فى مثل هذا اليوم 4 اغسطس 1877م..
سامح جميل
كانت تجارة الرقيق منتشرة، وخاصة بين مصر والسودان
وفي مذكراته المهمة، يقول السياسي والمؤرخ أحمد شفيق باشا (1860- 1940) "كان الرقيق يكاد يعتبر يومئذ جزءاً من الأسرة. وكانت تجارة الرقيق منتشرة في البلاد، سواء منه الأسود أو الأبيض
"وكانت توجد في القاهرة بيوت خاصة ببيع الرقيق تعرض بواسطة (يسرجيات أو يسرجيين) فكان يرتاد هذه البيوت من يريد اقتناء الجواري أو المماليك أو العبيد
"وكان المعتاد أن يكشف عن الجنسين وهم عرايا. وقد يبالغون في ذلك، خصوصاً بالنسبة للإماء، فيوضعن في طسوت ملأى بالماء، ثم يخرجن، فإن نقصت كمية الماء دل ذلك على الصحة
"وكان يوجد بين الجراكسة عائلات بتمامها، ذكوراً وإناثاً، كباراً وصغاراً؛ وقد اقتنى أبي عائلة مؤلفة من رجل وامرأة، وولد وبنت صغيرين
"وكان مالكو الرقيق يستمتعون بالإناث منه (الجواري) وخصوصاً البيض منهن. وكن يملأن بيوت الكبراء. وبذا اختلط الدم المصري بدم الجراكسة في بعض الأسر. وكان المصريون يعاملون الرقيق معاملة حسنة، فيرسلون الذكور للمدارس ويعتقونهم. ومن هؤلاء من وصل إلى وظائف مهمة في الجيش والإدارة، حتى إن شوارع حلوان قد سمي أكثرها بأسمائهم؛ ومنهم من كان يزوج بناته منهم، أما الإناث فكان يعنى بتزويج الكثيرات منهن"..
ولما تولى الخديو إسماعيل حكم مصر أصدر أمراً إلى حكمدار السودان عام 1863 بتعقب تجار الرقيق ومنعهم بالقوة من ممارسة تجارتهم المحرمة، ونفذ الحكمدار أوامر الخديو فضبط 70 سفينة مشحونة بالرقيق واعتقل التجار الذين جلبوهم، أما الأرقاء فقد أطلق سراحهم وأعادهم إلى بلادهم. وفي عام 1865 احتل الجيش المصري بلدة فاشودة لكي يسد الطريق على تجار الرقيق، وأقام فيها نقطة حربية دائمة لمنع تجارة الرقيق. وفي 4 أغسطس عام 1877، وقعت مصر على معاهدة حظر الاتجار في الرقيق، مع فترة سماح لمن لديه جوارٍ لمدة 12 سنة للتصرف فيهن..
استمرت عمليات تجارة الرقيق في مصر، على رغم صدور المعاهدة الثانية لمنع الرقيق في بروكسل عام 1890، وإنشاء مصلحة لرعاية شؤون الرقيق وبحث أحوالهن وما استتبع تطبيق قانون إلغاء الرقيق من إجراءات ومشكلات، يقودها ضابط إنجليزي يُدعى شيفر بك. وكانت من مهام المصلحة ملاحقة تجار الرقيق وتقديمهم للعدالة وكانت تلك الجريمة عقوبتها حينئذ السجن لمدة خمس سنوات. ووفق التقديرات البرطانية وتعداد السكان عام 1850 ومن واقع سجلات مكتب تجارة الرقيق الذي تأسس في أعقاب معاهدة عام 1877، فإن عدد الرقيق في مصر طوال القرن التاسع عشر تراوح بين 20 ألفاً و30 ألفاً[3]. وعلى رغم صعوبة تحديد رقم الرقيق في مصر آنذاك، فإن الباحثة جوديث تاكر، تقول إنه خلال الفترة بين عامي 1877 و1905، نال 25 ألفاً من الرقيق حريتهم في مصر. غالبية هؤلاء الرقيق كن من النساء، اللاتي عملن خادمات في المنازل، كما وردت الوثائق حالات رق لغرض الزراعة في الصعيد، في حين جرى تجنيد أعداد كبيرة من الرقيق في الجيش مطلع القرن التاسع عشر..!!
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com