ونسف شفرة دافنشى
للباحث مجدى صادق
يقول عبد المسيح المجيدى الذى يزعم أنه تلميذ مسيح بابل الدجال في تعليقه على مقال نشرته له صحيفة بوابة الصباح المصرية على الإنترنت بتاريخ 3 يناير 2016 ما نصه :
" إن منهجنا الذين علمنا اياه معلمنا المسيح العائد هو الالتزام بنصوص الكتاب المقدس وحده, وغض الطرف عن أقوال وآراء كل انسان مهما كانت درجته الكنسية ومكانته المعرفية ".
ولم يلبث أن ناقض نفسه بقوله :
" قابلت المسيح في العراق وقال أن حديث الكتاب عن مجيئه خاطىء ".
أي أنه يكذب الكتاب المقدس فيما يتعلق بالمجىء الثانى الحقيقى للمسيح.
ثم بدأ يروى ما جاء في رواية شفرة دافنشى الخيالية عن زواج السيد المسيح من مريم المجدلية على أنها وقائع حقيقية. بقوله :
أنه نتج عن زواج السيد المسيح بالمجدلية. ذرية هى سارة، التى أنجبت ذرية منتشرة فى الأرض, وأن المسيح أخفى أمر زواجه بسبب رفض المجتمع هذا في ذلك الوقت.
وزعم المجيدى أن هناك أناجيل غير الأناجيل الموجودة كتبت تلك القصة. لكن لم تعترف بها الكنيسة.
واستطرد قائلا :
أن صحيفة " ديلى ميل" البريطانية نشرت جزءًا من ورقة بردى قديمة تثبت زواج المسيح، واستندت الوثيقة على عبارة قول المسيح : " زوجتى " وأن الباحثون يعتقدون أن العبارة تشير إلى مريم المجدلية.
ويضيف أن أستاذ اللاهوت بجامعة هارفارد، كارين بينج، بحث تلك المخطوطة غير المكتملة المكتوبة باللغة القبطية القديمة مقدمًا ورقة بحثية فى مؤتمر دولى فى الدراسات القبطية.
الرد
الواقع أن رواية زواج المسيح من المجدلية وانجاب سارة إلى آخر ما ردده المجيدى نقلا عن رواية شفرة دافنشى ليس لها أي سند تاريخى أو كتابى صحيح. فالقصة برمتها خيال من تأليف مؤلفها دان براون.
وأيضا لا وجود لهذه الرواية في أي إنجيل من الأناجيل الغنوسية المنحولة التي لا تعترف بها الكنيسة.
فهل لو كان هناك إنجيل غنوسى واحد يثبت هذه الرواية كان يستند إلى جزء من ورقة بردى مكتوبة باللغة القبطية يزعم فيها قول المسيح " زوجتى " ليستنتج من ذلك أن المقصود بها مريم المجدلية.
ومع ذلك فنحن نتحداه أن يذكر لنا إسم إنجيل غنوسى واحد جاء فيه تصريحيا ما جاء برواية دان براون الخيالية عن زواج المسيح من المجدلية, وسفرها إلى فرنسا بعد صلبه, وإنجاب إبنتها سارة ( أي الأميرة باللغة العبرية ) وأن هناك ذرية من صلبه ( شفرة دافنشى فصل 60 ).
عجيب أمر هذا الإنسان الذى يترك الأناجيل المقدسة المسلمة إلى الكنائس شرقا وغربا بتسليم رسولى يدا بيد, والتي صادق علي قانونيتها الرسل والتلاميذ وخلفاؤهم ليتمسك بخرافات, وبجزء من ورقة بردى قبطية بها أجزاء تالفة هي جزء من أحد الأناجيل الغنوسية المزورة المنسوبة للقديس فيلبس الرسول. التي عثر عليها بين كتابات غنوسية بنجع حمادى ليينى عليها صرح خرافة لا وجود لها إلا في ذهن أضله الشيطان عن الحق.
علما بأننى قرأت وتصفحت الكثير من الأناجيل الغنوسية المزورة. فوجدت بأكثرها خرافات وأساطير منافية للعقل والمنطق , ولم أجد بأى منها حسبما أذكر الرواية المزعومة.
أولا : إنجيل فيلبس الغنوسى ليس به كلمة زوجتى بل كلمة رفيقة المخلص
والواقع أن ما قرره المجيدى من وجود كلمة " زوجتى " في المخطوطة التي فحصها كارين بينج. هو إدعاء كاذب , لأن المخطوطة المشار إليها هي جزء من إنجيل غنوسى منحول منسوب زورا للقديس فيلبس الرسول. مكتوب بالقبطية عثر عليه في نجع حمادى كما ذكرنا ولم يرد به كلمة " زوجتى " بل كلمة " رفيقة " .
يقول دان براون في روايته شفرة دافنشى. أن تيبينج سحب كتاب من مكتبته بعنوان " الاناجيل الغنوسية " زعم أنها السجلات المسيحية الأولى ( رغم أنها كتب غنوسية مزورة كتبت ما بين عام 140 و450 للميلاد ) .. ثم أشار إلى أحد المقاطع وقال أن إنجيل فيلبس هو دائما أفضل واحد نبدأ به , وقرأت صوفى المقطع ونصه :
" ورفيقة الـمخلص مريم المجدلية. أحبها المسيح أكثر من كل التلاميذ, واعتاد أن يقبلها في معظم الأحيان من فمها, وقد تضايق باقى التلاميذ من ذلك, وعبروا عن استيائهم وقالوا له لماذا تحبها أكثر منا؟ ".
وتذكرت صوفى أن جدها جاك سونير كتب مقالة في جريدة ينتقد فيها الكنيسة الكاثوليكية بأنها كانت متكبرة ومخطئة في حظر فيلم " الإغواء الأخير للمسيح " الذى يصور علاقة بين المسيح والمجدلية لمخرجه مارتن سكورسيزى الذى عرض سنة 1988 ( شفرة دافنشى فصل 58 بتصرف ).
وردا على دان براون نبدأ بالرجوع إلى المخطوط الغنوسى لإنجيل القديس فيلبس الرسول المنحول حيث نجد فيه ما نصه :
" ورفيقة الـ ( ما بين القوسين تالف في الأصل ) مريم المجدلية " .
فالكلمة المكتوبة في القبطية كما نرى هي " رفيقة " وليست " زوجة " والنص الذى ذكره دان براون مأخوذ من الأصحاح رقم 43 من الإنجيل الغنوسى المنحول المنسوب للقديس فيلبس الرسول والذى جاء فيه ما نصه :
أصحاح 43
" أما عن الحكمة والتي تدعى " العاقر " فهي أم الملائكة ورفيقة الـ ( ) مريم المجدلية ( ) أحبها أكثر من كل التلاميذ, واعتاد أن يقبلها في معظم الأحيان في ( ) بقية التلاميذ ( ) وقالوا له : لماذا تحبها أكثر منا؟ .
أصحاح 44
فأجاب المخلص وقال لهم: لماذا أنا لا أحبكم مثلها؟
عندما يكون رجل أعمى وآخر مبصر. كليهما معا في الظلمة، فلا يختلف أحدهما عن الآخر، وعندما يأتي النور فالمبصر يرى النور والأعمى يظل في الظلمة " .
والأجزاء التي بين الأقواس هي أجزاء تالفة في المخطوط الأصلي. يكملها العلماء كل بحسب تصوره وفهمه لما يمكن أن يكون عليه النص في الحقيقة.
لهذا دعونا نجتهد لنكمل الكلمات الناقصة الواردة في الأجزاء التالفة :
يقول النص :
أصحاح 43
" أما عن الحكمة ( وصحتها الحكيمة ) والتي تدعى " العاقر " فهي أم الملائكة, ورفيقة الـ ( مخلص ) مريم المجدلية ( التي ) أحبها أكثر من كل التلاميذ, واعتاد أن يقبلها في معظم الأحيان في ( عينيها. دون ) بقية التلاميذ ( فتقدم منه بعضهم ) وقالوا له : لماذا تحبها أكثر منا؟ .
فأوضح لهم السيد المسيح السبب في الفصل 44 بقوله ما معناه:
أن المبصر والأعمى لا يبصران في الظلام , ولكن متى جاء النور فإن المبصر وحده هو الذى يرى النور, والمسيح هو النور الذى أتى إليهم فلم يبصروه لأنهم عميان. أما مريم فقد أبصرته وعرفت أنه النور الحقيقى. لهذا طوب عينيها لأنها أبصرته. لهذا أحبها أكثر منهم لأنها عرفت أنه الله. لأن الله هو النور.
وفى تصورنا أن كاتب الإنجيل المنحول بنى فكرته على أن المجدلية رأت النور عندما أخرج منها السيد المسيح سبعة شياطين. لأن هذا في حد ذاته سببا كافيا لتدرك أنه الله. إذ لم يكن في سلطان أي شخص قبل المسيح أن يخرج الشياطين.
والأن لنفترض أنه قبلها في فمها كما يتصور دان براون في مؤلفه " شفرة دافنشى " فصل 58 وكما زعم مؤلفى كتاب " الدم المقدس والكأس المقدسة " فصل 13 وأنها كانت زوجته. فهل كان التلاميذ يقولون له لماذا تحبها أكثر منا ؟!!
إن غيرة التلاميذ تدل على أنه إعتاد أن يقبلها لا في فمها, ولا في عينيها. بل في منتصف جبينها دون بقية التلاميذ. حيث كان يقبل " عين البصيرة " التي تبصر ما لا يبصره الغير , ووفقا للتعاليم الباطنية الغنوسية فإن موضع عين البصيرة أو العين الثالثة هو فى منتصف الجبهة.
إذن ما جاء في هذا الكتاب الغنوسى المنسوب زورا للقديس فيلبس ينفى زواج المسيح من المجدلية , ولا يوجد به ما تخيله دان بروان وبنى عليه أوهامه من زواج المسيح من المجدلية وسفرها لفرنسا لتنجب سارة بعد صلبه إلى آخر ما تخيله من أوهام وخرافات ليس لها أي سند لا في هذا الإنجيل المنحول ولا في غيره.
ثانيا : إنجيل فيلبس الغنوسى يثبت أن المجدلية كانت عاقر لا تلد
من العجيب أن هذا الإنجيل الغنوسى بالذات الذى استند إليه دان بروان وآخرين لإثبات زواج المسيح من المجدلية وإنجاب نسل منها هو نفسه الذى وجه الضربة القاسمة الذى نسفت خرافاتهم بما فيها خرافة دان براوان عن إنجاب المجدلية لإبنة تدعى سارة حيث أثبت المخطوط أن التي تدعى العاقر هي مريم المجدلية بالنص:
" أما عن الحكمة ( وصحتها الحكيمة ) والتي تدعى " العاقر " فهي أم الملائكة ورفيقة الـ ( مخلص ) مريم المجدلية ( التي ) أحبها أكثر من كل التلاميذ, واعتاد أن يقبلها في معظم الأحيان في ( منتصف جبينها. دون ) بقية التلاميذ.
وهذا معناه أن مريم المجدلية كانت عاقرا لا تلد وهذا ثابت كتابيا بدليل أنها كانت زانية. ومع ذلك لم يكن لها أى أبناء من الزنا, وهذا معناه أنها كانت عاقرا لا تلد بالفعل.
وهذا ما أشار إليه إنجيل فيلبس المنحول الذى وصف المجدلية بأنها الحكيمة التي تدعى " العاقر " أي التي لا تلد بالقول :
" أما عن الحكيــمة والتي تدعى " العاقر " فهي أم الملائكة ورفيقة الـمخلص مريم المجدلية التي أحبها أكثر من كل التلاميذ " ( إنجيل فيلبس المنحول أصحاح 43 ).
شيء مذهل وعجيب أنه حتى الإنجيل المنحول الذى عثر عليه في نجع حمادى والذى استند إليه مؤلفى " الدم المقدس والكأس المقدسة " فصل 13 ودان بروان في " شفرة دافنشى " فصل 55 لإثبات زواج المسيح من المجدلية وإنجاب سارة _ والتي لا نعلم من أي مصدر أتى بهذا الإسم _ هو عينه الذى يثبت أن المجدلية كانت عاقرا لا تلد , والدليل القاطع على ذلك. أنها كانت زانية ومع ذلك لم تنجب مطلقا.
ثالثا : التاريخ يثبت أن الميروفنجيين منحدرين من أصول جرمانية وثنية
يقول دان براون في روايته شفرة دافنشى ما موجزه أن والدى صوفى كانا من عائلة تنحدر مباشرة من سلالة الميروفينجيين المنحدرة مباشرة من سلالة سارة إبنة مريم المجدلية.
وأن سلالة المسيح في القرن الخامس امتزجت عن طريق الزواج بالدم الملكي الفرنسي فظهرت سلالة تعرف بالميروفنجية ( شفرة دافنشى ف 60 ).
لو كان للمسيح سلالة لتسمت باسمه لا باسم جرمانى وثنى. فالسلالة تنسب للأب لا للأم.
هذا بالرغم من أن ميروفيوس ( 428 – 448 ) الذى نسبت إليه السلالة الميروفينجية التي زعم دان براون أنهم منحدرين مباشرة من نسل سارة. هو في الحقيقة منحدر من أصول جرمانية وثنية من الفرنجة الذين غزوا بلاد الغال.
وقد تمكن حفيده الفرنجى كلوفيس الأول من اعتلاء عرش بلاد الغال, ووحد المنطقة التي تشغلها فرنسا اليوم وجعل باريس عاصمتها واعتنق المسيحية على المذهب الكاثوليكى عام 496 ميلادية. عندما تزوج من كلوتيلدا إبنة أخو ملك برغنديا الكاثوليكية مما أدى إلى احتضان البابوية له ودعمه وقد سمى باسم قسطنطين الجديد لوقوفه في وجه الأريوسية.
وكان هذا الموقف هو أساس التحالف بين الكنيسة الكاثوليكية وفرنسا الكاثوليكية. وقد توفى كلوفيس الأول عام 511 ميلادية وينظر إليه على أنه مؤسس فرنسا الحديثة.
لنفترض أن كلوفيس الأول حفيد ميروفيوس مؤسس السلالة الميروفينجية كان من نسل سارة ابنة المجدلية حسب دان براون الذى يعتقد أن المسيح مجرد إنسان مثلنا.
ألم يكن من الأوفق لكلوفيس الذى من السلالة الميروفينجية إن كان من نسل سارة كما زعم دان براون أن يعلن إنتمائه للأريوسيين المنكرين للاهوت المسيح. الذين رغم انكارهم للاهوت المسيح لم يقل أى منهم أنه تزوج من المجدلية لإثبات بدعتهم.
مما تقدم يتضح أن الميروفنجيين لم يكونوا يهودا ولا أريوسيون حتى يخشوا البابوية بل كانوا غزاة وثنيون أقتطعوا أجزاء من الأمبراطورية الرومانية.
علما بأن الكنيسة لم ترفع سيفا حتى في وجه مقاوميها الذين أنكروا لاهوت المسيح. بل كانت تقارعهم الحجة بالحجة والمنطق بالمنطق كما حدث في مجمع نيقية عام 325 ميلادية.
وفى العصر الحديث ظهر كثير من المبتدعين الذين أنكروا لاهوت المسيح ووضعوا روايات خيالية ولفقوا أدلة وشفرات لإثبات خرافة زواج المسيح من المجدلية فهل شهرت الكنيسة سيفا ضد الهرطقات أم قارعتها الحجة بالحجة حتى قضت عليها.
إذن لا توجد مؤامرة من الكنيسة الكاثوليكية على الأسرة الموريفنجية, وإنما المؤامرة موجودة فى خيال مريض يريد تشويه التاريخ.
مما تقدم يتضح أن الميروفينجيين كانوا وثنيين ومن أصول وثنية جرمانية احتلت بلاد الغال أو ما يعرف بفرنسا حاليا في القرن الخامس الميلادى. وبالتالي لا يمكن أن يكونوا من النسل المزعوم لسارة.
وقد ملك نسل الميروفينجيين على فرنسا حتى عام 751 ميلادية. وكان يشار إليهم باسم الملوك ذوى الشعر الطويل حيث جرى التقليد أن زعيم قبيلة الغال يرتدى شعر طويل كتمييز عن الرومان.
ثم خلفهم سلالة الملوك الكارولينجيون الذين حكموا فرنسا في المدة من 751 حتى 987 ميلادية ثم أنتقل عرش فرنسا لأسرة كابيه عام 987 حتى 1589 ثم تولت أسرة بوربون حكم فرنسا من 1589 حتى 1789 عندما اندلعت الثورة الفرنسية.
إذن قصة المؤامرة ومحاولة تصفية نسل المجدلية هي خرافة لأن ملوك فرنسا من اللذين زعم دان براون أنهم من نسل سارة هم من الفرنجة الجرمان الوثنيين وأول من تنصر منهم هو كلوفيس الأول سنة 489 ميلادية.
فأين المؤامرة وقد حاربوا الإمبراطورية الرومانية الغربية واستولوا على أجزاء منها.
وهذا معناه أن الميروفينجيين الجرمان الوثنيين لا يمكن أن يكونوا من نسل سارة التي عاشت في بلاد الغال حسب رواية دان براون قبل أن يحتلها الوثنيون عام 428 ميلادية.
والواقع أن كل ما ذكره دان براون في روايته هو محض مغالطات وأكاذيب الغرض منها إثبات خرافة ليس لها أي أساس من الصحة.
وهكذا وجهت وقائع التاريخ الصحيحة ضربة قاسمة أخرى لرواية شفرة دافنشى. رغم أن الضربة الأولى. قضت على أي أمل في وجود أي نسل للمجدلية أيا كان مصدره.
رابعا : مؤلف رواية زواج المسيح من المجدلية يعترف بأنها خيالية
اعتبر دان براون في مؤلفه شفرة دافنشى أن من الأدلة التي تثبت زواج المسيح من المجدلية فيلم " الإغواء الأخير للمسيح " لمخرجه مارتن سكورسيزى الذى عرض سنة 1988 وانتقد حظر الكنيسة للفيلم من خلال إحدى شخصيات روايته ( شفرة دافنشى فصل 58 بتصرف ) وعلى ذلك فقد اعتمد دان براون لإثبات خرافة زواج المسيح من المجدلية على رواية " الإغواءالأخير للمسيح " The Last Temptation of Christ لنيكوس كازانتزاكيس التي صدرت عام 1953 ميلادية إلا أن مؤلف هذه الرواية وجه ضربة قاصمة للدليل الذى اعتمد عليه دان براون لإثبات زواج المسيح من المجدلية بقوله أن المسيح لم يتزوج المجدلية وأن كل ما جاء بهذه الرواية هو خيال.
مؤلف هذه الرواية من أهل المعرفة ( أي الغنوسية ) تأثر بنيتشة وأعتنق البوذية ومذهب وحدة الوجود وتناسخ الأرواح بقوله " لا توجد في العالم إلا امرأة واحدة لها وجوه لا تحصى يسقط واحد فيظهر آخر. ان مريم المجدلية ماتت ( رجمت ) ومريم أخت أليعازر حية ترزق وهى تنتظرنا .. إنها المجدلية ذاتها ولكن بوجه آخر ( الإغواء الأخير للمسيح ف 30 ص 629 ).
الرواية تفترض أن المسيح إنسان مثلنا حتى يتعرض لمثل هذه التجرية التي جأته في الخيال كلمح البصر وهو على الصليب فتصور نفسه إنسان وأنه نزل عن الصليب وترك الفداء وتزوج المجدلية وأنجب منها أطفالا, وترك تدبير إنقاذ العالم.
ثم يقول المؤلف في نهاية الرواية " المتع والزيجة والأبناء كلها خيال .. كل شيء كان وهما .. ولكن المسيح .. لم يتخذ له زوجة, وقال قد تم ( الإغواء الأخير للمسيح ص 7 ,8 , 684 بتصرف ) .
فالكتاب رغم أنه يعد أصل خرافة زواج المسيح من المجدلية إلا أنه يثبت أن كل هذه القصة خرافة وأن المسيح لم يتزوج المجدلية.
هذه الرواية نشرتها دار سيمون وشوستر للنشر بمدينة نيويورك, وهى دار ماسونية تنشر الكتب الإباحية لتدمير عقول الشباب تنفيذا للمخطط الماسونى السرى.
الرواية في مجملها غير منطقية وهى تروج لعقيدة تناسخ الأرواح ووحدة الوجود. وهى تتضمن ذات الهلاوس الصوفية والخرافات والمغالطات التاريخية والعقائدية التي تميز الكتابات الصوفية. فضلا عن خرافة نزول المسيح من على الصليب ليتزوج من المجدلية وينجب منها أبناء, وقد أشارت مجلة الصياد اللبنانية في عددها الصادر بتاريخ 19/12/1963 إلى هذه الرواية.
خامسا : رواية الدم المقدس والكأس المقدسة مصدر شفرة دافنشى
أشار دان براون في الفصل 60 من روايته شفرة دافنشى أن مؤلفي رواية " الدم المقدس والكأس المقدسة " الصادرة سنة 1982 هي التي أثارت فكرة سلالة المسيح.
والواقع أن دان براوان استمد كل مادة روايته شفرة دافنشى من كتاب " الدم المقدس والكأس المقدسة " وأعاد صياغتها في قالب بوليسى.
وبالإطلاع على هذا الكتاب " الدم المقدس والكأس المقدسة " الذى ألفه ميشيل بيجنت وآخرين. تبين لنا أنه كتاب صوفى من وضع جماعة من الغنوسيون الجدد يقرون فيه بأن السر الذى يقود العالم هو قوة حية عبر القرون ( أي الشيطان ) ( الدم المقدس والكأس المقدسة ص 13 ).
وهم يعترفون بأن معظم مادة مؤلفهم مشبوهة أكاديميا ( أي غير علمية ) باعتبارها تعاليم صوفية سرية ( أي أن مصدرها الشيطان ) وأنه هدفهم من إصدار هذا المؤلف. هو إعادة هذه التعاليم الصوفية المحرمة إلى المنزلة التي كانت عليها قديما. لهذا عملوا على محاولة إيجاد صلات تاريخية لربطها بالروايات والكتابات الصوفية الغامضة بتوليفها على وقائع تاريخية حقيقية حتى لا تظهر وكأنها كذبة كما هي في حقيقتها. فمنهجهم ليس التأريخ بل التأليف لهذا تعاطف الروائيين مع منهجهم ولم يقبل به العلماء والمؤرخين. فالروائى معتاد على التوليف بين الحقائق التاريخية والشائعات والخرافات والأساطير وليس فيها حرام. فكتابهم قائم على الرؤية التي للروائى ( المرجع السابق ص 27 - 28 ).
والواقع أن ما ذكره هؤلاء الغنوسيون صحيح بالنسبة للعلماء والمؤرخين والباحثين, ولكن بالنسبة للعامة فإن وجهة النظر تختلف. فالبعض ثقافته لا تتعدى قراءة العناوين فلا يفهم أنها رواية وأنها خيال ويعتقد صحتها سيما أن أصحاب الرواية أنفسهم مرائين يخاطبون كل واحد حسب عقله فإن كان عالما فالرواية خرافة وأن كان جاهلا فالرواية صحيحة أو محتمل صحتها.
المؤلفون في حقيقتهم أضداد للمسيح والصليب وعملاء للشيطان يرتدون مسوح الأدب الروائى والإبداع الفنى لتشويه التاريخ والعقيدة المسيحية.
فى الفصل الأول من مؤلفهم أتوا بقصة كاهن يدعى سونير لا وجود له في سجلات الفاتيكان زعموا أنه رسم قسا على كنيسة المجدلية بقرية رين لو شاتو بمارسيليا بفرنسا ( المرجع السابق فصل 9 ص 335 ) وأنه عثر على كنز منحه الثروة, ويستنتج من سرد الأحداث بالقصة أن مصدر ثروته كان من عبادة الشيطان. إلا أن مؤلفى الرواية تعاموا ربما عن قصد عن الكشف عن مصدر ثروة سونير , ما زالوا يبحثون عن الكنز أو مصدر الثروة الذى قالوا عنه أنه لا يمنح مجرد الثروة بل القوة أيضا ( المرجع السابق الفصل الأول ص 51 ).
زعم مؤلفوا الرواية أن نسل الميروفنجيين كانوا سحرة وكانوا يحملون ختم الشيطان على أكتافهم ( المرجع السابق الفصل 9 ص 316 ) وأنهم من نسل إله البحر ( نبتون ) الذى إغتصب أمهم ولقحها أثناء سباحتها في المحيط ( المرجع السابق فصل 9 ص 313 - 314 ). .
أكذ مؤلفى الرواية أن زواج المسيح من المجدلية هو مجرد فرضية ليس لها أي سند تاريخي ( المرجع السابق فصل 11 ص 443 - 444 ) وعلى عكس رواية شفرة دافنشى افترض مؤلفوا هذه الرواية أن يكون بارباس ابنا للسيد المسيح كما افترضوا أن يكون له عددا من الأولاد قبل الصلب, وافترضوا أنه لم يصلب. كما افترضوا أن الصلب كان تمثيلية ليهرب مع المجدلية لفرنسا ويدفن في ضواحي رين لوشانو حيث كنيسة المجدلية ( المرجع السابق فصل 12 ص 493 - 503 ).
إهتمت الرواية بالعمل على تضخيم قيمة المخطوطات الغنوسية الخاصة بأسفار مزورة للعهدين القديم والجديد سيما تلك التي عثر عليها في نجع حمادى, التي يكفى أن تنعت بالغنوسية لتفقد أي قيمة علمية أو إيمانية لها ( المرجع السابق فصل 13 ص 529 , 534 - 535 ).
هذه الكتب الغنوسية المنحولة مثلها مثل الروايات الغنوسية لها خاصية التدمير الذاتي بما تحتويه من خرافات وأساطير وأخطأ علمية وعقائدية وتفاهات وسفاهات ومع ذلك يعتبرها مؤلفوا الدم المقدس والكاس المقدسة بأنها هي الأناجيل الصحيحة ( المرجع السابق فصل 13 ص 504 , 534- 535 ).
وأخيرا ختم مؤلفوا رواية الدم المقدس والكأس المقدسة مؤلفهم بالقول:
إن كان السيناريو الذي صنعناه صحيحا فإلى أين ذهب السيد المسيح بعد ذلك؟ ...
طبقا لأساطير إسلامية وهندية معينة هو توفى في سن الشيخوخة في مكان ما في الشرق ويقال على الأغلب أنه توفى في كشمير. أو أنه مات في مسعدة عام 74 ميلادية..
وأن هناك برهان قطعى على أنه كان حيا فى عام 45 ميلادية في كنيسة المجدلية بقرية رين لو شاتو بمرسيليا بفرنسا .. وأنه تم تحنيط جسده وأنه دفن في كنيسة المجدلية.
ثم استطرد قائلا : إحتمالية واحدة محتملة أنه كان في مصر . . وربما لم يكن في ظروف تمكنه من السفر فبقى في الأرض المقدسة.
ثم يقولون " باختصار نحن لم نطرح أي اقتراح حول حقيقة ما حصل أكثر مما اقترحته كتب الإنجيل بحد ذاتها ( أي الأناجيل الغنوسية ). ( المرجع السابق فصل 12 ص 503 - 504 ).
والسؤال هو هل هذه التي يزعم تارة أنها براهين وتارة أنها إحتمالات وتارة أنها فرضيات ويزعم أن كل هذه المتناقضات مصدرها الأناجيل. هل هذه رواية ؟ أم بحث غير أكاديمى ؟ ... ثم عن أي أناجيل يتحدث؟!
هل لو كانت هذه الأناجيل الغنوسية صحيحة كانت تحتوى على كل هذه المتناقضات والخرافات. أين هذه من الأناجيل الصحيحة المسلمة للكنيسة يدا بيد.
والواقع أن ما جاء بكتاب " الدم المقدس والكأس المقدسة " يمهد لضد المسيح باعتباره البديل ( الشبيه ) الذى يترقبه متصوفى صهيون ( المرجع السابق فصل 15 ص 571 ) ويروجون لبعضا من تعاليمه وأهمها إنكار أن يسوع هو المسيح بزعم أنه إنسان مثلنا, وأيضا إنكار مجىء يسوع المسيح في الجسد وبالتالي إنكار الصلب والفداء.. الأمور التي حذرت منها الأسفار المقدسة.
الرواية باختصار هي تجسيد لكل الأفكار والمغالطات والأكاذيب والتجاديف التي سينادى بها ضد المسيح عند استعلانه ملكا على الأرض, وهى التي يروج لها الآن دان براون والصوفيون وتلاميذ مسيح بابل الدجال. وكل الذين لم ينالوا القيامة الأولى مع المسيح.
وجدير بالذكر أن هؤلاء المتصوفة الغنوسيون يمجدون الجنس والفجور ويمارسون ذات طقوس العبادة الشيطانية باعتبارها طقوس صوفية للتقرب إلى الشيطان باعتباره الله حسب زعمهم,
وقد نسب دان براون هذه الممارسات النجسة إلى أخوية سيون السرية المناط بها حفظ الكتب المقدسة الحقيقة ( أي الأناجيل الغنوسية حسب زعمهم ) وتابوت المجدلية ( أي الكأس المقدسة ) وسر السلالة الملكية ( أي الدم المقدس ) حسب زعمه ( شفرة دافنشى فصل 74 ).
سادسا : ماهية رواية شفرة دافنشى
" شفرة دافنشى " رواية نشرها الروائى الأمريكي دان براون عام 2003 وهى قصة خيالية صاغها المؤلف في قالب بوليسى مزج فيه بين العقائد الصوفية وطقوسها ورموزها وتوجهاتها القائمة على إنكار لاهوت المسيح والتشكيك في قانونية الأسفار المقدسة وبين مجموعة من الأفكار الخيالية والروايات الصوفية المؤسسة على مجموعة من المغالطات التاريخية والعقائدية لخدمة الحبكة الروائية دون أن يكون لها أي أساس من الصحة.
تدور رواية شفرة دافنشى حول جاك سونير مدير متحف اللوفر الذى كان رئيسا لجمعية سيون السرية الذى تم إطلاق النار عليه, وقبل موته رسم نجمة خماسية على صدره وتمدد علي الأرض في وضع معين, واعتبر ذلك شفرة الهدف منها إرشاد أشخاص معينين إلى المكان الذى دفنت فيه المجدلية. حتى لا يضيع سر المدفن بموته وموت ثلاثة من أعضاء الأخوية الذين كانوا يعرفون السر.
زعم دان براون أن أخوية سيون السرية تأسست عام 1099 ميلادية على يد " جودوفرادي بويون " أول ملك لأورشليم اللاتينية، وكان الغرض من تأسيسها هو حماية أسرار عائلة بويون ذاته باعتباره من نسل الموريفنجيون الذين من نسل سارة إبنة المجدلية ( شفرة دافنشى ف 60 ).
وقد كلف جودوفرادي بويون أخوية سيون السرية بإحضار المخطوطات الخاصة بالسلالة الملكية التي تحمل الدم المقدس من مخبئها تحت هيكل سليمان, وبعبارة أخرى تحت المسجد الأقصى المقام فوق موضع الهيكل.
فقامت أخوية سيون بتشكيل فرقة عسكرية أسمتها فرسان الهيكل وكلفتها بالحفر أسفل الموضع الذى كان به هيكل سليمان لإحضار هذه المخطوطات التي تثبت صلة الدم التي تربط الميروفنجيون بيسوع المسيح ( شفرة دافنشى الفصل 60 ).
تصوروا ملك القدس عام 1099 يريد أن يثبت صلة الدم التي تربط الميروفنجيون بدم يسوع المسيح, وبداهة أو الوسيلة الوحيدة لذلك هي بإجراء تحليل الحامض النووي D N A
وذلك رغم عدم وجود صلة دم تربطهم بيسوع بفرض أنهم من نسل سارة.
لأن سارة ومعنى اسمها الأميرة في العبرية. إذا كانت قد ورثت دم المسيح الطاهر الذى بلا عيب ولا دنس حسب زعمهم. فإن دمها وحدها هو الذى سيكون غير مدنس بشوكة الخطية والموت, وبالتالي فإنها وحدها التي سيمكنها أن تحيا على الأرض إلى الأبد. مالم تقتل بوسيلة ما.
فأين هي تلك الإنسانة المعمرة التي لها الأن نحو 1982 سنة على الأرض.
أما نسلها فسيموت لأنهم يرثون الدم من آبائهم. لأن الدم يصنع من زرع الرجل ( الحكمة 7 : 2 ) وبالتالي فإن نسلها لن يحمل الدم الملكى. هي وحدها فقط التي تحمل الدم الملكى, وذلك بافتراض صحة رواية دان براون الخرافية.
إذن الادعاء بأن نسل سارة يحمل دما ملكيا هو جهل بالحقائق الكتابية والعلمية الصحيحة. لأن نسلها سيحمل دم الرجل الذى تزوجها, وهو دم مدنس بالخطية الأبوية.
وبداهة أن جودوفرادى كان يحكم أورشليم القدس عام 1099 فقام فرسان الهيكل حسب زعمه بالحفر أسفل المسجد الأقصى لمدة تسع سنوات لا للعثور على كنز الهيكل الذى يضم " المسكن وتابوت عهد الرب ومذبح البخور " وهو السبب الذى تجرى من أجله الحفريات ولكن لأحضار مخطوطات يزعم أنها تحتوى الأناجيل الأصلية ( أي الأناجيل الغنوسية باعتبارها الأصلية حسب تصوره ) التي كتبت قبل عصر قسطنطين, والتي تثبت زواج المسيح من المجدلية حسب زعمه ( إشارة إلى الإنجيل الغنوسى المنسوب لفيلبس زورا والذى جاء فيه كلمة زوجتى والتي تشير إلى المجدلية حسب تصوره كما جاء في الفصل 58 من روايته الخرافية ) وجعلوها أي المخطوطات الغنوسية في أربع صناديق كبيرة, وصار على أخوية سيون السرية أن تقوم بحماية هذه الوثائق الغنوسية, وحماية تابوت المجدلية, وحماية سلالة المسيح الباقية.
وأخيرا عثر فرسان الهيكل على المخطوطات الغنوسية ( التي اكتشفت حديثا في نجع حمادى عام 1945 ) وعادوا بها إلى أوروبا وسلموها للبابا أينوسنت الثانى (1130 - 1143) فمنحهم سلطة مطلقة. والصحيح أن البابا باسكال الثاني ( 1099 – 1118 ) هو المعاصر لملك القدس المذكور.
تناقض غريب. أخوية سرية مهمتها حماية نسل سارة من البابوية. تقوم بعد أن تعثر على المخطوطات وتابوت المجدلية بحسب زعمهم يقومون بتسليمها للبابا؟!
هل عثر فرسان الهيكل عام 1108 على الإنجيل الغنوسى المنسوب لفيلبس والذى جاء فيه عبارة " رفيقة المخلص مريم المجدلية " بعد تسع سنوات من الحفر أسفل موضع الهيكل على إنجيل غنوسى لم يكتشف إلا ضمن مخطوطات نجع حمادى حيث نجحوا في الحصول على هذا الإنجيل ليسلموه إلى الفاتيكان والواقع أن مخطوطات نجع حمادى تم إيداعها بالمتحف القبطى وليس للكنيسة البابوية.
هذه المخطوطات محفوظة الأن بالمتحف القبطى وليس أسف الهرم المقلوب بمتحف اللوفر بباريس.
بعد تسع سنوات من الحفر أسفل موضع هيكل سليمان يعثرون على المخطوطات وتابوت المجدلية ويسلمونه للبابا.
أخوية سرية وفرسان هيكل ومؤامرة بابوية لتصفية النسل المقدس وفى النهاية يسلمونه المخطوطات والتابوت هذا لا يحدث إلا في فيلم وش إجرام فهل هذه رواية كوميدية أم بوليسية.
ثم بعد تسليم المخطوطات والتابوت للفاتيكان يدفنون التابوت والمخطوطات أسفل الهرم المقلوب باللوفر.
يرجى من القرأء الذين يتسنى لهم الإطلاع على هذا السر الخطير ألا يطلعوا الفاتيكان به. سيما تلاميذ المسيح البابلى فهذا سر.
ونظرا لأن البعض منهم صدق رواية شفرة دافنشى أخشى أن يصدقوا أن هذا سر بالفعل, ويعملون على إخفائه عن الفاتيكان.
إذن السر مدفون أسفل الهرم المقلوب بمتحف اللوفر وقبلا كانت مدفونة أسفل المسجد الأقصى. كيف رغم أنها ماتت ودفنت في بلاد الغال. ثم بعد تسليمها للفاتيكان عادت للأخوية التي لا وجود لها ليخفونها أسفل هرم مقلوب بمتحف اللوفر.
هل يوجد عاقل لديه كنز يريد أن يخفيه عن الأعين فيخفيه في أرض مملوكة للدولة أو في متحف أو أسفل إحدى دور العبادة.
إذا كانت جماعة سيون قد عثرت على الوثائق السرية أي الأناجيل الغنوسية التي تتحدث عن زواج المسيح من المجدلية وعلى رفات جسد المجدلية وسلموها جدلا للفاتيكان. فمن يتآمر على من؟
الرواية أصلا كذبة ابتدعها الصوفيون وصدقوها. وهذا بالفعل أسلوب الصوفيون عدم المنطقية والسوفسطائية أي إثبات الشىء ونقيضه في نفس الوقت.
زعم دان براون في خاتمة روايته شفرة دافنشى أن الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران ( 1981 - 1995 ) كان عضوا بجمعيات كثيرة, وبعبارة أخرى أنه كان عضوا في جمعية سيون المكلفة بإخفاء الكأس المقدسة أي جسد مريم المجدلية. فأخفى الجسد في متحف اللوفر تحت الهرم الزجاجى المقلوب أسفل بهو نابوليون وقد تم بناؤه عام 1989 وبناه أمريكى من أصل صينى.
وزعم أن جاك سونير مدير متحف اللوفر ورئيس جمعية سيون أشار قبل موته إلى أن ناووس المجدلية موجود أسفل الهرم الزجاجى المقلوب بمتحف اللوفر بفرنسا وأشار إلى ذلك في رباعية غامضة مثل رباعيات العراف الفرنسي الشهير نوسترادموس يقول فيها ما معناه :
الكأس المقدسة تحت روسلين القديمة ( كنيسة روسلين )
السيف والكأس يحرسانها ( إشارة إلى نجمة داود حسب تصوره )
ترقد هناك ( أي جسد المجدلية ) مزينة بفن المعلمين ( أي بلوحات متحف اللوفر )
ترتاح تحت السماء ذات النجوم
سابعا : كشف مغالطات دان براون التاريخية
القصة صدرت سنة 2003 وتابوت المجدلية تم وضعه أسفل الهرم الزجاجى المقلوب بمتحف اللوفر حسب رواية دان براون
وقد تم بناء الأهرام الزجاجية عام 1989 في عهد الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران.
وهذا يجعل القصة تقع بين عامي 1989 وعام 2003
أي أنها وقائع يمكن التحقق من صحتها إن كان لها أي أساس من الصحة عدا في خيال مؤلفها للأسباب التالية المحققة لدينا وهى كالتالى:
( 1 ) أن أخوية سيون السرية خدعة لا وجود لها
حيث تم الترويج لهذه الأخوية المزعومة عام 1956 في فرنسا من قبل بيير بلانتارد الذى كان يطالب بالعرش الفرنسي أنذاك, وقد كشفت بعض المراسلات لبيير بلانتارد بأنه كان يريد أن يوهم الناس بأن هناك أخوية سرية تدعمه للوصول لعرش فرنسا.
فتلقف دان براون هذه الأخوية المزعومة المدعمة لبيبر برتلاند للمطالبة بعرش فرنسا ليجعلها الأخوية المناط بها حماية سلالة الدم المقدس وربط بينها وبين ملوك الفرنجة الذين أسسوا فرنسا الحديثة دون أن ينتبه لأصولهم الوثنية. فجأت روايته كخرقة بالية مملوؤه بالثقوب والثغرات.
فقد زعم دان براون أن هذه الأخوية تأسست عام 1099 وزعم أنها أخوية سرية باطنية تمارس طقوس شيطانية ورغم ذلك نيط بها حراسة الأناجيل الصحيحة وتابوت المجدلية , وحماية سلالة المسيح من مريم المجدلية. فهل هذا معقول.
أيا كان الأمر فإن المحقق أن هذه الأخوية كانت خدعة لا وجود لها كما قدمنا.
فالرواية بنيت على باطل, وما بنى على باطل هو باطل.
( 2 ) أن تنظيم فرسان الهيكل لم يكن تنظيما سريا
زعم دان براون أن أخوية سيون الخرافية هي التي أسست جمعية فرسان الهيكل عام 1099 ميلادية للبحث عن وثائق الدم المقدس أسفل الموضع الذى كان به هيكل سليمان.
وهذا غير صحيح لأن تنظيم فرسان الهيكل لم يكن تنظيما سريا ولا يمت لأخوية سيون الخرافية بصلة كما لا يمت للماسونية بصلة.
فالثابت تاريخيا أن جماعة فرسان الهيكل نشأت نتيجة حراك شعبى من جماعة من الرهبان لحماية زوار كنيسة القيامة بأورشليم وعرفت باسم الجنود الفقراء للمسيح والهيكل.
ثم عرفت اختصارا باسم فرسان الهيكل عام 1118 ميلادية عندما تم تنظيمها وتعيين قائد أكبر لهم هو هيوجز دى بانز لها وتم حل الجماعة عام 1312 ميلادية بعد توجيه اتهامات لقادتها بعبادة الشيطان من قبل ملك فرنسا فيليب الرابع للقضاء على نفوذهم والإستيلاء على أملاكهم وأعدم آخر قادة التنظيم جاك دى مولاى حرقا عام 1314 ومات فيليب في نفس العام, وقد أقر الفاتيكان بعدم صحة هذه الإتهامات.
ثم عندما تم تأسيس المحفل الماسونى البريطاني الأكبر رسميا عام 1717 ميلادية في لندن زعموا كذبا وجود علاقة تاريخية بينهم وبين فرسان الهيكل باعتبار أن بعض قادتهم كانوا من عبدة شيطان إلا أن هذا الربط غير صحيح وليس له أي سند تاريخى.
( 3 ) أن جمعية عمل الرب تأسست سنة 1928 بأسبانيا
زعم دان براون أن منظمة " عمل الرب " هي المنظمة الكاثوليكية المناط بها القضاء على أخوية سيون حتى لا تكشف عن سلالة المسيح من المجدلية.
والواقع أن جمعية " عمل الرب " جمعية حديثة ولم يكن لها وجود أثناء الحروب الصليبية حيث تأسست عام 1928 في أسبانيا, وهدفها تبشيرى معلن للجميع, وليست جمعية سرية على الإطلاق, وبالتالي ليس لها أي نشاط سرى.
ولا يوجد أي رابط منطقى لربط جمعية أسبانية تبشيرية حديثة. بأخوية سيون الفرنسية المزعومة التي ثبت أنها خدعة كأن أول إعلان عنها فى عام 1956 وقد نسب دان براون لهذه الأخوية التي يفترض أنها تقوم بعمل مقدس ممارسة طقوس شيطانية للتقرب للشيطان وكأنها تنظيم باطنى كأخوية سيون.
( 4 ) أن تابوت المجدلية لم يخفى أسفل الهرم المقلوب باللوفر
لنفترض أن سونير زعيم أخوية سيون الخرافية أخفى التابوت أسفل الهرم المقلوب باللوفر حسب زعم دان براون. فهذا لا يكون إلا بناء على إتفاق بين الرئبس الفرنسي صاحب المشروع, ومصمم الأهرام الزجاجية حتى يعد مكان لإخقاء التابوت به .
وهذا معنا أن سونير لم يكن وحده الذى يعلم بموضع ناووس المجدلية. لأن الأولى بهذه المعرفة الرئيس الفرنسي والمهندس الصينى الأصل الذين أشرفا على بناء الأهرام الزجاجية. بما فيها الهرم الزجاجى المقلوب بمتحف اللوفر.
ثم أن منصب مدير متحف اللوفر لن يدوم حتى تخفى فيه أسرار خاصة بتنظيم سرى. ثم أين كان التابوت قبل إيداعه بمتحف اللوفر. ألم يكن قد تم تسليمه للبابا الرومانى. ثم ما قيمة أي مخطوط لا تعترف به الكنيسة؟ وما الدليل على أن هذا الناووس به جسد المجدلية؟ وحتى لو كان جسد المجدلية فعلا. فهل سيضيف أو ينقص شيء في الإيمان المسيحى.
كل هذه الثغرات تمثل نقاط ضعف في الحبكة الروائية لشفرة دافنشى تجعلها غير مقبولة فنيا.
ثامنا : التفسيرات الصوفية المنحرفة للرموز المقدسة
زعم دان براون في روايته شفرة دافنشى أن السيف والكأس يشيران إلى نجمة داود التي تشير إلى إندماج الذكر والأنثى.. وأن هذه النجمة هي الختم الذى ختم به سليمان قدس الأقداس. حيث يعتقد أن الله يهوه سكن مع الآلهة شكينا في قدس الأقداس في هيكل سليمان ( شفرة دافنشى ف 74 ) .
والواقع كما جاء في الترجوم اليهودى أن اليهود كان يطلقون على الحضور الإلهى في صورة ملاك يهوه أو رسول يهوه إسم " شكينا " وينطقه العرب " سكينة " .
وملاك الرب أو ملاك يهوه الذى يشار إليه بالحضور الإلهى " شكينا " يمثل ظهورات المسيح في العهد القديم.
لهذا فإن حضور الله في قدس الأقداس يسمى " شكينا " أي سكنى وكلمة ملاك تعنى رسول وقد أعلن الرب يسوع المسيح أنه مرسل من الله وأن من يراه يرى الذى أرسله ( يوحنا 12 : 45 ).
إذن الذى يسكن الهيكل مع يهوه هو ملاك الحضرة الإلهية " شكينا " أي المسيح صورة الله وليس آلهة إنثى كما يتصور دان براون.
مما تقدم يتضح أن الرواية لا تسيىء إلى المسيحية وحدها كما يتصور البعض. بل تسىء إلى اليهودية أيضا.
والواقع أن جميع التحليلات الواردة في رواية شفرة دافنشى قائمة على مغالطات مفضوحة الغرض الحقيقى منها هو تشويه الرموز الدينية المقدسة بالربط بينها وبين الجنس وعبادة الشيطان. بزعم أن ممارسة الزنى ليس خطيئة بل طقس صوفى روحانى يتقربون به إلى الرب ( شفرة دافنشى ف 74 ).
تاسعا : لوحة العشاء الأخير لدافنشى
تصور لوحة العشاء الأخير للرسام ليونارد دافنشى. التي رسمها نحو عام 1498 أحداث ما قبل التناول.
الصورة توضح اللحظة التي قال فيها السيد المسيح لتلاميذه إن واحد منكم يسلمنى وكان يوحنا جالسا بجوار السيد المسيح فأوما إليه سمعان بطرس أن يسأله من عسى أن يكون هذا.
كما تظهر الصورة وجود ثلاثة عشر كاسا زجاجيا على شكل كوب به نتاج الكرمة على المائدة وهذا لا ينفى أن يتناول السيد المسيح كأسا منها بعد العشاء ويعطى التلاميذ ليشربوا منه كلهم بعد خروج يهوذا الإسخريوطى.
عمد دان بروان مؤلف رواية شفرة دافنشى حتى يثبت خرافة زواج المسيح من المجدلية إلى الادعاء بأن دافنشى كان عضوا بأخوية سيون السرية _ التي لا وجود لها أصلا _ وأنه وضع فى لوحة العشاء الأخير شفرة تثبت خرافة زواج المسيح من المجدلية زاعما أنها كانت حاملا في سارة بالصورة وذلك لإثبات أن المسيح كان إنسان مثلنا وليس إلها كما جاء في الكتاب المقدس بعهدية القديم والجديد.
تصور دان براون لإثبات خرافة زواج المسيح من المجدلية. أن يوحنا الرسول الجالس بجوار المسيح هي مريم المجدلية, وهذا يتنافى مع الحقائق الكتابية ولم ترد هذه الخرافة في أي إنجيل غنوسى, ولا حتى في الإنجيل المنحول باسم فيلبس الرسول.
وبفرض أن لوحة العشاء الأخير تتضمن شفرة كما يزعم دان براون فكان يجب أن يكون هناك 12 تلميذا ليس بينهم يهوذا, الذى خرج بعد العشاء بعد أن أخذ اللقمة من يد المسيح. بحيث يلتبس أمره. إلا أن يهوذا كان جالسا بجوار يوحنا قابضا صرة النقود, ثم إن كانت الجالسة امرأة وتمارس طقسا دينيا فأين غطاء الرأس. ثم أين يوحنا الرسول إن كانت الجالسة مكانه هى المجدلية كما يزعم دان براون؟! هذه ليست شفرة بل هوس عقلى.
الشفرة لغة يمكن لمن يملك مفاتيحها أن يحلها. أما هذه فهى تخيلات مريضة ليس لها أي معنى.
كما أن مريم المجدلية أخت لعازر كانت تتميز بالشعر الطويل حتى أنها دهنت الرب بطيب ومسحت رجليه بشعرها ( يوحنا 11 : 1 -2 ) أي أنها المرأة الخاطئة التي دهنت قدم الرب بالطيب وغسلت رجليه بالدموع ومسحتهما بشعر رأسها ( لوقا 7 : 38 , 44 ) أما شعر يوحنا في اللوحة فلم يبلغ كتفيه.
مما تقدم يتضح عدم وجود شفرة باللوحة وأنما هي تخيلات مريضة.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com