تعوم المنطقة العربية على وجه الخصوص فوق بحور من الكوارث، هناك الحروب ومنها تتفرع نوائبها مرتزقة إبادات جماعية قتلى لاجئون انهيارات اقتصادية.
من الناحية الصورية تبدو الأمم المتحدة لصيقة المتابعة بحيثيات هذه الأزمات سواء في العراق أو سوريا أو اليمن أو ليبيا وحتى فلسطين.
الأمين العام للأمم المتحدة خص تلك الأزمات بمبعوثين دوليين يتنقلون باستمرار ويلتقون بأطراف الصراعات ويخرجون إلى العلن متأبطين ملفات ورقية سميكة وهم يتحدثون عن خطط وتسويات.
لكن هذه المتابعة والآن لا زالت عاقرة غير فعالة اسمية فقط لاحول لها ولا قوة. تذهب أدراج الرياح حتى مع بوادر التوترات الأضعف في ميادين القتال.
اللافت والطريف في الأمر أن شيخ الديبلوماسية الدولية بان كي مون لم يمل الظهور في أعقاب سرديات الموت المتواصلة حول العالم ليقول بأنه قلق ..ربما كي يبرر وجوده .. وكأنه استعار من عالم الرياضيات ديكارت مبدأ الشك لكن بفلسفة سببية جوفاء، هكذا في كل مرة بينما يواصل الموت طبع نسخ جديدة لضحاياه في هذه البقعة من العالم أو تلك.. يقلق الأمين العام للأمم المتحدة وتستمر إخفاقات مبعوثيه.
منذ أن جاست الفوضى بطاح العالم العربي واندست فيه غرائب القتلة واختلطت فيه الذئاب الضارية وبالحملان الوادعة لم يفلح أي من المبعوثين الأميين بالخروج بخطة مكينة تدخله التاريخ كبطل للسلام. المبعوثون الدوليون إلى سورية واليمن و ليبيا تغيروا لكن نهج المنظمة الدولية بقي ثابتا محافظا على عطالته المزمنة. وإذا كانت الأزمات العربية حديثة الولادة قياسا إلى حسابات التاريخ فإن القضية الفلسطينية تعتبر العار الأوضح للأمم المتحدة.
بعد كل هذه العقود أين هي الدولة الفلسطينية؟ وماذا حل بالقرارات الدولية الضامنة لحقوق الشعب الفلسطيني؟ في الواقع إن الأمم المتحدة هي من تنتهك بنفسها حقوق الإنسان.
فمن حين إلى آخر تقوم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين الأونروا بتقليص مفاجئ لخدماتها ما يعرض المجتمعات الفلسطينية في مخيمات اللجوء في الداخل والشتات إلى هزات عنيفة تترجم باعتصامات مفتوحة.
ورغم أن أعداد اللاجئين تزداد بحكم سنن الحياة إلا أن موارد الأونروا تتناسب عكسا معها فتجف شيئا فشيئا مع مواليد الفلسطينيين الجدد.
دور الأمم المتحدة المتواطئ يبدو كذلك في قطاع غزة خلال الأعوام الماضية شنت إسرائيل حروب الرصاص المصبوب وعامود السماء والجرف الصامد وجميعها فتكت ونكلت بقطاع غزة وعلى مرآى من بان كي مون ومن مبعوثيه الدوليين من مدمني القلق.
وهنا ليس من النافل القول إن قطاع غزة الذي صنفته إسرائيل كيانا معاديا يعتمد في دخله على تصدير الزهور وهو منتج طاردته إسرائيل ومنعت خروجه بشتى الطرق و أخبثها.
أما الصدمة فتكمن في أن إسرائيل وبكل ما تعنيه هذه الكلمة من معان عند الكثيرين أصبحت رئيسا للجنة الشؤون القانونية الدائمة في الأمم المتحدة والمعنية بانتهاكات القانون الدولي.
تخيلوا رئيس اللجنة داني دانون وهو وزير متطرف في حكومة بينيامين نتنياهو مسؤولا عن ملف انتهاكات القانون الدولي بحق الفلسطينيين مثلا.
شخصيا أشك كثيرا فيما إذا كان رئيس اللجنة دانون سيعتبر الفلسطيني خصوصا والعربي عموما إنسانا له حقوق كفلها القانون الدولي، هذه هي الأمم المتحدة راعية القانون الدولي وفاروق المظالم حول العالم.. وهذا هو بان كي مون ... روبن هود المستضعفين والمساكين.. يقلق ليس إلا.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com