ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

الأحزاب السياسية.. مدارس للديمقراطية وخلق الرأي العام

ميرفت عياد | 2011-04-03 00:00:00
 كتبت: ميرفت عياد
أعلن المجلس العسكري يوم الاثنين الموافق 28 مارس، عن صدور قانون تكوين وتشكيل الأحزاب الجديد رقم (2) لسنة 2011 ، والذي يتم بمقتضاه إنشاء الأحزاب بالإخطار، حيث يتم تشكيل لجنة قضائية برئاسة النائب الأول لرئيس محكمة النقض، تقوم خلال ثلاثين يومًا ببحث مدى التزام الحزب بالشروط المنصوص عليها في القانون، والتي من بينها عدم قيام الحزب في مبادئه أو برامجه أو أعضائه أو نشاطه على أي أساس ديني، أو أي أساس من شأنه التمييز بين المواطنين بسبب الدين أو الجنس أو اللغة أو العقيدة، وعدم إنطواء الحزب على أي نوع من التشكيلات العسكرية، وإعلان مبادئ الحزب ومصادر تمويله وتنظيماته.
 
العمل الحزبي في الحضارات القديمة 
عُرف العمل الحزبي في الحضارات القديمة؛ ففي الحضارة اليونانية ارتبطت الأحزاب بمفهوم الممارسة السياسية التي تدور حول تأييد أو معارضة القائد السياسى من ناحية والوضع الاقتصادي من ناحية أخرى، اما في الحضارة الرومانية، فكان مفهوم الحزب مرتبطًا بالإصلاح الدستوري، ومن هنا عرفت الجماعة الرومانية حزب "الأحرار" وحزب "الشعب"، أما الأحزاب السياسية بتنظيماتها المتعارفة، والتي تهدف إلى السلطة، فلم توجد إلا مع بداية القرن التاسع عشر في "الولايات المتحدة" والبلاد الأوروبية.
 
الديمقراطية والليبرالية 
وظهرت الأحزاب السياسية في "مصر" أيضًا في القرن التاسع عشر بشكل تدريجي، حيث تم تشكيل العديد من الجمعيات السرية، التي ما لبثت أن تحوَّلت إلى أحزاب سياسية. وكان أول هذه الأحزاب، الحزب الوطني الديمقراطي الذي ظهر عام 1907، والذي قام بتأسيسه الزعيم "مصطفى كامل". ومنذ ذلك الحين بدأ انتشار الأحزاب السياسية في "مصر". 
 
وبعد إصدار دستور 1923 شهدت البلاد تجربة قوية وثرية في الممارسة السياسية التي نشأت في أحضان الديمقراطية والليبرالية، ومع قيام ثورة 23 يوليو 1952 صدر قانون حل الأحزاب السياسية، وبدأت الثورة في إصلاح النظام السياسي بإلغاء الأحزاب السياسية ومصادرة أموالها وتحريم قيام أحزاب جديدة، غير أنها واجهت فراغًا سياسيًا من حيث تنظيم الشعب وتمكينه من المشاركة في أعمال الثورة والدفاع عن أهدافها لصالح الوطن والشعب، فأنشات "هيئة التحرير" ثم "الاتحاد القومي" ثم "الاتحاد الاشتراكي العربي". 
 
التعددية الحزبية 
وعندما اطمأنت القيادة السياسية إلى عدم قدرة الأحزاب التي كانت موجودة قبل الثورة على ممارسة نشاطها السياسي مرة أخرى، وتبيَّن رغبة أغلبية المواطنين في قيام النظام الحزبي، تقرَّر السماح بإنشاء أحزاب سياسية في "مصر" تقوم على أساس ديمقراطي. وهكذا أُنشئت ثلاثة تنظيمات سياسية داخل الاتحاد الاشتراكي العربي. 
 
وفي خطاب الرئيس الراحل "أنور السادات" سنة 1976 في افتتاح الدورة الأولى لمجلس الشعب، أعلن عن تحويل التنظيمات السياسية الثلاثة إلى أحزاب سياسية، ثم صدر القانون رقم (40) لسنة 1977 المنظِّم للأحزاب السياسية في "مصر"، وتم إلغاء الاتحاد الإشتراكي العربي. ونصت المادة الجديدة التي أُضيفت لدستور 1971 على أنه "يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب، وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري". إلا أن هذه التجربة الحزبية تعثَّرت، بسبب تضييق الخناق على قنوات المشاركة السياسية، وإصدار العديد من القوانين التي كان من شأنها تقييد النشاط السياسي لأحزاب المعارضة.
 
أحزاب كرتونية 
وتم تخفيف القيود المفروضة على الأحزاب بتولي الرئيس السابق "محمد حسني مبارك" مقاليد الحكم عام 1981، حيث ازداد عدد الأحزاب من خمسة أحزاب إلى أربعة وعشرين حزبًا يمارسون نشاطهم السياسي. وعلى الرغم من هذا العدد الكبير من الأحزاب السياسية في "مصر"، إلا أنها كما يُطلق عليها المحللون السياسيون "أحزاب كرتونية"، لا وجود حقيقي لها على أرض الواقع، وليس لها فاعلية في الشارع المصري، ومن هنا حدث فراغ سياسي كبير، أدَّى إلى حدوث تراكمات اجتماعية وسياسية واقتصادية كبيرة، أدَّت إلى تفجير ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام الحكم السابق. 
 
أهمية الحياة الحزبية
وتُعد الأحزاب السياسية ضرورة هامة للديمقراطية لأنها بمثابة مدارس للشعوب، فالمواطن في أي بلد يجب عليه أن يتعلَّم ممارسة الديمقراطية، وأن يعرف مشكلات العصر؛ لتكوين الثقافة السياسية التي تمكِّنه من المشاركة الفعَّالة في المسائل العامة والحكم عليها حكم الدارس الواعي. فالتنظيم الحزبي هو الذي يعزِّز التعاليم والثقافة السياسية للقاعدة الشعبية، كما أن الأحزاب تعد همزة وصل بين الحاكم والمحكومين، فهي تلعب دورًا رئيسيًا في ربط الشعب بالحكومة والحكومة بالشعب، هذا إلى جانب أنها عامل خلق للرأي العام، حيث تقوم بدور فعَّال في توجيه الرأي العام نحو مسألة من المسائل التي تمس في النهاية الصالح العام للمجتمع، كما إنها تُعد أجهزة رقابة لأعمال الحكومة، لأن وجودها يحول دون الانفراد بالرأي في تسيير دفة الحكم. وهي أيضًا عامل وحدة واستقرار للأمة، لكونها وسيلة تبدي الجماهير من خلالها عدم رضاها، فينعكس هذا الأثر على تغير الحزب الحاكم وانتقال السلطة بطرق سليمة لتغيير القيادات، وإحلال غيرها من خلال الانتخابات العامة.
 
المراجع: 
كتاب نشأة الأحزاب السياسية
كتاب الأحزاب السياسية ودورها في أنظمة الحكم المعاصرة
كتاب مصر والحياة الحزبية والنيابية قبل سنة 1952 
كتاب دستور جمهورية مصر العربية 
 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com