ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

"يعقوب الشاروني": أشكر الله أن أعطاني العمر لأعيش ثورة 25 يناير

ميرفت عياد | 2011-03-03 15:20:53

* "يعقوب الشاروني" لـ"الأقباط متحون":
- الشباب استطاع أن يتمسك بالطهارة الثورية، ويعتمد على العلم والتكنولوجيا.
- على الوالدين أن يرسِّخوا في أبنائهم روح الديمقراطية ومعانيها.
- يجب أن نغيِّر منظومة التعليم التي تقوم على الحفظ، إلى تعليم يقوم على الإبداع والمشاركة.
- يسود السلام الاجتماعي بالخضوع لرأي الأغلبية واحترام رأي الأقلية
- أرجو أن يتكاتف المجتمع مع الشباب في استثمار طاقاته في مشروعات قومية.
- الأدب والثقافة أصبح لهما دور في نشر روح المحبة والتسامح والاعتدال.

أجرت الحوار: ميرفت عياد

جاء يوم 25 يناير ليعلن عن بداية لحظة فارقة في تاريخ بلادنا الحبيبة "مصر".. جاءت اللحظة التي علت فيها أصوات الشباب مدوِّية، رافضة لأي نوع من ألاعيب السياسية، والمحاورات الفاشلة التي لن تجدي نفعًا.. علت أمواج غضبهم لترتطم بصخور الاستبداد والفساد الذي غرق فيه نظام حكم ظالم منذ ثلاثين عامًا، ولم تخف صدورهم من وابل الرصاص، ولم يخشوا الموت الذي يهدِّدهم في كل لحظة. هؤلاء هم الشباب الذين فجَّروا الثورة المصرية.. هؤلاء هم الشباب الذين وُصفوا بأنهم شباب مزيَّف، فاقد للوعي والانتماء من شدة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

وللدخول إلى عالم الشباب الخفي، ومعرفة الكثير عن كيفية تربية الأبناء في ظل منظومة القيم التي فجَّرتها ثورة 25 يناير، وكيفية تنشئة جيل كامل على ثقافة التسامح وقبول الآخر، والعديد من المواضيع الأخرى، أجرينا هذا الحوار مع الكاتب والأديب "يعقوب الشاروني"، وهو كاتب رائد في أدب الأطفال في "مصر" والعالم العربي، وُلد عام 1931 ، وحصل على ليسانس الحقوق، ثم شغل العديد من الوظائف منها: مستشار لوزير الثقافة لشئون ثقافة الطفل، ورئيس المركز القومي لثقافة الطفل. كما بلغت مؤلفاته المئات، نذكر منها: "موسوعة ألف حكاية وحكاية"، و"العالم بين يديك"، و"كيف نلعب مع أطفالنا"، هذا إلى جانب حصوله على العديد من الجوائز، مثل: جائزة الدولة الخاصة في الأدب من الرئيس "جمال عبد الناصر"، وجائزة أحسن كاتب أطفال عن قصته "سر الاختفاء العجيب"، كما حصل كتابه "أجمل الحكايات الشعبية " على الجائزة الكبرى لمعرض "بولونيا الدولي لكتب الأطفال".

* في البداية، ما رأيك في دور الشباب في تفجير ثورة 25 يناير؟
أشكر الله أن أعطاني العمر لأعيش ثورة 25 يناير، وما أثبتته من قدرة الشباب على وضوح الرؤية، والتصميم على التغيير بالوسائل السلمية، والتمسك بالطهارة الثورية، والاعتماد على العلم والتكنولوجيا في سبيل إقامة دولة مدنية ديمقراطية، يتم فيها تبادل السلطة عبر صناديق الانتخاب، في عملية سياسية سلمية لبناء "مصر" المستقبل التي يتحقَّق فيها الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

* كيف نستثمر طاقة الشباب التي ظهرت في ثورة 25 يناير وما بعدها؟
أرجو أن يتكاتف المجتمع بكل أفراده وطوائفه للتعاون مع الشباب في استثمار اهتمامه القوي بالشأن العام الذي ظهر واضحًا في النجاح الهائل الذي حدث في ثورة 25 يناير، وفي الإقبال على المحافظة على البيئة، في مشروعات قومية أساسية، مثل: محو الأمية، والمحافظة عل موارد المياه، والاهتمام بالتفكير العلمي والثقافة العلمية، والاستفادة من الصحاري الهائلة واستزراعها لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء.

* وماذا عن شهداء الثورة الأبرار؟
أنا وكل مصري على هذه الأرض يترحَّم على شهداء الثورة الأبرار، الذين كتبوا بدمائهم هذا المولد الجديد لـ"مصر". وأؤكِّد أن من واجبنا أن نراعي أسر هؤلاء الشهداء باستمرار، وأن نخلِّد ذكراهم؛ لأنهم قدَّموا لـ"مصر" أرواحهم ودمائهم هدية من أجل بناء "مصر" حرة قوية.

* في رأيك، ما هي أسباب قيام ثورة 25 يناير؟
ثورة 25 يناير قامت لتزيح تراكمات ضخمة من الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والإعلامي.

* كيف نعلِّم الأطفال التسامح وقبول الآخر؟
أول مبدأ في ثقافة السلام، أن نقبل المختلفين عنا، ولا نجعل الاختلافات بيننا وبين الآخرين سببًا لوضع حواجز بيننا وبين أي شخص. فمهما اختلف عنا الآخرون في السن، أو الجنس، أو الدين، أو اللون، أو حتى الحالات ذوي الاحتياجات الخاصة، فلابد أن نتعامل معهم جميعًا على قدم المساواة، بغير أن نضع أي حساب لهذه الاختلافات في تعاملاتنا معهم.

* وكيف نربي أبنائنا على منظومة القيم والأفكار التي خلقتها ثورة 25 يناير؟
إن الوالدين يقع على عاتقهما دور كبير مع الأطفال منذ سنواتهم المبكِّرة، حيث يجب أن يقيموا معهم علاقات جيدة، ويستثيروا قدراتهم على الحلم بالمستقبل،
بإعطاءهم الحق في التعبير عن رأيهم داخل الأسرة، وتوسيع دائرة مشاركتهم في مختلف شئون الحياة، وأن نرسِّخ فيهم روح الديمقراطية ومعانيها، ونتلمَّس كل مناسبة لطلب الرأي منهم، ونطرح عليهم مختلف الأمور، ونترك لكل منهم أن يبدي رأيه دون أن نصادر آرائهم، وأن يستمر هذا المنهج معهم خلال مراحل عمرهم في البيت والمدرسة.

* منظومة التعليم يشوبها الكثير من الأخطاء، كيف يتم إصلاحها؟
إن "مصر" الآن تُولد من جديد، ولهذا لابد أن نبدأ في بناء المستقبل منذ الطفولة. فيجب أن نغيِّر منظومة التعليم التي تقوم على الحفظ والاستذكار؛ لكي يحل محلها تعليم يقوم على الإبداع، والمشاركة، وحرية التعبير، والحق في إبداء الرأي، والحق في الحصول على المعلومات الصحيحة، واحترام حق الطالب في الاختلاف، وأن يكون التعليم لإعداد طلبة في الحياة يتوافقون مع معطيات القرن الحادي والعشرين من علم وتكنولوجيا، وليس مجرد أن يكون الهدف تخريج مجموعة من حملة الشهادات.

* كيف ترى فكرة دمج بعض الروايات التي تحث على القيم الإيجابية من مشاركة وقبول الآخر في المناهج التعليمية؟
بالطبع لن نجد أفضل من الكتاب المدرسي الذي يتم توزيع ملايين النسخ منه في كل عام على أبنائنا في مختلف المراحل التعليمية. إنه يصل إلى كل يد، ويدخل إلى كل بيت، ويقرأه الأبناء والبنات قراءة متعمقة فيها فهم واستيعاب. لهذا يجب أن يتضمن العديد من القصص والموضوعات التي تعمِّق القيم الإيجابية بكافة معانيها المختلفة.

* هل للإعلام دور في ترسيخ القيم الإيجابية في المجتمع؟
بالطبع، يجب على الإعلام أن يقوم بترسيخ القيم الإيجابية، عن طريق تقديم مختلف النماذج العملية لكل قيمة من هذه القيم. كما يجب أن يراعي كل من يعمل في الإعلام- سواء المرئي أو المكتوب- الأثر السلبي والمدمِّر لبعض ما يـكتب أو يُقال أو يُذاع، وأن يضع كل شخص مصلحة بلده قبل أي مصالح شخصية، وأن يلتزم بميثاق الشرف الصحفي والإعلامي.

* هل للثقافة دور في نشر القيم الإيجابية ومواجهة الفكر المتشدِّد؟
مع انتشار وسائل الإعلام، والإتجاه إلى تحويل كثير من الأعمال الأدبية إلى أعمال فنية لتقديمها في مسرحيات أو مسلسلات في الإذاعة والتليفزيون، من المؤكَّد أن الأدب والثقافة أصبح لهما دور في نشر روح المحبة والتسامح والاعتدال. ويمكن أن نقدِّم مثالًا على ذلك برواية "خالتى صفية والدير"، وهي من تأليف الكاتب الكبير الأستاذ "بهاء طاهر"، والتي تحوَّلت إلى مسرحية ناجحة، وإلى مسلسل تليفزيوني ارتبطت به جماهير غفيرة من المشاهدين.

* نريد أن نلقي الضوء على دور الأديب والمثقَّف في القضايا التي تمر بها بلاده.
الأديب الحقيقى يكتب لكي يتواصل مع القارئ، ولن يحدث هذا التواصل على نحو فيه تفاعل ومشاركة، إلا إذا عاش الأديب قضايا عصره ومجتمعه، وهذا هو الفرق بين الأدب العظيم والأدب الذي يُـكتب للتسلية وشغل أوقات الفراغ.

* كيف يسود السلام الاجتماعي في رأيك؟
لكي يسود السلام الاجتماعي بين أفراد الوطن وفي مختلف دوائر التعامل مع الآخرين، لابد أن نتعلَّم كيف نخضع لرأي الأغلبية حتى لو اختلفت عن رأينا، وأن نحترم رأي الأقلية، وأن نقبل وجهات النظر الأخرى ونجعلها محل تقديرنا، حتى إذا اختلفت عن وجهة نظرنا. فلكي نعيش في سلام مع الآخرين، لابد أن نحترمهم فيما نوجِّهه إليهم من ألفاظ أو حركات أو تصرفات، فنتجنَّب ما يجرح مشاعرهم أو يتسبب في شعورهم بالألم أو المهانة، وأن نحترم رأيهم حتى لو اختلف عن رأينا، وأن نحترم ممتلكاتهم، ونقدِّر مشاعرهم، فالسخرية تجرح الآخرين، وتضع حواجز بيننا وبينهم.

* في النهاية، هل تتوقَّع أن تنتهي حالات مصادرة الفكر والإبداع التي يتعرض لها بعض المفكرين والأدباء؟
بالطبع، خاصةً وأن هذا العصر يتميَّز بالسماوات المفتوحة وتطوُّر وسائل الإعلام، لهذا فإن المصادرة والمنع لم يعد لهما إلا أثر عكسي. فالفكر والإبداع لا يمكن التغلب على ما قد يحمله من مضامين إلا بالحوار والمناقشة، ولن ينهزم أي فكر إلا بالمناقشة المفتوحة.

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com