يعرف المطلعون على التاريخ الإسلامي أن تعذيب قريش لأسرة آل ياسر, كان لتخويف بقية المسلمين الأوائل. ويقال أن الرسول "صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم" كان يمر بهم فيدعو لهم ويقول: صبرا آل ياسر إن موعدكم الجنة. ويروى أنه عندما أفرج عن عمار جاء إلى الرسول ليقول له: "يا رسول الله, ما تُركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير". فقال الرسول: "كيف تجد قلبك"? قال: "مطمئنا بالإيمان". فقال النبي: "فإن عادوا فعد".
ويؤكد رسولنا العظيم أن الظروف قد تجبر الإنسان على تغيير مواقفه بينما يظل قلب هذا الإنسان صامدا مليئا بالإيمان بالحق. فمنذ تلك اللحظة التاريخية التي طمأن فيها الرسول عمار ابن ياسر واصل هذا المؤمن السير على طريق الجهاد مع رسول الله, وكان في كل الوقائع في المقدمة, فهاجر هجرتين وصلى القبلتين وشهد مع النبي وقائع كثيرة, كما شهد معه بيعة الرضوان وأبلى بلاء حسنا, بل ويعرف المطلعون على التاريخ الإسلامي أيضا كيف تعامل رسولنا العظيم "صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم" مع كفار قريش عند فتح مكة, وهم الذين حاربوه وحاربوا أصحابه وآذوهم, بل وحاولوا قتلهم. فبدلا من إشعال فتيل الانتقام قال لأهل مكة: ما تظنون أنى فاعل بكم? فقالوا: خيرا .. أخ كريم وابن أخ كريم, فقال "عليه الصلاة والسلام": إذهبوا فأنتم الطلقاء, لا تثريب عليكم اليوم.
ويعرف المطلعون على تاريخ الحضارات والمتعمقون بعلم اللاهوت كما المسيحيون كافة كيف تعامل سيدنا المسيح "عليه السلام" مع مخطئة زانية عندما أقدم الناس على محاولة رجمها بالحجارة, فوقف المسيح العظيم في طريقهم ليطلق مقولته المشهورة: "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها أولا بحجر". ويضيف سيدنا المسيح "عليه السلام": "أو كيف تقدر أن تقول لأخيك: يا أخي, دعني أخرج القشة التي في عينك! وأنت لا تلاحظ الخشبة التي في عينك أنت. يا مرائي, أخرج أولا الخشبة من عينك, وعندئذ تبصر جيدا لتخرج القشة التي في عين أخيك, "الآية 42 من إنجيل لوقا". ومع أنه بار بلا عيب ولا خطيئة أجاب المرأة انه هو نفسه لا يدينها. ولكنه أعطاها وصية جديدة "اذهبي ولا تعودي تخطئين".
وكلنا يعرف كيف تعامل رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين المقبور مع شعبه الأعزل طوال 35 عاما, فاضطرت غالبية العراقيين إلى الانضمام إلى حزب البعث من أجل ضمان أمنهم وأمن أسرهم أولا, ومن أجل ضمان لقمة العيش ثانيا وإلا كان الاعتقال ومن ثم التعذيب المفضي إلى الموت في المرصاد. ولو قام العراقيون بعد إسقاط هذا النظام بالانتقام من كل المنتمين إلى هذا الحزب لأبعدوا غالبية الأطياف العراقية عن المساهمة في بناء العراق الجديدة.
ومنا إلى اشقائنا في مصر, إلى الشباب الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه لمد يد المحبة إلى كل أطياف الشعب المصري العريق لبناء مصر الوليدة. .
نقلاً عن السياسة
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com