الصحة الا ان المتأمل فى الامر يجد ان معظم الارهابيين لا يسقطون بسهولة مهما كانت حجم المطاردات لهم طالما وجدوا بعض الحماية من رجال بعض الدول وبعض التعاطف من شعوب هذه الدول وكلنا يذكر كارلوس الذى ارهق اجهزة مخابرات العديد من الدول الغربية لانه كان يعيش فى حماية دول اوروبا الشرقية وبعض الدول الرديكالية الاخرى ولم يقع الا بسقوط هذه الانظمة الشموليه بعد مطاردتة عشرات السنوات .
3 بالارتباط بما سبق نرى ان اسامة بن لادن استطاع الاختفاء لمدة عشر سنوات اعتماد على تعاطف الشعوب الباكستانية والافغانية وبغض الطرف من حكومات باكستان المتعاقبة ولعل نجاح العملية الاخيرة فى اصطياده سببه السرية والكتمان الشديد للعملية حيث لم يبلغ بها الطرف الباكستانى .لان فشل كل العمليات السابقة كان مرجعه فى غالب الاحيان راجع الى تسريب العسكريين ورجال المخابرات الباكستانيين اخبار العملية لبن لادن مما كان يعطيه الفرصة للهرب والنجاة بنفسه.
4 لاشك ان قصة بن لادن وتركه للحياة الرغدة التى كانت امامه نتيجة حصوله على ثروة كبيرة بالوراثة عن والده قدرت باكثر من 300 مليون دولار تبين لنا ان قيامه بالجهاد والقتل للابرياء من كافة الجنسيات والاديان والاعراق ليست بسبب الفقر فالرجل غنى بما فيه الكفاية. وليست بسبب كما يبرر البعض بالظلم والاحتلال الامريكى لافغانستان والعراق فتكوين القاعدة بشكل رسمى تم فى سنة 1998 تاريخ سابق للغزو الامريكى لافغانستان الذى لم يتم الا ردا على غزوة نيويورك وسابقا ايضا على غزو العراق .وايضا فان افعال بن لادن ليست بسبب الاحتلال الاسرائيلى لفلسطين لاننا نلاحظ ان الحديث عن فلسطين لم يظهر الا متاخرا جدا فى حياة بن لادن . اذا فالسبب فى كل ارهاب بن لادن لم يكن كل ماسبق ولكن سبب ارهابه هو الافكار والمعتقدات التى يعتنقها والتى جعلته يحاول ارهاب كل العالم بكل اطيافه واديانه واعراقه .
5 لاشك انه بعد ان حدد الامريكيين مكان بن لادن فان هدفهم لم يكن القاء القبض عليه بل هدفهم الوحيد القضاء عليه وقتله وذلك بسبب خوف الامريكان من الاحتفاظ باسامة بن لادن لان الاحتفاظ به كان سيكلفهم الكثير جدا فكان من المتوقع ان تقع احداث جسام من خطف وقتل امريكين فى سبيل مبادلتهم ببن لادن وكان من المتوقع ان تشتعل المظاهرات لفترات طويلة ضد الامريكان واصدقائهم فى الدول العربية والاسلامية بسبب الاحتفاظ ببن لادن فى محاولة للضغط من اجل الافراج عنه ولذا وجد الامريكان ان افضل حل هو التخلص منه .
6 يرتبط بما سبق ما قام به الامريكان من دفن جثة بن لادن فى مكان ما فى بحر ما كما اعلنوا سابقا (قيل انه بحر العرب لاحقا ) فى امر مخالف لكل الشرائع والقوانين السماوية والبشرية . فقيام الامريكان بهذه الخطوة وعدم السماح لاى احد بدفنه فى اى مقبرة هو خطوة احترازية حتى لا يتحول الرجل الى ايقونة ولا يتحول قبره الى مزار وقبلة للجهاديين من كل دول العالم .
7 هناك بعض الاقوال والتسريبات كما جاء على موقع ويكليكس تقول بان الامريكان كانوا يعلمون مكانه منذ 2008 وايضا اعترف الرئيس الامريكى انهم كانوا يعرفون مكانه منذ اغسطس الماضى فهل كل هذا الانتظار لمجرد تحين الفرصة للانقاض على الرجل ام ان الهدف كان اختيار الوقت المناسب للعملية ؟
وقد جاء الوقت المناسب بقيام الثورات العربية ونجاحها فى مصر وتونس واشتعالها فى سوريا واليمن وليبيا وادراك الشعوب العربية ان التغيير ممكن ان يحدث دون الحاجة للحركات الجهادية بما يجعل تقبل الشعوب العربية لخبر مقتل بن لادن اسهل وايسر .
8 على رأس الرابحين بمقتل بن لادن يأتى الرئيس الامريكى اوباما الذى قد تعيده هذه العملية الى البيت الابيض مرة اخرى فى الانتخابات الرئاسية القادمة وان لم يحدث ذلك فانها ستسجل فى تاريخه فهو الذى تم فى عهده اصطياد العدو الاول للامريكان . ويأتى بعد اوباما فى قائمة الرابحين كل الشعوب الغربية التى تاثرت كثيرا من افعال القاعدة .
9 لعل من اهم الرابحين ايضا من مقتل اسامة بن لادن هم الجهاديين انفسهم لان هذه العملية ستعيد الزخم والاضواء اليهم بعد ان كادت تنحسر عنهم بسبب ثورات الشعوب العربية .فالان سنجد الجهاديين ضيوف البرامج الفضائية حيث بدأنا نرى رموزهم على الفضائيات المختلفة مثل منتصر الزيات وعمر بكرى وهانى السباعى وغيرهم . وعملية قتل بن لادن ستمكن الجهاديين ايضا من تجميع مزيد من الانصار بعد توظيفهم لحادثة مقتل بن لادن .
اخيرا فأن مقتل بن لادن بيد الامريكين بالامس لهو حدث جلل سيؤثر على العالم ويشغله للفترة القادمة شئنا ذلك ام ابينا فبن لادن هذا الذى استحوذ على اهتمام العالم كله فى حياته سيستحوذ ايضا على هذا الاهتمام فى مماته لفترة ليست قليلة قادمة.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com