ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

شهادة غير مجروحة

د. مينا ملاك عازر | 2011-01-01 17:09:46

بقلم: مينا ملاك عازر
منذ أن أمسكت بقلم لأكتب في عالم الصحافة، وأنا تعهَّدت ألا أدخل في قضية لا أعلم عنها العلم الذى يجعلني قادرًا أن أكتب فيها بشكل حيادي وعادل، وألا أدخل في صراعات شخصية إلا إذا كان واجبًا عليَّ أن أدافع عن وجهة نظري، وليس عن نفسي. ومن بين تلك التعهدات ألا أكتب في الشأن الطائفي؛ حيث إنني مؤمن بأن شهادتي وكلماتي هي شهادة وكلمات مجروحة، وبأن مسيرها تنحل، وكله للخير.

لكن في هذه المرة، كيف لي أن أكتب لحضراتكم مقالة من المفترض أن ترسم البسمة على شفاهكم، كونها مقالة ساخرة، والسنة الجديدة قد بدأت ملطخة بالدماء؟!! دم مواطنين مصريين- بغض النظر عن ديانتهم- يروي أرض "الإسكندرية". ألا ترى معي إنها معادلة صعبة، خصوصًا إنني لازلت متمسكًا بتعهداتي؛ لأني لازلت أرى شهادتي مجروحة.

فلو كتب أحد أحبائنا المسلمين ليقول محللاً الأزمة الأخيرة: إن ما يجري ليس بسبب تعليم فاسد؛ فنحن نعلم أن التعليم سيئ. لكن ما ينفي عن التعليم، إننا لم نرى مسيحي يفجِّر جامع، مما يعني أن السبب ليس التعليم، وإنما ثقافة مجتمعية فاسدة. وإن قال أين الأمن الذي تحرك جماعات وزرافات ليصد العدوان الذي قام به المسيحيون ببنائهم كنيسة في "العمرانية"؟ أين هذا الأمن؟ ولماذا لم يحم المسيحيين في "الإسكندرية"؟ وإن قال: لماذا يفعل المتطرفون هكذا بالمسيحيين، وهم شركاء لنا في الوطن وأخوة وأصدقاء؟ وإن
قال: ألا ترون أن العدالة البطيئة هي التي تسببت في كل ما يحدث؟ وإن قال

أيضًا: ألا ترون أن عدم القبض على العقل المدبِّر وعقابه لكل الأحداث الطائفية السابقة، هو السبب في تمادي هؤلاء وشعورهم أنهم سينفدون بفعلتهم ككل مرة؟ وإن قال أيضًا: لماذا تندهشون مما فعله الجاسوس "طارق" بتخابره مع دول أجنبية، في حين أن هؤلاء يرتاعون في وسطنا متخابرين مع الشيطان نفسه، وباعوا أنفسهم لمن غسلوا عقولهم؟ وإن قال حبيبنا المسلم: إن ما جرى بسبب فتاوى مؤسفة، وعقول متحجرة غاضبة عماها الغضب عن رؤية الحقيقة. وإن قال أيضًا: إن من فعل هكذا يستحق أن يُعدَم ألف مرة، فهو لم يكتف بمصائب القرش وحوادث الطرق التي ألمت بالسياحة في "مصر" وأثرها بالدخل القومي، بل زاد الطينة بلة.. وإن قال متسائلاً: لماذا لا تجد الفتاوى المعتدلة صداها بين أوساط المتشددين؟ ولماذا يُقال عنها إنها بوحي من الحكومة؟ كل ما تقدَّم إن قاله أخي المسلم، فهو مقبول. وشهادته لن تكون مجروحة..
أقصى ما سيُقال إن الحكومة تضغط عليه، وإنه علماني، وما إلى ذلك. لكنني لو كتبت سطرًا مما تقدَّم، ستكون شهادتي مجروحة في حق وطن أحبه، مثلي في ذلك مثل كل المسيحيين والمسلمين المعتدلين، قبل أن تكون شهادة مجروحة في حق أخوتي المسيحيين بني ديني..

فأين لي بمن يقول شهادة غير مجروحة في وقت عليَّ فيه أن أبقى صامتًا هكذا؟! ولا أكتب سطرًا مما سبق، واثقًا أن هناك من سيكتبه غيري ممن ستعد شهادتهم شهادة غير مجروحة.
المختصر المفيد، لا يغلبنَّك الشر بل اغلب الشر بالخير.

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com