ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

مسيحيو غزة... عيش بأماكن ممزوجة بالقلق

إيلاف - كتبت : تغريد عطاالله | 2011-01-21 07:52:51
اثارت الاعتداءات التي استهدفت كنائس مسيحية في مصر والعراق أسئلة كبيرة حول وضع المسيحيين في العالم العربي، وفي قطاع غزة الذي يخضع لسيطرة حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، يكون الحديث عن وضع المسيحيين مكاناً للجدل.
 
بعد انفجار كنيسة القديسين في الإسكندرية واستهداف عدد كبير من المسيحيين، تولّدت العديد من الأسئلة حول أوضاع المسيحيين في كل مكان، فيما لا يستثنى وضع المسيحيين في غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس.
 
في البداية لم يرحّب أعضاء جمعية الشبّان المسيحية في غزة بالسؤال عن مساحة الحرية الدينية المتاحة لهم في غزة، قائلين إنّ مجرد السؤال يتسبب لهم بالضيق، وأنّه يجعلهم خارج المجتمع الغزّي الذين يعتبرون أنفسهم جزء لا يتجزأ منه.
 
ولكن كبير المؤسسين للجمعية ومديرها موسى سابا 85 عاماً وافق على الخوض في هذا الموضوع قائلاً بنبرة عالية: "there's no descremanation" أي في العربية "لا توجد تفرقة، وتابع: "لم نحس بالفرق أبداً، كلنا أهل، عشنا مع بعض منذ الهجرة، ونحمل بطاقات تموين أيضاً، ليس هناك أي فرق بيننا".
 
ويستعرض سابا مواقف له مع جيرانه المسلمين: "الكثير من الجيران المسلمين يلقون علىّ السلام يومياً، ويأتون للمشاركة في نشاطات الجمعية". وتابع: "جمعية الشبّان المسيحية مساحتها واسعة وتتسع للعديد من النشاطات، وحينما يأتينا شبّان مسلمين يرغبون في توفير مساحة لممارسة نشاطاتهم الخاصة في الجمعية، لا نقصر في ذلك، بل نفتح المجال ولا نقبل منهم مقابلاً مادياً، لسبب أننا نعتبر أننا إخوة ولا فرق بيننا”.
 
فيما أشار يوسف الحشوة 77 عاماً أحد مؤسسي جمعية الشبّان المسيحية إلى أن 90% من روّاد الجمعية هم من المسلمين، وأنّ العدد الأكبر الذي يأتي لتهنئتهم في عيدهم يكون معظمه من المسلمين.
 
وتابع: "بالنسبة لحكومة حماس فهي لم تغير الأمر ولم تقلل من الحرية الدينية لنا"، مشيراً إلى ذكريات لمؤسسين حركة حماس أمثال إبراهيم اليازوري وأحمد ياسين، واصفة تلك الذكريات بالإنسانية جداً. وأضاف: "كانوا يأتون إلى الجمعية ويتناولون الغذاء ويعقدون اجتماعاتهم وانتخاباتهم، ونجلس بينهم ويجلسون بيننا، وكنا نتشارك هم الوطن.. وهذا أهم شيء".
 
وتابع موسى سابا الحديث مستذكراً وجه الشيخ أحمد ياسين قائلاً: "مازلت أتذكر وجه أحمد ياسين، في فترة الانتفاضة الأولى كانت الجمعية أشبه بمقّر لأحمد ياسين وعديد من الناشطين معه لترتيب مخططاتهم وأعمالهم، ومازلت أذكر الشيخ ياسين وهو يوزع الهدايا على الكل"، مشيراً بيده للغرفة المقابلة، قائلاً:" في هذه الغرفة تحديداً".
فيما استذكر سابا موقفاً خاصاً وقال: "أذكر موقفاً أتى فيه المطران عطا الله حنا إلى الجمعية وطلب مني الذهاب في زيارة إلى بيت الشيخ أحمد ياسين، وجلسنا وقتها وكانت الجلسة مثال لعدم التفرقة بين الدينين".
 
هنية تلميذي
 
فيما أكدّ سابا أنّ ووجود حكومة حماس في الفترة الحالية لم يغّيّر شيئاً مما هو عليه الحال من توافق في المعيشة بين المسلمين والمسيحية، فيما لفت الانتباه إلى أن أحداث تفجير كنيسة الإسكندرية لها ظروفها الخاصة التي تختلف عن ظروف غزة، وبالتالي لا تنعكس عليها، وقال آسفاً لما حدث: "الجميع يحزن لهذا الفعل غير الإنساني، في ذلك التفجير قتل العديد من المسيحيين والمسلمين أيضاً"، وهذا محزن جداً.
 
فيما لفت يوسف الحشوة إلى أنّ رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية هو تلميذ من تلامذته الذين قام بتلمذتهم أثناء ممارسته مجال التدريس قبل إحالته للتقاعد، وقال: "فوجئت في مناسبة عقد زواج لقريب أنّ إسماعيل هنية جائني وذكرّني بنفسه، وكم فرحت حينما علمت أن تلميذي وصل لذلك المنصب!".
 
كما استذكر أسماء زملاء له في مجال التدريس هم حاليًا من قيادات حماس مثل محمد حسن شمعة، وأسامة نوفل، ومصطفى أبو القمصان، ونبيل البغدادي، وأنه لم يعهدهم إلا مقربين وأصدقاء له. مشيراً إلى أنّه رغب في ذكر هذه المواقف ليس لأجل النشر وإنما لأنها مواقف حقيقية تجسد التواصل الدائم بين المسيحيين والمسلمين كأبناء شعب واحد، مستمثلاً بالقول: "الدين لله، والوطن للجميع".
 
جولييت أصبحت فاطمة
 
فيما تحولت جولييت عن ديانتها المسيحية قبل أربعة أعوام ليتحول اسمها إلى فاطمة المسلمة بدلاً عن جولييت المسيحية.
 
تقول فاطمة 45 عاماً: "سبقتني أختي للإسلام منذ ثلاثين عاماً، ولكن الله هداني لاتخاذ قرار اعتناق الإسلام قبل أربعة أعوام من الآن"، وتروي فاطمة قصتها قائلة: "تربيت بين جيران مسلمين وكنا أقليّة، وكنت دائماً أتسائل عن قلتنا، وكنت أفكر باعتناق الإسلام إلى أنّ آن الأوان"، وتابعت: "حينما علم أهل زوجي باعتناقي للإسلام خيّروني بين اعتناق الإسلام أو زوجي ، واخترت إسلامي"، في حين واجهتها مشكلة رفض عائلتها إلا أنهم تقبلوها أخيراً.
 
تتابع فاطمة بفرح وبحزن معاً قصة إسلامها: "بعد إسلامي قاطعني كل أقاربي المسيحيين، وقد أصبحت وحيدة جداً، لكني فرحة جداً بإسلامي"، أمّا الأمنية التي تمنتها فاطمة بعد اعتناقها للإسلام فكانت هي أداء فريضة الحج التي نالتها العام المنصرم بمساعدة من"أهل الخير"، كما قالت، فيما أشارت إلى بدء تعلمها القرآن وحفظه وتلاوته.
 
ولم تتوقف فاطمة على ذلك، وإنما تمنت أن يعتنق كل أقربائها من معتنقي الديانة المسيحية الإسلام.
 
المطران والمفتي يمتنعون عن الإجابة
 
فيما امتنع مفتي غزة عبد الكريم الكحلوت عن الإدلاء برأيه مرجعاً السبب أنّه لا يحق له التعبير عن طبيعة حريات لا يدري عنها شيئاً!.
 
في حين امتنع مطران كنيسة الروم الأرثوذوكس ألكسيوس عن الخوض في موضوع الحرية الدينية المتاحة للمسيحيين في غزة، واصفاً السؤال بالسياسي الذي يجب عدم الخوض والإغراق فيه، كما رفض مسيحيون آخرون يعتبرون أن تناول الموضوع على أساس موقف سياسي شيء مرفوض، وأنهم جزء من الوطن و لا يجدر طرحه أصلاً!.
 
هناك خوف وهلع لدى المسيحيين ويجب إزالته
 
في تفسير هذا الامتناع من تلك الجهات للخوض في الموضوع أوضح المحلل السياسي ناجي شرّاب أنّ خصوصية وظروف الحالة الفلسطينية في ظل عدم وجود دولة حقيقية جعلت الشعور بوجود تفرقة بين مسلم ومسيحي أصلاً مستبعداً وغير قائم بشكل مطلق، مشيراً إلى أنهم مندمجون بشكل طبيعي وسط شعور واحد يجمعهم وهو الانتماء للوطن.
 
وتابع شرّاب: "ربما المشكلة بدأت بالظهور بعد تفجيرات كنيسة الإسكندرية وأحداث لبنان الطائفية أيضاً، حيث أصبح هناك تخوّف من تمدد الظاهرة إلى فلسطين". وأفاد: "هناك حالة من الخوف والقلق الضمني لدى المسيحيين في غزة، مرجعها أن غزة تحكمها حركة حماس التي تتميز بطابعها الديني الجوهر، وبالتالي سيكون هناك تخوف..ليس أكثر".
 
مشيراً إلى حضور هذه الحالة مؤخراً رغم كل محاولات الحكومة في غزة طمأنتهم عبر التأكيد على عدم المساس بحقوقهم وممارسات حياتهم وكافة مظاهر عبادتهم. فيما نفى شرّاب بشكل مطلق وجود حالة الطائفية في فلسطين، مدللاً على ذلك بوجود أحد أبناء الطائفة حسام الطويل كنائب في المجلس التشريعي الحالي الذي أقرّته حكومة حماس.
 
كما ذكّر شرّاب بما هي عليه فلسطين من قدسية كلّلها بها مولد المسيح عليه السلام في مدينة بيت لحم، مطالباً بإزالة هذا التخوّف عبر التأكيد على الوحدة وأن الأولوية للأرض الفلسطينية التي ينتمي لها الجميع.
 
وقال: "ينبغي أن تجسد الأرض الفلسطينية نموذجاً راقياً متقدماً في تقديم صورة حضارية للتعايش والاندماج بين المسلم والمسيحي". فيما طالب شرّاب السلطات الحاكمة بتعميق روح المواطنة ومحاولة التأكيد مجدداً على ضرورة تأكيد على مسألة أنه لا فرق بين أبناء الشعب الفلسطيني، وأنّ الهم الوطني يجمع الكل بدون أي استثناءات!
 
وجدير بالذكر أن المسيحيين في غزة يشكلّون نسبة 2% من سكان قطاع غزة، كما تتواجد في غزة ثلاث كنائس لممارسة شعائرهم الدينية الخاصة بهم.
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com