تظاهروا أمام مجلس الوزراء وحددوا 4 مارس يوما لثورة الطلبة
بدأت قطاعات مختلفة في مصر تسيّر مسيرات رافعة العديد من المطالب، ومنها قطاع طلبة المدارس اللذين رفعوا شعار الدعوة لإسقاط وزير التربية والتعليم وإصالح حال هذا القطاع الهام وإدخال تعديلات على المناهج التعليمية.
شهدت مصر منذ سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك مظاهرات فئوية متعددة، لكن أحداً لم يتوقع خروج طلاب المدارس المصرية للتظاهر أمام مقر مجلس الوزراء، مطالبين فيها بإسقاط وزير التربية والتعليم، وتطوير المناهج التعليمية وتطوير الإمتحانات، وحماية المدارس من "البلطجية" الذين يهاجمونهم أثناء تواجدهم فيها، وإتهموا وزارة الداخلية بالتواطؤ مع الخارجين عن القانون الذين يحاولون إرهابهم. ودعوا أولياء أمورهم وكافة أبناء الشعب المصري إلى التضامن معهم، فيما أطلقوا عليها "ثورة الطلبة" التي حددوا لها موعداً يوم الجمعة المقبل 4 مارس (آذار).
بدأ الطلاب مسيرة من أمام إحدي المدارس بنهاية شارع قصر العيني، وساروا لمسافة تقترب من الألف متر وصولاً إلى مقر مجلس الوزراء، ثم إنطلقوا إلى ميدان التحرير. وردد الطلاب هتافات مطالبة برحيل الوزير وإصلاح أحوال التعليم، و وهتفوا بأبيات شعرية كتبها أحدهم باللهجة العامية، وورد فيها "إحنا المصريين شقيانين تعبانين، طول عمرنا عايشين ساكتين، مش واخدين حقنا ومتبهدلين، بس إحنا دلوقتي بنقول زهقانين، كفاية بقى إحنا مش قليلين، إحنا في مصر عشيتنا هباب، وحكومتنا مقضينها كباب، سيبوها بقى ده إحنا أهلها، وإياكوا تيجوا جنبها، ده إحنا بس اللي بنحبها، عشان إحنا في قلبها". و"عاوزين تعليم محترم"، و"كفاية فساد.. التعليم باظ".
"إيلاف" كانت حاضرة خلال تظاهرة الطلاب الذين قدرت أعدادهم بما يترواح بين 500 وألف طالب وطالبة، وقال حسام سعد طالب بمدرسة الزهراء الثانوية: نحن نحتاج إلى وزير يفهمنا، و يتفاعل معنا، ويسمع لإصواتنا، نحن نعاني من تعسف المدرسين وتسلطهم، إنهم يعاملوننا كأنهم ضباط في جهاز الشرطة، وكأننا مجرمون. لا يقبلون المناقشة أو الإعتراض على طريقتهم في شرح المناهج. وأضاف سعد: إن المدارس سواء الحكومية أو الخاصة لا تقدم خدمات تعليمية حقيقية، نحن نذهب إلى المدارس ونعود بدون أية فائدة، بل نعود إلى منازلنا وقد أصابنا الصداع الشديد، إنهم غير مؤهلين تربوياً وغالبيتهم يعاني من ضعف المستوى العلمي.
ونبه حسن عصام الطالب بمدرسة ثانوية بنين إلى تفشي الدروس الخصوصية بشكل خطير، بسبب عدم الرقابة على المدرسين الذين لا يمارسون عملهم في الفصل الدراسي، ولا يشرحون المناهج أبداً، "وذلك من أجل إجبارنا على تعاطي الدروس الخصوصية، غالباً ما يضعوننا أمام خيارين لا ثالث لهما، الأول الذهاب إلى منازلهم من أجل الدروس الخصوصية، أو الرسوب، ويقولون ذلك صراحة. ولا يخفى على أحد أن غالبية أولياء أسرنا من محدودي الدخل، الأمر الذي يزيد من أعبائهم المادية، ولعل الجميع يتابع حوادث إنتحار الآباء كل عام مع بداية كل عام دراسي. إننا نريد مكافحة تلك الظاهرة الخطيرة، وهذا يتأتى من خلال تقوية المعلمين، وتطوير المناهج و الإمتحانات بحيث لا تعتمد على الحفظ والتلقين.
وتلفت شيرين عبد المنعم الطالبة بإحدي مدارس القاهرة الثانوية إلى أزمة أخرى يواجهها الطلاب حالياً، لاسيما بعد إنتصار الثورة، ألا وهي هجمهات البلطجية على المدارس، ولا يفرقون بين المدارس الإبتدائية أو الإعدادية أو الثانوية، ويعتدون على التلاميذ والمدرسين بشكل همجي. وتعرب شيرين عن إعتقادها بأن: هؤلاء البلطجية تابعون للحزب الوطني الذي كان يسيطر على البلاد على مدار الثلاثين عاماً الماضية، وقد أسقطت شرعيته بسقوط الرئيس السابق حسني مبارك، ويهدف من وراء تلك الهجمات إلى ترويع الطلاب أسرهم، للتخلي عن الثورة، والمطالبة بعودة الرئيس المخلوع للحكم مرة أخرى، لكننا لن نخاف ولن نقبل أقدام الرئيس المخلوع من أجل أن يحكمنا هو وإبنه جمال لمدة ثلاثين عاماً جديداً، نحن نعلم أن للحرية ثمناً غالياً، وها نحن ندفعه من أمننا وسلامتنا. وتطالب شيرين القوات المسلحة، بإجبار جهاز الشرطة على القيام بواجبه في تلك المرحلة العصيبة، لأن أعضاء هذا الجهاز الضخم الذين يتقاضون رواتب ضخمة من ميزانية الدولة، أي من أموال دافعي الضرائب، إذا لم يقوموا بمهمتهم في الوقت الراهن، فهم إذن خونة للشعب أوفياء للنظام الإستبدادي السابق.
ويؤكد أشرف رضا الطالب بمدرسة الزهراء الثانوية أن نظام الإمتحانات عقيم جداً، لا يقيس إلا مدي قدرة الطالب على الحفظ والتلقين، وليس القدرة على الفهم والتحليل، وتتم الإمتحانات يومياً بدون أيام راحة فاصلة بين كل إمتحان وآخر.
ويتابع أشرف: إن الإمتحانات أحياناً تكون من خارج المناهج، مما يؤدي إلى رسوب الكثير منا، وفي أحيان أخرى يقوم بعض المعلمين بتسريبها وبيعها للطلاب المنتسبين إلى فصول الدروس الخصوصية. كما أن تلك الإمتحانات لا تقيم أي وزن للمواد العملية، لأن وزارة التربية والتعليم لا تهتم بها من الأساس، فلا توجد معامل بالمدارس لإجراء التجارب مثلاً، ولا تهتم كذلك بالمناهج الرياضية أو الموسيقية، ولا يعنيها إكتشاف أو رعاية المواهب، بإختصار إنه نظام تعليمي فاشل، نحن نحتاج إلى تطويره، إننا لم تشترك في الثورة التي استشهد فيها زملائنا من أجل استمرار الأوضاع كما هي.
وتدعو وفاء منصور الطالبة بمدرسة سوزان مبارك الثانوية إلى ضرورة تغيير أسماء المدارس التي تحمل أسماء الرئيس السابق وزوجته، واستبدالها بأسماء شهداء الثورة أوشهداء الحروب أو العلماء المصريين وهم كثر، مشيرة إلى أن عملية تغيير أسماءهما لا تستدعي الكثير من الدراسات السياسية، بل إلى قرار فوري من وزير التعليم، وإلا فليرحل عن الوزارة إذا كان لا يمتلك شجاعة إتخاذ مثل هذا القرار.
وأعلنت الطالبة فاطمة محمود أن لطلاب المدارس ثمانية مطالب رئيسية، هي: إلغاء نظام الثانوية العامة الجديد. فتح المجال أمام الطلاب إختيار المواد التي يريدون دراستها وتناسب ميولهم، كما هو الحال في جميع مناهج التعليم في الدول المتقدمة. إمتحانات مباشرة بدون تعقيد، وتقيس قدرة الطالب على الفهم والإستيعاب، وليس الحفظ. المساواة بين المدارس الخاصة واللغات والأجنبية. تعديل نظام التظلم من نتائج الإمتحانات، وإلغاء الرسوم المفروضة على تقديم التظلمات. نظراً للظروف التي تمر بها البلاد، نطالب بحذف أجزاء من المناهج. تنمية روح الإبتكار والبحث العلمي لدى الطلاب. نطالب باسقاط وزير التعليم، والبحث عن آخر يساعدنا على التعليم، لا أن يساهم في زيادة إحباطنا.
إلى ذلك، حمل المركز المصري لحقوق الإنسان وزير التعليم الدكتور أحمد جمال الدين المسؤولية عن سلامة الطلاب، ودعاه إلى تأجيل الدراسة، لحين القضاء على حالة الإنفلات الأمني، وقال المركز في تقرير له حصلت إيلاف على نسخة منه إنه تلقى شكوى من بعض أولياء أمور مدرسة بورسعيد لغات بالزمالك بتعرض أبنائهم للسرقة والاعتداء بالأسلحة البيضاء وتهديدهم وسط النهار، حيث استولى البلطجية تحت تهديد السلاح على أجهزة محمول وأموال التلاميذ أثناء عودتهم من المدرسة، ونظرا للغياب الأمنى لم يجد التلاميذ من يحميهم من البلطجية وهو الأمر الذي أدى إلى انهيار التلاميذ نفسيا وعدم رغبتهم فى الانتظام فى الدراسة، وطالب الأهالي بضرورة توفير الأمن والسلامة لأطفالهم، وانه لا يمكن ان تعود الدراسة قبل أن تعود الشرطة للشوارع، وناشدو وزير التربية والتعليم بتأجيل الدراسة حتى يعود الأمن للشارع للحفاظ على التلاميذ.
وأشار التقرير إلى أن المركز تلقى شكاوى من بعض مدارس الهرم من تهديد التلاميذ بالأسلحة البيضاء للحصول على أجهزة المحمول والأموال، كما تعرضت فتاة في المرحلة الإعدادية للاعتداء والتهديد بالاغتصاب تحت تهديد السلاح من قبل البلطجية. ونوه بأن المركز تلقى عشرات المكالمات الهاتفية من الأهالي يستغيثون فيها من تعرض أبنائهم للخطر على يد البلطجية فى محافظات كفر الشيخ، الإسكندرية، وطالبوا بضرورة تأجيل الدراسة حتى تهدأ الأمور وتستقر الأوضاع الأمنية.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com