ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

الثورات العربية.. بين حريق بوعزيزى... و"زنقة" القذافي

عماد نصيف | 2011-03-20 18:28:45

عيسى: الجهات  الخارجية والتيارات السياسية الداخلية تحاول استثمار هذه الثورات لصالحها
السيسس: المعطيات كانت تنذر بهذه الثورات، والأيدي الخارجية عبث
جاد: الأنظمة العربية المستبدة تبرر فشلها  في الأيدي أو الاجندات الأجنبية
 
تحقيق: عماد نصيف

 منذ أن اندلعت الثوة التونسية عندما قام الشاب "بوعزيزي" بإشعال النار في جسده، والذي اعتبره الكثيرون بمثابة شرارة انطلاق الثورات العربية، والتي انتقلت إلى "مصر" وها هي تهب على "اليمن"، و"البحرين"، وترتع في "ليبيا"، واضعة القذافي في "زنقة "، وتهيب "بالسعودية"، والكثير من دول الخليج بأن تجري إصلاحات داخلية حتى تتقى شر التنحى،  وفى الوقت ذاته تشجع هذه الثورات باقي الشعوب العربية باندلاع ثوراتها ضد قوى الاستبداد التي تحكم الوطن العربي، وتتوارثه عبر العقود المختلفة..
وسط هذه الثورات وتزامن اندلاعها، فإن الأجهزة الأمنية أو يد الحكام العرب، أشارت باصبع اتهامها إلى قوى خارجية تعبث بالمنطقة.. فمرة علق البعض رهانهم على "إيران" وعبثها في المنطقة بأنها سبب ما يحدث، ومرة اخرى راى البعض ان اسرائيل وامريكا يريدان السيطرة على ثروات المنطقة والتحكم فيها، وما زاد من شكوك اصحاب هذه الرؤى هو تزامن اندلاع هذه الثورات، والتي اتخذت من وسائل الإعلام الحديثة مصدرًا للطاقة من أجل إحياءها، ووسط هذه الاتهامات كان لنا أن نقترب أكثر إلى ثورات الشعوب العربية ودوافعها، ومدى احتياجها لقوى خارجية تحركها من عدمه..

أقدمية الثورات العربية
من جانبه يقول "صلاح عيسى" -رئيس تحرير جريدة القاهرة: الثورات في العالم العربي ليست ظاهرة جديدة، فلقد بدأت عقب الحرب العالمية الأولى في سنة 1919 -1920 في "مصر"، و"العراق"، و"السعودية"، التي تحولت إلى ممكلة وقتها، ثم في "السودان"، وهو ما يعني أن العالم العربي يكاد يكون إقليمًا واحدًا وكيانًا واحدًا لنفس الظروف والإشكاليات، حيث شكله مشكلة واحدة؛ وهي الاحتلال الأجنبي وقتها، ومن هنا نشأت حركة ثورية قوية من بلد إلى بلد، وهو نفس الأمر بعد الحرب الثانية في الخمسينيات، حيث بدأت تتوالى الانقلابات العسكرية، بداية من سنة 1949 في سوريا، ثم في "العراق" 1950، ثم في "مصر" 1952، وكانت الحركات الثورية متزامنة.

الدولة الوطنية
أما عن الوقت الراهن؛ فيرى "عيسى" أن الجيل الحالي يرى أن الدولة الوطنية هي التي يجب عليها أن تحكم الوطن العربي، وآن الأوان أن تنتهي هذه الأنظمة التي ما زالت تحكم منذ الخمسينيات الماضية، والتي استنزفت أغراضها، والتي لم تستطع أن تحافظ على ارتباطها بشعوبها، فتحولت من أنظمة لمقاومة الاحتلال، وإقامة العدل، إلى أنظمة استبدادية قمعت شعوبها لسنوات طويلة، فكان من الطبيعي أن تحدث هذه الثورات ضد هذه الأنظمة المستبدة.

ثورة شعبية
 وعن نظرية التدخل الخارجي لإشعال نار الثورات العربية، أو الأيدي الخفية يقول عيسى: هذه الثورات هي حالة ثورية قوية، نجحت لأنها شعبية وخاصة في "مصر" و"تونس"، إلى هذه اللحظات، وهذا النجاح دفع البعض إلى أن هناك جهات سواء كانت خارجية، أو تيارات سياسية داخلية حاولت أن تستثمر هذه الثورات لصالحها، من خلال نشر ونسب الفضل لها في نجاحها، ولذا تنتشر من وقت لآخر اتهامات بأن "إيران" أو "بن لادن" أو "أمريكا"، أو غيرها السبب في إشعال هذه الثورات في العالم العربي، من أجل السيطرة على العالم العربي، وهذا غير صحيح، لأن هناك المستفيد من هذه الثورات، وهو الشعوب العربية، والتي ثارت بسبب تداعيات الأوضاع السياسية عندها.

 فوضى خلاقة
في حين يرى الدكتور "وسيم السيسي" -رئيس حزب مصر الأم- (تحت التأسيس)  الأمر من زاوية مختلفة قائلاً: إذا كنا نفكر في أجندات خارجية، كأن نقول "أمريكا" أو "إسرائيل"، فإننا نسعى هنا إلى إحداث الفوضى الخلاقة، وخاصة مع تداول معلومات وشائعات بأن "أمريكا" تنتقم من العالم العربي بسبب أحداث 11 سبتمبر الشهيرة، فلابد من التفكير بعقلية جدلية، حيث نرى أن "أمريكا" و"إنجلترا" تحبذان الحكم الديني أو العسكري في المنطقة، لأنهم في ظله يتفاوضون مع رجل واحد مثل "مبارك"، أو "القذافي"، أو "الخوميني" أو ما يمثله، لأنه لا يكون هناك نقد للحكم العسكري أو الديني، على عكس لو كان الحكم ديمقراطيًا فإن هناك برلمان سوف يعترض على تواجد هذه الدول أو يرفض مرورها من أراضيها أو مياهها، ومن هنا يتضح أن ثورات الشعوب والدول العربية ليس في صالح الدول الأجنبية.

تجاوز الاقتصاد
 ويضيف "السيسي": إذا كان الاتهام موجهًا إلى "إيران" في المنطقة العربية، فإنها لا تسلك في مصر أو غيرها، وإنما المعطيات تقول أنه كان هناك مناخ منذر بهذه الثورات، ففي مصر كان المناخ معبأ بالاعتصامات والاضرابات والفقر المدقع، حتى أن المواطن أصبح "ملطشة"، وكل ما يفعله المسئولون هو التصريحات المستفزة، وفي ظل هذا فإن الدول العربية انتفضت بأكملها ضد ما تعانيه من طغيان وقمع لشعوبها.
 ويختتم السيسى قائلاً:" إذا كانت الشعوب العربية تعاني حاليًا من أزمات اقتصادية، فإن ذلك سيتم تجاوزه، لأن المحصلة النهائية في صالح التطور بعد التخلص من الدكتاتور في كل بلد عربية، وعلى مصر في المرحلة القادمة أن تتلافى الحكم الديني الذي يعيدنا إلى الحكم الديكتاتوري الاستبدادي، الذي يتحالف كلا منهما مع الآخر، حيث يتخذ الحكم الديني منهجه بأن الاقتراب من الحاكم أو سياسته حرام وكفر وإلحاد، ولذا يستعين الحكم العسكري بالدين، ومن ثم لا يسمح بالنقد والذي يعتبره "أجندة خارجية".

فشل عربي
وهنا يقول الدكتور "عماد جاد" -الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية- أنه إذا كانت الاتهامت موجهة إلى الأيدي الخارجية في إشعال الثورات العربية، فهذا هو ما تحاول الأنظمة العربية الفاشلة تعليق فشلها عليه، وتتعامل مع الأمر بغباء كما تعودت في الماضي، ولا تنظر إلى أرض الواقع، وما يحدث من انتهاكات أو فساد أو عنف، ففي مصر على سبيل المثال ظهرت العديد من الحركات الاحتجاجية، فظهرت كفاية في 2004، وبعدها ظهر العديد من الحركات الأخرى مثل 6 أبريل، و 9 مارس، وبعض الحركات الاحتجاجية الأخرى التي نادت بمطالب فئوية.

كسر الخوف
 ويضيف جاد: ما حدث في الوطن العربي جاء سريعًا وغير متوقعًا، وكانت البداية في "تونس" والتي اكتشف شعبها نهب وسرقة ثروات البلاد، فكسروا حاجز الخوف، وهو ما حدث في مصر بعد ذلك، والتي كانت هي الفيصل لباقي البلدان العربية، حيث كان الجميع يترقب فإذا نجحت فإنها بمثابة شرارة البدء لباقي الدول، أو العكس؛ إذا فشلت فإنها بمثابة تحذير لباقي الشعوب العربية.

تبرير فشل
 ويختتم "جاد قائلاً: كما أخطأت الأجهزة الأمنية في تقديرها لما يمكن أن يحدث من ثورات في الوطن العربي، وكذلك خطأها في تهوين المعلومات وجمعها، فإنها حاولت بعد ذلك تبرير فشلها من خلال الأيدي الخارجية، أو الأجندات الأجنبية، وهو ما ظهر جليًا في مصر التي كسر شعبها حاجز الخوف، وأسقط ديكتاتوره، فأصبحت مصر نموذجًا لباقي الدول العربية، التي رأت أن نظام مصر كان هشًا برغم ريادته للحكام العرب.

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com