بقلم: أشرف عبد القادر
الشعب المصري متدين بطبعه منذ عهد الفراعنة،و قبل دخول الإسلام كان هناك راع وآمون ... وغيرهما من الآلهة التي كان يعبدها المصريون،فالتدين جزء من مكونات الهوية المصرية.الدين لا يحتاج إلى قانون لفرضه على الشعب،لأن الإيمان محله القلب والضمير،وهما المكانان اللذان لا سلطة لأحد عليهما .فالإيمان،كما نعلم،\"هو ما وقر في القلب وصدقه العمل\" ،وإننا عندما نفرض الإيمان على الناس بقانون،نجعلهم ينافقون،لأنهم سيتظاهرون بالإيمان لإثباته بالدليل أمام الناس،لذلك قال (ص):\"إن الله لا ينظر إلى صوركم،ولكن ينظر إلى قلوبكم\". المادة الثانية من الدستور، التي تنص على أن\"الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي للتشريع\"،تثير كثيراً من اللغط بين مؤيد ومعارض لوجودها،وأتساءل:ما هي الدولة؟هي كيان معنوي لا وجود له على أرض الواقع إلا من خلال مؤسساتها،فالدولة هي أنا وأنت وهو وهي ...إلخ. وبما أن حوالي80 % من المصريين يدينون بدين الإسلام،وحوالي 10% من سكانها يدينون بالمسيحية،وهناك أقلية شيعية وبهائية، فدين الأغلبية هو الإسلام ولا حاجة للنص على ذلك بقانون ليثبته. ما خطورة نص الدستور على دين معين فيه؟ خطورة نص الدستور على دين للدولة هو إقصاء باقي مواطنيها وجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية،أي رعايا لا مواطنون،مع إن المفروض في الدولة أن تكون دولة لجميع مواطنيها على اختلاف مللهم ونحلهم،أم عادلة بين جميع أبنائها .فالدولة ومؤسساتها يجب أن تكون محايدة،حيث لا فرق بين مواطنيها إلا بالكفاءة والشهادة العلمية،والغاية من الجميع هي مصلحة وأمن مصر العليا قبل أي اعتبارات فردية أو مطامع شخصية. فاعتراف الدولة بدين رسمي لها هو تفضيل لأصحاب هذا الدين على بقية الأديان الأخرى وانحيازها له، كما أن نص الدستور على دين للدولة تحريض لأبناء الوطن بعضهم لبعض، حيث تشعر الأقليات أنها مضطهدة ولا تتمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها أخوتهم في الله والوطن الأغلبية،مما يؤدي إلى إثارة الفتن الطائفية ويهدد بحرب أهلية. كما أن وجود مثل هذه المادة يسيل لعاب المتأسلمين للمطالبة بتطبيق الحدود،أي قطع يد السارق، ورجم الزانية،وجلد شارب الخمر،في حين أن هذه الحدود لم تطبق إلى في حالات معدودة تعد على أصابع اليد الواحدة،وكان (ص)يقول\"إدرأوا الحدود بالشبهات\"ونحن نعلم من تاريخ الإسلام أن أبو بكر رفض تطبيقها على خالد لقتله مالك بن نويره،ونكاح زوجته في نفس يوم قتله رغم أن عمر طالب بإقامة الحد عليه لعداوة بينهما،وعمر ايضاً رفض تطبيقها ضد واليه على الكوفة المغيرة ابن شعبه رغم ثبوت شهادة الزنا ضده ،ورفض عثمان تطبيقها على عبد الله ابن عمر ابن الخطاب لقتله الهرمزان وأبنته يوم اغتيال أبيه،رغم أن علي ابن أبي طالب بإقامة الحد عليه. إن من يطالب بتطبيق الحدود في القرن الحادي والعشرين،مثله مثل من يريد أن يتعامل الآن بالدرهم والدينار،لأنهم كانتا العملتان السائدتين في عهد الرسول(ص)،لماذا نقول لمن أتى بدرهم أو بدينار للتعامل بهما أن عملتك لم تعد صالحة لهذا العصر؟ولا نقول لمن يطالب بتطبيق الشريعة والحدود، أن هذه الحدود عملة لم تعد تصلح لروح هذا العصر،عصر حقوق الإنسان،عصر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،عصر حقوق المرأة ومساواتها بالرجل،ومساواة المسلم بغير المسلم،إن حال المتأسلمين الذين يطالبون بتطبيق الشريعة والحدود هو حال أهل الكهف. أرجو من مجلس الشعب القادم الجديد،أن يعيد النظر في هذه المادة التي يتمسك بها المتأسلمون لإثارة الفتن الطائفية ويبررون بها الإعتداء على إخواننا في الله والوطن،مصر دولة مدنية وليست دينية،لذلك وجب حيادية الدولة ومؤسساتها وخلو مناهجها التربوية من الدين،لأن الدين هو دور الأسرة والجامع والكنيسة ،وليس دور المدرسة أو الدولة،حفاظاً على أمن مصر واستقرارها. فلنغلق أبواب الفتنة في وجوههم بتعديل هذه المادة،فالدين لا يحتاج لقانون لفرضه على الناس.فالدين خلق للإنسان،ولم يخلق الإنسان للدين كما قال الأستاذ الكبير جمال البنا
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com