عَلَم الدولة هو أحد رموز سيادتها، والولاء له من صور الانتماء. وفى أى معركة حربية يكون المستهدف الأول هو رافع الراية؛ لكى يسقط وتسقط هى معه.. والأعلام والرايات، أشكال وألوان، فهناك «الراية البيضاء»، علامة الاستسلام (وهو بالمناسبة اسم مسلسل عربى مشهور)، وهناك «الراية الحمراء»، إشارة التحذير (وهو بالمناسبة اسم فيلم عربى مغمور). و«الراية السوداء»، نذير الموت (وهو بالمناسبة اسم منظمة وهمية فى أحد أشهر المسلسلات التركية وهو «وادى الذئاب»، لكن الخيال تحول إلى واقع خلال سنوات عبر داعش وأخواتها).. تلك الراية بدأت من الدولة العباسية فى بغداد وانتهت إلى ميدان العباسية بالقاهرة، وقد يُرسم عليها عظمتان لتكون رمزاً للموت العنيف عند القراصنة، أو قد يُكتب عليها الشهادتان لتصير دلالة للموت المقدس عند الإرهابيين.
مصر الفرعونية من أقدم أمم التاريخ البشرى استخداماً لرايات خاصة بها فى الحروب والاحتفالات المختلفة، ونقوش المعابد الفرعونية تثبت ذلك. ومنذ عهد الفراعنة حتى الآن كان لمصر على الدوام علم، إما خاص بها أو خاص بمن يحتلها، مثل الراية البيضاء الأموية والسوداء العباسية والخضراء الفاطمية والصفراء الأيوبية، وبعدها، وخلال سنوات الاحتلال العثمانى الطويلة، كانت لدينا تنويعات من الأهلة والنجوم على الخلفيات الحمراء والخضراء.
وبعد استقلال مصر بلغت قوة الدولة وعلمها عربياً أن اشتُقت منه العديد من أعلام الدول المجاورة، وهى مجموعة البلدان المُدمرة الآن: (سوريا - العراق - اليمن - ليبيا - السودان).
قد يأتى رفع العلم فيما هو متخيل ومرسوم، مثل لوحة «الحرية تقود الشعب» للفنان الفرنسى الشهير «فرديناند ديلاكروا»، وهى تحيى ذكرى الثورة الفرنسية وتجسد امرأة عارية الصدر «رمز الأمومة» تحمل علم فرنسا وتسير فوق أجساد موتى وتقود وراءها جماهير غاضبة، وعلى يسارها صبى صغير قارع للطبول يمسك بمسدسين، يبدو أنه استولى عليهما، وهو الشخصية التى اقتبسها بعد ذلك «فيكتور هوجو» وصنع منها شخصية «غافروش» فى روايته «البؤساء»، ولكن هذا موضوع ثانٍ.
وقد يأتى رفع العلم فيما هو حقيقى وفوتوغرافى، مثل صورة «رفع العلم على الرايجستاغ»، للمصور البلغارى المجهول «يافجنى خالدى»، وهى تصور رفع العلم السوفيتى فوق المبنى القديم للبرلمان الألمانى فى برلين. وبالصورة الرقيب الداغستانى «عبدالحكيم إسماعيلوف» يرتدى ساعتى يد، يبدو أنه استولى عليهما، فأجرى المصور تعديلات على الصورة وحذف ساعة منهما، ولكن هذا موضوع ثالث.
إهانة العلم جريمة يعاقب عليها قانون أى دولة: وكمثال لما يحدث فى الدول العربية حديثة النشأة؛ منذ عامين اعتقلت السلطات السعودية، فى مدينة الدمام، أربعة مصريين بتهمة «رفع العلم المصرى» فى أثناء الاحتفال بالعيد الوطنى للمملكة التى يمنع قانونها ذلك ويجرمه. ولم يتم إخلاء سبيلهم إلا بعد كتابتهم إقراراً بعدم رفع علم غير سعودى مرة أخرى.
وفى مصر فإن القانون رقم 41 لسنة 2014 ينص فى مادته السابعة على أنه «لا يجوز رفع أو استعمال غير العلم الوطنى، وفى الأحوال التى يجوز فيها قانوناً، رفع علم آخر، يحظر رفعه فى سارية واحدة مع العلم الوطنى، أو أن يرتفع إلى مستوى أعلى منه».
حين يرفع مواطن مصرى علم دولة أخرى فى محفل دولى فقد أهان علم بلاده، المروى بدماء أجداد وآباء، وكان على بلاده أن تقومه، أما الادعاء المضحك، واللعب الرخيص على وتر الدين، بحجة أنه رفع «كلام ربنا» فهذا يضعنا أمام أنفسنا لتأمل رد فعلنا إذا رفع لاعب مصرى مسيحى علم الدنمارك أو السويد لأنه يحتوى على الصليب!
نقلا عن الوطن
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com