كتب: عوض بسيط
قالت "كونداليزا رايس" وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، أن الأحداث في مصر لم كان يجب أن تصل لهذا، فبعد أن بدا لوقت (في عام 2005) أن قيادة مصر تستجيب لرغبات الشعب في التغيير، من خلال انتخابات رئاسية تكاد تكون حرة تمامًا (هكذا وصفتها) فاز فيها حزب مبارك باكتساح، بعد جدل كبير مع المجتمع المدني، لكن بعدها بفترة قصيرة غير مبارك الاتجاه، من خلال انتخابات برلمانية كانت مدعاة للسخرية، واستمرار قانون الطوارئ المكروه، وسجن الشخصيات المعارضة مثل "أيمن نور"، وهو ما جعل الغضب المصري ينفجر في النهاية بميدان التحرير. وهو ما يدفع الآخرين بالمنطقة -حسب رأيها- لاستيعاب الدرس الآن، والإسراع بعمليات الإصلاح السياسي والاقتصادي المؤجلة.
مخاوف مشروعة
وقالت وزيرة الخارجية السابقة في مقالها المنشور بصحيفة "الواشنطن بوست" الأمريكية -أمس الأربعاء- المعنون "مستقبل مصر الديمقراطية"؛ أن هناك مخاوف مفهومة أن الأحداث لن تسير على ما يرام بعد مبارك، فالإخوان المسلمين يمثلون أكبر قوة سياسية منظمة في مصر، وكان مبارك دائمًا ما يقول أن الاختيار بينه وبين الإخوان، واتبع سياسات لتحقيق تلك النبوءة، فبينما كان يقمع ويسجن قادة سياسيين علمانيين محترمين، تمكن الإخوان من تنظيم أنفسهم من خلال المساجد، وتقديم خدمات اجتماعية لم يقدر النظام أن يقدمها، لذلك فإعادة التوازن للملعب السياسي سيأخذ وقتًا.
سلام بارد
"رايس" التي زارت مصر في 2005 وألقت خطابًا بالجامعة الأمريكية، عن تقدم مصر في طريق الديمقراطية، لم يلق إعجابًا من المعارضة المصرية، قالت أنه رغم كل إخفاقات مبارك إلا أنه احتفظ بسلام بارد مع إسرائيل، دعم القيادات المعتدلة للفلسطينيين، وأبقى حماس بعيدًا، ولكنه لم يتمكن من ذلك بشكل كامل بسبب خوفه من الشارع المصري..
واستطردت: كان للولايات المتحدة نصيب كبير من اللوم العلني من أصدقاء، كانوا يدعمون سياستها سرًا!!
مستقبل غامض
وعن المستقبل قالت "رايس": لا يمكننا تحديد سياسة مصر الخارجية في الفترة القادمة، لكن يمكن أن نؤثر عليها من خلال علاقتنا بقواتها المسلحة، والمجتمع المدني، ووعود المساعدة الاقتصادية وتحرير التجارة، لتحسين حياة الكثير من المصريين.
الخطوة الأهم الآن هي إثبات ثقتنا فيمستقبل الديمقراطية في مصر، فالمصريين ليسوا كالإيرانيين، والآن ليس عام 1979 (الثورة الإيرانية)، فمؤسسات مصر أقوى، وعلمانيتها أعمق.
وتساءلت عن رؤية الإخوان لمصر؛ هل يسعون لتطبيق الشريعة؟ هل يطمحون في مستقبل من التفجيرات الانتحارية والعنف ضد وجود إسرائيل؟ هل يتخذون من إيران نموذجًا أو القاعدة؟ هل يتوقعون أن يحسنوا من أوضاع المصريين من خلال المجتمع الدولي، هل سينتهجون سياسات تؤدي لزعزعة استقرار الشرق الأوسط؟
وقدمت "حماس" و"حزب الله" كنموذجين مقاربين للإخوان المسلمين؛ فرغم توطد قوتهما في فلسطين ولبنان، إلا أنهما يواجها صعوبات في الحكم، أو إدارة الدولة.
اضطراب
وترى "رايس" أن التحدي القادم سيكون للسياسات الديمقراطية في مواجهة الأصولية، وهو الصراع الدائر في المنطقة، في العراق، لبنان، وخاصة تركيا، حيث مجاملة المتدينين أطاحت بعقود من العلمانية. أما في مصر فعلى المسيحيين وأتباع الديانات الأخرى أن يجدوا مكانًا وصوتًا.
وتعتقد أن الشهور والسنوات القادمة تتجه للاضطراب، وهذا هو الوضع المفضل للاستقرار الزائف للديكتاتورية، حيث تحتل القوى الخبيثة المساحات الديمقراطية الفارغة، لتسكت الأصوات الديمقراطية.
وإن كانت ترى أن هذا الوقت ليس مماثلاً لأحداث 1979، حيث الثورة الإيرانية، فهي أيضًا تراه مغايرًا للعام 1989، حيث سقطت الشيوعية، وكان هناك العديد من الوطنيين الذين نظروا لأمريكا كمنارة للديمقراطية.
وتستطرد: تاريخنا مع شعوب الشرق الأوسط مختلف تمامًا، ومع ذلك على الولايات المتحدة أن تدعم قوى الديمقراطية، ليس من أجل صداقة أفضل معنا، ولكن من أجل صداقة أفضل مع شعوبهم.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com