بقلم: د. ماجد عزت إسرائيل
هذه قراءة تاريخية أدبية لأبرز الأحداث التى شهداتها ساحة ميدان التحرير فى 25 يناير 2011م ولا تزال حتى كتابة هذه السطور، من خلال التناول الشعرى لما أفرزته قرائح أبرز الشعراء، للربط ما بين الأحداث الجارية (التاريخ) والشعر.
فميدان التحرير الذى شهد أحداث ثورة 25 يناير 2011م، يرجع الفضل فى أنشائه إلى الخديوى إسماعيل (1280- 1297هـ/1863- 1879م) وسمي على أسمه ميدان (الإسماعيلية) وكان من بين هذه الميادين،التى إنشائها فى مدينة القاهرة ، وكانت جهــــاته من قبل أراضى خربة تحتوى على كثبان من الأتربة وبرك للمياه، وأراضى سباخ،فخططها وأنشأ فيها الشوارع والحارات على خطوط مستقيمة، وأغلبها متقاطع على زوايا قائمة ـــ، واستـــمر بهـــذا الاسم حتى أوائل منتصف الـــقرن العــــشرين،ومع بداية خمسينيات ذات الـقرن ، تغير اسمــــــه إلى "ميــــدان التــــحرير"؛ نسبة إلى التــحرر من الاستعمار البريطانى الذى أستمر ما بين عام( 1882- 1956م).
ويصف الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودى الثورة داخل الميدان قائلاً:
يادي الميدان اللي حضن الذكرى وسهرها
يادي الميدان اللي فتن الخلق وسحرها
يادي الميدان اللي غاب اسمه كتير عنه وصبرها
ما بين عباد عاشقة وعباد كارهة
شباب كان الميدان أهله وعنوانه
ولا في الميدان نسكافيه ولا كابتشينو
خدوده عرفوا جمال النوم على الأسفلت
والموت عارفهم أوي وهما عارفينه
ويصف لنا الشاعر" عبد الرحمن يوسف" من خلال قصيدته"الطغاة" الدوافع الرئيسة التى أدت إلى قيام الشعب المصرى بثورة 25 يناير 2011م، قائلاً:
حَىِّ الشُّعُوبَ تَقُودُ اليَوْمَ قَائِدَهَا:
تُزيحُ ظُلْمَةَ لَيْلٍ كَىْ تَرى غَدَهَا
لَمْ تَخْشَ سَيْفًا، ولَمْ تَعْبَأْ بِحَامِلِه:
فَأَحْجَمَ السَّيْفُ خَوْفًا حينَ شَاهَدَهَا
مَعْ كُلِّ نَائِبَةٍ للأَرْضِ تُبْصِرُهُمْ:
مَعْ أَنَّهُمْ أُشْرِبُوا غَدْرًا مَكَائِدَهَا!
قَدْ كَسَّرَتْ صَنَمًا، واسْتَنْهَضَتْ هِمَمًا:
واسْتَعْذَبَتْ أَلَمًا، كَىْ لا يُطَارِدَهَا
ثُوَّارُنَا بُسَطَاءُ النَّاسِ قَدْ بَذَلوا:
مَعْ أَنَّهُمْ حُرِمُوا دَوْمًا مَوَائِدَهَا!
شَبيبَةٌ حُرِّرَتْ مِنْ كُلِّ مَنْقَصَةٍ:
قَدْ وَدَّعَتْ لَيْلَهَا، والصُّبْحُ وَاعَدَهَا
قُلْ للذى قَدْ طَغَى أُخْزيتَ مِنْ صَنَمٍ:
بِذُلِّ أُمَّتِنَا أَخْرَجْتَ مَارِدَهَا
اللهُ سَطَّرَ أَنَّ الأَرْضَ قَادِرَةٌ:
فَهَلْ سَيَجْرُؤُ عِلْجٌ أَنْ يُعَانِدَهَا؟
دَرْسٌ من اللهِ للإِنْسَانِ عِبْرَتُه:
أَنَّ الفَرِيسَةَ قَدْ تَصْطَادُ صَائِدَهَا!
مَاذَا بِرَبِّكَ تَنْتَظِرْ...؟
أَنْ يُصْدِرَ الرَّحْمَنُ أَمْرًا بانْتِدَابِكَ فَوْقَنَا رَغْمَ الثَّمَانينَ التى بُلِّغْتَهَا؟
هَلْ خَبَّأَ الحُرَّاسُ عَنْكَ سُقُوطَ بَعْضِ مَمَالِكٍ مِنْ حَوْلِنَا كم زُرْتَهَا؟
لَمْ يَنْتَبِهْ جَلادُهَا لإِشَارَةٍ كَبِشَارَةٍ
قَدْ أُطْلِقَتْ بِحَرَارَةٍ وَجَسَارَةٍ وَمَرَارَةٍ
مِنْ قَلْبِ مَنْ مَلُّوا الحَيَاةَ مُحَدِّقينَ بِذَلِكَ الوَجْهِ العَكِرْ...!
لَنْ يُصْدِرَ الجَبَّارُ أَمْرًا بالخُلُودِ سِوَى لأَرْضٍ خُنْتَهَا...
يَا أَيُّهَا العُقَلاءُ هَلْ مِنْ مُدَّكِرْ...؟!
مَاذَا بِرَبِّكَ تَنْتَظِرْ...؟
أَنْ يَكْسِرَ الثُّوَّارُ بَابَكَ؟
حينَهَا هَيْهَاتَ تَقْدِرُ أَنْ تُمَثِّلَ فَوْقَ شَاشَاتِ القِوَادَة
دَوْرَ غَلابِ العِبَادِ المُنْتَصِرْ...!
لَوْ حَاصَرَ الثُّوَّارُ قَصْرَكَ فى الظَّلامِ فَسَوْفَ تَخْذُلُكَ الحِرَاسَةُ والحَرَسْ...
سَتَصِيرُ قِطًّا عَلَّقَ الفِئْرَانُ فَوْقَ قَفَاهُ فى الليلِ الجَرَسْ...
لاحِظْ فَإِنَّ هُنَاكَ بَعْضَ مَمَالِكٍ
لَمْ يَنْفَعِ السُّلْطَانَ فيها كُلُّ أَسْوَارٍ وأَجْنَادٍ فَغَادَرَ وانْتَكَسْ...
هِيَ سُنَّةٌ للهِ تَصْدُقُ دَاِئمًا
يَتَكَلَّمُ الثُّوَّارُ بالحَقِّ المُبِينِ
تَرَى البَنَادِقَ قَدْ أُصِيبَتْ بالخَرَسْ...!
مَاذَا بِرَبِّكَ تَنْتَظِرْ...؟
عَوْنًا مِنَ الأَغْرَابِ؟
أَمْ عَوْنًا مِنَ الأَحْبَابِ؟
أَمْ عَفْوًا مِنَ الشَّعْبِ الذى قَدْ سُمْتَهُ سُوءَ العَذَابْ...؟
مَاذَا أَشَارَ عَلَيْكَ قَوَادٌ وحَاشِيَةٌ تُصَعِّرُ خَدَّهَا للنَّاسِ؟
أَنْ تُلْقِى خِطَابًا آخَرًا؟
وتقول: إِنَّ الذِّئْبَ تَابْ...!
مَاذَا يُفِيدُ خِطَابُكَ المَحْرُومُ مِنْ أَدَبِ الخِطَابْ...؟
مَاذَا سَتَفْعَلُ...؟
والمَكَانُ مُحَاصَرٌ بِجَميعِ مَنْ عَيَّرْتَهُمْ بالفَقْرِ أَوْ بالجَهْلِ والأَمْرَاضِ
أو حَذَّرْتَهُمْ سُوءَ المَآَبْ...!
سَتَقُولُ قَدْ خَدَعُوكَ...؟
مَنْ ذَا قَدْ يُصَدِّقُ كَاذِبًا فى وَقْتِ تَوْقيعِ العِقَابْ...؟
مَا زِلْتَ تَحْسَبُ أَنَّ طِيبَةَ قَلْبِنَا تَعْنِى السَّذَاجَةَ
لا...
فَنَحْنُ القَابِضونَ عَلى مَقَابِضِ أَلْفِ سَيْفٍ
يَسْتَطِيعُ بَأَنْ يُطَيِّرَ ما يَشَاءُ مِنَ الرِّقَابْ...
لا تَعْتَمِدْ أَوْ تَعْتَقِدْ أَنَّ التَّسَامُحَ إِنْ أَتَى الطُّوفَانُ مَضْمُونٌ
لأَنَّكَ حينَ تَبْدَأُ بالتَّفَاوُضِ
والمِيَاهُ تَهُزُّ تَاجَكَ
سَوْفَ تَعْرِفُ كَمْ تَأَخَّرَ نَاصِحُوكَ عَنِ النَّصِيحَةِ
سَوْفَ تَعْرِفُ كَمْ يَتُوقُ الشَّامِتُونَ إلى الفَضِيحَةِ
سَوْفَ تَعْرِفُهَا الحَقِيقَةَ
أَنْتَ مَحْصُورٌ كَجَيْشٍ هَالِكٍ
كَانَتْ لَهُ فُرَصُ النَّجَاةِ مُتَاحَةً
لَوْ كَانَ قَرَّرَ الانْسِحَابْ...!
يَا أَيُّهَا المَحْصُورُ بَيْنَ الرّّاغِبينَ بِقَتْلِهِ
أَنْصِتْ بِرَبِّكَ
قَدْ أَتَى وَقْتُ الحِسَابْ...!
يَا مَنْ ظَنَنْتَ بِأَنَّ حُكْمَكَ خَالِدٌ
أَبْشِرْ فَإِنَّ الظَّنَّ خَابْ...!
مَاذَا بِرَبِّكَ تَنْتَظِرْ...؟
قَبْرًا مُلُوكِيًّا؟ جِنَازَةَ قَائِدٍ؟
ووَلِىَّ عَهْدٍ فَوْقَ عَرْشِكَ قَدْ حَبَاهُ اللهُ مِنْ نَفْسِ الغَبَاءْ...؟
كُنْ وَاقعيًّا...
كُنْتَ مَحْظُوظًا وشَاءَ الحَظُّ أَنْ تَبْقَى
وهَا قَدْ شَاءَ أَنْ تَمْضِى
فَحَاوِلْ أَنْ تَغَادِرَنَا بِبَعْضِ الكِبْرِيَاء...
لا تَنْتَظِرْ حَتَى تُغَادِرَ فى ظَلامِ الليلِ مِنْ نَفَقٍ إلى مَنْفًى
يُحَاصِرُكَ الشَّقَاء...
حَرَمُوكَ طَائِرَةَ الرِّئَاسَةِ
لا مَطَارَ يُريدُ مِثْلَكَ
لا بِسَاطٌ أَحْمَرٌ عِنْدَ الهُبُوطِ ولا احْتِفَاءْ...
قَدْ صِرْتَ عِبْئًا
فَاسْتَبِقْ مَا سَوْفَ يَجْرى قَبْلَ أَنْ تَبْكِى وَحَيدًا كَالنِّسَاءْ...
مَا زِلْتَ تَطْمَعُ تَدْخُلُ التَّأريخَ مِنْ بَهْوِ المَدِيحِ
وإنَّ شِعْرى قَالَ
تَدْخُلُهُ، ولكِنْ مِنْ مَواسِير ِالهِجَاءْ...!
فى خَاطِرى يَعْلُو نِدَاءْ...
مَنْ عَاشَ فَوْقَ العَرْشِ بالتَّزْويرِ يَرْحَلُ بالحِذَاءْ...!
مَاذَا بِرَبِّكَ تَنْتَظِرْ...؟
حَدِّقْ بِمِرْآَةِ الزَّمَانِ وقُلْ لِنَفْسِكَ
كَيْفَ صِرْتَ اليَوْمَ رَمْزًا للمَذَلَّةِ والخِيَانَةِ والخَنَا...؟
مَاذَا تَرَى فى هَذِهِ المِرْآَةِ غَيْرَ مُجَنَّدٍ لَمْ يَسْتَمِعْ لضَميرِ أُمَّتِهِ
فَوَالَسَ وانْحَنَى...!؟
مَاذَا تَرَى فيها سِوَى وَجْهٍ تُغَطِّيهِ المَسَاحِيقُ الكَذُوبَةُ دُونَ فَائِدَةٍ
فَيُبْصِرُهُ الجَميعُ تَعَفَّنَا...!؟
اصْرُخْ أَمَامَ جَلالَةِ المِرْآَةِ
ثُمَّ اسْأَلْ ضَمِيرَكَ مَنْ أَنَا...؟
سَتَرى الجَوَابَ يَعُودُ
أنْتَ القَائِدُ المَهْزُومُ لُحْظَةَ أَسْرِهِ
مُتَذَلِّلاً
مُتَوَسِّلاً
مُسْتَنْجِدًا بِعَدُوِّهِ مِنْ أَهْلِهِ
وإِذَا خَسِرْتَ ذَويكَ لَنْ يُجْديكَ أَنْ تَرْضَى الدُّنَا...
فَاتْعَسْ بِذَمِّ الشَّعْبِ
ولْتَهْنَأْ بِمَدْحِ عَدُوِّنَا...!
مَاذَا بِرَبِّكَ تَنْتَظِرْ...؟
القَادِمُ المَجْهُولُ أَصْبَحَ وَاضِحًا كَالشَّمْسِ فى عِزِّ الظَّهِيرَةْ...
فَاذْهَبْ إلى حَيْثُ الخَزَائِنِ واصَطَحِبْ مَعَكَ العَشِيرَةْ...
قَدْ يَغْفِرُ النَّاسُ الخِيَانَةَ إِنْ رَحَلْتَ الآنَ
لَكِنْ إِنْ بَقيتَ فَقَدْ تُطَالِبُ أَلْفُ عَاقِلَةٍ وعَائِلَةٍ بِبَعْضِ دِيَاتِ قَتْلاهَا
وإِنْ صَمَّمْتَ أَنْ تَبْقَى
تَرَى أَهْلَ القَتيلِ يُطَالِبُونَكَ بالقِصَاصِ
فُخُذْ مَتَاعَكَ وابْدَأِ الآنَ المَسِيرَةْ...
كَمْ قَدْ خَدَمْتَ عَدُوَّنَا
وَسَيُكْرِمُونَكَ فى مَدَائِنِهِمْ
فَسَافِرْ - دونَ خَوْفٍ - نَحْوَهُمْ فى رِحْلَةٍ تَبْدُو يَسِيرَةْ...
مَا زالَ عِنْدَكَ فُرْصَةٌ
فَلْتَقْتَنِصْهَا
إِنَّهَا تَبْدُو الأَخِيرَةْ...!
مَاذَا بِرَبِّكَ تَنْتَظِرْ...؟
الآنَ غَادِرْ لَمْ يَعُدْ فى الوَقْتِ مُتَّسَعٌ لمَلْءِ حَقَائِبِكْ...
اهْرُبْ بِيَِِخْتٍ نَحْوَ أَقْرَبِ مِرْفَأٍ
واصْحَبْ جَمِيعَ أَقَارِبِكْ...
لا وَقْتَ للتَّفْكِيرِ
فَالتَّفْكيرُ للحُكَمَاءِ
والحُكَمَاءُ قُدْ طُرِدُوا بِعَهْدِكَ
والمُطَارَدُ صَارَ أَنْتَ الآنَ
فَاهْرُبْ مِنْ جَميعِ مَصَائِبِكْ...
أَتُرَاكَ تَعْجَبُ مِنْ صُرُوفِ الدَّهْرِ؟
لا تَعْجَبْ
فَكَمْ عَجِبَتْ شُعُوبٌ مِنْ سَخِيفِ عَجَائِبِكْ...!
أَتَظُنُّ أَنَّ الجَيْشَ يُطْلِقُ رُمْحَهُ نَحْوَ الطَّرِيدَةِ رَاضِيًا مِنْ أَجْلِ كَرْشِكْ...؟
أَمْ هَلْ تَظُنُّ أُولئِكَ الفُرْسَانَ تَسْحَقُ بالسَّنَابِكِ أَهْلَهَا لتَعِيشَ أَنْتَ بِظِلِّ عَرْشِكْ...؟
يَا أَيُّهَا الجِنِرَالُ كُلُّ الجُنْدِ فى فَقْرٍ
وإِنَّ الفَقْرَ رَابِطَةٌ تُوَحِّدُ أَهْلَهَا فى وَجْهِ بَطْشِكْ...!
فَلْتَنْتَبِهْ...
إِذْ لا وَلاءَ لِمَنْ يَخُونُ وَأَنْتَ خُنْتَ جُنُودَ جَيْشِكْ...
احْذَرْ سَنَابِكَ خَيْلِهِمْ
واحْذَرْ سِهَامَ رُمَاتِهِمْ
واحْذَرْ سُكُوتَهَمُ وطَاعَتَهُمْ وتَعْظِيمَ السَّلامِ
فُكُلُّ تِلْكَ الجُنْدِ قَدْ تَرْنُو لنَهْشِكْ...
قَدْ يُوصِلونَكَ للأَمَانِ إذا رَحَلْتَ
ويُوصِلونَكَ إِنْ بَقِيتَ لجَوْفِ نَعْشِكْ...!
مَاذَا بِرَبِّكَ تَنْتَظِرْ...؟
يَا أَيُّهَا المَشْتُومُ فى كُلِّ المَقَاهِى مِنْ جُمُوعِ السَّامِرينْ...
يَا أَيُّهَا المَلْعُونُ فى كُلِّ الشَّرَائِعِ مُبْعَدًا مِنْ كُلِّ دينْ...
يَا أَيُّهَا المَنْبُوذُ فى القَصْرِ المُحَصَّنِ بالجُنُودِ الغَافِلينْ...
مَاذَا سَتَفْعَلُ...؟
هَلْ سَتُقْسِمُ أَنْ تُحَاسِبَ مَنْ رَعَيْتَ مِنَ الكِلابِ المُفْسِدينَ الفَاسِدينْ...؟
أَمْ هَلْ سَتَعْفُو عَبْرَ مَرْسُومٍ رِئَاسِىٍّ عَنِ الفُقَرَاءِ مَعْ دَمْع سَخِينْ...؟
عَفْوًا يَعُمُّ الكُلَّ ولْتُسْمِعْ جُمُوعُ الحَاضِرينَ الغَائِبينْ...
فَلْتَشْهَدُوا إِنَّا عَفَوْنَا عَنْ ضَحَايَانَا
شَريطَةَ أَنْ يَمُدُّونَا بِبَعْضِ الوَقْتِ كِىْ نَقْضِى عَلَيْهِمْ أَجْمَعينْ...!
لَنْ يَنْفَعَ المَرْسُومُ فالمَقْسُومُ آتْ...!
لَنْ يَرْحَمَ الثُّوَّارُ دَمْعَكَ
أَنْتَ لَمْ تَرْحَمْ دُمُوعًا للثَّكَالى الصَّابِرَاتْ
تَحْتَاجُ مُعْجِزَةً ولَكِنْ مَرَّ عَهْدُ المُعْجِزَاتْ...
هُوَ مَشْهَدٌ مَلَّ المُؤَرِّخُ مِنْ تَكَرُّرِهِ
رَئِيسٌ أَحْمَقٌ خَلَعُوهُ فى عَجَلٍ
ويَبْدو آخَرٌ فى يَوْمِ زِينَتِهِ قَتِيلاً مِنْ عَسَاكِرِهِ الثِّقَاتْ...
يَا كَاتِبَ التَّأْريخِ قُلْ لى
كَمْ حَوَيْتَ مِنَ العِظَاتِ الوَاضِحَاتْ...؟
لَنْ يَنْفَعَ الحَمْقَى جُيُوشُ حِرَاسَةٍ
فَنِهَايَةُ الطُّغْيانِ وَاحِدَةٍ
وإِنْ لَعِبَ المُؤَرِّخُ بالأَسَامِى والصِّفَاتْ...
فَاهْرُبْ لأَنَّكَ إِنْ بَقيتَ تَرَى المَهَانَةَ قَبْلَ أَنْ تَلْقَى المَمَاتْ...!
مَاذَا بِرَبِّكَ تَنْتَظِرْ...؟
أَدْرى وتَدْرى رَغْمَ كُلِّ البَاسِطِينَ خُدُودَهُمْ مِنْ تَحْتِ نَعْلِكَ
أَنَّنَا فى آخِرِ الفَصْلِ الأَخيرِ مِنَ القَصيدَةْ...!
أَدْرى ويَدْرى السَّامِعُونَ جَمِيعُهُمْ أَنَّ الخِيَانَةَ فيكَ قَدْ أَمْسَتْ عَقيدَةْ...!
أنَا لا أُحِبُّ الهَجْوَ...
لَكِنْ إِنْ ذَكَرْتُكَ تَخْرُجُ الأَلْفَاظُ مِثْلَكَ
فى النَّجَاسَةِ والتَّعَاسَةِ والخَسَاسَةِ
لا تَلُمْهَا
إِنَّهَا فى وَصْفِكَ انْطَلَقَتْ سَعَيدةْ...
حَاوِلْ تََدَبُّرَ مَا تَرَاهُ
فَمَا تَرَاهُ
نِهَايَةٌ مَحْتُومَةٌ
هَيْهَاتَ يُجْدِى مِنْ مَكِيدَتِهَا مَكِيدَةْ...
مَا زِلْتَ مُحْتَارًا...؟
أَقُولُ لَكَ انْتَبِهْ
دَوْمًا عَلامَاتُ النِّهَايَةِ فى اقْتِرَابٍ حينَمَا تَبْدُو بَعِيدَةْ...!
فى الصَّفْحَةِ الأُولَى نَرَاكَ مُتَوَّجًا
ولَسَوْفَ نُبْصِرُهُ هُرُوبَكَ مُعْلَنًا ومُوَثَّقًا
بِشَمَاتَةٍ طُبِعَتْ على نَفْسِ الجَريدَةْ...!
يَا سَيِّد القَصْرِ المُحَصَّنِ
نَحْنُ مَنْ يَجْرى وَرَاءَكَ بالحِجَارَةِ والبَنَادِقِ
فَانْتَبِهْ...
لَسْتَ الزَّعيمَ اليَوْمَ بَلْ أَنْتَ الطَّرِيدَةْ
ويبدو أن الشاعر "عبد الحميد سليمان" حدد العوامل التى دفعت الشعب المصرى للقيام بثورة 25 يناير 2011م،من خلال قصيدته "البركان" قائلاً:
طفح الكيل واستطمْ *** وامتطى الهائج الخضمْ
هادراً مرعدً كاسحاً *** طاهرً شامخاً أشمْ
أنكر الجور والخّنا *** يفدح الأحقر الأصمْ
ليس يثنيه الأذى *** باذلاً روحّه ودمْ
يصرع الروع والقذى *** ينحر الخوف والعدمْ
راعه اليأس إذ طغى *** موغلاً يُقعِد الهِممْ
فاسداً مفسداً مهلكاً *** طاغياً نائياً مُقْتحمْ
خَاله أنه قد أمِن *** فجأةّ النار والحِممْ
راقَه البطشُ دون أنْ *** يُنهِهِ طارئُ الندمْ
باشقاً يصطلى أهلُه *** خَرِب النفس والذِممْ
عجبٌ أمرُهُ إذ ترى *** فمّه يلعق القدمْ
أسدٌ إن رأى بائساً *** نعجةٌ عند من حكمْ
بائعاً عِرض أختِه *** مزرياً بأبٍ وأمْ
إن تناهتْ لسمعِه *** صرخةٌ لأخٍ وعمْ
أوصد القلبَ دونها *** وارتأي أنهم عدمْ
فوق أشلاءِ قومِه *** طابت الراحُ والنغمْ
وانتشى الذلٌ والخَنا *** وانزوى السيفُ والقلمْ
وغدا الشِين سيداً *** يردعُ الدينً والذِممْ
واستوى الوغُد مُرعِداً *** طاغياً غافلاً أصمْ
وبدا سرمداً خالداً *** ومضت تَلهَجُ الغنمْ
طاف بالبيت حولَه *** سِفلةٌ تعبدُ الصنمْ
واكتوى الناسُ من ضنىً*** وانتَضَى الثوبُ واخْتُرِمْ
فجأةً أبرقَ الردى *** يصعقُ الرأسَ والقدمْ
هادراً كاسحاً أعمً *** يلفظُ الذلَ والسِقَمْ
زلزلَ الأرضَ واقتحمْ *** وانبرى الكبتُ والنقمْ
يُطْهِر العينَ من قذىً *** يركَلُ الوغدَ والرِمَمْ
طافحاً سيلُه مُسْتطم *** يمتطي الهائجَ الخِضَمْ
هادراً مُرعِداً كاسحاً *** طاهراً شامخاً أشمْ
وربما كشف الشاعر"هشام الجخ" عن حصاد ثورة 25 يناير 2011م، فى قصيدته" مزق دفاترك القديمة كلها" قائلاً:
مزق دفاترك القديمة كلها
و اكتب لـ"مصر"اليوم شعرًا مثلها
لا صمت بعد اليوم يفرض خوفه
فأكتب سلام النيل مصر و أهلها
عيناكِ أجمل طفلتين تقرران
بأن هذا الخوف ماض وانتهى
كانت تداعبنا الشوارع بالبرودة والسقيع
ولم نفسر وقتها!!
كنا ندفئ بعضنا في بعضنا
ونراك تبتسمين .. ننسى بردها!!
وإذا غضبتِ كشفت عن وجهها
وحيائُنا يأبى يدنس وجهها!!
لا تتركيهم يخبروكي بأنني متمرداً ..خان الأمانة أو سهى
لا تتركيهم يخبروكي بأنني أصبحت شيء تافه وموجها
فأنا ابن بطنك وابن بطنك ..من أراد.. ومن أقال.. ومن أقر.. ومن نهى !!
صمتت فلول الخائفين بجبنهم
وجموع من عشقوكِ
قالت قولها !
ولاشك أن بعض هذه القصائد المختارة التى نظمها الشعراء،لثورة 25 يناير 2011م؛ تساعد على استكشاف المزيد من طبائع العلاقة بين الفن الشعرى والحدث التاريخى.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com