ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

المَسِيحِيَّةُ الإِسْمِيَّةُ

القمص. أثناسيوس فهمي جورج | 2016-10-23 17:05:45
القمص اثناسيوس فهمي جورج
هناك دراسات أَجْرَتْها معاهد لاهوتية؛ حول تزايد عدد المسيحين السوسيولوجيين، أﻱ الذين ليس لهم من المسيحية سوى الاسم. تلك الظاهرة التي أُجريت عليها دراسات إحصائية قياسية ، لدراستها وهي خاصة بالمسيحيين الذين لا يشتركون في العبادة والقداسات والخِدَم الإلهية... المسيحي السوسيولوجي هو الذﻱ يدخل الكنيسة في المعموديات والأكاليل (الأعراس) والجنازات ، وأحيانًا في مناسبات موسمية ؛ كالأعياد والطقوس التي لا يمكن التنصل منها في أﻱ مجتمع مسيحي.
رأيَ الباحثون هذه الظاهرة ضمن عِلم الاجتماع المسيحي ؛ كأحد فروع علم اللاهوت الرعوﻱ ؛ حتى لا تكتفي الكنيسة بالكرازة للوثنيين ، بل تهتم أولاً بهؤلاء المسيحين الإسميين ؛ الذين مع كونهم مؤمنين نالوا نعمة استنارة المعمودية ، إلا أنهم مازالوا في طور الموعوظين وما أبعد... لقد ذكرهم ربنا يسوع عندما قال : ”كَيْفَ تَدْعُونَنِي يا رَبُّ يا رَبُّ ؛ ولا تَعْمَلُونَ بِمَا أَقُولُ؟!“ (لو ٦ : ٤٦).. وأن لهم صورة التقوى ؛ لكنهم منكرون قوتها.. لهم اسم ”أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ ؛ أَنَّ لَكَ اسمًا ؛ أنَّكَ حَيٌّ ؛ وأَنْتَ مَيِّتٌ“ (رؤ ٣ : ١). 
لقد تزايدت أعداد المسيحيين السوسيولوجيين ؛ حتى صارت ظاهرة ليست غربية فقط؛ لكنها منتشرة في قارات أخرى... حيث سطحية المعرفة الإيمانية وضعف الانخراط بمواظبة في وسائط نعمة حياة الكنيسة ، وكثرة أعداد الذين لا يمارسون الإيمان وينتمون بالاسم للكنيسة ؛ غير عارفين شمالهم من يمينهم ، ويحيون (أُمِّية) مسيحية أدَّت بهم للجفاء والميوعة والإنكار.( ما اصطلح عليه = مسيحي غير ممارس مسيحية )
أسباب كثيرة أدت إلى تزايد هذه الظاهرة ؛ لعل من أهمها تأثير العولمة العقلانية السلبية ؛ وموجات المادية والدهرية واللامبالاة بكل ما هو إلهي.. كذلك هناك مسببات أخرى تتعلق بضعف الرعاية والافتقاد ؛ وتسطيح التعليم اللاهوتي وفقدان القدوة والتأثير ، مع تكرار العثرات التي يضخِّمها إبليس ؛ ويتخذها ضمن موضات محارباته في هذا الشأن... لكن الكنائس الناهضة تَعِي التحولات التي يعيشها عالمها ؛ وتكيِّف برامجها ودروسها لتخاطب احتياجات شعبها ، وتخصص اجتماعات صلاة دائمة ومكثفة ، تتزامن مع التعليم الدسم وافتقاد العمل الفردي والمواظبة علي تثبيت الأركان الضعيفة والتنقية الملازمة لكل ترقية نحو الأفضل الي ما هو قدام في عمل النعمة ونمو القامة 
عاملة بحرارة وإلتهاب ؛ لتنفض عنها الغبار وتخرج خارج المحلة باحثة عن هؤلاء ، لتقدم لهم مسيح السامرية والابن الضال وزكا العشار.. كذلك تقوم بإعداد الخدام المناسب والكافي لكل فئات العمر ؛ من أجل جذب الذين تركوا كنيستهم وابتعدوا في الكورة البعيدة... تعمل عمل غرس وزرع وسقي في حصاد كثير ؛ لأن الله يقدِّر الذين يركضون لنوال جُعالة السباق ويفوزون بالجائزة إلى المنتهى.
فلنقدم أنّاتنا من أجل (قتلىَ بنت شعبي) ونسعى نحوهم يالحاح وتجديد متواتر لايكل ؛ حتى نوفر على أنفسنا أنّات الدهر الآتي... إذ أن الكنيسة هي سامرﻱ هذا الجيل الصالح ؛ تخرج خارج المحلة وتبحث في خارج السياجات ؛ ولا تعبر طريقها قط ؛ دون أن تبحث ماذا تعمل مع ملايين النفوس؟! فإذا كانت أوروبا تقيم جمعيات للعناية بالطيور والنباتات ، فكم بالأحرى النفس التي اقتناها واشتراها مسيح الكنيسة.. إنه يأتي ولا يتركها للصوص بين الحياة والموت ؛ بحيث يتعين على الجسد كله أن يتحرك ليستدرك ؛ جامعًا كل البعيدين والإسميين ،وما لايمكننا عمله نستودعه بغيرة أكله لمن هم أقدر منا ؛ لأن هذه هي إرادة الرب التي تتحدى المستحيلات ؛ بالسلطة التي منحها للرسل والخدام ليعملوا بإسمه وقوته ؛ بل يعملون أعمالاً أعظم منها ، لهم إيمان كحبات الخردل الناقل لجبال الفتور والبرودة والجفاء الروحي. خشية أن يأتي أب عائلتنا الإلهية الذﻱ زرع شجرة تينة كرمه ؛ ليحاسب الكرّامين ؛ إذا وجدها غير مثمرة ولا نامية فيقول: ”أَقْلَعُهَا ؛ لِمَاذَا تُعَطِّلُ الأَرْضَ؟!“ (لو ١٣ : ٧). 
والآن وقت عمل وصلاة : اذهبْ اليوم يا ابني ؛ اعمل اليوم في كرمي ، طالبين من الرب أن يتركها هذه السنة أيضًا ؛ حتى نحفر حولها ونضع زبلاً ؛ غير مكترثين بجذب الأمواج ، ولا نتلكّأ بتراخٍ في حَلَبة السباق ؛ بل ننزل من أورشليم إلى أريحا لنجاهد جهاد الكرازة والشهادة ؛ مفتدين النفوس من النار... اذهبوا أنتم أيضًا واصنعوا كما صنع السامرﻱ ؛ وقدموا رحمة بإستعداد إنجيل السلام ولجام الفطنة ؛ مسنودين بمعونة الأعمال الصالحة ؛ التي تغطي تقصيرنا وضعفنا ، حتى نوفي أولاً ما هو واجب علينا ؛ لنستطيع أن نتحصل على ما نترجَّى.
إنَّ إدانة الخطأ تصبح بصورة ما مدرسة للبراءة.. لذلك على الخدام أن يتنقوا وينسكبوا بأنّات وتنهدات ويخدموا في أمانة ، ليمتلئوا وتتجدد أذهانهم واهتماماتهم ، مُقِرّين برخاوتهم وانتقائيتهم للخدمات السهلة ؛ لأن إلهنا تقدم وغسل أرجلنا ؛ ولم يصدّ الخطاة ولا العشارين ؛ ولا المدن التي رفضته ؛ بل شفىَ وأطعم وعلّم الجاحدين فيها ، وقد أبقىَ معه ذاك الذﻱ كان مزمعًا أن يسلمه ؛ ولم يوافق على سيف الانتقام من واحد من تلاميذه.
إنَّ تعاملنا مع إخوتنا في عضوية جسد الكنيسة ؛ يلزمها الصبر الكثير والمداومة ، محتملين الشتائم والبصاق واللعان والهُزْء والاستهزاء والتجاديف المهينة ؛ ليأتي برهان القوة من عند رب الكرم... حيث أن أمور الله والشيطان مضادة ؛ بحيث أن أﻱ منها لا يخدم قضية الآخر... فبصبرنا ندخل إلى العمق لنحصد خيرًا وفيرًا وسمكًا كثيرًا ؛ محمولين على الأذرع الأبدية ؛ بالصبر الذﻱ يتبع ويسبق الإيمان ؛ ويكون بمثابة سهام تصوَّب إلى القلوب الموصَدة والمتكلِّسة ؛ حتى تقبل صور منهج الخلاص كملاذ أخير لها ، على طريقة صيد الراعي الذﻱ يبحث ويفتش وسط الوعورة ؛ ليجد الخروف الضال ويحمله على منكبيه بإحتمال ؛ ويقبله ويُلبسه ويغذيه ويصنع له الوليمة ويلتمس له ، إذ كان مفقودًا وهالكًا ، وقد رجع إلى كنيسته التي لا تغلق بابها في وجه أحد ، إلى الحد الذﻱ عاش بدم المسيح ؛ ذاك الذﻱ سفك دمه.
 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com