ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

الاقباط فى مذكرات الدكتور بطرس غالى

البروتوبرسفيتيروس أثناسيوس حنين | 2016-08-24 13:13:36

البروتوبرسفيتيروس اثناسيوس حنين

صفحات ناصعة من تاريخ المحروسة
الاقباط فى مذكرات الدكتور بطرس غالى صفحات ناصعة من تاريخ المحروسة بقلم الاب الدكتور أثناسيوس اسحق حنين بالرغم من أننى التقيت الكثيرين من رجالات مصر الكبار من رجال الدولة والسفراء والوزراء ’ كما التقيت بشخصيات عظيمة كبيرة على المستوى العلمى والدبلوماسى ’ الا أننى لم أحظ بلقاء الدكتور بطرس غالى بالرغم من أن بيننا مشترك كبير وهو حبنا لفرنسا وللادب الفرنسى . ولهذا سطرت هذا المقال الذى التقيت فيه بالدكتور غالى فى أحد كتبه وهو ( الطريق الى القدس ) لكى أقوم بواجب العزاء للاسرة العريقة ولشعب مصر العظيم .

اللافت للنظر فى مذكرات الدكتور الدكتور بطرس غالى أن القارئ ’ ربما على عكس المتوقع ’ لا يجد نفسه أمام مفكر مسيحى - قبطى منحصر فى هموم طائفته ’ بل امام استاذ جامعى ودبلوماسى مصرى ومثقف فرنسى الوجدان وانسان اذا ما تذكر طفولته فانه للتو يتذكر الدلال والرفاهية والقصور ولنسمع الدكتور وهو يتذكر طفولته فلقد ولد دكتورنا وملعقة ذهبية فى فمه حسب التغبير الانجليزى “He was born with a golden spoon in his mouth “ يقول متذكرا طفولته ".....فى نيودلهى قادونى الى القصر السابق لنظام حيدر أباد. ذكرنى هذا المبنى الضخم بقصر عمى واصف الذى كان قائما الى جوار السفارة الفرنسية على ضفاف النيل فى الجيزة ’ والأثاث الفرنسى الذى صنع بعد الحرب العالمية الاولى من طراز ماجويل . كل هذا يذكرنى بأيام طفولتى والفترات السعيدة التى قضيتها فى بيت عمى .." ويصل الدكتور بطرس ابن الباشوات الى الكلام الصريح وهو " وكنت طفلا مدللا ’ بحيث انى كلما طلبت من والدى الذهاب الى بيت عمى واصف ’ كانا يوافقان على ذلك " (الطريق الى القدس ص 88 ). يتركنا الدكتور بطرس الغالى على جوعنا ’ حسب تعبير الأدباء الفرنسيين Il nous a laisse sur notre faim

’ فيما يخص طفولته الدينية وشبابه وربما يعطيه العذر أنه لا يتناول سيرته الذاتية ’ بل يتكلم عن فترة محددة من تاريخ مصر وليس عن تاريخه الشخصى والعائلى ’وان كان الشخصى لا ينفصل عن القومى ’ فى حياة الباشوات الحقيقيين أمثال بطرس باشا غالى ’ الا أن هذا لا يمنع ابدا الاحساس الذى ينتاب من يتصفح المذكرات ’ ان الدكتور المحسوب على طائفته القبطية شاء أم أبى ’ يريد أن يقولها بصوت مدوى وللقاصى والدانى أنه مصرى صميم أبا عن جد وانه وان كان قد قبل الذهاب الى كانب ديفيد والى القدس ولعب دور عراب مفاوضات السلام مع اسرائيل ’ فذلك لا يعود الى كونه مسيحى قبطى أو أن زوجته يهودية المنبت ’ بل يرجع الى حقيقة واحدة ووحيدة وهى أنه مصرى ورث حب مصر والاخلاص لترابها أبا عن جد . هذا يظهر من الاهداء الى قدم به كتابه " الى ذكرى جدى بطرس باشا غالى الذى ألهمنى اخلاصه لمصر أن أتبع الطريق دون الالتفات الى الوراء".

1 –طائفى رفم أنفه الشئ المذهل حقا والمحبط لأى قبطى عادى يريد أن يعتز بمصريته وليس له هذا الماضى العريق الذى للاستاذ الدكتور بطرس غالى هو أنه رغم تأكيده مرارا وتكرارا وبالعمل والفعل وليس بالكلام واللسان على انه يعمل من منطلق قومى وليس طائفى. حتى انه وفى أول لقاء له مع مسئولى الفاتيكان تحاشى عمدا الحديث عن مسيحى مصر بالرغم من أن سياق الكلام كان يدور حول القدس والمسيحيين فيقول "...كان زعماء السياسة الخارجية للكرسى الرسولى يهتمون بالقدس وبمسيحى لبنان وبالفلسطينيين على هذا النحو من الترتيب ولم أذكر المسيحيين فى مصر كما أنهم لم يذكروا شيئا عنهم ربما لاحساسهم باعتزازى بجنسيتى المصرية "ص 238 .وبالرغم من تلك الوطنية الغامرة ’ الا أن الأجواء حوله قد شابتها غيوم الشكوك ورياح التوجس. ولقد جأت أول بوادر االشكوك فى خلال حوار بين ابن مصر البار وسيادة الفريق الجمصى وزير الحربية المصرى أنذاك وكان الحديث بين السياسى والجنرال انذاك بخصوص الخلاف بين الصومال واثيوبيا ولقد أورد غالى الحديث تحت عنوان (مأساة الصومال) ونورد الحديث دون تعليق "...وجدت الفريق الجمصى فى مقره الرئيسى بثكنات هليوبوليس ’ كان رجلا مستقيم المظهر ويبدوا واثقا من نفسه ’ مباشرا فى حديثه ’ يتجنب الأساليب الملفوفة التى يتبعها الدبلوماسيون ’ ذهنه متفتح ’ وهو مشهور بالنزاهة التامة فى جميع الامور . شرحت له معارضتى لوقوف مصر بشكل كامل وعلنى الى جانب الصومال ضد اثيوبيا . وقلت انه يجب أن نتجنب تحويل اثيوبيا الى عدو وان على مصر أن تلتزم بنوع من الحياد حتى تستطيع ان تقوم بدور الوسيط فى النزاع .وبدأ مقتنع بأننى أميل الى اثيوبيا لأنها دولة مسيحية .

سألنى : ها تريد أن تدافع عن الكنيسة القبطية فى اثيوبيا ؟ أجبته " بأن الماركسية هى السائدة فى اثيوبيا والكنيسة القبطية مضطهدة وبلا حول فى ظل حكم منجستو ...وعلى أى حال فأن أكثر من نصف سكان اثيوبيا مسلمون . ولكننى لم أقنع اللواء الجمصى . كان يتصور أن أرائى تلونها اعتبارات وميول شخصية ". وينهى السياسى المخضرم حواره مع العسكرى المحترف بعبارة ما زال أثرها السياسى والواقعى فاعلا ومؤثرا وخاصة فى الحوار الدائر حو سد النهضة ودور محتمل للكنيسة القبطية –المصرية : " الواقع ان موقفى كان يقوم على أكثر من 85 فى المائة من ماء النيل ينبع من اثيوبيا وأن أى مشروع يحتاج الى زيادة من مياه النيل —وهذا هو الحال بالنسبة لاى مشروع نقريبا ---سوف يحتاج الى موافقة اثيوبيا " ص 69 -70 .

2 –دعوة الى الاسلام اذا قد موقف الجنرال الجمصى وزير الدفاع المصرى قد صدم وعينا الوطنى قيراطا ’ فان الطامة الكبرى قد جأت اربعة وعشرون قيراطا فى منتجع كامب ديفيد كما يحب ان يسميه الامريكيون . ففى عز الحوارات السياسية وتعنت الاسرائيليون ومياعة الموقف الامريكى ’ وجد السيد حسن التهامى عضو الوفد المصرى حلا نموذجيا للصراع العربى الاسرائيلى الا وهو ان يدعو السيد بطرس غالى الى الاسلام !

وقبل أن يبادر أحد القراء باتهامى باية تهمة اليكم نص الحوار بشحمه ولحمه " ...عدنا الى كامب ديفيد وتوجهنا مباشرة الى قاعة الطعام وأصر حسن التهامى على اعطائى مزيدا من العنبر وطلب منى مرة اخرى اذابته فى قهوتى ..لابد أنه لاحظ على علامات الاجهاد وأراد تقويتى على مواجهة المفوضيين الاسرائليين . وعندما بدأ التهامى فى شرح الشريعة الاسلامية ..قلت له انى درست الشريعة الاسلامية لمدة اربعة سنوات فى كلية الحقوق فى جامعة القاهرة واننى بحثت وكتبت عدة دراسات فى الفكر السياسى الاسلامى لم يصدقنى التهامى . وطلب أن أسرد عليه أسماء الفقهاء المسلمين الذين قرأت لهم . وقدمت للتهامى ملخصا للانجازات الفكرية لكل منهم وقرأت عليه بعض الأيات من القرأن الكريم ’ وأنبهر التهامى وأصر على أن أتحول الى أعتناق الاسلام وقال انه لابد لى من التحول الى الاسلام فى كامب ديفيد وأن عملى ستكون له قيمة رمزية عظمى لمستقبل الشرق الاوسط " ’ نحن هنا امام نموذج فذ لاقحام الدين فى السياسة والسياسة فى الدين فى لحظات دقيقة من تاريخ الأمة ومستقبل الوطن. الملاحظ أن السيد حسن التهامى قد قام بالتعليق على كتاب البروفسور غالى ونشرت التعليق جريدة الاهرام بتاريخ 8 يونيو عام 1997 ’ ولم يشير الاستاذ التهامى الى هذه الواقعة من قريب أو من بعيد ’ لا بالتأكيد ولا بالتكذيب ! 3 –فى أحزانهم مدعوين وفى أفراحهم منسيون !

خطر لى هذا المثل الشعبى المصرى الأصيل وأنا أحمل نير قرأة مصرية ’ صادقة وموضوعية لمذكرات الدكتور بطرس غالى وزير الدولة للشئون الخارجية وتطلعت حولى لأنظر فى وجوه أولادى وأولاد رعيتى ’ وأنتابى حزن دفين فى انعدام الفرصة فى أن يشارك أحدهم فى صنع تاريخ مصر التى ربيناهم على حبها وعشق ترابها وقرأة تاريخها وتشكيل حاضرها واستقراء مستقبلها . واذا كان بطرس ابن الباشا وحفيد رئيس وزراء المحروسة يعرف الاسباب التى تحول دون صيرورته وزير خارجية مصر ’ فماذا يفعل طالب لم يتم تعيينه معيدا أو ناظر مدرسة فاتته الترقية أو مدرس يتم تهحيره من قريته بمحلس عرفى يعود بمصر صانعة الحضارة الى اخلاقيات البدو سكان الخيام . لا أطيل على القارئ وأترك الحديث للدكتور بطرس غالى وهو يبوح بالامه بعد أن فاض به الكيل "...بعد يومين استدعانى حسنى مبارك نائب الرئيس ’ فقد اختاره السادات ليكون رئيس الوزراء الجديد وأبلغنى مبارك أننى سأكون عضوا فى مجلس الوزراءالجديد وأننى سأحتفظ بمهامى الحالية . سألت من سيكون وزير الخارجية الجديد ؟ قأجاب الفريق كمال حسن على " وهنا يتوقف الدكتور بطرس غالى ويلتقط أنفاسه ويفجر قنبلة الاحباط فى وجه كل مصرى مخلص فيقول " ...ومرة أخرى أصابنى الاحباط مع أننى كنت أعرف تماما الأسباب التى لا تجعلتى وزيرا للخارجية !!!" ص 314 . وضعوه فى المواجهة وقت الشدة ’ وبعد الفرج نسيوه . أن أخطر ما يهدد سلامة أى مجتمع هو أهتراء ذكرته القومية وتغلغل سرطان الاحباط فى نفوس الصادقين من اولاده ’ والشئ الذى يقشعر منه البدن هو أن ما ذكرناه لا يحدث فى احد الاحياء الشعبية او النجوع البعيدة ولكن فى أرفع المناصب فى الدولة ’ والمسيحين فى مصر ’ على اختلاف ركائبهم ’ بل وأكابر المسلمين من المثقفين والوطنيين لن يجد الاحباط موطنا فيهم ولا بينهم لأنهم يعرفون أن مصر وطنا لا يعيشون فيه بل يعيش فيهم كما قال أحد أكابر مصر . لا يفوتنا أن مصر الأن تتغير وأن مصر الأن بخير . الى جنات الخلد يا ابن مصر البار بطرس بطرس غالى ابن الباشوات الحقيقيين ...

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com