ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

فى المسألة القبطية.. لغَم «العزبى» (2)

كمال زاخر | 2016-07-25 08:17:48

لماذا صدرت شروط العزبى باشا لتنظيم بناء الكنائس (1934) والتى أفرغت الخط الهمايونى (1856) من مضمونه التقدمى؟ فقد سقطت الخلافة العثمانية 1922، وتشكلت جماعة الإخوان المسلمين 1927، وسعى الملك فؤاد لينصب نفسه خليفة للمسلمين فى محاولة لوراثة الخلافة الغاربة، ويكلف إسماعيل صدقى بتشكيل الوزارة أكثر من مرة، الذى انقلب على الوفد مبكراً وشكّل حزباً موالياً للملك، وسعى لاسترضاء جماعة الإخوان، فناصروه إلى درجة توظيف النصوص المقدسة فى التسويق له، بحسب رصد المفكر الإسلامى المستشار طارق البشرى، الذى ذكر واقعة خطاب زعيم الإخوان بالجامعة مصطفى مؤمن، الذى أثنى على صدقى وسياساته مستشهداً بالآية الكريمة «وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيَّاً»، قبل أن ينقلبوا عليه عندما تضاربت المصالح، وفى سياق استرضاء الإخوان تصدر قرارات العزبى باشا التى يبدأ معها مسلسل محاصرة بناء الكنائس والتضييق عليها، بما تحتويه من تعسف يصل إلى حالة الاستحالة، وكانت هذه الشروط:

1- هل الأرض المرغوب بناء كنيسة عليها هى من أرض الفضاء أو الزراعة؟ وهل هى مملوكة للطالب أم لا؟ مع بحث الملكية من حيث إنها ثابتة ثبوتاً كافياً، وترفق مستندات الملكية.

2- ما مقادير أبعاد النقطة المراد بناء الكنيسة عليها عن المساجد والأضرحة الموجودة بالناحية؟

3- إذا كانت النقطة المذكورة من الأرض الفضاء.. فهل هى وسط أماكن المسلمين أو المسيحيين؟

4- إذا كانت بين مساكن المسلمين.. فهل لا يوجد مانع من بنائها؟

5- هل توجد للطائفة المذكورة كنيسة بهذه البلدة خلاف المطلوب بناؤها؟

6- إن لم يكن بها كنائس.. فما مقدار المسافة بين البلدة وبين أقرب كنيسة لهذه الطائفة بالبلدة المجاورة؟

7- ما عدد أفراد الطائفة المذكورة الموجودين بهذه البلدة؟

8- إذا تبين أن المكان المراد بناء كنيسة عليه قريب من جسور النيل والترع والمنافع العامة بمصلحة الرى.. فيؤخذ رأى تفتيش الرى. وكذا إذا كان قريباً من خطوط السكة الحديد ومبانيها.. فيؤخذ رأى المصلحة المختصة.

9- يعمل محضر رسمى عن هذه التحريات، ويبين ما يجاور النقطة المراد إنشاء الكنيسة عليها من المحلات السارية عليها لائحة المحلات العمومية، والمسافة بين تلك النقطة وكل محل من هذا القبيل. ويُبعث به إلى الوزارة

10- يجب على الطالب أن يقدم مع طلبه رسماً عملياً بمقياس واحد فى الألف. ويوقع عليه من الرئيس الدينى العام للطائفة، ومن المهندس الذى له خبرة عن الموقع المراد بناء الكنيسة عليه، وعلى الجهة المنوط بها التحريات أن تتحقق من صحتها، وأن تؤشر عليها بذلك، وتقدمها مع أوراق التحريات.

وهى شروط تفتقر للمعايير الموضوعية، بل هى تقديرية غير خاضعة للقياس، ومن ثم فهى مرتهنة برؤية وتقدير متخذى القرار ومعدى التقارير، ليس فقط فيما يتعلق بموافقة الجهات والمصالح الحكومية المشار إليها (الرى والسكك الحديدية والمرافق)، بل أيضاً استطلاع رأى وموافقة السكان المسلمين فيما يشبه الاستفتاء، ولا يقتصر الأمر على وجود كنيسة أخرى بنفس المنطقة أو البلدة، بل يمتد لوجود كنيسة أخرى لنفس الطائفة بالبلدة المجاورة (!!)، ويدق الأمر عندما تسيطر الذهنية الطائفية عليهم أو تجد مكاناً فى دوائر التأثير عليهم، فيتجه الأقباط إلى البناء المخالف «للقانون» تحايلاً والتفافاً، لينتهى الأمر إلى مصادمة، وتبدأ دورة ملاحقة الأقباط أمنياً، ثم دورة المساومات بين الطرفين، وتوظيف الموافقة أو الرفض سياسياً.

ومن يتابع تسريبات مشروع بناء الكنائس يكتشف حال صحتها أنها إعادة إنتاج لهذه الشروط، القيود، بل ومحاصرة محاولات الخروج منها، ولهذا حديث آخر.
نقلا عن الوطن

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com