ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

قلبي مهيأ مغارة

القمص. أفرايم الأنبا بيشوي | 2010-12-25 13:19:22

بقلم: القمص أفرايم الأورشليمي
 قلبي مهيأ مغارة ...

 مع احتفال العالم المسيحي بأعياد الميلاد المجيد والسنة الميلادية الجديدة، أحبائي وأرجو لكم أعياداً روحية مباركة وأيامًا مقدسة سعيدة في الرب .
 قلبي مهيأ مغارة ،ربى أعملي زيارة ... من شمسك نورني وأملاني حرارة؛ ضلك طل علي لا تكون عني بعيد.. . فرحة وجودك في، مثل ليالي العيد، أيامي حليها وضويها العتمة ... وشفافي رويٌها من أصفى البسمات .

 في أعياد الميلاد في الأراضي المقدسة يرتل الأطفال هذه الترتيلة الجميلة، في عيد الميلاد وفي أيام غربتنا علي الأرض يجب أن نسأل أنفسنا هل قلوبنا مهيأة لسكنى الله بالأيمان فيها. وهل لو جاء المسيح ليولد من جديد على أرضنا يجد بيت يأويه، و قلوب تدفئه، أم هل سيولد من جديد في مغارة ومذود للبهائم..لأنه كما جاء في الإنجيل لم يكن لهما موضع في المنزل؟! - في عيد الميلاد يجتمع الناس للأكل والشرب والضحك والسهر، ويأتي بابا نويل يقدم الهدايا للأطفال ويفرحوا بالهدايا وبعد التخمة من المأكولات ..يأتي ملك السلام ليزور بيت القلب لينيره بالحب، يجد الناس عنه مبتعدين ولاستقباله غير مستعدين ..ينظر من الشبابيك، يهمس في الأذان \" اجعلني كخاتم على قلبك، كخاتم على ساعدك لان المحبة قوية كالموت الغيرة قاسية كالهاوية لهيبها لهيب نار لظى الرب\" (نش 8 : 6). -

 عندما أمر الرب التلاميذ أن يعدا للعشاء الفصحى، أراد الرب أن يكون ذلك في مكان نقي مقدس مجهز لاستقباله \" فهو يريكما علية كبيرة مفروشة معدة هناك أعدا لنا (مر 14 : 15)، نعم الرب الوديع والمتواضع يريد قلوب كبيرة بالتواضع والحب، مفروشة بالفضائل ومعدة ومجهزة بالأيمان والرجاء .الله لن يقتحم القلب بل يريدنا أن ندعوه (ها أنا واقف علي الباب وأقرع، إن سمع أحد صوتي وفتح لي، أدخل إليه واتعشى معه وهو معي أيضاً) .
فهل نفتح قلوبنا ونعدها للميلاد المجيد؟ يجب علينا أن نتحفظ لئلا يكون لنا القلب القاسي أو المنقسم أو ملئ بالأشواك \" فوق كل تحفظ أحفظ قلبك لان منه مخارج الحياة (ام 4 : 23).
 
 قلبي مهيأ مغارة، للغني الذي أفتقر ليغنينا، وجاع ليشبعنا، وتجسد وصار أبنا للإنسان ليجعل الإنسان أبنًا لله بالإيمان، تعالى يا رب يا من ولد في مذود، تعالى وطهر قلبي واجعله موضعاً لسكناك، و مغارة تحل فيها بالإيمان أيها الغني بطبيعته، يا رب السماء والأرض الذي تجسد ولم يحد التجسد من لاهوتك، وتواضع وأنت القدوس الممجد من الملائكة. من شمس برك يا رب أنر قلبي، وأطرد منه كل عاطفة لا ترضيك وقدسه ليكون مسكنًا للمحبة الإلهية لأحيا في عيد دائم حاراً في الروح، مقدمًا ذاتي أناء مقدس لحلولك وخدمتك .

 أين هي قلوبكم؟
في كل قداس يسأل الأب الكاهن الشعب: أين هي قلوبكم؟ ويجاوبه الشعب: هي عند الرب ؟ وفى كل قداس وفى مختلف ظروف الحياة يطلب منا الرب \"يا ابني أعطني قلبك و لتلاحظ عيناك طرقي (ام 23 : 26). فهل قلبي حقًا مسكنًا للرب، وعند الرب، أم هو مشغول باهتمامات الحياة ومشاغلها وهمومها أو هناك محبة العالم أو المال أو الشهوات فيه، الأمر الذي يحذرنا منه الرب يسوع المسيح قائلاً \" فاحتذوا لأنفسكم لئلا تثقل قلوبكم في خمار و سكر و هموم الحياة فيصادفكم ذلك اليوم بغتة (لو 21 : 34). - أننا عندما نتكلم عن القلب لا نقصد تلك المضخة اللحمية، التي تعمل لتغذية الجسم بالدم النقي ليل نهار، بل المراد من ذلك الإنسان الداخلي بعواطفه وأفكاره وإرادته وميوله ودوافعه النفسية وروحه .
 ذلك هو العمل الحقيقي أمامي وأمامكم في كل يوم، أن يكون لنا القلب الصالح النقي غير المنقسم . الذي يستطيع أن يهدأ ويبعد هموم العالم من أن تملأ القلب، بل يكون القلب عند الرب سواء في البيت أو العمل أو الكنيسة .
 
نصلى ليكون قلبنا دائمًا وأبدًا عند الرب وله نعطى محبتنا \" فإذا سمعتم لوصاياي التي أنا أوصيكم بها اليوم لتحبوا الرب إلهكم و تعبدوه من كل قلوبكم، و من كل أنفسكم أعطي مطر أرضكم في حينه المبكر، والمتأخر فتجمع حنطتك و خمرك و زيتك. (تث13:11-14) نعم نحتاج لمطر نعمة روح الله فنشبع بكلمة الله ونفرح بمحبته ونثمر بثمار الروح القدس، ونأخذ حكمة لا يقدر جميع معاندينا أن يقاوموها. -

 أين هي قلوبنا ؟
هل هي في من حولنا من ناس وأحداث، أم في العمل ومشاكله ؟ أم في لقمة العيش وتوفير متطلبات الحياة؟ مع إن أبانا السماوي يهتم بكل هذه الأشياء ويطلب منا أن نطلب ملكوت السماوات وبره، وكل هذه تعطي لنا وتزاد. ومع سعينا الدائم من اجل حياة كريمة، فان قلوبنا مسكنًا لله يجد فيها موضعاً لراحته .

أعزائي لا تبرروا أنفسكم أو تسقطوا أخطائكم علي الآخرين ويحق علينا قول الرب \" فقال لهم انتم الذين تبررون أنفسكم قدام الناس و لكن الله يعرف قلوبكم أن المستعلي عند الناس هو رجس قدام الله (لو 16 : 15).لنعترف أمامك يا رب رعاة ورعية أن قلوبنا ليست كاملة نحوك . نصلى من كل القلب والفكر والروح أن يُطهر الله قلوبنا وأرواحنا ونفوسنا وعقولنا، لتكون قلوبنا مسكنا له ويحل بالإيمان فيها.

 أغسلني فابيض كالثلج..
- عندما نظرت إلى الثلج المتساقط من سماء أوربا قبيل أعياد الميلاد، ونظرت للأرض من أسفل وقد اكتست بحلة بيضاء، بل عندما ننظر إلى المباني والأشجار والسيارات المتوقفة لن ترى إلا اللون الأبيض، هنا أتذكر داود النبي وهو يصرخ لله \" طهرني بالزوفا فاطهر اغسلني فابيض أكثر من الثلج (مز 51 : 7) . - كان الكاهن قديمًا يغمس نبات الزوفا في دم الحمل لينضح به علي الخاطى ليطهر، وكان داود النبي يريد من الله أن يغسله من خطاياه فيبيض أكثر من الثلج .
 لعل داود النبي تطلع علي الثلج وهو يكسو جبال القدس في موجات الثلج في الشتاء، فابيض الجبل وازدان بهاء حتى في ظلمة الليل تراه منيراً ببياض الثلوج. أننا نحتاج أن ينضح علينا الرب بدمه فيكسونا بثوب بره فيمحوا خطايانا ويغسل آثامنا، ويستر علينا فلا نهلك ونتبرر ببره. - أننا نتمسك بوعوده الأمينة \" أنا هو الماحي ذنوبك لأجل نفسي و خطاياك لا اذكرها (اش43 : 25) وكما نقل الرب عن داود خطاياه هو قادر أن يغفر ويمحو خطايانا ويبدأ معنا عامًا جديدا بقلب جديد .

مع وقع تساقط الثلوج تذكرت"فيروز"ذلك الصوت الشجي يشدو \" تلج تلج عم بتشتي الدنيا تلج، ومغارة سهرانة فيها طفل صغير، بعيونا الحليانه حب كتير كتير. كل قلب زهر فيه الحب مثل الثلج، ألفه وخير وحب مثل التلج\" نعم وسط برودة الجو نحتاج لدفء الروح، نحتاج إلى طفل المذود يدخل قلوبنا فيبث فيها المحبة الروحانية، والعطاء والشفقة والحنان، نعم إن كل قلب ظهرت فيه المحبة يحل فيه الله ،لان الله محبه ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه.
 المحبة التي تطرد الخوف إلى خارج، نعم عندما تثمر المحبة في قلوبنا نستطيع أن نشترك مع الملائكة في التمجيد \"المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة\".

 قلبي مغارة لصاحب العيد...
تعال أيها الرب يسوع، وحل في قلبي فيمتلئ بعد جوع، ليكن قلبي مغارة تولد فيها وتكون رب القلب والبيت، طهر قلبي ونقيه من كل شائبة ليكون أهلاً لحلولك فيه، أنت صاحب العيد وأنت رب القلب وأنت عنا ليس ببعيد، فلتكن حياتي ملكًا لك، وليكن قلبي نابضًا بمحبتك يا شمس البر، حررني من القيود واجعلني على العالم أسود، فتكون أنت ربى المعبود وقلبي بالمحبة بك يجود.
نصلى من أجل سلام وبنيان العالم والكنيسة، لتبارك يا ملك السلام كل نفس بسلامك ومحبتك، ولتشملنا بالمراحم والرافات والفرح والسلام.

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com