ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

"تخفيض الرواتب".. السعودية تتقشف وتخلق واقع اقتصادي جديد لها

هشام عواض | 2016-09-28 15:01:32

كتب: هشام عواض
أثارت الأوامر الملكية في المملكة العربية السعودية، بتخفيض المرتبات حتى نسبة 20% إلى حالة  من الجدل في الساحة السعودية، وهو مما يشير إلى أن مملكة النفط قد تخطت بالخطوة الأولى في طريقها للتقشف بفعل العجز في ميزانيتها، وتراجع أسعار النفط وباقي المشكلات الاقتصادية التي يواجهها أكبر اقتصاد عربي، فبتلك الخطوة استكملت المملكة الخطوات التي اتخذتها من أجل معايير اقتصادية وتنموية تتوافق مع متطلبات المرحلة المقبلة، خصوصًا في ظل مسيرة التطبيق الأمثل لـ "رؤية المملكة 2030" التي أطلها الملك سلمان في أبريل الماضي، وبرنامج التحول المصاحب لها، وهي ما تضم في طياتها إتباع منهج يشمل كل شئ من الاقتصاد إلى الإدارة، والإنفاق والتنمية، والتحولات المختلفة إقليميًا ودوليًا، واستحقاقات المستقبل بل مفاجآته أيضًا، ونرصد في هذا التقرير قضية تخفيض المرتبات في المملكة العربية السعودية.

رواتب العاملين تستحوذ على نصف الميزانية
تقدر نسبة رواتب العالمين في القطاع الحكومي عالية حيث تبلغ تستحوذ على 50% من ميزانية الدولة، في حين تعادل البدلات التي يحصلون عليها ما يصل إلى 30% من دخل المواطنين العاملين بالقطاع الحكومي. وقال الاقتصادي السعودي فضل البو عينين "بند الرواتب والأجور أكثر البنود تضخمًا في الموازنة حيث يستأثر بالجزء الأكبر من الإنفاق الحكومي وأصبح يشكل ضغطًا مع انخفاض الدخل وبالتالي كان ضمن خطط ضبط الإنفاق وإعادة الهيكلة"، مضيفًا: "بشكل عام أعتقد أن إعادة الهيكلة والتعايش مع المتغيرات الاقتصادية الطارئة وانخفاض الدخل يتطلب مراجعة شاملة للنفقات الحكومية وبما يساعد على خفض الأعباء المالية الثابتة."

أبرز ما جاء في الأوامر الملكية لتعديل أوضاع العاملين
تضمنت الأوامر الصادرة  من الملك سلمان عدة إجراءات حيث  يتمتع الموظف بإجازته العادية خلال مدة لا تتجاوز 60 يوماً ولا تقل عن 5 أيام، ولا يجوز أن يزيد مجموع فترات الانتداب للموظفين على 30 يوماً في السنة الواحدة، إيقاف صرف بدل الانتقال الشهري للموظف خلال مدة الإجازة، عدم منح العلاوة السنوية في العام وأي زيادة مالية عند تجديد العقود أو تمديدها أو استمرارها،  الحد الأعلى للمكافآة التي تصرف للموظف مقابل ساعات العمل الإضافي 25٪ من الراتب الأساسي لأيام التكليف و50٪ في العطل الرسمية والأعياد،  يجوز للموظف الذي لا يتوافر لديه رصيد من الإجازة العادية بعد موافقة رئيسه أن يتغيب براتب كامل لأسباب طارئة مدة أقصاها 5 أيام،  تخفيض مدة الإجازة السنوية للوزير ومن في مرتبته لتكون 36 يومًا بدلاً من 42 يومًا،  يستحق الموظف عند انتهاء خدمته بدلاً نقدياً عن رصيد إجازته العادية التي لم يمكّن من التمتع بها بسبب متطلبات العمل، تعديل بعض الأحكام النظامية المتعلقة بإجازات العاملين في الدولة بحيث يستحق الموظف إجازة عادية مدتها 36 يومًا عن كل سنة براتب كامل، عدل المجلس القواعد المنظمة لتأمين الخدمة الهاتفية الرسمية بحيث لا يتجاوز الحد الأعلى لما تتحمله الجهة الحكومية من مستحقات مترتبة على تأمين الهواتف الثابتة والمتنقلة للمسئولين في الدولة.

خفض الرواتب سياسة تقشفية
يرى اقتصاديون سعوديون أن قرارات خفض الرواتب تأتي في إطار سياسة التقشف وخفض النفقات الحكومية التي باتت المملكة تنتهجها، وكانت الحكومة السعودية قد أعلنت في وقت سابق من العام الحالي، عن خطتها لتحويل اقتصاد المملكة إلى اقتصاد استثماري عالمي، لا يكون النفط محركه الوحيد فيما عرف بـ"رؤية 2030"، والتي اشتملت على إجراءات من بينها جذب الاستثمارات للقطاع الخاص، وخفض الإنفاق الحكومي وخصخصة أصول حكومية.

رؤية 2030 تخلق واقع جديد
جاءت الأوامر الملكية ضمن الإجراءات الاقتصادية الهادفة لموازنة النفقات، فبالطبع لن تلقى ترحيبًا من الناس لكنها علامة على الواقع الحالي، فمن المرجح أن يتأثر المدرسون والكثيرون غيرهم بهذه القرارات، إنها توضح أهمية تنويع موارد الاقتصاد،وفي وقت سابق من العام كشفت السعودية النقاب عن "رؤية 2030"، وهي خطة طموح لتحويل المملكة إلى قوة استثمارية عالمية وإنهاء اعتمادها على النفط كمحرك رئيسي للاقتصاد عبر إجراءات تشمل جذب مزيد من التدفقات الاستثمارية للقطاع الخاص وخفض الإنفاق الحكومي وخصخصة أصول حكومية، وحتى قبل هبوط أسعار النفط في 2014 كان الاقتصاديون يقولون إن السياسية المالية والهيكل الاقتصادي للبلاد لا يتمتعان بالاستدامة لكن هبوط إيرادات النفط جعل تبني الحكومة لعدد من الإصلاحات ضرورة ملحة، حيث تضررت إيرادات السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم جراء هبوط أسعار الخام أكثر من النصف منذ 2014 إلى ما دون 50 دولارًا للبرميل، وسجلت المملكة عجزًا في الموازنة بلغ مستوى قياسيًا عند 98 مليار دولار العام الماضي.

حروب السعودية أرهقت ميزانيتها فخفضت الرواتب
يرى محللين غير سعوديين أن الدوافع وراء إجراءات التقشف المتتالية، من قبل الحكومة السعودية لا تعود فقط إلى انخفاض الإيرادات بفعل التراجع الواضح في أسعار النفط فقط، وإنما تعود في جانب كبير منها أيضًا إلى تورط السعودية في جبهات قتال إقليمية في المنطقة، ويرى هؤلاء أن تكاليف العملية العسكرية التي تقودها المملكة، ضمن تحالفها في اليمن والمستمرة منذ ما يزيد على العام، إضافة إلى تورطها في الصراع الدائر في سوريا، يرهق الميزانية السعودية كثيرًا عبر مزيد من صفقات السلاح التي تبرمها المملكة.

تخفيض الرواتب يوفر 28.8 مليون ريال سنويًا
ذكرت وسائل إعلامية سعودية  أن الأوامر الملكية الخاصة بالوزراء وأعضاء مجلس الشورى، ستوفر نحو 28.8 مليون ريال سنويًا على ميزانية الدولة، حيث كان إجمالي رواتب الوزراء ومكافأت أعضاء مجلس الشورى نحو 162.7 مليون ريال سنويًا، فيما أصبحت حاليًا نحو 133.8 مليون ريال، ويبلغ عدد الوزراء ومن في مراتبهم 143 وزيرًا، فيما يبلغ عدد أعضاء مجلس الشورى 150 عضوًا، وسينخفض راتب الوزير ومن في مرتبته من 51.750 ريالا شهريًا إلى 41.400 ريال، بينما ستنخفض مكافأة عضو مجلس الشورى الشهرية من 26.450 ريالًا إلى 22.483 ريالا. وكان مجموع رواتب الوزراء ومن في مراتبهم نحو 88.8 مليون ريال سنويًا قبل خفض رواتبهم، فيما أصبح 71 مليون ريال بعد الخفض لتنخفض بنحو 17.8 مليون ريال. فيما كان مجموع مكافآت أعضاء مجلس الشورى نحو 73.9 مليون ريال سنويا قبل الخفض، فيما أصبح 62.8 مليون ريال بعد الخفض لتنخفض بنحو 11.1 مليون ريال.

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com