بقلم: د. رأفت فهيم جندى
فى اتصال هاتفى قال قداسة البابا شنودة للرئيس مبارك "أننا والشعب كلنا معك"، واضاف قداسته فليحفظه الله لمصر" بالطبع كانت هناك كلمات أخرى عن مدح للقوات المسلحة والشباب لحفظ الأمن ولكن ما اثار التعليق هو دعاء ومساندة قداسة البابا للرئيس مبارك.
يتميز قداسة البابا شنودة بدقة كلماته التى احيانا يخطىء البعض فى فهمها، وفى موقف سابق ظن الكثيرون أن البابا شنودة بعتذر بسبب خطأ عندما قال قداسته "انه يأسف لجرح مشاعر أخوتنا المسلمين". حتى اوضح قداسته بعدها أن هذا الأسف ليس اعتذارا لأنه لم يخطئ ولكنها مشاركة فى المشاعر. والسبب فى عدم الفهم من جانب البعض هو عدم تدقيقهم فى كلمات قداسته وعدم فهمها بطريقة صحيحة.
وفى مكالمة قداسة البابا شنودة للرئيس مبارك تكرر نفس عدم الفهم، فنحن نعلم أن رسالة البابا شنودة روحية وليست سياسية ولهذا لابد من قراءة كل كلماته بهذا المعنى.
فعندما تقول لشخص واقع فى مصيبة ما بسبب حماقة تصرفاته أنك معه، فهذا يعنى أنك تسانده معنويا وتطلب له ارشاد الرب لهدايته للقرارا الصحيح، لكنك لا تسانده فى أن يخطئ ولن تذهب معه للمحكمة لكى تطلب تبرئته، ولا يفهم البعض أن هذه المساندة الروحية والمعنوية هى مساندة للمخطئ فى خطأه. ولو ألمت بك ضيقة شديدة بسبب سوء تصرفك الا تتوقع من الأب الكاهن أن يأتى اليك ويشد من أزرك ويربت على كتفك ويقول لك أنه والكنيسة كلها يرفعون صلاة من أجلك فى هذه الضيقة؟
بالطبع لا ينسى احد أن مبارك كان عدوا للكنيسة فلقد ترك قداسة البابا فى المنفى 3 سنوات بدون سبب ومعاناة الكنيسة القبطية وقداسة البابا واستشهاد الكثير من الأقباط فى عصر الطاغية مبارك عم جميع ارجاء البلاد، وشهدائنا من الكشح إلى العمرانية والأسكندرية والمظاهرات المخزية ضد الكنيسة وقداسة البابا مازالت عالقة بالذهن، ولكن رسالة الكنيسة الروحية ليست قاصرة فقط على المؤمنين بل هى للعالم أجمع. وكلمات التعضيد التى قالها قداسة البابا للرئيس مبارك تقدم لنا مثلا فى تطبيق تعاليم السيد المسيح "أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ". والكنيسة لها رجاء لكل شخص حتى ولو كان من اعتى المجرمين امثال مبارك وحبيب العادلى، وقصة القديس موسى الأسود الذى كان رئيس عصابة وسفاح ثم صار بعدها قديسا يخرج النور من يديه وقت الصلاة معروفة للكل.
حقيقى لقد أنكسر الفرعون المتجبر بعد تعنت طويل، لكننا كمسيحيين نشفق عليه شخصيا ونطلب له جميعنا كما قال له قداسة البابا أن يرشده الرب الإله لكى يدبر أمور تركه للحكم تدبيرا حسنا فلا يراق الدم أكثر من هذا. ولنفهم ما قاله البابا لمبارك بطريقة صحيحة لأنها كلمات روحية وليست سياسية. ولنصلى جميعنا للرئيس مبارك لكى يهديه الرب للحق بعد طول بغى ولنحارب شعور الشماته فيه داخلنا، فهذه هى تعاليم السيد المسيح وكتابنا المقدس.
رئيس تحرير جريدة الأهرام الجديد الكندية
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com