ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

المسيحية العربية والاستهداف المشبوه

محمد السموري | 2011-01-10 00:00:00

بقلم: محمد السمُّوري
ظهر في الآونة الأخيرة حدثان جديدان غريبان ويرتبطان ببعضهما ارتباطا علائقياً، وهما الاعتداء على كنيسة سيدة النجاة في العراق، عقبه الاعتداء على كنيسة القديسين في مصر، مع تلميحات لتواصل الاستهداف يرافقه غموض بالدوافع، مما يؤشر إلى وضع علامة استفهام كبرى فلماذا (؟) أما في العراق فإن الأمر جدٌّ يعزى إلى الإرهاب المستشري في هذا البلد مع قدوم قوات الاحتلال الغازية، وهو إرهاب منظم وموجه يراد منه – كما أسلفنا في غير مرّة – اختلاط حابل المقاومة بنابل الإرهاب، وتشويه صورة المقاومة الوطنية الشريفة، أما وأن ينتقل هذا الفعل الإجرامي المنظم إلى خارج مسرح العراق ، فإن الموضوع يحتاج إلى وقفة متأنية ورؤية غير ضبابية للمشهد الذي باتت ملامحه تتوضح من خلال معطياته، ومن هذه المعطيات غير التأويلية وغير القسرية : تزامن الحدثين وتشابه أسلوبهما مع غياب المزاعم التسويغية المباشرة، مؤشر يدلّ على وحدة الهدف، وهو الانتقام الأخير والتعويض عن انكشاف وهزيمة المقولات والوعود الكاذبة، وذلك بزرع الفتنة بين المسلمين والمسيحيين في المشرق كآخر أوراق المشروع الأمريكي الفاشل والمنهزم في العراق وأفغانستان،.

وهذا شأن كل حركة استعمارية عرفتها منطقتنا عبر التاريخ، متناسين استحالة هذا التفريق، ذلك لأن المسيحية أصلا ولدت في الشرق ولولا الشرق لما عرفها الغرب ولما عرف الدين من أساسه ولبقي في ظلامه وضلالته إلى الأبد، ولهذا فنجد الغرب يتعامل مع المسيحية على أنها ثقافة مستوردة من الشرق فهي غريبة عنه ويريد التخلي عنها بواسطة اختلاق ذرائع متعددة تستهدفها في روحيتها قبل كل شىء فاختلق لمواجهتها مفاهيم غنوصية متعددة، واليوم يريد زجها في مواجهة مع شقها الروحي وصنوها دين الإسلام الحنيف ، أما إذا أريد من استهداف كنيسة النجاة تهجير مسيحيي العراق عن أرض آبائهم واقتلاعهم من جذورهم القومية والتاريخية، فعلام يهدف استهداف كنيسة القديسين؟
إذ ما علمنا أن الحال هو نفسه لدى الأقباط أصحاب الأرض والتاريخ والجذور في مصر، ومن له مصلحة في هذا الفعل المدان؟ والذي لا ينتمي إلى عقيدة الإسلام بأية صلة بل ويحرمه الإسلام تحريما بينا في القرآن الكريم قال تعالى ((وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِع وبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذكرُ فِيهَا اسْمُ اللَهِ كَثِيراً)) والأحاديث الصحيحة التي تحرم الاعتداء عليهم كثيرة ، فليس من أخلاق الإسلام ولا من شيمه وأعرافه الاعتداء على أماكن العبادة التي يذكر فيها اسم الله كثيرا.

إن أقباط مصر ليسوا غرباء عن المنطقة وليسوا حديثي العهد بها إنهم أهلها القدامى حتى قبل الإسلام فمن يملك حق زعزعة أوضاعهم وترويعهم في أرضهم ووطنهم التاريخي، من جهة أخرى، لا أعتقد ولا يعتقد معي عاقل أبداً، أن الفرقة يمكن أن تكون بين العرب مسيحيين ومسلمين ذلك لأن المسيحية ديناً لجل العرب قبل الإسلام فهي دينهم التاريخي وقبائلهم معروفة للقاصي والداني. النتيجة في هذا تقول: إن الموساد ولا أحد سوى الموساد ينتفع من هذه الاختراقات الخطيرة للمحظورات بين أبناء الوطن الواحد بغض النظر عن اثنياتهم الاجتماعية والدينية ، وهذه ليست نتيجة ارتجالية، ولا نتحرج من تصنيفها ضمن (نظرية المؤامرة) لأن المؤامرة مستمرة لم تنقطع يوماً ، وكأن مفهوم المؤامرة أصبح عيبا نتهم به كلما أشرنا إلى جانب يطال الغرب.

ولو كان متلبساً ، فالموساد واسع الانتشار في مواقع هذه الأحداث من جهة ويريد خلط أوراق المنطقة العربية وتشويه صورة الإنسان العربي وهو عدو تاريخي للفئتين على حد سواء ، كما يريد منها التعويض عن انهزامه وافتضاح الكثير من عملياته الإجرامية، وانكشاف شبكاته التجسسية في لبنان يوما بعد يوم، فاستغل نتائج الانتخابات التشريعية المصرية ، واختلق هذا الحدث لتصويره على أنه من تداعياتها،وهو ليس كذلك لأن الفعل السياسي لا يمكن له أن يقع هكذا بلا دواعي، لم نسمع بها إلى الآن على أقل تقدير ، وإن المراقب المتتبع يتيه فعلا في ضوء عدم وضوح الدواعي والأسباب المباشرة لمثل هذا الفعل، ولا يمكن لعاقل إلا أن يربطه بشكل مباشر مع تنامي الحرص الأمريكي الإسرائيلي على تقسيم السودان، لخلق دويلة مستحدثة تحتاج إلى كل الدعم السياسي والاقتصادي فيتوخى هو منها قياسا على حاجتها أن تكون عميلة له في المنطقة، وأخيرا أودّ أن أتوّج مقارباتي هذه بعظة من التاريخ الإسلامي عن علاقة الأقباط بالإسلام، فهم بكل فخر أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم. عندما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة اللخمي رسولا إلى المقوقس ملك الإسكندرية ومصر فقال خيراً وقارب الأمر، وأهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم مارية بنت شمعون القبطية رضي الله فولدت له إبراهيم عليه السلام، وأختها سيرين فوهبها لشاعره حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه .

إذا هم أخوال إبراهيم بن محمد صلى الله عليه وسلم قال فيهم أحمد شوقي: بَني القِبطِ إِخوانُ الدُهورِ رُوَيدَكُم هَبوهُ يَسوعاً في البَرِيَّةِ ثانِيا أَلَم تَكُ مِصرٌ مَهدَنا ثُمَّ لَحدَنا وَبَينَهُما كانَت لِكُلٍّ مَغانِيا أَلَم نَكُ مِن قَبلِ المَسيحِ اِبنِ مَريَمٍ وَموسى وَطَهَ نَعبُدُ النيلَ جارِيا وَما زالَ مِنكُم أَهلُ وُدٍّ وَرَحمَةٍ وَفي المُسلِمينَ الخَيرُ ما زالَ باقِيا وقال أحمد محرم: يا أُمَّةَ القبطِ وَالأَجيالُ شاهِدَةٌ بِما لَنا وَلَكُم مِن صادِقِ الذِمَمِ أَنتُم لَنا إِخوَةٌ لا شَيءَ يُبعِدُنا عَنكُم عَلى عَنَتِ الأَقدارِ وَالقِسَمِ يا قَومِ لا تَغفَلوا إِنَّ العَدُوَّ لَهُ عَينٌ تُراقِبُ مِنكُم زَلَّةَ القَدَمِ وقال فيهم اسماعيل صبري: مَعشَرَ القِبطِ يا بَني مِصرَ في السَر راءِ قد كُنتُمُ وَفي الضَرّاءِ باركَ اللَهُ فيكُم أَنتُمُ النا سُ وفاءً إن عُدَّ أهلُ الوَفاءِ دينُ عيسى فيكُم ودينُ أخيهِ أحمدٍ يَأمُرانِنا بِالإِخاءِ لا تُطيعوا منّا ومِنكم أناساً بَذَروا بَينَنا بُذورَ الجَفاءِ لا يَكُن بَعضُنا لِبَعضٍ عدُوّاً لعنَ اللَهُ مُستَبيحي العِداءِ وفي الختام لا يسعني إلا أن أعبّر عن خالص مواساتي لأسر الشهداء رحمهم الله جميعا، وأسكنهم فسيح جنانه، وألهم ذويهم الصبر والسلوان، والمواساة لشعب مصر أقباط ومسلمين ولقداسة البابا المكرّم شنودة، عظيم الأقباط حفظه الله، وأطال عمره ، صاحب المواقف الحميدة والمؤيدة للتسامح والأخوّة، وصاحب المواقف الوطنية المشهودة، وأدين هذا الفعل الخسيس والجبان والغادر الذي استهدف أناس أبرياء لا ذنب لهم إلا أن يقولوا ربنا الله.

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com