ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

دورُنا الآن على المحَك

القمص. أثناسيوس فهمي جورج | 2011-03-23 08:07:44

بقلم: القمص  أثناسيوس جورج
غاية الطبيعة البشرية إنما هي الإنسانية الحُرّة المتسامية‏٬ والله الخالق هو الذي حدد للناس هذه الغاية‏٬ ووضع مصيرهم بين أيديهم‏٬ منذ لحظة خلقتهم‏٬ مميَّزين بالعقل والضمير والحرية ومعرفة الحق لبلوغ التقدُّم نحو الغاية التي خلقهم الله من أجلها. لذلك الثورات والتحوُّلات البشرية تحتاج إلى رؤية محددة وآليات عمل ترصف الطريق أمامها للوصول إلى ما تريد‏٬ ونحن كأحد مكونات هذا المجتمع نحتاج أيضًا إلى إعداد وتهيئة وتجميع وعمل وتبنِّي حزمة من المفاهيم تضمن مشاركتنا على كل الأحوال‏٬ حتى لا نترك أصحاب المصالح يتغذُّوا على دماء الشهداء ويقطفوا الثمار ويختطفوا النتائج ويحِلّوا كابوسًا على ضمائر وحريات الجميع.

لذلك علينا أن نعمل الممكن حتى يعمل الله المستحيل‏٬ فنحيَا ونموت أحرارًا‏٬ لأن موت شهدائنا دَعّم عقيدتنا ودماءهم صارت بذارًا للإيمان وتقوية للكنيسة‏٬ أما الذين قاومونا حتى ولو بَدا أنهم انتصروا فذلك إلى حين‏٬ لأن كل المعاندين غُلِبوا على أمرهم بالنهاية‏٬ وبقيت الكنيسة عبر خِضَمّ السياسات والثقافات والأنظمة الحاكمة‏٬ والشهداء الذين أُريقت دماؤهم هم أصحاب فضل علينا لأنهم اجتهدوا وشهدوا وسَعَوا مسالمين دون مقايضة على الهَوِيّة المسيحية للحصول على حقوق مسلوبة‏٬ ونحن أيضًا لن نُثمر بدون صبر‏٬ ولن نُنجز بدون صبر‏٬ ولن نحصد بدون صبر‏٬ ولن ننجو من بين فَكَّي الأسد بدون صبرنا وإيماننا.

فبصبرنا نقتني أنفسنا‏٬ وبه نصل إلى كل عمل كامل وتام‏٬ ويحل علينا روح المجد‏٬ والله يظلل مسيرتنا بسحابة حضرته في موكب نُصرته كل حين‏٬ مهما كانت الدسائس واللعنات والصفقات. فزادُنا في ذبيحة إيماننا‏٬ عندما نشهد شهادة الأعمال التي تؤكد أننا أتباع المسيح الحي‏٬ ولستُ أقصد هنا شهادة الميلاد أو الرقم القومي‏٬ ولكن شهادة الأعمال الحسنة التي إذ يراها الناس يمجدون الله‏٬ شهادة المحبة للأعداء‏٬ شهادة التعقُّل والفطنة‏٬ شهادة الشجاعة والمجاهرة‏٬ شهادة عمل الخميرة وإشعاع النور وانتشار مِلح عدم الفساد. حياتنا هي للمسيح‏٬ وموتنا متى جاء يكون لنا ربحًا ومادام عيشنا وموتنا هو للرب فلا خوف على الجسد‏٬ لأنه عند اللزوم يُقدَّم ثمنًا للحياة الأبدية‏٬ وعدم الخوف من قتل الجسد أساسه أنه ليس في أيدي الذين يهددون ويُرهبون ويقطعون الآذان والأيادي أن يحرموننا من دخول الملكوت السماوي‏٬ والذي لا يخاف من هؤلاء القتلة هو أسَدُ الله يُخيف بالروح ولا يخاف بالجسد.

نعم هناك خطورة من الذئاب المتربِّصة لكننا في المقابل لدينا أسلحتنا الروحية التي هي الحكمة والبساطة معًا وبآنٍ واحد‏٬ لأننا لسنا نحن المتكلمين بل روح أبينا المتكلم فينا‏٬ لذا ينبغي أن نسلك باستقامة وقوة مهما كانت الصعاب دون خوف ولا اضطراب من الأنياب والقرون ومُخاتَلة الذئاب‏٬ وكَم من الدروس الإيمانية والأتعاب التي عانت منها الكنيسة قد صارت هي رأس مالها ورصيدها.

إن دورنا الأكبر هو مع أنفسنا في ترتيب بيتنا وفي توزيع أدوارنا‏٬ وفي قبولنا لبعضنا‏٬ وفي فطنة تحركنا وقراءتنا للأحداث‏٬ دورنا في عملنا المشترك باحترام وإنكار ذات من دون وِصاية‏٬ دورنا أن نكون فاعلين على قدر طاقتنا لا مفعولاً بنا‏٬ دورنا على المحَكّ وسط هذه التحوُّلات لنكون نشطاء لا فُرَقاء‏٬ نتشارك لا نتطاحن‏٬ دورنا مع أنفسنا التي تميل إلى التلكُّؤ والإبطاء وتبادل الاتهامات‏٬ دورنا لا ينتهي عند المشاركة لمَرَّة أو لمَرَّات‏٬ دورنا أن لا نستعفي أو نُحبَط ما دامت النتائج لا تحقق المُرتجَى‏٬ دورنا أن لا نكفُر بالوطن لأننا مواطنون من الدرجة الأولى وعلينا أن نحقق معادلة التواجد لكن وُفقًا للوسيلة المسيحية والمنطق الإلهي‏٬ لا ننزلق لأساليب الشر والكراهية‏٬ حتى لا نفقد دورنا كأنوار وسط ظلمة البشر‏٬ متأكدين بأن الله ينظر إلى اجتهادنا وسعينا الحثيث‏٬ ونثق في حفظه لنا ولكنيسة مصر التي باركها وصانها هذه القرون العشرين ألفي سنة ويزيد وستبقى متحصنة به.

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com