ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

على الأرض السلام .. " موروث أم عقيدة "

حازم محمد البساطى | 2011-01-13 00:00:00

بقلم: حازم البساطي
على الأرض السلام مصطلح له مقصدان؛ أولهما مرده مأثور شعبي يدل على أن الخراب قادم لا محال، وثانيهما يدل على مرجاة أن يعم السلام على أرض العباد.
طمعًا مني في اجتلاء الجلاء أطرح أطروحتي "موروث أم عقيدة" وصولًا لقبول الآخر وقبوله لي، فبعد ما صار قد بلغ السيل الزبى حتى أصبح لزامًا قول الفصل.
يولد الإنسان بفطرته الإنسانية فيبدأ حياته كصفحة بيضاء تمتلىء يومًا بعد يوم بعادات وتقاليد وتعاليم... مصبوغه بصبغه من ينتسب اليهم، ويكون من دون الإدراك فلا حول له ولا قوة فيما تملىء به صفحات حياته، فما أن يصبح مدركًا يكون حبر صفحات كتابه قد إلتصق إلتصاق قرار وأصبح غالب الظن أن تكتمل باقى صفحات كتابه مبنية ومتسقه مع ما سبقها من صفحات، فما أصعب إزالة ما التصق بمر السنين.
هذا هو غالبًا مصير العوام فهم امتداد لسلفهم لا قدرة لهم فى التأصيل أو التعديل أو التغيير، فتأتى مكونات حياة هؤلاء كموروث - الموروث هو ما نقل من السلف الى الخلف بصورة تلقائية وفقًا لقوانين الطبيعة - وتستمر كذلك. أما الخواص فبحكم مداركهم فهم قادرون على تأصيل الأشياء وترجيحها ومفاضلتها بين هذا وذاك، ولكنهم يصتدمون دائمًا بأن خروجهم عن الموروث هو خروج عن المآلوف وهو ما يرفضه السلف لخلفه، فحينئذ يقع بين نارين، نار الموروث ونار العقيدة - العقيدة هى الحكم الذى لا يقبل الشك فيه لدى مُعتقده، فهو ما عقد الإنسان عليه قلبه جازمًا به سواء كان حقًا أو باطلًا - فإذا ما اختار الموروث آثر السلم والسلام بين ذويه وإذا ما اختار العقيدة وكانت متعارضة مع موروثه فجزائه غالب الظن الطرد والإبعاد.
محظوظ من يتفق موروثه مع عقيدته فظفر بالدنيا والآخرة إن شاء رب العلا، مشئومًا من تعارضت موروثاته مع عقيدته، فلا محال من أنه خسر الدنيا وإن كان له فى الآخرة مطلبًا. فإن كنت من المحظوظين فلا تكن غليظًا على المشئوم فهو أمر لم يخرج من يديه.
فالاختلاف أمر حتمي ومن رحمه يولد مصطلحا "الأنا" و"الآخر"، والآخر مصطلح يدلل على كل ما يقابل الأنا أو الذات، أي يعني المخالف فى الفكر والمذهب، فالآخر هو ما ليس أنا والذى قد تكون مكونات حياته موروثه أو عقائدية متفقة مع موروثي أو معتقدي أو مختلفه، لكننا نتفق في أننا من أصل واحد، يقول تعالى: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا" (سورة الحجرات الآية 13)، يا أيها الناس، والذي يناديكم هذا النداء هو الذي خلقكم من ذكر وأنثى، وهو يطلعكم على الغاية من جعلكم شعوبًا وقبائل، إنها ليست التناحر والخصام، إنما هي التعارف والوئام، فما أدل من ذلك على قبول الآخر.
فمن أراد سوء الظن من قولي فلا محال من أنه على الأرض السلام بمقصدها الأول، ومن أحسن الظن في قولى فلنقول سويًا على الأرض السلام بمقصدها الثاني. وفي كل الأحوال ألتمس من أولي الألباب أن يقابلوني بالمعذرة، ويعاملوا قولي بالمعفرة، فإن الإغضاء عن الملام من شيم الكرام والسلام.

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com