ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

روعة وتفرد المسيح

إيهاب شاكر | 2011-03-12 00:00:00

بقلم: إيهاب شاكر
 قال المفسر الشهير كامبل مورغان حول روعة المسيح: إحدى أفْضَلِ الأشياءِ التي يُمْكِنُنا قولُها عَنِ الطبيعَةِ البَشَريَّةِ هي أنَّهُ حالَما يَطْرأ موقِفٌ ما يحتاجُ لتدخُّلِ شخْصٍ يُضحّي بحياته مِنْ أجْلِ صديقِهِ، فمِنَ المؤكَّدِ أنَّهُ - عاجِلاً أمْ آجِلاً - سوفَ يظهَرُ شخصٌ ما على الساحَةِ ويُقدِّمُ نفسَهُ ضحيَّةً - تماماً مِثْلَ سُقْراط الذي تجرَّعَ السُمَّ، أو المسيح الذي صُلِبَ في موضع الجُمْجُمة." ورُغْمَ أنَّني لا أعتَزِمُ مُناقَشَةَ ذلِكَ القولَ على الإطْلاق، إلاّ أنَّهُ ينبَغي عليَّ أنْ أقول بأنَّ التفكيرَ في المسيحِ بهذِهِ الكيفيَّةِ يُعَدُّ تجديفاً. فلا بأسَ مِنَ الحديثِ عَنْ "سُقْراط" أو غيرِهِ مِنَ الناسِ الذينَ ضحّوا بأنْفُسِهِم، لكِنْ حينما نتحدَّثُ عَنِ "المسيحِ" بهذهِ الطريقَةِ، فلَنْ يكونَ حديثُنا مُتنافِراً مع العَهْدِ الجديدِ فَحَسْب، بَلْ وأيْضاً سيكونُ مُتناقِضاً مع ما يُعلنه العَهْدُ الجديدُ عَنْ تفرُّدِ المسيح.
في ميلاده اختلف عن الجميع وكذلك في موته، وبين ميلاده وموته لم يكن له حقلٌ ليزرعَه أو قاربُ يصطادُ به السمك، ومع ذلك قدّم مائدةَ خبٍز وسمك للآلاف، فأكلوا وشبعوا وفضَلَ عنهم. لم تكن له سجادةٌ فاخرة يمشي عليها، ولكنه مشى على البحر بقدميه، ومع ذلك لم يغرق. عندما صُلب، لم يبكِ عليه إلا القليل، ولكنَ الشمسَ حجبت وجهَها عن هذا المنظر، لم يرتعب البشرُ من جريمتهم، ولكنَ الأرضَ ارتعبت فتزلزلت، تزلزلت عندما عُلّق يسوع على الصليب. لم يكن لقوى الطبيعة أيُ سلطان عليه في حياته، ولا حتى القبرْ، لم يستطع أن يـُفسد جسدَه أو حتى يحتجزَه أكثرَ من اللازم. ظل يكرز بالبشارة لعدة سنوات، لكنه لم يكتبْ كتاباً واحداً، ولم يبنِ أيَ مبنى، ولم يـُكوّنْ أيَ حزبٍ سياسي، ومع ذلك هو حديثُ الملايين والنورُ المشرق لحياة ملايينَ أخرى.
إن الربَ يسوعَ المسيح يختلف كلَ الاختلاف عن كل بني البشر السائرين على هذه الأرض، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً. هو إلهٌ وإنسان، هو الله الكامل كما أنه الإنسانُ الكامل. كانت حياتـــُه على الأرض تعكس لاهوتـــَه وناسوتــــَه الكاملَيــــْن معاً. وفي حب الرب يسوعَ المسيح والتعجبِ منه ومن حياته الفريدة كتب أحدُ الأشخاص يصف فيها ويتأملُ في شخصِ الرب يسوعَ المسيح فقال:"هو الذي قال عن نفسه أنا خبز الحياة، ولكنه ابتدأ حياته على الأرض جائعاً. وقال أيضاً عن نفسه إنه ماءُ الحياة، وأنهى حياته على هذه الأرض وهو يقول أنا عطشان. نعم جاع المسيحُ كإنسان، ولكنه أشبع الآلاف كالله بالذات. كان حزيناً ومكروباً، ولكنه في الوقت نفسه كان سلامَنا، دفع الجزية لقيصر في ذلك الوقت وهو الملك وله السلطان. دُعي بعلزبول، ولكنه أخرج الشياطين. صلى، وهو يسمع الصلاة ويستجيب، بكى وهو الذي يمسح دموعَنا. بيع بثلاثين من الفضة من الإنسان، بينما اشترانا بدمه الثمين الذي لا يـــُقدَّرُ بثمن. سيق كشاةٍ للذبح بينما هو الراعي الصالح. أعطى حياته على الصليب وبموته أباد الموت. كانت حياتـــُه تعكس للملا أنه إنسانٌ فريد، إذ كان قصدُه وهدفه تمجيدَ الآبِ السماوي وتأمينَ خلاصِنا الأبدي."
نعم، إنه الرب يسوعُ المسيح صديقي القارئ، الشخص الذي حار فيه الملايين، ووقف أمامَ حكمتِه فلاسفةُ العصر والزمن، ولكن أمامَ كلماته الساحرة الخلابة لم يستطع أحدٌ أن ينكرَ جمالَها وقوتـــَها وتأثيرَها العميقْ على الإنسان. فقد تكلم كأنه واحدٌ منّا وأحس بنا وتفاعل مع ظروفِ حياتـــِنا المتنوعة، فقد ضحك مع ضحكتـــِنا، وبكى مع بكائنا. هو الذي يعرف كيف يرثي لنا، ويشفقُ علينا. وأمام هذا الشخص الفريد كتب عنه الشاعر والأديب المشهور جبران خليل جبران واصفاً إياه بالكلمات التالية:"أيها السيد، أيها القلب السماوي. يا بطلَ أحلامِنا الذهبية. إنك مازلت تتخطر أمامنا في هذا اليوم. فلا السهامُ ولا الحرابُ تستطيع أن توقفَ خطواتــــِك لأنك تمشي بين جميعِ سهامِنا وحرابنا. إنك تتبسم لنا من أعاليك. ومع أنك أصغرُ من جميعِنا سناً، فأنت أبٌ لجميعنا. يا سيدَ المرنمين قد كانت دموعك كشآبيبِ المطر في أيار. وكان ضِحْكُك كأمواج البحر الأبيض. وعندما تكلمتَ عبّرتَ عن همسٍ بـــُعبـــّدُ شفاهَنا، في الوقت الذي كان يجب على تلك الشفاه أن تستنيرَ بالنار. فقد ضحكتَ للنخاع في عظامنا التي لم تكن مستعدة للضحك، وبكيتَ لعيوننا التي لم تكن تعرفُ الدموع بعد. وكان صوتك أباً عطوفاً لأفكارنا وأفواهنا. كنت محارباً بين المحاربين، وشاعرَ الشعراء، وملكاً فوق جميع الملوك. أيها الشاعر، أيها المرنم، أيها القلبُ الكبير، ليباركِ الربُ اسمَك والبطنَ الذي حملك."

قارئي الكريم، في المزمور 23 يُدْعى الرب يسوع، الراعي الصالِح. وفي إنجيل يوحَنّا 11:10 يَدْعو نَفْسَهُ الراعي الصالِح. ولكونِهِ راعياً صالِحاً، فقَدْ بَذَلَ حياتَهُ عَنْ خِرافِهِ. وباعتبارِهِ راعي الخِرافِ العَظيمِ فَهْوَ الذي يهتَمُّ بالخِرافِ ويُنمّيها. وفي المزمور 23. فَهْوَ يقودُنا إلى المياهِ والعُشْبِ؛ أي إلى كَلِمَةِ الله. وفي المزمور 24 نراهُ باعتبارِهِ رئيسَ الرُعاةِ. نقرأ في (1 بُطْرُس 4:5): "وَمَتَى ظَهَرَ رَئِيسُ الرُّعَاةِ تَنَالُونَ إِكْلِيلَ الْمَجْدِ الَّذِي لاَ يَبْلَى". لقَدْ ماتَ المسيحُ في الماضي باعتبارِهِ الراعيَ الصالِح؛ وَهْوَ راعي الخرافِ العَظيم اليوم؛ وسوفَ يأتي في يومٍ ما باعتبارِهِ رئيسَ الرُعاةِ على خِرافِهِ.

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com