لم تكن المطربة «المعتزلة» ليلى نظمى يوماً مجرد مطربة بَنَتْ مجدها على الأغنية الشعبية، بل كانت إحدى المحطات المهمة، ونقطة تحول حقيقية فى مسار الغناء الشعبى، استطاعت الفتاة التى درست فى معهد الموسيقى، ونالت الدكتوراة فى الفلكلور أن توثق أغنيات الأفراح والمناسبات، ونافست أغنياتها يوماً كوكب الشرق فى المبيعات، لأنها لمست وتراً نابضاً فى وجدان العرب والمصريين.
ليلى التى تعيش الآن من أجل أسرتها الصغيرة، مبتعدة عن الوسط الفنى وليست بعيدة عنه.. تحدثت فى الحوار التالى عن مشوارها الغنائى منذ بدايته وحتى اللحظة التى قررت فيها الاعتزال، ثم ارتداء الحجاب، وهو أول حوار لهذه النجمة منذ سنوات طويلة.
■ لنبدأ من النهاية.. هل لديك نية فى العودة إلى الغناء مرة أخرى؟
- لا، فالجو العام حالياً لا يناسبنى، وبعد أن انتشرت الأغنيات التى تعتمد على الإيقاع السريع، شعرت أن هذا ليس لونى أو طبعى، ولم أجد نفسى فى الوسط الغنائى، وقررت الاعتزال لأننى «مش هتنطط زيهم»، فضلت أن أحترم نفسى وجمهورى.
■ ألم يراودك الحنين للغناء طوال السنوات العشر الماضية؟
- تلقيت عروضاً كثيرة لكننى رفضتها، لأننى قررت الاعتزال دون رجعة، بعد أن أحبنى الناس وحققت مبيعات مرتفعة جداً، وتركت الساحة وأنا فى القمة لكى أترك أثراً جيداً لدى جمهورى، كما أننى شعرت فى إحدى الفترات بأن الغناء حرام لذا لم أغن حتى بينى وبين نفسى.
■ هل ارتديت الحجاب بعد الاعتزال مباشرة؟
- ارتديت الحجاب بعد اعتزالى بأربع سنوات، وكان ابنى سبب ذلك، فهو من تلاميذ عمرو خالد، وسطى وغير متشدد، كنت أخاف عليه فى البداية من حضور جلسات عمرو خالد، ثم اطمأن قلبى بعد أن استمعت إلى محاضراته، وفى أحد الأيام طلب منى ابنى الاستماع إلى ألبوم له عن الحجاب، فتأثرت جداً، لأن ابنى الذى ربيته وكنت أطالبه بالمواظبة على الصلاة طلب منى ذلك، ورفضت وقتها الاستماع إلى الألبوم الدينى، لكننى قررت ارتداء الحجاب، وبعدها بفترة طويلة استمعت إلى ألبوم الحجاب، ثم ذهبت لأداء مناسك العمرة مع عمرو خالد وعدد من تلاميذه، وتأثرت جداً هذه المرة، بعد أن شاهدت تلاميذه يساندوننا،.
■ بعيداً عن الاعتزال، هل تعتبرين إعادة تقديم الأغانى الفلكلورية ذكاء من المطربات اللبنانيات على عكس المصريات؟
- بالتأكيد فأغانى الفلكلور كانت خطوة مهمة بالنسبة لهن لتحقيق شهرة ولو لم تفعل ذلك لتأخر نجاحها.
■ البعض هاجم هؤلاء المطربات واتهمهن بتشويه الفلكلور ما رأيك؟
- بصراحة هن أضررن بالأغنية فهناك فرق بين أن تستمع إلى أغنية تشعر بأنها من أختك أو خطيبتك أو حبيبتك أو بنت عمك، وأن تسمعها من مطربة محترفة.
■ ما الفرق بين «أمه نعيمة» لليلى نظمى و«أمه نعيمة» لمروى؟
- «أمة نعيمة» لليلى نظمى تغنيها بنت بسيطة بدلع الفتاة الخجولة، أما الثانية فتغنيها بدلع الفتاة المخُجلة، وعندما تشاهدها تشعر بالكسوف.
■ تردد وقت تقديم مروى للأغنية أنك رفعتى دعوى قضائية ضدها؟
- لم يحدث، لكن البعض نشر أخباراً كاذبة بحجة أنها شوهت الأغنية أما من ناحيتى فقد أصابنى الضيق، لأننى كنت أتمنى أن تقدمها مطربة أخرى.
■ إذن لم ترفضى مبدأ أن يقدم أغنياتك مطربون آخرون؟
- بالعكس، شعرت بسعادة شديدة عندما غنى حميد الشاعرى «أدلع يا رشيدى».
■ مروى قالت إنها حصلت على إذن منك قبل تقديم الأغنية؟
-لم يحدث لكننى تلقيت اتصالاً تليفونياً من الإعلامية هالة سرحان وكانت وقتها تستضيف مروى فى أحد برامجها، وسألتنى عنها على الهواء فقلت إن الأغنية الشعبية لها أصولها وتاريخها وأفضل أن تغنيها من تشعر بمعانى الكلمات، ولا تعتمد على الدلع فقط، فردت مروى مؤكدة أنها ارتدت ملابس محتشمة خلال الكليب، فقلت لها «اتحشمى« يا مروى على الهواء.
■ من من الجيل الجديد تعتبرينه مناسباً لتقديم الأغنية الشعبية؟
- قد تندهش إذا قلت لك نانسى عجرم، لأن صوتها لا توجد فيه إباحية وتشعر بأنها طفلة، كما أنها تجعل الأغنية تتغلغل فيك ببساطة شديدة، ومن المطربين اعتبر حكيم هو الأفضل، لأنه يقدم أغنيات يبحث عنها الجمهور، وهناك أيضاً آمال ماهر وريهام عبدالحكيم ومى فاروق، وفرقة الموسيقى العربية تضم مجموعة أصوات متميزة جداً، وبصراحة شديدة يعجبنى جداً وائل جسار، خاصة فى الأغنيات الدينية، فهو يمتلك صوتاً حساساً مرهفاً.
■ لماذا لا توجد لدينا أصوات نسائية قادرة على منافسة نظيرتها اللبنانية التى سيطرت حتى على الحفلات المصرية؟
- بسبب الاحتكار، وتحول الغناء إلى عملية تجارية بحتة، بعد أن احتكرت شركات الإنتاج المطربين، زمان كانت الشركات تنفق على الألبوم والدعاية الخاصة به، أما حالياً فالوضع اختلف وأصبح همهم ملء القنوات الفضائية التى يمتلكونها واللبنانيات لديهن إمكانيات مادية أكثر من المصريات لذا استطعن المقاومة والاستمرار.
■ إذن فقدت الأغنية المصرية أرضها أمام نظيرتها اللبنانية؟
-الأغنية المصرية فقدت الدعاية والإعلان، ولا يقدم لها الدعم الكافى سواء من الإذاعة أو التليفزيون.
■ هل تشعرين بالغضب بسبب عدم إذاعة أغنية «من الثانوية للكلية»؟
- بصراحة نعم، الأغنية من كلمات فتحى قورة وألحان منير مراد، وتم تصويرها فيديو كليب للتليفزيون من إخراج نادية حمزة وحققت نجاحاً كبيراً، وتكرر الأمر أيضاً مع أغنية «أمه نعيمة» فدائماً يتم إذاعتها لمروى سواء فى التليفزيون أو الإذاعة.
■ هل اختفت الأغنية الشعبية والفلكلورية؟
- هناك اختلاف بين الأغنية الفلكلورية والشعبية، مثلاً محمد رشدى وشفيق جلال قدما الأغنية الشعبية التى تحبها الحارة المصرية البسيطة، أما الأغنية الفلكلورية فقد ماتت.
■ لماذا؟
- لعدم دراستها، بالرغم من أن المركز القومى للفنون الشعبية يحتوى على دراسات وأغان جميلة جداً واعتبره بحراً من العلوم وأى شخص يحب الأغنية الشعبية أو الفولكلورية يجب أن يذهب إلى هناك.
■ هل دخلت فى صراعات الوسط الفنى قديماً؟
- قديماً لم تكن هناك صراعات بهذا الشكل، لأن كل مطرب له لونه وشخصيته، فعندما تستمع إلى موسيقى فى الراديو ستدرك أنها لمحمد رشدى والأخرى لعفاف راضى، وحتى على مستوى الحفلات كنت أشارك فى حفل لفريد الأطرش وشريفة فاضل، وكل واحد منا كان له جمهوره الذى يستمتع بأغنياته.
■ ما رأيك فى تدخل الدولة فى الإنتاج؟
- للأسف الدولة لا تصلح للإنتاج لأن الفن لا يحب الروتين.
■ كم حصلت فى أول حفلاتك وآخرها؟
- أجرى فى الحفل الأول كان ١٠ جنيهات، ووصل فى آخر حفلاتى إلى ١٥ ألف جنيه.
■ كم عدد الألبومات التى طرحتها طوال مشوارك الفنى؟
- تقريباً ٦٠ جميعا من إنتاج «صوت القاهرة» باستثناء الألبوم الأخير «حماتى يا نينة» من إنتاج طارق عبدالله.
■ ما حقيقة المنافسة الشرسة بينك وبين عايدة الشاعر سابقاً؟
- كانت بيننا منافسة قوية، كل منا استفاد وجعلتنا نقدم أفضل ما لدينا، وعندما أجدها تقدم أغنية جيدة أقول «برافو» وأظل أبحث عن أغنية أفضل لتشتعل المنافسة، لكن لم تكن هناك خصومة.
■ مازلت على اتصال بالوسط الفنى؟
- لا يوجد لدى أى اتصال بالوسط الفنى سواء قبل الاعتزال أو بعده وعلاقتى مقصورة على أبنائى وشقيقتى وزوجى وبعض أقاربى.
■ انقطعت علاقتك حتى بنقابة الموسيقيين؟
- نعم.. رغم أننى عضو فى نقابة الموسيقيين وجمعية المؤلفين والملحنين، فالوسط الفنى لم تعد فيه قيمة أو أخلاقيات، لذا فضلت الانسحاب.
■ هل انسحبت لاعتقادك أنك أديت رسالتك؟
- شعرت أننى «عملت اللى على» بعد أن التحقت بالمعهد العالى للموسيقى العربية ودرست الأغنية الشعبية على يد الدكتور أحمد مرسى، واستفدت كثيراً حين طلبت منى الدكتورة رتيبة الحفنى والدكتور أحمد مرسى ورشدى صالح زيارة الأرياف لعمل مسح ميدانى للأغانى، وكتبنا فى ذلك الوقت أبحاثاً عن أغنيات «الفرح» و«السبوع» و«جنى القطن» وغيرها، ثم كان رشدى صالح رحمه الله يشرح لنا تاريخها وتفاصيلها.
■ كيف كانت أولى خطواتك فى الغناء؟
- بدأت الغناء مع طالبات المعهد فى برنامج «الفن الشعبى» الذى كان يقدمه المذيع شوقى جمعة، ومن هنا بدأت شهرتى، وأذكر أن المايسترو شعبان أبوالسعد كان وقتها قائداً للفرقة القومية للفنون الشعبية التى لم تكن لديها أغان تخصها، وفى ذلك الوقت طلب منى أبوالسعد تقديم الأغنيات التى كنت أغنيها فى برامج التليفزيون بصحبة طالبات المعهد، فسألته: أين سأغنى؟ فقال: فى الحجرة الموسيقية أثناء الاستراحة، فرفضت لكنه قال لى هذه مؤسسة ولابد أن تخضعى لاختبار أمام المسؤولين وبعد ذلك يتم تعيينك.
■ وهل خضعت للاختبار؟
- خضعت وكنت وقتها فى الإسكندرية، وألزمونا بشراء الملابس أنا وزملائى على نفقتنا الخاصة، واشترينا متر القماش بـ١٠ قروش وصعدنا على المسرح.
■ كيف تعاقدت مع شركة «صوت القاهرة»؟
- بعد نجاح هذه الأغنيات عرض على رئيس مجلس إدارة «صوت القاهرة» طرحها على أسطوانة، فسألته: «هتدفعوا كام»؟ فقال: ١٠% من حجم المبيعات وأتحمل أنا وزملائى أجور الموسيقيين، ولأن الأغنية من الفولكلور لم نتحمل نفقات الشعراء أو الملحنين، ولم أتوقع النجاح الكبير الذى حققته أول أسطوانة بعد طرحها وفاق مبيعات أسطوانات أم كلثوم وقتها.
■ هل توالت أعمالك مع صوت القاهرة بعد ذلك.. أم تعاقدت مع جهات إنتاجية أخرى؟
- استمر عقدى معهم وقدمت مجموعة كبيرة من الأسطوانات تجاوز عددها ٦٠.
■ وهل ظل الاتفاق على أن تحصلى على ١٠% أم تحسنت الأمور بعد نجاح أول أسطوانة؟
- ظل الاتفاق ١٠% على كل ما قدمته لاحقا، لم أكن أتقاضى أجر صوت، والحمدلله كانت نسبة الـ١٠% تصل كل ٣ شهور إلى ٥ آلاف جنيه، وكانت وقتها مبلغا كبيرا لدرجة أن البعض كتب فى الجرائد «غريبة إن أغانى ليلى نظمى تعدت أغنيات أم كلثوم»، وهو ما كاد يتسبب فى مشكلة بينى وبينها، بعدها بدأ الإذاعى جلال معوض يستعين بى فى حفلات «أضواء المدينة»، ثم سافرت عامين مع زوجى إلى إنجلترا، وحصلت على الدكتوراة فى تاريخ وتطور الأدب الشعبى والأغنية الشعبية والفلكلورية بشكل خاص، وعندما عدت للقاهرة قدمت أغنيتى «حماتى يا نينة دلوعة عليا»، و«عشريين إحنا يا حبايبنا» التى أعتبرها من أهم أغنياتى، حيث حققت مبيعات قياسية.
■ لماذا قدمت أغنيات عاطفية؟
- لا أنكر أننى كنت خائفة جدا وارتعشت على خشبة المسرح عندما قدمت أغنية «عجايب الدنيا سبعة وانت تامن عجيبة» لأن الجمهور اعتاد على أسلوبى فى الغناء، وأن أصفق وأغنى والجمهور يرد على، لكن الحمد لله استقبلها الجمهور بشكل جيد، ثم اعتزلت لأننى شعرت أننى قدمت كل اللى نفسى فيه.
■ قدمت أيضا أغنيات وطنية؟
- هذه مرحلة مهمة فى حياتى، بدأت قبل حرب ٧٣ وامتدت إلى عام ٧٦، وقدمت خلالها «ياللى فى الجيش» و«يا شويش» و«يا برتقان يا سكرى»، كما قمنا بزيارات نظمتها إدارة الشؤون المعنوية إلى الجبهة والتقينا الجنود وارتدينا ملابس الجيش وتعلمنا ضرب النار، ثم قدمت بعدها عددا من الأغنيات الوطنية لمصر مثل «غالى يا وطن» و«طيارة فوق».
■ كيف تقضين وقتك حاليا؟
- أعيش بين أسرتى وأبنائى وأحفادى، لكننى حريصة على قراءة القرآن، ومشاهدة القنوات الدينية مثل «إقرأ» و«الرسالة»، كما أمارس حياتى الطبيعية سواء القيام بزيارات عائلية أو الذهاب إلى المسرح والتليفزيون ورغم معاناتى مع المرض الذى ظهر بالصدفة منذ ٤ سنوات واكتشفنا أنه سرطان فى البنكرياس وسافرت بعدها إلى ألمانيا لإجراء جراحة، والحمد لله تمت بنجاح، ثم ظهر المرض نفسه فى الرئة، واضطررت إلى السفر إلى ألمانيا، وتكرر الأمر ٤ مرات وفى الأخيرة فضلت إجراء الجراحة فى مصر والحمدلله تمت بنجاح.
■ هل أصبحت تخشين دخول غرفة العمليات؟
- إيمانى بالله قوى جدا، وبالرغم من شراسة المرض فإننى لا أخاف منه ولا من غرفة العمليات، وعندما كنت أسافر إلى ألمانيا كنت أعتبرها مثل عملية استئصال اللوزتين، وأنا راضية تماما بأمر الله.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com