ضمن خطة الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة د. أحمد مجاهد لتنمية الوحدة الوطنية بين المصريين، أقام صالون غازي الثقافي العربي برئاسة د. غازي عوض الله ندوة بعنوان "مستقبل الحوار والتعايش بين الأديان والثقافات في القرن الحادي والعشرين" بقصر ثقافة الجيزة شارك فيها د. أحمد مجاهد رئيس الهيئة، أ.د. محمود العزب مستشار الأمام الأكبر شيخ الأزهر لشئون الحوار، نيافة الأنبا بسنتي أسقف المعصره وحلوان، الأب جوزيف سكاتولين مسئول دار كامبوني للعلوم واللغة العربية المتخصص في التصوف الإسلامي، أ.د. فوزية شفيق الصدر أستاذة الأدب الإنجليزي وعميدة المعهد العالي للغات بمصر الجديدة، وأدارها أ.د. أسامة نبيل أستاذ بجامعة الأزهر وعميد المعهد العالي للغات بالسادس من أكتوبر، بحضور الكاتب صبري سعيد رئيس إقليم القاهرة الكبري وشمال الصعيد الثقافي وعديد من المثقفين والإعلاميين.
د. أحمد مجاهد الشكر للحضوراشار إلي أنه عندما اتفقت مع أ.د.غازي علي إقامة هذه الندوة لم يكن الاعتداء الإرهابي الغاشم علي كنيسة القديسين بالأسكندرية قد وقع، ولم يكن يدور بعقل أي منا أن مصر يمكن أن تعاني من محاولات الوقيعة بين مسلميها ومسيحيها لأكثر من سبب، الأول أن اسم مصر في اللغات الأجنبية مأخوذ من كلمة قبط، فسكان مصر هم الأقباط سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين فهم شعب واحد، والثاني أن أدباء مصر ومبدعيها الذين يشكلون وعيها علي مر التاريخ يؤكدون هذه الحقيقة.
ومن ناحيته أوضح د. غازي أننا الليلة نلتقي حول مفهوم الحوار ومستقبل التعايش بين الأديان السماوية، وأوجه التلاقي بين الثقافات المعاصرة في القرن الحادي والعشرين، وهي ندوة مهمة وحيوية، وقد فرضت علينا موعدها وحددت بأهميتها مكانها واستدعت لضرورتها الملحة رجالها والمهمومين بجدواها، وقد اختارت الندوة أرض الكنانة مقراً لانعقادها، وهي أكثر بقاع الأرض مثالية في فكرة التعايش والوحدة والاندماج بين البشر، والتسامح بين الأديان والتلاقي بين مختلف الثقافات والتقارب بين شتي الآراء والأفكار.
وأشار أ. د. أسامة نبيل إلي أنه من العجيب أن يتهم الدين بأنه معوق للحوار والتعايش، وهو السبيل الأكثر فاعلية في تحقيق الحوار والتعايش بين الشعوب! ومن الأعجب أن نترك العنان للجهل والأفكار الغريبة والمتطرفة لتبرر هذا الاتهام، كيف تصبح التعاليم التي تدعو إلي الحب والتعاون والفضيلة وترفض الرذيلة أن تكون سبباً في الفرقة ولاختلاف والكراهية! وكيف ينتصر التطرف الفكري الذي يدعو إلي الاغتيال في التأكيد علي العداء بين الثقافات والأديان!.
ولا ينكر أحد الأهمية التي يوليها الإمام الأكبر شيخ الأزهر لكل الأنشطة التي تتعلق بالحوار والتعايش، ولا ينكر أحد أيضاً تفهم البابا شنودة الثالث أهمية نشر روح المحبة في نسيج الأمة، ووجود الأنبا بسنتي هنا خير دليل علي ذلك، وأنا أيضاً علي يقين من مشاركة الأب جوزيف سكاتولين المتخصص في التصوف الإسلامي ستدعم الهدف من انعقاد هذه الندوة، وأن مشاركة الأستاذة الدكتورة فوزية الصدر سيثبت أن الثقافة والدين عنصران متلازمان يلعبا دوراً محورياً في الحوار الديني.
وأكد د.محمود العزب علي أن الأزهر الآن فتح باب الحوار مع كل مُختلف ما دام الاختلاف حق بشرط الاحترام المتبادل بين المتحاورين وبشرط أخر هو استبعاد العقائد من الحوار، وأنه في هذه المرة سيتحاور أولاً في الداخل في داخل العالم الإسلامي وفي مصرمع المذاهب الإسلامية المختلفة وكل من يريد الحوار ويحترم الشروط ثم نتحاور مع الكنيسة المصرية أولاً مع الكنيسة الوطنية المصرية.
وأوضح أن شيخ الأزهر فكر في بيت العائلة المصرية لأنه يعرف قيمة العائلة في المجتمع المصري، هذا البيت يتكون من علماء مسلمين وأقباط وسوف تعقد لقاءات فورية بحيث يتوجه واحد من العلماء كل أسبوع لوسيلة من وسائل الإعلام ليتحدث عن القيم بلغة بسيطة نرجو أن تعمم في الكنائس والمساجد.
وقد بدأ الأنبا بسنتي أسقف المعصرة وحلوان كلمته أن هناك كلمة علي لسان السيد المسيح وردت في الأنجيل وهي "أن كنت لا تحب أخاك الذي تراه، فكيف تحب الله الذي لا تراه وهنا يقصد الأنجيل أخاك أي الأخ في البشرية، هذا كذب إذا كنت تقول أني أحب الله وأكره أخي، بهذا لاتستطيع أن تحب الله، فيجب عليك أن تحب أخاك وان كان شريرا.
وقال إن عملنا كرجال دين ومثقفين ومحبين لله ولوطنا، نسعي لحب الوطن، وكما قال الشعراوي عندما سُئل عن الإختلاف ، فقال ،إذا وجدنا وقت لنتحدث عن ما نتفق فيه، فلا نجد وقت لنتحدث عن ما نختلف فيه، وقال أن الأنسان العاقل الحكيم الذي يحب الله، يوجد حل لكل مشكلة وعكسه يوجد مشكلة لكل مشكلة، وهذا سبب حبنا لكلا منهم وكذلك المرحوم الطنطاوي شيخ الأزهر السابق الذي كان سبقا بالخير، وهو كان معلمي الذي أخذت منه الكثير، أما البابا شنودة سنة 77 عندما كانت هناك مشاكل، فقال "أنا مستعد أن أفدي كل مواطن مسلم بدمي" وهذه دلالة علي رسالتهم وهي الحب، الأختلاف موجود، وأشار الله في القرآن حين قال ذكرهم ولا تكرهم، وماعلي الرسول إلا البلاغ.
وأكد علي ضرورة اللقاء، فلابد أن نعرف الأطفال الديانتين في المدارس وأن نعلمهم الوصايا والتعاليم من الكتاب والأنجيل، ويحدث عناقا روحيا أمام الأطفال، فحتي إذا أساء أحدا للدينين يكون الطفل مؤهلا للرد عليهم.
وفي كلمتها قالت د. فوزية شفيق الصدر إن المترجمين هم ناقلو الثقافات والحضارات من الشرق إلي الغرب وحيث أن عصور التنوير صعدت علي أكتاف الترجمات للتراث البشري سواء أكان داخل الأديرة أو الجوامع أو ذاكرة التراث الشعبي فإن الترجمة أصبحت اليوم بمثابة طوق النجاة الذي ينقلنا من الجهل إلي عالم المعرفة، ولم تأت الألفية الثالثة إلا لتجد الشرق يلهث وراء التقدم الرهيب والسريع.
كما بدأ جوزيف سكاتولين بقوله أن الدين الصحيح هو الذي يسمح بالتعدد والتنوع، فالدين الصحيح هو الدين المتفتح المتعدد مظاهره، وليس المنغلق في ذاته ككتله متجمدة، نحن نريد هذا الدين المتفح الذي يعرف أن يميز بين الجوهر والعارض، دين قادر علي حوار إيجابي قادر علي الحوار مع الأخر المختلف، يهتم بالعدالة الإجتماعية، يقف في وجه الإستغلال والفقر، وبؤس البشر خاصة في ظل ما تعيشه البشرية من أتجاه تسويقي، لذلك أظن أن هناك حاجة ملحة لكي نرجع للقيم الروحية عبر التاريخ فهي السند للحضارات الماضية والإيمان بخلود البشر لأن هذا الإيمان هو الذي ساعد المصريين في بناء الأهرام.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com