بقلم: د. رأفت فهيم جندي
ذات يوم انزعج ملك "بابل" من حلم رآه في منامه، وعندما أفاق من نومه كان قد نسى هذا الحلم ولكنه ظل مفزوعًا منه. فجمع الملك حكماء بلده "المجوس" وطلب منهم أن يخبروه بالحلم الذي رآه في منامه، ويخبروه أيضًا بتفسير هذا الحلم الذي نسيه، وإصدر أمرًا بقتلهم جميعًا إذا فشلوا.
وعندما بدأ الملك يقتل حكمائه بسبب عدم مقدرتهم على تحقيق ما يريده، طلب "دانيال" من الملك أن يُمهله بعض الوقت ليخبره بالحلم وبتفسيره أيضًا. وأوحى الرب الإله بعدها لـ"دانيال" وهو نائم بالحلم وبتفسيره. وكان الحلم هو تمثال كبير كل جزء منه من مادة مختلفة عن الأخرى، وحدث أن قُطع حجر بلا يدين وضرب التمثال على قدميه فانهار التمثال كله، وكبر هذا الحجر الذي قُطع بلا يدين وصار جبلًا عظيمًا وملأ الأرض كلها. وفسّر "دانيال" للملك الحلم أيضًا، أن مواد التمثال المختلفة هي ممالك مختلفة ستقوم بعده، والحجر الذي قُطع بلا يدين هي المملكة السمائية التي سوف يؤسِّسها الرب الإله والتي ليس لملكها نهاية.
سُرَّ الملك جدًا من "دانيال" وعيَّنه رئيسًا للمجوس، وظل المجوس بعدها يتناقلون ميعاد وصول المسيح الذي وُلد بدون زرع بشر (حجر قُطع بلا يدين)، وكافأ الرب الإله المجوس بظهور نجم ميلاد السيد المسيح لهم.
وفي الزمن القديم أيضًا اختار الرب الإله "مصر" لكي تكون رمزًا لعبودية الخطيئة، فكانت "مصر" هي مكان عبودية الشعب القديم الذي سُمِّي بـ "الشعب المختار"، والذي اختاره الله لكي يأتي المسيح منه. وكان سبب اختيار "مصر" رمزًا للخطيئة؛ لأنها هي القوة والخير والحضارة الأرضية في هذا الوقت. وعند ميلاد السيد المسيح غيّر الرب هذا المعنى وجعل "مصر" مكان النجاة للعائلة المقدَّسة من بطش "هيرودس" الملك.
وكلام العهد القديم "مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْني" يشير لخلاص بني "إسرائيل" من عبودية المصريين، وهي هي نفس النبؤة لذهاب المسيح لأرض "مصر"، بل اختار الرب الإله "مصر" لتكون عمودًا للإيمان المسيحي "فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ مَذْبَحٌ لِلرَّبِّ فِي وَسَطِ أَرْضِ مِصْرَ، وَعَمُودٌ لِلرَّبِّ عِنْدَ تُخْمِهَا". وقادت الكنيسة القبطية العالم المسيحي كله لزمن طويل، وإلى الآن رائدة للعالم المسيحي في استقامة إيمانها وعبادتها.
"مصر" الآن بها نفس المعنيين السابقين؛ فهي أرض عبودية الشيطان من جهة وهي أرض الخلاص من جهة آخرى. "مصر" الآن بها السلفيون وإخوان الشياطين من ناحية، وبها أيضًا الإيمان المستقيم من الناحية الأخرى.
وعندما فسَّر "دانيال" حلم الملك "نبوخذ نصّر" عن سقوط ممالك وأمم، فكأنه كان يقرأ من كتاب مفتوح أمامه. وهذا يعطينا المعنى بأن التاريخ كله يسير بسماح من الله. ولنثق جميعنا بأن الحجر الذي قُطع بلا يدين يسحق التمثال المصنوع من توليفة غير متناسقة من "الْحَدِيدَ وَالنُّحَاسَ وَالْخَزَفَ وَالْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ." حتى ولو كان هذا التمثال منقَّبًا لإخفائه عن العيون، ويُقال عنه إنه لا يعرف تأويله إلا العلماء.. أجمل التهانى بصلب وقيامة السيد المسيح.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com