محرر الأقباط متحدون
إكتشف علماء آثار من الجامعة العبرية في أورشليم القدس خلال أعمال الحفر المتواصلة الجارية في تل حاصور في منطقة أصبع الجليل شمال البلاد جزءاً من تمثال مصري قديم كان قد تم نحته خصيصاً من أجل شخص معيَّن قبل فترة 4 آلاف سنة تقريباً. ويُفترض أن الحجم الكامل للتمثال كان يشبه حجم الإنسان مما يجعله أكبر قطعة تمثال أثرية مصرية قديمة تم اكتشافها في بلاد الشام ويعود تأريخها إلى الألفية الثانية قبل الميلاد. وما زالت عملية تحليل الخط المرسوم على التمثال في مراحلها الأولى إلا أن الباحثين أصبحوا على قناعة بأن مضمون الخط يتعلق على الأرجح بموظف مصري كبير لم يتضح بعد اسمه وطبيعة المنصب الذي كان يتولاه.
ويشار إلى أن التمثال مصنوع من الحجر الكلسي. وتم خلال الحفريات اكتشاف الجزء الأسفل من التمثال بحجم 40x45 سنتمتراً حيث جاء على شكل رِجل لتمثال منحوت بصورة رجُل. وتستند الرِجل إلى قاعدة كُتبت عليها عدة سطور في الخط المصري القديم (الخط الهيروغليفي).
وذكر البروفيسور أمنون بن- تور من معهد علم الآثار التابع للجامعة العبرية والذي يشرف منذ 27 عاماً على الحفريات الجارية في تل حاصور، في حديث لصحيفة "هأرتس"، أن هذا التل يمثل أهم موقع أثري يعود تأريخه إلى عهود التوراة. وكان قد تم قبل 3 سنوات في تل حاصور اكتشاف قطعة مكسورة من تمثال (أبو الهول) للملك المصري منكاورع (المعروف أيضاً باسمه اليوناني "ميكرينوس) وهو من ملوك الأسرة الفرعونية الرابعة وكان قد حكم مصر في الفترة ما بين عامَيْ 2490 و 2472 قبل الميلاد، علماً بأن ذلك التمثال كان أكبر تمثال مصري بصورة ملك تم اكتشافه حتى الآن في بلاد الشام. وبالتالي فإن مجرد اكتشاف هذين التمثاليْن في المبنى الجاري حفره في موقع تل حاصور يدل على أهمية هذا الموقع الأثري ككل.
وقد تم خلال أعمال الحفر المتواصلة في تل حاصور منذ قرابة 3 عقود اكتشاف كسور 18 تمثالاً مصرياً حيث تم نحت التماثيل بصورة ملوك أو موظفين بالإضافة إلى تمثاليْن بصورة أبي الهول. وتم اكتشاف قطع التماثيل في الطبقات العائدة إلى العصر البرونزي المتأخر (الذي يوافق الفترة الممتدة بين القرنيْن الـ15 والـ13 قبل الميلاد) علماً بأن هذا العصر كان يتزامن مع عصر "المملكة الجديدة" في مصر الفرعونية. ويشار إلى أن هذا العدد هو الأكبر لقطع التماثيل المصرية القديمة المكتشفة في موقع واحد في البلاد.
ونوهت عالمة الآثار شلوميت بخار وهي طالبة في مرحلة الدكتورة في معهد علم الآثار التابع للجامعة العبرية والتي تشارك منذ عقد من السنين في الحفريات الجارية في تل حاصور وتتولى حالياً الإشراف على منطقة الحفريات الرئيسية، إلى أن قطعة التمثال المكتشفة حديثاً كانت على الأرجح منصوبة أصلاً داخل معبد أو قبر صار عرضة للنهب في فترة لاحقة ثم تسلم الملك الفرعوني التمثال على أنه أهدِي بعد قرون إلى ملك حاصور الذي كان في تلك الحقبة أهم الملوك الكنعانيين. كما يُحتمل أن يكون قد تم إهداء التمثال لغرض وضعه في معبد محلي في مدينة حاصور القديمة.
وتدل نصوص التوراة أيضاً على المكانة المميَّزة لمدينة حاصور في القِدم حيث جاء في سفر يشوع (الفصل 11، الآية 10) أن يشوع اجتاح المدينة "لأنَّ حاصورَ كانَت آنَذاكَ أهمَ جميعِ تِلكَ المَمالِكِ". ويُستدل على أهمية المدينة أيضاً من الرسائل التي كان ملوك المدن الكنعانية القديمة قد أرسلوها إلى ملك مصر في الحقبة ذاتها والمعروفة باسم "رسائل تل العمارنة" المكتشفة في الموقع الأثري الشهير في أرض مصر الذي يحمل هذا الاسم. وعليه يُعدّ تل حاصور أكبر وأهمّ التلال التأريخية العائدة إلى عصور التوراة في البلاد، ناهيك عن إعلانه موقعاً للتراث العالمي من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو). ويحتلّ موقع تل حاصور صدارة مشاريع الحفريات الأثرية التي تقوم بها الجامعة العبرية. وكانت حاصور الكنعانية القديمة- السابقة للمدينة العبرية القديمة- مدينة عامرة تراوح تعداد سكان ما بين 15-20 ألف نسمة حيث كانت المدينة تقيم الروابط الثقافية والتجارية سواء مع مصر الفرعونية أو مع ممالك بابل.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com